فريدمان: الغضب يغلي وإسرائيل تخسر قبول العالم بها
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
يقول الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن مكانة إسرائيل ومستوى القبول بها والشرعية التي تم بناؤها بشق الأنفس لها على مدى عقود، تتآكل بسرعة متزايدة بين الدول الصديقة، وإذا لم يكن الرئيس الأميركي جو بايدن حذرا، فإن مكانة أميركا العالمية ستنخفض إلى جانب مكانة إسرائيل.
وأوضح فريدمان في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" أنه وبعد جولة طويلة من الهند إلى الإمارات والأردن، يرغب في إيصال رسالة عاجلة إلى بايدن والإسرائيليين، وهي أنه يعتقد أنهم لا يقدّرون تماما الغضب الذي يتصاعد في جميع أنحاء العالم، والذي تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي ولقطات التلفزيون، بسبب مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، بالأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة في الحرب على غزة.
وأضاف أنه من الواضح أن مثل هذا الغضب يغلي في العالم العربي، لكنه سمعه مرارا وتكرارا في محادثات في الهند خلال الأسبوع الماضي مع أصدقاء وقادة أعمال ومسؤولين وصحفيين صغارا وكبارا.
وأشار إلى ان ما سمعه في الهند هو أكثر دلالة لأن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي التي يهيمن عليها الهندوس هي القوة الرئيسية الوحيدة في جنوب الكرة الأرضية التي دعمت إسرائيل وألقت باللوم باستمرار على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال إن كثرة القتل للمدنيين في غزو انتقامي شنته حكومة إسرائيلية دون أي أفق سياسي لليوم التالي، مع إعلان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو خطة تقول للعالم إن إسرائيل تعتزم احتلال كل من الضفة الغربية وغزة إلى أجل غير مسمى، فليس من المستغرب أن أصدقاء إسرائيل سوف يبتعدون وسيبدأ فريق بايدن في الظهور بشكل سيئ.
إسرائيل تفعل ما يسهّل عزلها
ودلل فريدمان على تآكل مكانة إسرائيل في العالم بالدعوات التي تحدث كل يوم لحظر إسرائيل من المسابقات أو الأحداث الأكاديمية والفنية والرياضية الدولية، قائلا إن حكومة إسرائيل الحالية تفعل أشياء تجعل ذلك سهلا للغاية.
وزعم أن كثيرا من أصدقاء إسرائيل يتضرعون الآن من أجل وقف إطلاق النار حتى لا يطلب منهم مواطنوهم أو ناخبوهم ألا يكونوا غير مبالين بهذا العدد الكبير المتصاعد من الضحايا المدنيين في غزة.
وأضاف أن العديد من القادة العرب الذين يريدون سرا رؤية حماس مدمرة، يتم الضغط عليهم من الشوارع إلى النخب لإبعاد أنفسهم علنا عن إسرائيل غير الراغبة في النظر في أي أفق سياسي لاستقلال الفلسطينيين على أي حدود.
واستمر يقول إنه شعر أن العالم كان مستعدا في البداية، بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لقبول أنه ستكون هناك خسائر كبيرة في صفوف المدنيين إذا كانت إسرائيل ستقتلع حماس وتستعيد رهائنها، لكنه الآن لا يقبل هذا المزيج السام من آلاف الضحايا المدنيين وخطة سلام لنتنياهو لا تعد إلا باحتلال لا نهاية له.
حرب إسرائيل مفرمة بشريةووصف الحرب الإسرائيلية في غزة بأكملها بأنها بدأت تظهر إلى المزيد والمزيد من الناس مثل مفرمة اللحم البشرية التي هدفها الوحيد هو تقليل عدد السكان حتى تتمكن إسرائيل من السيطرة عليها بسهولة أكبر.
ويرى فريدمان أن رفض نتنياهو حتى التفكير في محاولة تعزيز علاقة جديدة مع الفلسطينيين من غير (حماس)، سببه أن ذلك يهدد منصبه كرئيس للوزراء، والذي يعتمد على دعم الأحزاب اليهودية اليمينية المتطرفة التي لن تتنازل أبدا عن شبر واحد من الضفة الغربية.
وأكد أن ذلك من الصعب تصديقه، لكن عاد وكرر أن نتنياهو مستعد للتضحية بشرعية إسرائيل الدولية التي تم الحصول عليها بشق الأنفس من أجل احتياجاته السياسية الشخصية، ولن يتردد في إسقاط بايدن معه.
وعبر عن اعتقاده بأن الإسرائيليين، الذين وصفهم بأنهم لا يزالون مصدومين جدا بهجوم السابع من أكتوبر، قد فشلوا في أن يروا أن بذل الجهد، على الأقل للتحرك ببطء نحو دولة فلسطينية تقودها سلطة فلسطينية متغيرة ومشروطة بنزع السلاح وتحقيق أهداف معينة للحكم المؤسسي، ليس هدية للفلسطينيين أو مكافأة لـ (حماس).
إسرائيل تخسر على ثلاث جبهاتوقال إن إسرائيل، حاليا، تخسر على ثلاث جبهات في وقت واحد؛ تخسر الرواية العالمية بأنها تخوض حربا عادلة؛ وتخسر لأنها لا تملك أي خطة للخروج من غزة؛ وتخسر إقليميا أمام إيران ووكلائها المناهضين لإسرائيل في لبنان وسوريا والعراق واليمن، الذين يضغطون على حدود إسرائيل الشمالية والجنوبية والشرقية.
وانتهى فريدمان إلى أن هناك حلا واحدا من شأنه أن يساعد على الجبهات الثلاث: حكومة إسرائيلية مستعدة لبدء عملية بناء دولتين قوميتين لشعبين، مع سلطة فلسطينية مستعدة حقا وراغبة في تغيير نفسها، قائلا إن ذلك يعطي غطاء لحلفاء إسرائيل العرب للشراكة مع إسرائيل في إعادة بناء غزة، ويوفر الهدف للتحالف الإقليمي الذي تحتاجه إسرائيل لمواجهة إيران ووكلائها.
وختم بأن "الفشل في رؤية ذلك، يعرض للخطر عقودا من الدبلوماسية لجعل العالم يعترف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير القومي والدفاع عن النفس، كما أنه يضع إدارة بايدن في موقف لا يمكن الدفاع عنه بشكل متزايد، ومن شأنه أن يجعل إيران سعيدة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خريطة الثروات المهاجرة في 2025.. الإمارات تتصدر وبريطانيا تخسر
في مشهد اقتصادي عالمي متغير بسرعة، يكشف عام 2025 عن تحوّل واضح في حركة رؤوس الأموال وهجرة أصحاب الملايين، حيث باتت وجهات مثل دولة الإمارات العربية المتحدة تمثّل بيئة جاذبة للثروات، بينما تعاني دول أخرى مثل لبنان من "نزيف مالي" مستمر، يعكس انهيارات سياسية واقتصادية عميقة.
ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة "New World Wealth" المتخصصة في رصد تحرّكات الأثرياء، تصدرت الإمارات قائمة الوجهات الأكثر جذباً لأصحاب الثروات العالية (HNWIs) خلال العام الجاري، بعد أن استقبلت 9,800 مليونير جديد، اصطحبوا معهم ثروات تقدّر بـ63 مليار دولار.
ويأتي هذا الإنجاز تتويجاً لمناخ اقتصادي منفتح، وسياسات ضريبية جاذبة، واستقرار أمني وسياسي نادر في المنطقة، عزّز مكانة الإمارات كوجهة عالمية للمال والأعمال.
“Dubai is winning” — Elon Musk pic.twitter.com/ZhEollI6Uc — حسن سجواني ???????? Hassan Sajwani (@HSajwanization) May 24, 2025
الإمارات في الصدارة... ولبنان في قاع التصنيف
بحسب التقرير، تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية باستقطابها 7,500 مليونير جديد، ثم إيطاليا بـ3,600، وسويسرا بـ3,000، فيما واصلت المملكة العربية السعودية صعودها الاقتصادي بجذبها 2,400 مليونير بثروات بلغت 18.4 مليار دولار.
في المقابل، سجّلت المملكة المتحدة أعلى معدل نزوح لأصحاب الملايين، بخسارتها أكثر من 16,500 مليونير وخروج ثروات تُقدّر بـ91.8 مليار دولار، تلتها الصين بـ7,800 مليونير و55.9 مليار دولار، ثم الهند وكوريا الجنوبية وروسيا، التي فشلت جميعها في الاحتفاظ بثرواتها بفعل عوامل سياسية وتنظيمية واقتصادية متشابكة.
أما لبنان، فرغم أنه لم يندرج ضمن الخمسة الأوائل من حيث عدد المليونيرات المغادرين، إلا أن التراجع فيه كان لافتاً ومثيراً للقلق. فقد سجّل خروج 200 مليونير خلال عام واحد فقط، بثروة مغادرة تُقدّر بـ2.8 مليار دولار، في انعكاس مباشر للانهيار المالي، وغياب أي رؤية سياسية، وتصاعد الهجرة والبطالة، وتحوّله إلى بيئة طاردة لرؤوس الأموال.
لماذا تغادر الثروات؟ وأين تستقر؟
يُبرز التقرير مجموعة من العوامل الحاسمة التي تُحدد مدى جاذبية الدول لأصحاب الثروات، أبرزها: (الاستقرار السياسي والأمني - انخفاض الضرائب على الدخل والثروة - سهولة تأسيس وتشغيل الشركات - جودة الرعاية الصحية والتعليم الخاص - البنية التحتية المتطورة - الموقع الجغرافي والخدمات المالية المتقدمة).
وتجسّد الإمارات كل هذه العوامل في نموذج اقتصادي متكامل، حيث حققت خلال العقد الأخير نمواً بنسبة 98 بالمئة في عدد أصحاب الملايين، وهي من أعلى النسب عالمياً.
في المقابل، يُعد غياب الاستقرار، وارتفاع الضرائب، وصعوبة حركة الأموال، وتدهور البنية التحتية، عوامل طاردة للثروات.
وفي المملكة المتحدة، مثلاً، لعبت تداعيات "بريكست" وتغيّرات النظام الضريبي دوراً رئيساً في هروب رأس المال.
أما الصين والهند، فالبيروقراطية والقيود على الاستثمار تسببت في فقدان الثقة، بينما يتأثر لبنان وروسيا بالحروب والفساد وغياب الأفق السياسي.
مفارقة الإمارات ولبنان
تعكس المقارنة بين الإمارات ولبنان مسارين اقتصاديين متناقضين:
- الإمارات استقطبت 9,800 مليونير بثروات بلغت 63 مليار دولار.
- لبنان خسر 200 مليونير مع نزوح ما يقرب من 3 مليارات دولار.
- نسبة نمو أصحاب الملايين في الإمارات بلغت 98% خلال عشر سنوات.
- بينما سجّل لبنان تراجعاً كارثياً بنسبة 60% في عددهم خلال الفترة ذاتها.
لا تُعد هذه الأرقام مجرّد مؤشرات مالية، بل هي انعكاس مباشر لثقة المستثمرين والنخب المالية في مستقبل الدول. فالأثرياء لا يغامرون بثرواتهم في بيئات هشة سياسياً، أو غارقة في الأزمات، أو مفتقرة إلى الرؤية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تدفق الثروات إلى وجهات محددة يفرض أسئلة صعبة على الدول التي تخسر أبناءها وأموالها، ويضعها أمام مسؤولية إعادة النظر في سياساتها.