"طوفان الأقصى" في الإعلام الصهيوني
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
لا شك أنَّ "طوفان الأقصى" خلط الكثير من المواقف والأوراق في المنطقة وعلى مستوى العالم كذلك، وأهم نتائج هذا الطوفان تتمثل في الهزائم النكراء المتعددة للكيان الصهيوني ورعاته على الصُعد الداخلية والخارجية.
المتابع لوسائل الإعلام الصهيونية والغربية في تغطيتها وتعاطيها مع يوميات الطوفان وتفاصيله ونتائجه المرتقبة، يلمس حجم تأثيره في سياسات الكيان وكيفية تعاطيه مع المستقبل بعد توقف جحيم المعركة المُسلحة.
العقائد العسكرية والأمنية والخطابات السياسية والإعلامية التي تسلح بها الكيان لأكثر من سبعة عقود من الزمن، بددها الطوفان وجعل منها خرافات من الماضي السحيق، وهذا ما جعل الكيان يتجاوز الكثير منها في تفاصيل الطوفان وعلى رأسها إهمال الأسرى وأعداد القتلى والجرحى في صفوف جيشه بعد أن كان يساوم على الرفاة ويُسرع إلى نقل السلاح الخُردة من ميادين القتال.
الإعلام الصهيوني اليوم خرج عن محاذيره ورقابة الجيش ليُعلن وبصوت واحد بأنَّ الكيان هُزم عسكريًا من حماس، وهذا من واقع الخسائر العسكرية اليومية الكبيرة، ولم تترك حماس للجيش الصهيوني سوى القتل المُمنهج والتدمير العشوائي والذي بدوره لا يصنع نصراً ولا يحقق موقفا سياسيا. ولم يتوقف الإعلام الصهيوني عند الهزيمة العسكرية لجيشه؛ بل ذكر النصر السياسي الذي حققته حماس كذلك، هذا النصر الذي بدد التطبيع والسردية الصهيونية للصراع العربي الصهيوني، ومكَّنَ السردية العربية. كما عرّج الإعلام الصهيوني على نصر ثالث حققته حماس، وهو فقد الكيان للتعاطف والتحالف الدوليين الذي بناه من سرديته وتمسكنه وتقمصه لدور الضحية لعقود خلت، مقابل الإجرام المُنظم لجيش العدو وبطشه بالمدنيين بغزة. لم يكن الكيان الصهيوني بهذا التخبط والهشاشة كما هو عليه اليوم، ولم يكن الإعلام الصهيوني يتحدث بهذا الوضوح والتفكير بصوت عالٍ كما هو الحال اليوم، كما لم يكن منصفًا لقوة خصم عربي كما يصف قوة حماس وحزب الله اليوم.
من واقع السجال العنيف في وسائل الإعلام الصهيوني، يستنتج المتابع أن الكيان لم يفقد جُنده وفكره واقتصاده ومكانته؛ بل فقد عقله وصوابه في معرفة مصلحته وخياراته بعد الطوفان؛ حيث لم تعد الخيارات السابقة كحل الدولتين وتفاصيل اتفاق أوسلو، ذات جدوى تُذكر اليوم، كما لم يعد التحالف مع الجوار عبر اتفاقيات سلام آمنة للكيان وملبية لمستقبله، ولم يعد الرهان على القوة الذاتية للكيان مجديًا في ظل الفقد الكبير لها.
الإعلام الصهيوني وحجم التنابز عبر وسائله المختلفة، يعكس الهم الكبير الذي يحمله كل فرد في الكيان، من النُخب والعامة كذلك، وهو هم الوجود وعمر هذا الوجود على أرض فلسطين.
قبل اللقاء.. البطش والإجرام والقتل المُمنهج من سمات الطُغاة في التاريخ، في المراحل الأخيرة من أعمارهم.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أقوى الرسائل المباشرة الموجهة للعدو الصهيوني من صنعاء وكل المحافظات .. هذا ما حدث اليوم
في مشهد استثنائي ومهيب، شهدت العاصمة صنعاء وكافة المحافظات الحرة خروجًا مليونيًا عظيمًا لأبناء الشعب اليمني، استجابة لله ورسوله، وامتثالًا لتوجيهات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، في مسيرات “نصرة لغزة.. مسيراتنا مستمرة وعملياتنا متصاعدة”، هذا الزخم الشعبي الاستثنائي والغير مسبوق لم يكن مجرد مسيرة جماهيرية، بل مثّل رسالة قوية ومباشرة للعدو الصهيوني، تؤكد ثبات الموقف اليمني في معركة الأمة، وتجدد التأكيد على خيار الصمود والتحدي مهما بلغت التضحيات.
يمانيون / تحليل / خاص
وجاء البيان الصادر عن المسيرات ليحمل أبعادًا استراتيجية واضحة، ويعكس التصعيد الميداني اليمني المتواصل، على كافة المستويات وفي كل الجبهات ، ضمن معادلة ردع جديدة تتجاوز الجغرافيا وتعيد تعريف طبيعة المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
الرسالة السياسية .. إعلان اصطفاف وموقف استراتيجي
البيان يعكس اصطفافًا واضحًا مع قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، ويؤكد الانخراط الكامل في معركة غزة، ليس فقط بالبيانات والتصريحات، بل من خلال الميدان، وهو ما يؤكد تكريس خطاب التضامن الفعّال، الذي يتجاوز الدعم اللفظي إلى تبنّي المعركة كقضية مركزية ، لتكون الرسالة واضحة ومباشرة ومبدئية أن الاستمرار في دعم غزة هو قرار استراتيجي غير قابل للتفاوض، بغض النظر عن الضغوط السياسية أو العسكرية.
الرسالة العسكرية .. تصعيد متعدد الجبهات لكسر العدو وإضعافهالبيان أشار إلى تصاعد “عمليات المقاومة” و”عمليات قواتنا المسلحة إلى عمق العدو”، في إشارة مباشرة إلى التحركات العسكرية الخاصة من قبل القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، والتي تمثل “الجبهة اليمنية” في معادلة الردع.
العمليات البحرية و”الحظر البحري اليمني” تكشف تطورًا نوعيًا في أدوات الصراع، حيث لم تعد الحرب تقتصر على البر، بل بات البحر ساحة اشتباك مؤثرة اقتصاديًا واستراتيجيًا.
في غزة .. الإشادة بـ”الكمائن النوعية الفتاكة” تعكس فعالية غير تقليدية في العمليات، وإجهادًا مستمرًا للعدو الإسرائيلي.
وهو دلالة على تبنّي سياسة الاستنزاف المتزامن من عدة جبهات، بما يُشتت قدرات العدو الإسرائيلي ويمنعه من التركيز على جبهة واحدة ، وهي رسالة مباشرة للعدو أن غزة ليست وحدها في الميدان، وأي عدوان سيقابل برد قوي وموجع جواً وبحراً ..
البعد التعبوي والديني .. تثبيت العقيدة القتالية والثقة بالوعد الإلهيالفقرة الأخيرة من البيان تحمل مضمونًا دينيًا تعبويًا واضحًا ، أن “الصبر والثبات مع الثقة بالله هو الطريق الأوحد للفتح الموعود”، هذه اللغة ليست مجرد خطاب إيماني، بل أداة لتعزيز الروح المعنوية لدى القواعد الشعبية والمجاهدين ، وعبارة .. “لن نتراجع ولن نكل ولن نمل” ، تعبير عن النفس الطويل والاستعداد لتحمل تكاليف المواجهة، مهما طال الزمن ، لأنها معركة الفتح الموعود التي مآلها النصر، مهما كانت التضحيات .
البيان يُظهر إعتزاز الشعب اليمني بالانتصارات التي تتحقق في الميدان و بالنجاحات العسكرية من غزة إلى البحر، التي “أجهزت على أحلام العدو”، والتصدي القوي الغير مسبوق للدفاعات الجوية اليمنية وتولي زمام المبادرة بقوة أربكت العدو وجعلته يقف عاجزاً أمامها
خاتمةالبيان الصادر في ظل الحشد الشعبي اليمني الهائل، يمثل أكثر من مجرد موقف تضامني، بل يؤكد أن معركة غزة أصبحت جزءًا من صراع أوسع مع العدو يشمل محاور متعددة، وجبهات متكاملة، وأدوات متنوعة، إنه إعلان واضح أن زمن انفراد العدو الإسرائيلي بالميدان قد ولّى، وأن خيار المقاومة الشاملة هو ما يصنع التوازن الحقيقي، ويعيد تشكيل خارطة الاشتباك في المنطقة.