العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
حين نناقش القضايا الهامة والأكثر أهمية فإن مقتضى الواجب الوطني في اعتقادي يستلزم الحرص على التمسك بالقدر الكافي من الصدق والأمانة والإحساس بالمسؤولية وبما يتناسب مع حجم هذه القضايا وأهميتها.
ولا يوجد أكثر أهمية في حياة المواطن والوطن من العدالة والأمن وارتباطهما ببعض، والواجب الوطني يحتم على كل الجهات والمؤسسات والهيئات القضائية والأمنية والرقابية ذات الصلة بهذين المرفقين اللذين ينتميان إلى ما يعرف بالمنظومة العدلية أحد أهم مكونات السلطة التنفيذية كركن من أركان الدولة التي يقع عليها من خلال ممارستها لاختصاصاتها تأكيد الحرص التام على معرفة حقيقة ما يقع من منتسبيها من تجاوزات خلال أدائهم لواجباتهم أو ضدهم، لأن العليل لا يعول عليه في مداواة غيره، وواجب إظهار الحقيقة للناس بشفافية ينطلق من مبدأ حسن النية المفترض أن يقوم عليه نشاط الموظف العام، وحين أؤكد على الكيفية فإنما أُلَمِّح بذلك إلى أهمية دور الإعلام المسؤول الذي يقوم على الصدق والحرص على البحث عن الحقيقة واظهارها وليس الإعلام الموَجَّه وفق نظرية جوبلز (إكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس)، ومن يعرف الفرق بين النظريتين سواءً من المختصين في الإعلام أو من المهتمين، يدرك ما أعنيه وهو أن الصلة بين كل الأعمال والأنشطة العامة والخاصة وبين الإعلام، صلة وثيقة وتدخل في صميم السياسات التي لا بد أن تغادر دوامة الاستعلاء على الناس والفوقية كطريق مستقيم لوضع التصورات الواعية لاستيعاب هذه الصلة والعلاقة وكيفية الاستفادة منها في رسم السياسات وتنفيذها ومنها بل وفي جوهرها ضرورة احترام مبدأ سيادة القانون والابتعاد عن العشوائية والمزاجية في صنع القرار واحتكاره، وهذا هو المعيار الأول والأساس الذي تقاس به ومن خلاله قوة الدولة أو ضعفها، عدالتها وظلمها، وبه نتعرف على مدى تحقيق أمنها واستقرارها وعلاقتهما بالعدالة، فالأمن الحقيقي الدائم لا يتحقق إلا بالعدالة الحقيقية والدائمة، أما الاستقرار فيمكن أحيانا تحقيقه بالقمع واتخاذ إجراءات قاسية، وأقول أحيانا لأن القمع إنما يؤدي إلى إشعال الفتن والاضطرابات وخلق المزيد من الأزمات، والواجب يقتضي دائماً التعامل مع الأحداث والقضايا بعقلانية وعدالة ومسؤولية وبذلك يقاس الربح والخسارة العامة وليست الخاصة، لأن من أهم خصائص القاعدة القانونية أنها عامة ومجردة أي أن القانون يطبق على الجميع وفق مبدأ العدل والمساواة ومقتضيات الحال وتطبيق أحكام القانون بتفصيلاتها كمنظومة متكاملة وتجنب المزاجية والانتقائية المنافية كلية لمقتضيات تحقيق العدالة كمبدأ وقاعدة، ولا ينبغي أن نتجاهل دور المجتمع المدني المفترض في مختلف القضايا.
إن مراجعة تاريخ الصراعات في اليمن محزن، سواءً كانت ناشئة عن أسباب ولمصالح أطراف داخلية، أو بالوكالة ولمصلحة التدخل الخارجي وهذا هو الأمر الأكثر مدعاة للأسف والاستياء، لأن الصراعات والتوترات التي تنشأ لأسباب داخلية ولا يوجد فيها عامل خارجي يمول المتصارعين لتبقى نار الفتنة مشتعلة ويحول دون تمكين العقلاء من السعي نحو المصالحة وتحقيق الأمن والسلام أقرب إلى الحل.
المصالحة وتحقيق السلام سواء كانت ناتجة عن مساع داخلية أو خارجية، يمكنها بسرعة إنهاء حالة الصراع إذا غلبت فيها الحكمة وحُكِّم العقل والمنطق والانتصار على كل الأنانيات والمصالح الضيقة، طالما توفرت النوايا الحسنة وترجمت الأقوال إلى أعمال، أما الصراعات الممولة فتبقى ما بقي التمويل، ولا توجد جريمة أسوأ من جريمة تمويل الصراعات والفتن.
العدالة دين الدولة، هذا المبدأ في اعتقادي يعني بكل بساطة أن على سلطات أي دولة أن تدرك بأنها ملك الشعب وأن الوظيفة العامة مسؤوليات وليست امتيازات شخصية وأن العلاقة بين الشعب والسلطة علاقة حركة وبحث مستمر عن الحقيقة بوعي واحترام متبادل ومسؤولية، وليست علاقة تابع ومتبوع أو راعٍ ورعية، لأن علاقة الراعي بالرعية لم تعد الصيغة المقبولة في الدولة الحديثة، الشعب والسلطة في الدولة الحديثة ركنان أساسيان من أركان الدولة بكل مفاصلها وتفاصيلها وهذا ما تعنيه دولة القانون والمواطنة المتساوية كصيغة للدولة المدنية الحديثة، لقد أصبحت تسمية الشخص الأول “ولي أمر” تسمية مثيرة للسخرية، فكل مسؤولي الدولة مسؤولون أمام القانون أي خاضعون للمساءلة، كل بحسب موقعه في السلطة وتأثيره في اتخاذ القرار وعلى هذا الأساس تحسب تبعات القرارات والتصرفات، وولي أمر الجميع هو الدستور والقانون.
هذه النظرية هي التي يمكن بواسطتها تحقيق العدالة والأمن والاستقرار للمواطن وتحقق راحة الضمير لمن يمارس السياسة لا باعتبارها لعبة، كما يطلق عليها البعض، وإنما لكون ممارسة السياسة والسلطة مسؤولية قانونية وأخلاقية لا بد أن يخضع من يمارسها للثواب والعقاب ابتداء من الكبير قبل الصغير.
من دم الشعب
تزهر الأرض
والشمس تشرق من راحتيه
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نقابة الصحفيين السودانيين تعرب عن بالغ قلقها إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الإعلام
تعرب نقابة الصحفيين السودانيين عن بالغ قلقها إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الإعلام، والتي تمثل تراجعاً خطيراً في مسار حرية الصحافة والعمل الإعلامي بالبلاد. وتشمل هذه الإجراءات فرض قيود صارمة على أنشطة القنوات الفضائية، واشتراط الحصول على تصاريح مسبقة لتسجيل إفادات من الشارع العام، فضلاً عن حظر البث المباشر خارج مقار المؤسسات الإعلامية، ما يشكل انتهاكاً واضحاً لحق المجتمع في الوصول إلى المعلومة، وتضييقاً متعمداً على العمل الصحفي الميداني.
وفي الوقت ذاته، تتابع النقابة بقلق شديد تصاعد حملات التحريض والتشويه التي تستهدف الزميلات والزملاء من مراسلي القنوات الإخبارية، من خلال اتهامات خطيرة وغير مسنودة، تزعم قيامهم بنقل إحداثيات مواقع حساسة، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لحياتهم وسلامتهم، ويمهد لمناخ عدائي،
قد يعرضهم للاستهداف والعنف.
وتؤكد النقابة أن هذه الاتهامات التحريضية، المتزامنة مع الإجراءات التقييدية الرسمية، تمثل نمطاً ممنهجاً لتجريم الصحافة الحرة وتكميم الأفواه، في لحظة مفصلية يحتاج فيها الوطن إلى إعلام مهني مسؤول ينقل الحقيقة ويُسهم في كشف معاناة المواطنين وتسليط الضوء على الواقع كما هو، دون تزييف أو تضليل.
وفي هذا السياق، تؤكد نقابة الصحفيين السودانيين تضامنها الكامل مع الزميلات والزملاء في مختلف وسائل الإعلام، وتقدر جهودهم الكبيرة في تغطية الأحداث ونقل معاناة المواطنين، رغم المخاطر والضغوط المتزايدة. كما ترفض النقابة أي استهداف مباشر أو غير مباشر للصحفيين، وتطالب بوقف حملات التحريض فوراً، والتقيد بالمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين، خصوصاً في أوقات النزاعات المسلحة.
وتجدد النقابة التأكيد على أنها تتقاسم الألم والمعاناة مع أبناء وبنات شعبنا في كل شبر من الوطن، وفي المنافي ومناطق النزوح والشتات. فما يُؤلمهم يُؤلمنا، وما يشغل بالهم يُقلقنا. لقد ذاقت بلادنا ويلات حرب طاحنة، أحرقت الأخضر واليابس، وشردت الملايين، ومزقت نسيج المجتمع. وقد آن الأوان أن تضع هذه الحرب أوزارها، وأن يسود السلام ربوع الوطن، ليعود الأمن والاستقرار إلى شعبنا الصامد.
وإذ تثمّن النقابة التضحيات الجليلة التي يقدمها الصحفيون والصحفيات في مختلف مواقع العمل، فإنها تدعو المجتمع الدولي، والمؤسسات المعنية بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها لجنة حماية الصحفيين، إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية الصحفيين السودانيين، وضمان سلامتهم، والتصدي لأي محاولة لتحييدهم أو إسكاتهم.
وتدعو النقابة كافة الجهات السودانية الرسمية وغير الرسمية إلى احترام حرية الصحافة، والامتناع عن أي ممارسات من شأنها تهديد حياة الصحفيين أو الحد من دورهم في نقل الحقيقة. كما تشدد على أن بقاء صحافة حرة ومستقلة هو أحد أعمدة الديمقراطية، وحق لا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف.
نقابة الصحفيين السودانيين
9 مايو 2025
#لا_تنسوا_السودان
#Dontforgetsudan