كثيرون من المراقبين يتساءلون عن (القانون الدولي) وعن آلية تطبيقه، والأكثر يسخرون من المصطلح باعتباره مجرد شعار فضفاض يسوقه الأقوياء لإيهام الضعفاء بوجود هذا القانون وإمكانية تطبيقه..!
منذ سبعة أشهر وبعد أكثر من مائة ألف شهيد وجريح وأكثر من مليوني نازح محاصرين محرومين من الغذاء والدواء والسكن، وبعد دمار كل المرافق الخدمية والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وخزانات المياه وأبراج الاتصالات، وصولا لتدمير الجسور والطرقات والمساكن والمواقع الأثرية وتجريف الأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار المثمرة ونبش المقابر وإخراج الأموات من قبورهم، بعد كل هذه الجرائم التي يرتكبها الصهاينة وبدعم أمريكي غربي وتعاطف الأنظمة الدولية مع الصهاينة نزولا عند رغبة واشنطن ولندن وفي ظل صمت عربي وإسلامي، حيث أن أكبر رد فعل صادر عن العرب والمسلمين لا يتعدى استجداء وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وحتى هذا الاستجداء مشفوع بإطلاق سراح الرهائن الصهاينة لدى المقاومة، استجداء لم يلق إكتراثاً من أحد، لا من الصهاينة الذين يرتكبون المجازر بحق أطفال ونساء فلسطين ويدمرون كل مقومات الحياة في القطاع وينتهكون الأعراض والمحرمات في الضفة والقدس، ولا يكترثون برهائنهم، بقدر ما يسعون لرد اعتبارهم، بعد إهانة المقاومة لهم في 7 أكتوبر المنصرم، ولا من دول العالم التي تتمسخر من الأنظمة العربية وتشيد بمواقفها الانبطاحية ومساعيها الإنسانية النبيلة لإنقاذ الأسرى الصهاينة، وباستسلامها لقانون الأمر الواقع الذي تفرضه حكومة الكيان الصهيوني بدعم ورعاية واشنطن ولندن.
سبعة أشهر من حرب إبادة وتجريف جغرافية ومحاولة طمس هوية عرب ومسلمي ومسيحيي فلسطين، ولم نر دوراً يذكر (للقانون الدولي)..!
رغم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة بوقف العدوان الصهيوني وإدخال المساعدات، ورغم قرارات محكمة العدل الدولية، ورغم قرارات مجلس الأمن الدولي، ورغم المناشدات الصادرة من غالبية المنظمات الحقوقية الإنسانية الدولية، ورغم المسيرات الشعبية التي شهدتها وتشهدها مدن العالم في القارات الخمس، ورغم اعتراض البشر على هذا العدوان، لدرجة أن (كلاب) الشوارع في غزة دخلت المعركة وهاجمت جنود العدو وأجبرتهم على الفرار من أحد أحيائها والطيور أيضا ساهمت في إسقاط أعلام الصهاينة، رغم كل هذا لم نر القانون الدولي، لا ذي الوجه الإنساني، ولا ذي الطابع السياسي والأخلاقي، لم نر هذا القانون في فلسطين خاصة وإزاء قضايا العرب والمسلمين عامة، وان كنا عرفناه في تدمير العراق واحتلالها باسم تطبيق القانون الدولي وفي رد فعل أمريكا على أحداث مانهاتن وفي استهداف سوريا وليبيا واليمن، كما يرافق أمريكا وبريطانيا في عدوانهما على اليمن وحضورهما للبحر الأحمر لحماية القانون الدولي..!
هذا القانون المغيب عربيا وإسلاميا عن قضاياهم ويغيب لدرجة التجاهل إذا تعلق الأمر بفلسطين، لكن إذا ما حاول البعض ومن باب الخجل وخداع العرب والمسلمين تجاه جرائم الصهاينة والمستعمرين بحقهم، كما حدث مؤخرا من خلال قرار مجلس الأمن الدولي، الذي طالب بوقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات للقطاع، سرعان ما يعتبر هذا القانون ومن يقف خلفه شكلاً من أشكال (العداء للسامية)، حسب رد فعل الصهاينة على قرار مجلس الأمن الأخير..!
إن الجرائم التي يرتكبها الصهاينة وبدعم أمريكي غربي، تثبت أنه لا شيء اسمه (القانون الدولي) ولا يوجد قانون بهذا الكون يطلق عليه (القانون الدولي)، بل هناك قانون أزلي وحيد وأوحد وهو قانون (القوة)..!
وبالتالي فإن أصحاب الحقوق على سطح المعمورة أيا كانت معتقداتهم وكانت قضاياهم، عليهم أن يدركوا أنه لا قانون في هذا الكون يسمى (القانون الدولي)، وهذا يعني ألا يراهنوا على هذا القانون، ولا يصدقوا من يسوقون لهذا القانون ويتحدثون عنه، ولكن هناك قانوناً واحداً ووحيداً هو قانون القوة..!
وأن من يملك القوة هو القادر على فرض القانون بل القوانين التي يريد فرضها على الجميع وان يتحكم بالجميع..!
الكيان الصهيوني لا يحترم القوانين السماوية أو الأرضية، ومن لم يحترم (قوانين الله وتشريعاته وأوامره ونواهيه، من أين له أن يحترم قوانين البشر..؟!
قرار غير ملزم صدر مؤخرا عن مجلس الأمن الدولي، بعد سبعة أشهر من حرب إبادة منظمة يشنها الصهاينة وبدعم كبرى دول العالم، حرب راح ضحيتها أكثر من مائة ألف شهيد وجريح وتشريد أكثر من مليوني مواطن فلسطيني من منازلهم التي تم تدميرها عن بكرة أبيها، حرب عدوانية وإجرامية وحصار وتجويع، وصفه قادة الكيان بأنه جاء (معادياً للسامية)! رغم أن أحدا في هذا الكون لم يسع لتطبيق هذا القرار على الصهاينة، مجرد إعلان بعض الدول الاسكندنافية استعدادها الاعتراف بدولة فلسطينية، يعد فعل (معادياً للسامية)!
وكل من يتحدث عن الجرائم الصهيونية سرعان ما يأتي الرد عليه بأنه (معاد للسامية)..!
إذاً كيف لهذا القانون الدولي أن يعطي أمريكا وبريطانيا حق الحضور للبحر الأحمر لدعم جرائم الصهاينة، وقيامهما بالعدوان على اليمن لأنها دعمت الشعب العربي في فلسطين بما هو متاح لديها من ممكنات المساعدة؟.
كيف لهذا القانون الدولي أن يمنح أمريكا والغرب حق دعم جرائم الصهاينة، ولا يعطي لليمن حق دعم الشعب العربي في فلسطين..؟!
كيف يمنح هذا القانون لأمريكا والغرب حق وشرعية تقديم أحدث الأسلحة الفتاكة للصهاينة لقتل الشعب العربي في فلسطين، ويمنح الصهاينة ومن يقف خلفهم حق العدوان والقتل والتشريد والحصار والتجويع، ثم لا يعطي مثل هذا الحق لليمن أو لأي جهة عربية أو إسلامية أو دولية ذات الحق لدعم ومساعدة الشعب الفلسطيني، ليس في إدخال الأسلحة والذخائر الفتاكة والذكية، بل في إدخال المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء وبقية المتطلبات الحياتية..؟!
إذاً أي قانون دولي هذا الذي يتحدثون عنه؟ ومن هي الجهة الدولية القادرة على تطبيقه وتنفيذ نواميسه..؟!
لا شيء في هذا الكون اسمه القانون الدولي، ولا يوجد قانون بهذا الاسم، ومن يتوهم أن هذا القانون موجود هو واهم وغبي وأغبي من (حمار جحا)..! هنا فقط قانون واحد يسود في هذا الكون وهو (قانون القوة) وحسب..!
إن قوة المقاومة مكنتها من الصمود لسبعة أشهر رغم التضحيات والخسائر، ورغم المجازر، لكن هذا ثمن الحرية والاستقلال، فالأوطان لا تتحرر من المستعمر بالنوايا الحسنة ولا بالدعاء والتضرع، فحتى الله سبحانه وتعالى أمرنا بالاعتداء على من يعتدي علينا، وأمرنا بالاستعداد وإعداد القوة لإرهاب عدونا، وأمرنا بالاعتداء على من يعتدي علينا، وأمرنا بالقتال وهو كره لنا، لكن في المحصلة فإن صمود مقاومة غزة وفلسطين تعجز عن الاتيان بمثله كبرى الدول العربية أو الإسلامية!
نعم تعجز جيوش العرب والمسلمين أن تأتي بما أتت به المقاومة وأن تصمد هذا الصمود الأسطوري أمام آلة الحرب الصهيونية الأمريكية الغربية الاستعمارية..!
وهذا فعل يعطينا الأمل بأن المقاومة وحدها هي من ستعيد للأمة كرامتها وسيادتها وحريتها ومكانتها بين الأمم، بعد أن تيقنت الأمة من خلال حرب غزة أن الجيوش العربية والإسلامية هي جيوش للزينة والاستعراضات الكرنفالية في أعياد جلوس أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة والسمو على كراسي الحكم وحسب..!
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العرب والمسلمین القانون الدولی فی هذا الکون هذا القانون مجلس الأمن فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
مجدي مرشد: مشروع قانون الإيجار يجب أن يعرض على الحوار الوطني
أكد مجدي مرشد، نائب رئيس حزب المؤتمر، رئيس المكتب التنفيذي للحزب أن مشروع قانون الإيجار القديم الذي قدمته الحكومة يحتاج إلى مراجعة شاملة، بهدف تحقيق التوازن المطلوب بين المالك والمستأجر، مشددًا على ضرورة أن يكون القانون الجديد متوازنًا وعادلًا، ويحفظ حقوق جميع الأطراف دون تغليب طرف على آخر.
وأوضح مرشد، في تصريح صحفي له، أن تعديل القانون أصبح ملزما دستوريا، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تثبيت الأجرة لغرض السكنى، وهو ما يفرض تحريك القيمة الإيجارية بما يضمن العدالة ويعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي الحالي، مع مراعاة البعد الإنساني والاجتماعي في تطبيق التعديلات.
وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن الهدف من التعديل ليس الإضرار بالمستأجرين أو تحميلهم أعباء لا يتحملونها، بل الوصول إلى صيغة قانونية عادلة تضع نهاية لحالة الجمود القانوني التي استمرت لعقود، وتحل أزمة مزمنة تؤثر على منظومة الإسكان بشكل عام.
وأكد مرشد على ضرورة عرض مشروع القانون على الحوار الوطني قبل اتخاذ أي خطوات تشريعية، وفتح نقاش موسع مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية، للوصول إلى توافق حقيقي يضمن نجاح القانون ويدعم استقراره عند تطبيقه.