سويكيتشار (أوزبكستان) - "أ.ف.ب": بات التنقيب عن الذهب الموجود بكثرة في أوزبكستان متاحاً لللأفراد بعدما بقي لفترة طويلة حكراً على مؤسسات التعدين الحكومية الضخمة في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، ما فتح الباب أمام سباق محموم في هذا المجال. ينشر خصلات أوتشيلوف بإحدى يديه خليطاً رمادياً من الرمل والحجارة يغسله بالماء، ويتفحص بدقة مظهر الرقائق اللامعة من الذهب، قبل أن تظهر أخيراً كتلة صلبة بحجم حبّة أرزّ على بساطه المخصص لهذا العمل الدقيق.
وظائف محلية
بعد الترخيص الممنوح للأفراد، أراد زوكيد خودابيردييف، مثل المئات من أصحاب المشاريع الآخرين، تجربة حظه: فقد اشترى الشاب الثلاثيني قطعة أرض في مزاد لثلاث سنوات من أجل استخدامها في التنقيب عن الذهب. ويقول خودابيرديف، الذي يتنافس مع منقّبين آخرين من كازاخستان والصين في قطع أراضي مجاورة "قبل عام 2019، لم يكن لدينا الحق في البحث عن الذهب. البعض فعل ذلك لكنه كان يجازف بحياته، كان الأمر خطيرا". وإذا لم يوفر هذا الترخيص ما يكفي من الذهب، قد يجرب خودابيردييف حظه في مواقع أخرى. وتنشط خلفه الشاحنات والجرافات ملتهمة أطناناً من الركام على ارتفاع مئات الأمتار، ما سيوفر "12 إلى 15 غراماً يومياً في المتوسط" وفق خودابيرديف، الذي كان يراقب هاتفه للتحقق من أسعار الذهب التي تخطت أخيراً 2200 دولار للأونصة، وهو مستوى قياسي. ويقول المستثمر الثلاثيني "منحتنا الحكومة الفرصة للبحث عن الذهب لتوفير العمل للناس"، ضارباً المثل بموظفيه الشابين، خصلات أوتشيلوف وساردور ماردييف. وفي بلد يُضطر 20% من السكان العاملين إلى الهجرة، خصوصاً إلى روسيا، يقدّم قطاع الذهب آفاقاً لم تكن متوقعة. ويوضح خودابيرديف "نحن نوظف السكان المحليين، قبلاً كان خصلات عاطلا عن العمل، وساردور كان يعمل في مزرعة، أما الآن فهما يكسبان في المتوسط ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين سوم (230-320 دولاراً)" شهرياً، وهو دخل يُعتبر لائقاً في المنطقة.
شراء عملات
ولكن بمجرد حصاد الذهب، يُحظر على رجال الأعمال الاحتفاظ به في جيوبهم: فلا بد من تسليم كل شيء إلى البنك المركزي الأوزبكي، الذي يعيد بيعه بنفسه في السوق العالمية مقابل الدولار. ويرتدي جلب العملات الأجنبية أهمية بالغة للاقتصاد الأوزبكي الذي يشهد نمواً سريعاً، من أجل دعم العملة الوطنية، إذ إن السوم يُصنف من أضعف العملات في العالم، مع سعر صرف ناهز 12650 سوم للدولار الواحد في مطلع ابريل. ولكن في قرية سويكيتشار، حيث تظل الزراعة قطاعاً حيوياً، فإن هذه الجلبة التي يثيرها التنقيب عن الذهب لا ترضي الجميع. ويقول إركين كارتشيف، أحد كبار المزارعين في المنطقة التي تبعد حوالى 500 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من العاصمة طشقند "يحفر المنقّبون في المكان الذي كنا نرعى فيه مواشينا". ويضيف الرجل الستيني بخيبة أمل، وهو يشير إلى الحفر المحيطة به بعمق حوالي عشرة أمتار "انظر، (المنقّبون) السابقون رحلوا، وتركوا كل شيء على حاله". ويقول المزارع إنه"خائف جداً من سقوط الحيوانات" في هذه الحفر. ولا تزال نداءاته المتكررة إلى السلطات لحل هذه المشكلة من دون جدوى في الوقت الحالي. ويضيف "نريد شيئاً واحداً فقط"، "دعوا المنقبين عن الذهب يسوّون الأرض من خلال تغطية الحفر عند مغادرتهم".
بقلم برونو كلواز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التنقیب عن الذهب فی أوزبکستان
إقرأ أيضاً:
قطر وسيط جديد بين العراق وترامب… ما الذي يدور في الكواليس؟
مايو 17, 2025آخر تحديث: مايو 17, 2025
المستقلة/- كشف مصدر مطّلع للمستقلة،أن رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، طلب رسميًا من أمير دولة قطر لعب دور الوسيط بين بغداد وواشنطن، في خطوة مفاجئة تعكس حجم التعقيدات التي تشهدها العلاقة بين العراق والإدارة الأمريكية. وبحسب المصدر، فقد نقل أمير قطر رسالة مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكومة العراقية، في تطور أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الرسالة ودلالة توقيتها.
لماذا قطر؟ ولماذا الآن؟
الملفت في القضية ليس فقط فحوى الرسالة، التي لم يُكشف عنها حتى الآن، بل هو القناة التي اختارها الطرفان لتبادل الرسائل: الدوحة. فهل أصبحت قطر بالفعل اللاعب الجديد في التوازنات الإقليمية، والوسيط المقبول من الطرفين؟ وهل تم هذا التنسيق بمعرفة وموافقة البيت الأبيض أم أن ترامب يتحرك بقنوات موازية تثير قلق المؤسسة الرسمية؟
هل تسير بغداد نحو سياسة “التحالفات المرنة”؟
طلب العراق للوساطة من دولة خليجية مثل قطر، والتي لها علاقات معقدة ومتشابكة مع القوى الإقليمية والدولية، يؤشر إلى تحوّل في السياسة العراقية نحو ما يمكن تسميته بـ”التحالفات المرنة”، حيث لا ثوابت دبلوماسية، بل مصالح متحركة تفرض أدوات جديدة في التواصل والضغط.
رسالة ترامب… ابتزاز أم بوابة لتفاهم جديد؟
فحوى الرسالة تبقى غامضة، لكن توقيت وصولها وسط تصاعد التوترات الإقليمية والحديث عن عودة قوية لترامب في الانتخابات المقبلة، يفتح المجال لتأويلات عديدة: هل يريد ترامب استباق إدارة بايدن بخط اتصال مباشر مع بغداد؟ أم أن الرسالة تحتوي على عروض أو تهديدات سياسية وأمنية؟ ولماذا اختارت بغداد السكوت على هذا التطور حتى اللحظة؟
خلاصة: قطر تقتحم المشهد العراقي كلاعب دبلوماسي رئيسي
سواء أعجبت هذه الخطوة البعض أو أثارت حفيظة آخرين، فإن المؤكد هو أن قطر دخلت رسميًا على خط العلاقات العراقية الأمريكية، وربما نشهد قريبًا دورًا قطريًا أوسع في ملفات أمنية واقتصادية تتعلق بمستقبل العراق، خاصة إذا استمرت بغداد في تبني سياسة “البحث عن وسطاء”