الثورة نت:
2025-07-02@18:42:32 GMT

إبادة غزة.. وذرائع القوى الاستعمارية

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

 

 

جريمة الإبادة الجماعية في غزة واحدة من جرائم القوى الاستعمارية الاجرامية بحق شعوب الامة العربية، فالقوى الاستعمارية تتبادل الأدوار من جريمة الى أخرى بين منفذ ومشارك ومحرض ومساند بمختلف الوسائل، ففي القرن الماضي تعرضت الشعوب العربية لجرائم إبادة من جانب القوى الاستعمارية في عدد من البلدان العربية منها ليبيا والجزائر وفلسطين المحتلة وغيرها، وذات الامر ينطبق على جرائم القوى الاستعمارية مطلع القرن الحالي في العراق وسوريا وليبيا والسودان وبلادنا وفلسطين المحتلة، خصوصا جريمة القرن في غزة اليوم.


وحين فشل العرب سابقا في إدراك قيمة وأهمية الموقع الجغرافي للوطن العربي أدركت القوى الاستعمارية هذه القيمة والأهمية فزرعت الكيان الصهيوني في قلب الجغرافيا العربية ليمثل قاعدة متقدمة لهذه القوى لتنفيذ مخططات إجرامية بحق شعوب الأمة العربية، ولتظل حركة هذه الشعوب تحت المراقبة الدائمة عن قرب لمحق أي حالة وعي يمكن من خلالها لشعوب الأمة العربية العمل على نيل حريتها واستقلالها، وتحقيق وحدتها، فالقوى الاستعمارية تدرك جيدا أن وحدة شعوب الأمة العربية وتوظيف عائدات ثرواتها، ومواردها الاقتصادية الهائلة لخدمة شعوبها، سيؤدي إلى تحقيق نهضة كبيرة لشعوبها، وفي زمن قياسي، تتمكن من في ظلها من مواجهة القوى الاستعمارية ورد عدوانها والوقاية من جرائمها، لذلك عملت هذه القوى على توجيه الحملات الاستعمارية لاحتلال الجغرافيا العربية بشكل مباشر، والسيطرة على شعوب الأمة ومواردها، وتسخيرها لخدمة أهداف الاستعمارية، وحرمان شعوب الأمة العربية من الاستفادة بهذه الثروات والموارد بأي شكل من الاشكال، لتبقي هذه الشعوب في حالة فقر وعوز وتخلف، ولتظل موردا دائما للمواد الأولية تدير بها القوى الاستعمارية عجلة صناعاتها المختلفة، وتبقى الشعوب العربية في المقابل سوقا استهلاكية مفتوحة لمنتجات مصانع القوى الاستعمارية، وهذه الحالة كفيلة من وجهة نظر هذه القوى بإبعاد شعوب الأمة العربية، عن التفكير بشكل جدي في مشروع حقيقي لوحدتها، نظرا لعدم امساكها بمقومات وحدتها بأيديها، ولانشغالها بالدوران في فلك البحث عن لقمة العيش، رغم أن الجغرافيا العربية زاخرة بمختلف أنواع الموارد، التي إن تم تسخيرها لخدمة شعوبها فلن يكون هناك محتاج على كافة النطاق الجغرافي للامة العربية، لكن الحاصل أن القوى الاستعمارية تُجرع عدد كبير من شعوب الأمة العربية الموت البطيء من خلال منظماتها العاملة في ما يسمى بالمجال الإنساني، ومن يحاول من أبناء الأمة العربية الدعوة لمواجهة القوى الاستعمارية، والتحرر من سطوتها وهيمنها فإن هذه القوى تختلق مختلف الذرائع لقمع الشعب الذي يتجرأ على الوقوف في وجه إجرام القوى الاستعمارية، وقد تعددت خلال القرن الماضي الذرائع المعلنة للحملات الاستعمارية المباشرة على شعوب الأمة العربية من جانب هذه القوى، فتارة انتصار للصليبية، وأخرى لانتشال شعوب الأمة العربية من حالة التخلف، وحماية الاقليات من الاضطهاد، وحماية حقوق الإنسان، وحماية الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية، وكما هو معلن في الوقت الراهن، غير أن كل المبررات والذرائع المعلنة من جانب القوى الاستعمارية، قديما وحديثا، لا تمت بصلة إلى الأهداف الحقيقية للحملات الاستعمارية، ضد شعوب الأمة العربية، والتي تتمثل في إذلالها ونهب ثرواتها وخيراتها، ومنع تبلور ونضج مقومات وحدتها.
وقد عملت القوى الاستعمارية خلال القرن الماضي عقب مغادرتها للدول العربية التي كانت تحتلها، على تثبيت وجودها في مختلف الأجهزة والمؤسسات الرسمية للدولة، إما بشكل مباشر من خلال وجود عناصر استخبارية تتبع القوى الاستعمارية، تحت عدد من المبررات، منها تقديم خدمات استشارية للدول التي تتواجد فيها، أو تدريب العناصر الأمنية في هذه الدول، أو من خلال تجنيد عملاء يعملون لحسابها، ويؤدون المهام المكلفين بها من جانب تلك القوى الاستعمارية، ولا يقتصر وجودها على الأجهزة الأمنية بل في مجالات متعددة منها الزراعية والصناعية والاقتصادية والعسكرية، والشؤون المحلية وغيرها من المجالات .
ولاشك أن القوى الاستعمارية، غير معنية بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني في الدول التي تتواجد فيها، بل إن هدف القوى الاستعمارية هو تكريس وجود الاختلالات في مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة، لتظهر هذه المؤسسات عاجزة عن إدارة أبسط الشؤون العامة، وعاجزة عن تأمين أبسط مقومات الحياة لشعوب هذه الدول، ولتظهر الدول الاستعمارية من نافذة أخرى، لتغطية عجز أجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية، فتعمل هذه الدول على تقديم المساعدات تحت عناوين إنسانية، ومن خلال مئات المنظمات العاملة في هذا المجال، والتي تعد في حقيقتها أو أغلبها ضمن الأجهزة الاستخبارية للدول الاستعمارية، حيث تعمل هذه المنظمات على الحلول تدريجيا محل مؤسسات الدولة المعنية، في توفير الاحتياجات الضرورية لأعداد هائلة من المواطنين في الدول التي تعمل فيها، وهي في حقيقة الأمر تقدم لهم الموت البطيء، وتعمل منظماتها في ذات الوقت ومن خلال توزيعها المباشر واتصالها بالمحتاجين من شعوب الأمة العربية على ربطهم بتلك المنظمات وإضعاف علاقتهم بمؤسسات دولتهم، وهو ما ترتب عليه وجود هوة سحيقة بينهم وبين مؤسسات دولتهم، التي عجزت عن توفير متطلباتهم الأساسية.
ولا يقتصر وجود المنظمات التابعة للقوى الاستعمارية على الجوانب السابقة، بل إنها تعمل على دراسة أدق تفاصيل العلاقات الاجتماعية في شعوب الأمة العربية، لتعمل من خلال نقاط الضعف في هذه العلاقات على تدمير الروابط الاجتماعية، وزرع بذور الصراع في ما بين أفراد المجتمع، حيث تبدأ القوى الاستعمارية أولا بتدمير ولاء الأفراد لدولتهم ووطنهم، لصالح مؤسساتها وأجهزتها، ثم تعمل على تدمير وتفكيك النسيج الاجتماعي، ولا تقف أهدافها عند هذا الحد، بل إنها تهيئ المجتمع لصراع بيني، ينتهي بتدمير الدولة ومؤسساتها، وهذا الوضع يبدو أكثر وضوحا في هذه المرحلة، في عدد من شعوب الأمة العربية.
ولا تقف الأهداف الشيطانية للدول الاستعمارية، تجاه شعوب الأمة العربية، عند حد معين، بل إن هذه القوى بعد احتلالها المباشر، لعدد من شعوب الأمة العربية ونهبها لثرواتها، وصناعتها لوكلاء عنها من أبناء هذه الأمة بعد رحيلها عن بعض شعوبها، واختراق أجهزتها الاستخبارية لأجهزة ومؤسسات الدول التي كانت تحتلها، والعمل على توجيه أداء تلك الأجهزة والمؤسسات في ما يخدم أهدافها، فإنها لا تكتفي بكل ذلك، بل عملت على صناعة تيارات فكرية، تبنت معتقدات تخالف ما عليه غالبية شعوب الأمة العربية، وصناعة هذه التيارات نتيجة من نتائج تغلغل أجهزتها الاستخبارية في الأوساط الاجتماعية.
وقد بدأت القوى الاستعمارية، وفي مرحلة مبكرة، بصناعة هذه التيارات وزرعها في جسد الأمة العربية، غير أن تأثيراتها كانت محدودة، ولم تكن على ما هي عليه اليوم، حيث ساعد تطور وسائل المواصلات والاتصالات بمختلف أنواعها، والتطورات التكنلوجية عموما، على انتشار الافكار التكفيرية على نطاق واسع، في الجغرافيا والديمغرافيا العربية، ولم يقتصر نشاط التيارات التكفيرية على مجرد الترويج للأفكار الدخيلة فحسب، بل عملت على فرضها بقوة السلاح، وعلى مساحة شاسعة في جغرافيا الأمة العربية.
وعقب إطلاق القوى الاستعمارية لأيدي التيارات التكفيرية، قتلا لأبناء شعوب الأمة العربية، وتدميرا لمقوماتها، عملت القوى الاستعمارية على تصنيف تلك التيارات، أنها إرهابية، لاستخدامها كذريعة للتدخل، والعودة من جديد لاحتلال الشعوب العربية، ولتظهر الدول الاستعمارية بمظهر المخلص، والمنقذ للشعوب العربية من ويلات الفظائع التي ارتكبتها التيارات التكفيرية.
ولم تشهد مرحلة من المراحل التي مرت بها الأمة العربية، حالة انكشاف للقوى الاستعمارية، كما هو الحال في المرحلة الراهنة، فهذه القوى تمد الجماعات والتيارات التكفيرية بمختلف أنواع الدعم، المالي والاستخباري واللوجستي، وتقف معها جنبا إلى جنب على أرضية واحدة وبشكل واضح، ودون خشية من هذا الانكشاف لاعتمادها على ما سبق أن أحدثته، خلال العقود الماضية من تدمير في البنية الاجتماعية لشعوب الأمة العربية، وتدميرها للعلاقات بين دولها وشعوبها، بحيث لم تعد هذه الدول تجرؤ على مواجهة القوى الاستعمارية بأسلوبها الجديد، الذي أغرق شعوب الأمة العربية في أنهار من الدماء بأيدي أبناء هذه الأمة وبأيدي أعدائها .
ولم تكتفِ القوى الاستعمارية، بالغزو والاحتلال المباشر لشعوب الأمة العربية، واختراق الأجهزة والمؤسسات الرسمية لدولها، وصناعة التيارات التكفيرية، بل عملت بشكل حثيث، وبشتى الوسائل، على سلخ أبناء الأمة العربية من انتمائهم لدينهم ولامتهم ولشعوبهم، ومن كل القيم التي يؤمنون بها، لإحلال الثقافة الانحلالية الغربية محل الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة، وتستخدم القوى الاستعمارية وسائل متعددة لتحقيق أهدافها، منها في المرحلة الماضية الحملات التبشيرية، ووسائل الإعلام المختلفة، التي تعاظم تأثيرها في الوقت الراهن بفعل التطورات التكنلوجية المتسارعة في هذا المجال، وتركز وسائل إعلام القوى الاستعمارية الموجهة إلى شعوب الأمة العربية، على إفساد الحياة العامة لهذه الشعوب في جميع مظاهرها.
ولمواجهة أخطر المخاطر المحدقة بشعوب الأمة العربية في الوقت الراهن من جانب القوى الاستعمارية لابد لهذه الشعوب الاستفادة بشكل إيجابي من التطور الهائل الذي أصاب وسائل الاتصال والتواصل لتحقيق حالة وعي عربي بأهمية عودة شعوب الأمة العربية لدينها وقيمها لتتمكن من مواجهة القوى الاستعمارية وطردها من كامل الجغرافيا العربية، ولابد لشعوب الأمة بالعربية أيضا من الاستفادة الإيجابية من حالة الوعي التي تحلى بها شعبنا اليمني، وتمكن بها من مواجهة حرب عدوانية دولية على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، وها هو اليوم ونصرة لإخواننا المظلومين في قطاع غزة يتعدى في الصمود والمواجهة نطاق العدوان الدولي الى مواجهة عدوان عالمي، فهل ستعي شعوب الأمة العربية وتنهض؟ أم أنها ستظل متفرجة لتفتك بها القوى الاستعمارية واحدة تلو الأخرى؟.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المسند يكشف: 7 أسباب صادمة تجعل موجات الحر قاتلة في أوروبا دون الدول العربية

الرياض

يتساءل كثيرون عن أسباب ارتفاع الوفيات في أوروبا بسبب موجات الحر، رغم أن درجات الحرارة هناك أقل من المعدلات المعتادة في الدول العربية.

وقال الدكتور عبدالله المسند، أستاذ المناخ السابق بجامعة القصيم: “من أكثر الأسئلة تكرارًا عند تأثر بعض الدول الأوروبية بموجات حر قاتلة: كيف ولماذا تسجل أوروبا وفيات بأعداد كبيرة، رغم أن درجات الحرارة هناك أقل من درجات الحرارة المعتادة في دول الخليج والعالم العربي؟ الجواب باختصار: الوفيات تحدث غالبًا بين كبار السن، خاصة من تجاوز سن 65 عامًا، وتصل نسبتهم في بعض الحالات إلى 95% من الوفيات المسجلة أثناء موجات الحر”.

وتابع أن هذه الظاهرة تعود إلى عدة أسباب بيئية وصحية وعمرانية وسلوكية، وشرحها بالتفصيل، ضعف التكيّف المناخي: أجسام الأوروبيين لم تتكيف مع درجات الحرارة المرتفعة كما هو الحال في سكان المناطق الحارة كالدول العربية” .

وأضاف: “نظامهم الحيوي ونمطهم المعيشي مهيأ للبرودة أكثر من الحرارة، غياب أجهزة التبريد: لا تتوفر المكيفات (ولا حتى المراوح) في الكثير من البيوت الأوروبية، خاصة القديمة منها، ومساكن كبار السن”.

كما أشار إلى أن ثقافة الاعتماد على التهوية الطبيعية ما زالت سائدة، تصميم المباني ضد البرد لا الحر، المباني مصممة لعزل البرودة والاحتفاظ بالدفء، وليس للتبريد أو مقاومة الحرارة، الغرف صغيرة، والأسقف منخفضة، ما يؤدي إلى تركيز الحرارة في مساحات ضيقة، وترتفع درجة الحرارة بسرعة داخلها، ارتفاع نسبة الرطوبة، الغابات، والأنهار، والبحيرات، وقرب المدن من البحار والمحيطات، كلها ترفع الرطوبة الجوية”.

واستكمل : “عند اجتماع الرطوبة المرتفعة مع الحرارة، تتوقف فعالية التعرق، فيفقد الجسم وسيلته الطبيعية في التبريد، ما يؤدي إلى الإجهاد الحراري وربما الوفاة، صفاء السماء من الغبار، خلو الأجواء الأوروبية من الغبار والعوالق الجوية يجعل الإشعاع الشمسي أكثر قوة ونفاذًا، مما يزيد من الشعور بالحر، سمك الغلاف الجوي أقل، في العروض العليا، يكون الغلاف الجوي أقل سمكًا، وبالتالي يحجب الإشعاع الشمسي بشكل أقل من المناطق الاستوائية، مما يؤدي إلى شدة تأثير الشمس المباشر، طول النهار صيفًا، النهار في أوروبا أطول من النهار في منطقتنا، وقد يزيد على 2 إلى 3 ساعات عن مدن مثل ‎الرياض أو ‎مكة، طول فترة التعرض للشمس يعني ارتفاع الحمل الحراري على الجسم” .

واختتم المسند حديثه، قائلًا : “قد يكون أحد هذه العوامل أو كلها مجتمعة سببًا في جعل موجات الحر الأوروبية أكثر فتكًا، ومع استمرار ارتفاع حرارة الأرض بفعل الاحتباس الحراري وازدياد انبعاثات غازات الدفيئة، فإن موجات الحر ستزداد قوة وتكرارًا واتساعًا. فهل سألتم: أنى لنا هذا؟ قال تعالى: (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)، هذا والله أعلم” .

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تؤكد دعمها الثابت لوكالة الأونروا
  • الجامعة العربية تؤكد دعمها الثابت لـ "الأونروا" وتطالب بحمايتها
  • المسند يكشف: 7 أسباب صادمة تجعل موجات الحر قاتلة في أوروبا دون الدول العربية
  • أفضل الدول العربية للعيش إن كان السلام هدفك الأول.. إليك ترتيبها على مؤشر 2025
  • العراق بالمرتبة الخامسة بين ارخص الدول العربية معيشة
  • "رئيس البريد" تترأس أعمال الاجتماع الـ47 للجنة العربية الدائمة للبريد
  • بمشاركة 14 دولة عربية.. داليا الباز تترأس اجتماع اللجنة العربية الدائمة للبريد
  • مدبولي: التحديات التي تواجه الدول النامية تهدد الاقتصاد العالمي بأسره
  • القواعد الأجنبية في الدول العربية ووَهْم الحماية
  • أكبر 10 اقتصادات إفريقية.. تعرّف على ترتيب الدول العربية!