اكتشاف ثوري يفتح الطريق لعلاج مرض السكري من النوع الأول
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
أثبتت دراسة بريطانية حديثة وجود طفرة جينية فريدة من نوعها لدى شقيقين مصابين بالسكري من النوع الأول، وهي ظاهرة لم يسبق رؤيتها لدى أي إنسان، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج المرض.
هام للمتزوجين.. تأثير مفاجيء لأكل المأكولات البحرية على الصحة الجنسية طفرة جينية تمهد الطريق لعلاج مرض السكريالاكتشاف الجديد يتعلق بطفرة في جين بروتين "موت الخلية المبرمج 1" (PD-L1)، الذي يلعب دوراً حيوياً في تنظيم جهاز المناعة.
ماثيو جونسون، عالم الوراثة الجزيئية في جامعة إكستر، أشار إلى أهمية الشقيقين المصابين بالسكري في فهم عمل هذا الجين لدى البشر، مما يفتح الباب أمام فهم أعمق لمرض السكري وسبل علاجه.
مرض السكري من النوع الأول، المعروف أيضاً بمرض السكري المناعي الذاتي، يحدث بسبب هجوم جهاز المناعة على خلايا بيتا في البنكرياس، مما يؤدي إلى توقف إنتاج الأنسولين الطبيعي، وبالتالي يتطلب من المرضى حقن الأنسولين بانتظام لضبط مستويات السكر في الدم.
الشقيقان الذين شملتهم الدراسة، اللذان كانا في سن 10 و 11 عامًا عند إجراء البحث، أصيبا بمرض السكري في سن مبكرة، وتحليل الخلايا المناعية أظهر أن الطفرة الجينية منعت بروتين PD-L1 من العمل بشكل صحيح.
يعتبر بروتين PD-L1 ومستقبله PD-1 جزءًا من آلية الأمان في الجهاز المناعي، والتي تساعد في الحفاظ على توازنه، ويبدو أن PD-L1 مهم في منع ظهور مرض السكري من النوع الأول.
ماساتو أوجيشي، طبيب متخصص في الأمراض المناعية من جامعة روكفلر في نيويورك، يشير إلى أن PD-L2 قد تكون بديلًا عن PD-L1 عندما يكون غير متاح.
يؤكد الباحثون أن بروتين PD-L1 أساسي لمنع مرض السكري من النوع الأول، ومع ذلك، فإنه ليس ضروريًا لبقية وظائف الجهاز المناعي.
الاكتشافات الحديثة قد تفتح آفاقًا جديدة لفهم مرض السكري وطرق علاجه، خاصة مع الربط بين علاجات السرطان والسكري، وهو ما يمكن أن يساعد في تطوير علاجات جديدة لمرض السكري من النوع الأول في المستقبل.
تيموثي تري، عالم المناعة في جامعة كينغز كوليدج لندن، يرى أن هذا الاكتشاف يزيد من فهمنا لتطور أشكال المناعة الذاتية في مرض السكري، ويفتح أفاقا جديدة للعلاجات التي قد تمنع المرض في المستقبل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السكري دراسة طفرة جينية المناعة مرض السکری من النوع الأول
إقرأ أيضاً:
حين يتحول التعمين إلى مُسكِّن لمرض اقتصادي مزمن
عبدالوهاب البلوشي
منذ سبعينيات القرن الماضي، ارتكز الاقتصاد العُماني على عائدات النفط الوفيرة. وعلى الرغم من ترديد شعار «تنويع مصادر الدخل» لعقود، يبقى السؤال المُلح: لماذا ظلَّ هذا الشعار حبيس الأوراق، من رؤية عُمان 2020 مرورًا بالخطط الخمسية المُتعاقبة، دون أن يتحول إلى واقع ملموس؟
الإجابة، للأسف، تكمن في غياب الإرادة السياسية الحقيقية والالتزام العملي اللذين كانا كفيلين بتحويل تلك الطموحات إلى إنجازات.
القطاع الخاص: تابع لا شريك
لم يُمنح القطاع الخاص في عُمان فرصة لينمو كقوة اقتصادية فاعلة ومستقلة. بل جرى ترويضه ليظل رهينًا لعباءة الدولة، مُعتمدًا في بقائه واستمراره على المشاريع الحكومية والعقود الممنوحة.
هذا الوضع لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة حسابات ومصالح متشابكة:
السيطرة السياسية على الاقتصاد: إبقاء دواليب الاقتصاد تحت سيطرة الدولة المباشرة. اقتصاد الوكالات والعمولات: استفادة نافذين من نظام الكفالات الذي يضمن فوز شركات أجنبية محددة بمناقصات حكومية ضخمة، غالبًا ما تتضاعف تكاليفها الأصلية أضعافًا، على حساب المال العام والكفاءة. تفضيل المظاهر على الجوهر: ضخ مليارات الريالات في مشاريع بنية تحتية وصروح ضخمة، تفتقر غالبًا لأثر مستدام على الاقتصاد الإنتاجي المحلي، مقابل إهمال الاستثمار في قاعدة إنتاجية تنافسية.التحول المجتمعي: من الفلاحة إلى الوظيفة
مع انطلاق مسيرة النهضة، بعثت الحكومة رسالة واضحة للمجتمع عبر سياسات التوظيف المباشر: «اتركوا أراضيكم وحرفكم، وتوجهوا إلى وظائف الحكومة والجيش والأمن».
النتائج كانت سلبية جدًا على المدى المتوسط والطويل:
تخلى المزارعُ عن أرضه. باع الراعي مواشيه. ترك الصياد شباكه. اتجهت الأجيال اللاحقة إلى الوظيفة الحكومية براتب مضمون ومستقر، بغض النظر عن الإنتاجية أو الحاجة الفعلية.وترسخت بذلك قناعة عامة بأنَّ الوظيفة الحكومية حق دائم للمواطن وأبنائه وأحفاده، لا عقد عمل مرتبط باحتياجات السوق وقدرة الاقتصاد.
النتيجة بعد نصف قرن: بطالة وهشاشة واتكالية؛ حيث إننا، اليوم، نواجه بطالة متصاعدة، خاصة بين الشباب، بينما نميل إلى تحميل العمالة الوافدة المسؤولية. لكن التشخيص الحقيقي يكشف جذورًا أعمق:
اقتصاد ريعي غير مُنتج: يعتمد على ريع النفط والغاز دون قدرة حقيقية على خلق فرص عمل مستدامة أو تنويع الدخل. بيئة أعمال غير جاذبة للاستثمار: تُعاني من بيروقراطية معقدة وتفتقر للحوافز الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي المنتج. ثقافة اتكالية: غياب روح المبادرة الفردية والمخاطرة المحسوبة، مع اعتماد شبه كلي على الدولة.في هذا السياق، تحول التعمين من سياسة جادة إلى شعار سياسي أو مُسكِّن مؤقت.
كيف يمكن إحلال مواطن محل وافد في اقتصاد قائم على الاستيراد والخدمات الحكومية، بينما يفتقر تقريبًا إلى قطاعات إنتاجية وتكنولوجية مولدة لفرص عمل جيِّدة ومستدامة؟
الخلاصة: الفاتورة المتأخرة وضرورة العلاج الجذري
التعمين بصورته الحالية ليس أزمة طارئة؛ بل هو فاتورة متأخرة لسياسات اقتصادية واجتماعية بدأت قبل نصف قرن. إنِّه عرض لمرض مزمن في بنية الاقتصاد ونظام الحوافز وعلاقة الدولة بالمجتمع.
والخروج من هذه الدائرة يتطلب شجاعة سياسية لاتخاذ إجراءات جذرية:
كسر إدمان النفط والغاز: الإسراع في التنويع الاقتصادي نحو قطاعات إنتاجية وتصديرية قادرة على خلق وظائف نوعية (صناعات متقدمة، تقنية، سياحة مستدامة، زراعة حديثة، لوجستيات). تحرير القطاع الخاص: فك ارتباطه بالمناقصات الحكومية وتهيئة بيئة تنافسية تشجع الابتكار والاستثمار المنتج، مع إصلاح جذري لنظام الكفالات والمناقصات لضمان الشفافية والكفاءة. إصلاح سوق العمل: مراجعة سياسات التوظيف والأجور في القطاع الحكومي، وتطوير التعليم والتدريب المهني بما يلائم احتياجات السوق المستقبلية. تعزيز ثقافة الإنتاج والمبادرة: تغيير العقد الاجتماعي القائم على الوظيفة المضمونة، وبناء ثقافة تقدّر العمل الحر والإنتاجية والريادة.كلمة أخيرة
الوقت ليس في صالحنا. ومع الضغوط السكانية، واقتراب عصر ذروة النفط والغاز عالميًا، فإن الاستمرار بالسياسات الحالية يقود إلى سيناريو خطير: بطالة متفاقمة، اقتصاد هش، وضغوط اجتماعية متصاعدة.
التعمين الحقيقي لن يتحقق بملء وظائف شكلية، بل ببناء اقتصاد وطني قوي قادر على استيعاب طاقات أبنائه وضمان رخائهم.
هذه ليست رفاهية؛ بل ضرورة وجودية لمستقبل عُمان.