مئة مليار دولار.. جزيرة الكنز قد تتحول لساحة معركة بين أميركا والصين
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
تعد جزيرة بوغانفيل، التي تتمتع بالحكم الذاتي في بابوا غينيا الجديدة وكانت تعرف سابقا بمقاطعة جزر سليمان الشمالية، كنزا من الثروات المعدنية مما جعلها ساحة صراع على النفوذ بين قوى إقليمية عدة على رأسها الولايات المتحدة والصين.
تحمل الجزيرة، الواقعة في المحيط الهادئ، اسم المستكشف الفرنسي لوي أنطوان دو بوغانفيل (1729-1811) الذي اكتشف في 1768 الجزيرة التي تقدر الثروات التي تحتويها أرضها بنحو 100 مليار دولار من الذهب والنحاس المدفون في منجم بانغونا.
أغلق منجم بانغونا عام 1988، وكان يعد أكبر منجم مفتوح للنحاس في العالم ويؤمن 40 بالمئة من صادرات بابوا غينيا الجديدة، وذلك بعد نزاع احتجاج السكان على أضرار ألحقها بالبيئة وعدم انعكاس الفوائد المادية لاستثماره عليهم.
وتؤكد شركة "بوغانفيل كوبر ليمتد" المستثمرة أنه ما زال يضم خمسة ملايين طن من النحاس واحتياطات هائلة من الذهب.
في عام 2019 أيّدت أكثرية ساحقة من الناخبين في بوغانفيل استقلال الجزيرة عن بابوا غينيا الجديدة، في خطوة تمهد الطريق لولادة أحدث دولة في العالم.
ومع ذلك ينبغي أن يصادق برلمان بابوا غينيا الجديدة على نتيجة الاستفتاء، ومن شأن التأييد الجارف لخيار الاستقلال أن يشكل قوة ضغط كبيرة على البرلمان، وهو أمر كفيل على الأرجح بإسكات أصوات النواب الرافضين لانفصال الجزيرة.
ومع ذلك لم تسفر المحادثات بين السلطات في بابوا غينيا الجديدة وسلطات بوغانفيل عن أي نتائج إيجابية حتى اللحظة، رغم مرور خمس سنوات على الخطوة.
وإذا ما مضت الجزيرة إلى النهاية على طريق الاستقلال يمكن أن تصبح محور صراع على النفوذ بين القوى الإقليمية الرئيسية في المحيط الهادىء وهي الصين وأستراليا والولايات المتحدة.
في نوفمبر الماضي أجرى رئيس بوغانفيل إسماعيل تورواما زيارة لواشنطن والتقى خلالها بأعضاء في الكونغرس، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
حدد تورواما عام 2027 موعدا نهائيا للاستقلال الكامل عن بابوا غينيا الجديدة، وأبلغ المشرعين الأميركيين أن بلاده يمكن أن تمول حريتها من خلال إعادة فتح منجم بانغونا وتصبح حليفا قويا للولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تورواما أخبر المشرعين أنه بحاجة إلى مساعدتهم. وأضاف أنه جاء إلى واشنطن ليلعب "بالورقة الأميركية".
وحذر كذلك من وجود منافسين مدعومين من بكين، وأنه يمكن أن يضطر إلى التحالف مع الصين إذا لم يتلق الدعم من الولايات المتحدة.
أبلغ تورواما الأميركيين أن وضع بوغانفيل الضعيف ومنجم بانغونا الثمين لم يفلت من اهتمام الحزب الشيوعي الصيني.
وشدد أيضا أن الصين اتخذت بالفعل خطوات للسيطرة على جزر سليمان وهي عازمة على فعل الشيء نفسه عبر جنوب المحيط الهادئ. وما لم يتمكن هو وأنصاره من المقاومة، فقد تكون بوغانفيل التالية.
زاد هذا التحذير "المشؤوم" من مخاوف المشرعين الأميركيين، الذين يشعرون بالقلق بالفعل من بكين، بحسب الصحيفة.
مع تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث أبرم البلدان مؤخرا اتفاقيات أمنية، يمكن أن تلعب التوترات في أي منطقة لصالح الصين.
مؤخرا روج وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أثناء زيارته لميناء حيوي في بابوا غينيا الجديدة لاتفاقية تجارة حرة، وأخبر رئيس البلاد جيمس مارابي أن "الصين سوف تكون شريكك الأكثر جدارة بالثقة".
وفي وقت سابق من هذا العام، استخدم رئيسا بالاو وجزر مارشال التحذيرات من تصاعد الضغوط الصينية لتحفيز الولايات المتحدة على تقديم مساعدات بقيمة مليارات الدولارات.
بحسب الصحيفة فإن الطريق الأكثر احتمالا لنمو النفوذ الصيني يتمثل بدخول الشركات المملوكة للدولة.
ويقول تورواما إن حكومته تحدثت مع الشركات الصينية، بينها شركة السكك الحديدية المدعومة من الدولة، بشأن الاستثمار في منجم بانغونا، لكنه يفضل العمل مع شركاء آخرين، في تلميح للولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: بابوا غینیا الجدیدة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
“النفط مقابل التنمية”.. باحث بالشأن الأفريقي يكشف أسرار شراكة أنجولا والصين
المناطق_ القاهرة
عقدت كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، اليوم الاثنين 26 مايو 2025، سلسة جلسات نقاشية فى ثان أيام مؤتمرها السنوى “الاستثمار في أفريقيا: فرص ريادة الأعمال وتحديات المنافسة الدولية والإقليمية” استعرضت فيها أبرز الأوراق البحثية فى مؤتمر هذا العام.
وفى أولى جلسات اليوم، ألقى الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، فادي الصاوي، كلمة محورية أزاح فيها الستار عن تعقيدات سياسة “القروض مقابل النفط” الصينية فى أفريقيا، متخذًا من تجربة أنجولا نموذجًا تفصيليًا.
أخبار قد تهمك أسعار النفط تنخفض 0.2% لتسجّل 64.82 دولارًا بعد أعلى مستوى في أسبوعين 13 مايو 2025 - 7:32 صباحًا ارتفاع أسعار النفط عالميًا: خام برنت يسجل 64.18 دولارًا للبرميل 12 مايو 2025 - 7:56 صباحًاوفكك الباحث أبعاد هذه السياسة المثيرة للجدل، وكشف كيف تمكنت أنجولا، على الرغم من التحديات، من ممارسة نفوذها وتحقيق مكاسب استراتيجية في علاقاتها مع بكين، مؤكدًا أن القارة السمراء ليست مجرد متلقٍ سلبي، بل لاعب فاعل في المشهد الجيوسياسي المتغير.
بدأ الصاوي كلمته مؤكدًا أن “أفريقيا شهدت في العقدين الأخيرين تزايدًا ملحوظًا في التمويل الصيني للتنمية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، وفي الفترة من 2000 إلى 2023، قدم المقرضون الصينيون 1306 قروضًا بقيمة 182.28 مليار دولار إلى 49 حكومة أفريقية، تركزت بشكل كبير على قطاعي الطاقة والبنية التحتية”.
وأضاف أن “سياسة القروض مقابل النفط برزت كأحد الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الصين لتعزيز تعاونها مع القارة، خاصة الدول الغنية بالنفط مثل أنجولا”، وذكر أن أنجولا كانت، بعد الحرب الأهلية التي انتهت في عام 2002، تواجه تحديات اقتصادية هائلة بنتيجة تدمير بنيتها التحتية، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطن، وكان هناك حاجة ماسة لتمويل إعادة الإعمار، وفي ظل تعثر المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية التقليدية، اتجهت أنجولا نحو الصين، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط العالمية”.
وأضاف: “بلغ حجم القروض الصينية لأنجولا 46 مليار دولار عبر 270 قرضًا في الفترة من 2002 إلى 2023، وتركزت معظمها على قطاع الطاقة ثم المواصلات والبنية التحتية”، موضحًا أن هذه القروض ساهمت في تجديد و بناء 2800 كيلومتر من السكك الحديدية، و20 ألف كيلومتر من الطرق، وأكثر من 100 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 100 مدرسة وأكثر من 50 مستشفى في أنجولا، مما ساهم في تحسين نوعية الحياة وتحفيز النمو الاقتصادي بشكل ملموس
وأشار الصاوي إلى بعض الجوانب الإيجابية لهذه الشراكة: “تميزت هذه المشاريع بطبيعة ‘استخدام مزدوج’ لتوسيع التبادل التجاري داخل ليشمل دولًا أخرى غير الصين، كما أن شروط السداد كانت مرنة، حيث تراوحت فترة السداد بين 15 و18 عامًا، وهي فترة كبيرة مقارنة بما تمنحه المؤسسات الغربية، مما يمثل ميزة كبيرة للدولة الأفريقية”.
وعن مدى استفادة أنجولا، أوضح الباحث في الشأن الأفريقي، أن استراتيجية منح عقود استغلال الموارد للشركات الصينية على حساب الشركات الغربية، دفعت العديد من الدول الغربية إلى تخفيف مواقفها تجاه أنجولا، حتى صندوق النقد الدولي، الذي كان يدعو إلى الشفافية في قطاع النفط، صرف قرضًا بقيمة 1.4 مليار دولار للبلاد في عام 2009 رغم اتهامات بالفساد، وهذا يوضح كيف أتاحت المنافسة بين الصين والمانحين الغربيين لأنجولا فرصةً للتلاعب ببعضهم البعض وتمكين نفسها من خيار التوجه نحو الشريك الذي يمنحها صفقة أفضل ولا يتدخل في شؤونها الداخلية.
وأضاف: “نجحت أنجولا أيضًا في استخدام النفط كورقة ضغط لتعديل شروط التعاقد، فبينما نصت اتفاقية القرض الأول على تخصيص 70% من الأعمال للشركات الصينية، فإن تخصيص 30% من قيمة التعاقد للقطاع الخاص الأنجولي كان تنازلًا كبيرًا من الجانب الصيني، مما يدل على قوة المساومة الأنجولية، كما أن اتفاقيات التعاقد من الباطن سمحت بالتعاقد مع شركاء محليين لما يصل إلى 60% من العطاءات الممنوحة للشركات الصينية، وهو مؤشر آخر على قوة المساومة الأنجولية”.
وتابع قائلًا: “بالتأكيد، لم تخلُ هذه السياسة من الانتقادات والسلبيات، فقد اتسمت الاتفاقيات المبرمة بين الصين وأنجولا بالغموض في إدارة القروض وتدفقاتها المالية، ما فتح الباب أمام الفساد وسوء استخدام الأموال، كما أن الاعتماد الكبير على العمالة الصينية في تنفيذ المشاريع حد من استفادة أنجولا في بناء قدراتها البشرية والتكنولوجية، كذلك أثبت ‘النموذج الأنجولي’ القائم على القروض مقابل النفط عدم استدامته، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية وتراجع الإنتاج المحلي، ما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة في أنجولا في عام 2014. ومع ذلك، فإن هذه التحديات ليست حتمية، فإدارة الرئيس الأنجولي الحالي لورينسو تبنت استراتيجية جديدة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، كما أن الصين اتجهت إلى الاستثمار في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والاتصالات”.