عودة حماس لشمال غزة يثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل.. ماذا تحقق؟
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
في ديسمبر الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي انتصاره على حماس في جباليا، قائلاً إنه كسر قبضة الحركة الفلسطينية في معقلها التقليدي في شمال القطاع.
وقتها، قال إيتسيك كوهين، قائد الفرقة 162 "جباليا لم تعد جباليا كما كانت من قبل" وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي تمكن من قتل "المئاتن" من مقاتلي حماس واعتقل نحو 500 مشتبه بكونهم أعضاء في الحركة المسلحة.
ومع مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاق الحرب، إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر، قتل 35233 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القضاء على الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 وتعتبرها الدولة العبرية "منظمة إرهابية"، على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
العودة إلى المربع الأولبعد خمسة أشهر على تصريح كوهين، عادت القوات الإسرائيلية إلى جباليا، وهي تتوغل الآن مجددا داخل المخيم المكتظ، مدعومة بالمدفعية والغارات الجوية في واحدة من سلسلة عمليات "إعادة التطهير" الأخيرة ضد مقاتلي حماس، "والتي أعاد مقاتلوها تجميع صفوفهم بسرعة في المناطق التي أخلتها القوات الإسرائيلية" وفق صحيفة "واشنطن بوست".
أفسح الهجوم الإسرائيلي السريع في غزة المجال لمعركة استنزاف طاحنة، وهو ما يسلط الضوء على مدى بعده عن هدفه العسكري الرئيسي -التفكيك الكامل لحركة حماس، تؤكد الصحيفة الأميركية.
وباعتبارها منظمة مسلحة قادرة على التكيف وتتمتع بسهولة الوصول إلى المجندين، ولديها شبكة أنفاق واسعة ومتأصلة بعمق في نسيج غزة، فقد أظهرت حماس أنها قادرة على الصمود في وجه حرب مدمرة وطويلة الأمد، وفق ذات التقرير.
يأتي استئناف القتال العنيف في الشمال في الوقت الذي يمضي فيه الجيش الإسرائيلي قدما في حملته التي تعرضت لانتقادات شديدة في مدينة رفح الجنوبية - والتي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ فترة طويلة بأنها معركة نهائية ضد آخر كتائب حماس السليمة.
والآن، يقدم المسؤولون الأميركيون وبعض أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي تقييمات صريحة بشكل متزايد حول مرونة الجماعة المسلحة وفشل نتانياهو في التخطيط لغزة ما بعد الحرب.
في تصريحات ملفتة ليلة الأربعاء، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نتانياهو إلى تقديم التزام علني بأن إسرائيل لن تحكم غزة في نهاية المطاف بعد الحرب، وسط مخاوف متزايدة في الجيش الإسرائيلي من أن مهمته تزحف نحو إعادة احتلال المنطقة.
وقال غالانت إن حماس قد تستعيد قوتها طالما حافظت على السيطرة المدنية مشيرا إلى أن الفشل في إنشاء "سلطة حكم بديلة، يعادل الاختيار بين أسوأ بديلين: حكم حماس أو السيطرة الإسرائيلية على غزة".
رؤية واشنطنفي واشنطن، أبدى مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان ملاحظة مماثلة الاثنين الماضي، حيث قال للصحفيين إن "الضغط العسكري ضروري لكنه ليس كافيا لهزيمة حماس بشكل كامل".
وأضاف: "إذا لم تكن جهود إسرائيل مصحوبة بخطة سياسية لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، فإن الإرهابيين سيستمرون في العودة".
وتعتبر واشنطن ودول غربية حماس حركة إرهابية.
وكان نتانياهو قال الأسبوع الماضي إن إسرائيل قتلت 14 ألف من مقاتلي حماس؛ بينما قدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل نحو 13 ألفا الشهر الماضي.
???? #عاجل
تصريح الناطق بلسان جيش الدفاع الاسرائيلي 14/05/2024 pic.twitter.com/tPGDmHW60H
وليس من الممكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، حيث لم يتم تقديم أي دليل يدعمها.
تقرير الصحيفة علق على ذلك بالقول إنه "حتى هذا الرقم الكبير قد يصل فقط إلى أقل من نصف القوة القتالية المقدرة لحماس قبل الحرب">
يذكر أن الهجوم الإسرائيلي قتل أكثر من 35 ألف فلسطيني منذ أكتوبر، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. وتم تدمير الخدمات الصحية، ونزحت العديد من الأسر عدة مرات، كما ظهرت بوادر "مجاعة شاملة" في الشمال، وفقًا لرئيس برنامج الأغذية العالمي.
وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية من جباليا العام الماضي، بدأت حماس حملة تجنيد لوظائف تأمين المساعدات وإنشاء مقر جديد هناك، بحسب السكان.
وقال أحد سكان جباليا البالغ من العمر 42 عاما، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته "هناك تواجد لرجال شرطة، ولكن بدون زي الشرطة، وجميعهم يرتدون ملابس مدنية".
يسلط هذا الوضع، وفق رويترز الضوء على التساؤلات المتزايدة حول هدف الحكومة الإسرائيلية المعلن المتمثل في القضاء على حماس.
وبينما بدأت الدبابات في التوغل داخل مدينة رفح الجنوبية، حيث يقول الجيش إن آخر أربع كتائب سليمة تابعة لحماس متحصنة هناك، كان هناك قتال عنيف في منطقة الزيتون في مدينة غزة وحول جباليا إلى الشمال، حيث سيطر الجيش الإسرائيلي العام الماضي قبل أن يتقدم جنوبا.
ويسلط تجدد القتال هناك- وسط ضغوط دولية من أجل وقف إطلاق النار - الضوء على القلق في إسرائيل من أن عدم وجود خطة استراتيجية واضحة لغزة سيترك حماس في السيطرة الفعلية على الجيب الذي تحكمه منذ عام 2007.
هذه الوضعية وفق الوكالة ذاتها تؤكد أن "النهاية الواضحة للحرب تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى".
ويبدو أن حماس، المختبئة في شبكة الأنفاق الواسعة الممتدة تحت أنقاض غزة، تحتفظ بدعم واسع النطاق بين السكان الذين تأثروا بالحملة التي أسفرت عن مقتل الآلاف وأجبرت معظم سكان غزة على ترك منازلهم.
وقال مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية السابق وأحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في شؤون الحركات الإسلامية "إذا اعتمدنا على استراتيجية الاستنزاف المستمر ضد حماس، فلن تحقق هدف الانهيار الحكومي أو العسكري".
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الأميركي، كيرت كامبل، الاثنين أن واشنطن تشك في أن إسرائيل ستحقق "نصرا كاسحا في ساحة المعركة".
وقُتل 273 جنديًا إسرائيليًا في غزة منذ بداية العمليات البرية في أكتوبر، على الرغم من تراجع وابل الصواريخ من القطاع لعدة أشهر بعد الحملة الإسرائيلية في الشمال، إلا أنها تصاعدت مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة.
والثلاثاء، أمكن رؤية صاروخ يتجه نحو بلدة سديروت الحدودية الإسرائيلية، "وهو تذكير واضح بقدرة حماس على البقاء" تقول "واشنطن بوست".
وحلقت مروحيات عسكرية إسرائيلية للقيام بعمليات إجلاء طبي، وتم نقل المصابين إلى سيارات الإسعاف التي كانت في انتظارهم.
"ماذا بعد رفح؟"في المقابل فإن الأهداف الإستراتيجية، لزعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، "تبدو واضحة" وفق تقرير لوكالة رويترز.
أهداف الحركة، بالنسبة لكاتب التقرير هي الخروج من الحرب بالقدر الكافي من القوة لإعادة البناء، وهو ما ينعكس في إصراره على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية كشرط للتوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال مسؤول فلسطيني غير متحالف مع حماس قريب من المحادثات المتوقفة بوساطة مصر وقطر "إنها تكتيكات للبقاء بالنسبة لحماس وقريبا ستجد إسرائيل نفسها مضطرة للإجابة على سؤال ماذا بعد رفح؟".
ولا يزال من غير الواضح عدد المقاتلين من حماس وغيرها من الجماعات المسلحة المسلحة في غزة الذين قُتلوا، إذ لا تفرق أرقام الضحايا التي تنشرها وزارة الصحة في غزة بين المدنيين والمقاتلين.
ويعيش اللاجئون في جنوب غزة مأساة إنسانية حقيقة، حيث تلوح مجاعة، وفق العديد من منظمات الإغاثة.
وقال جورجيوس بتروبولوس، المسؤول بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في رفح، وفق ما ذكرت "سي. بي. إس. نيوز" الأميركية إن عمال الإغاثة ليس لديهم إمدادات لمساعدة اللاجئين على الاستقرار في مواقع جديدة.
وقال "ببساطة ليس لدينا خيام، وليس لدينا بطانيات، ولا أسرة، ولا شيء من المواد التي تتوقع أن يتمكن السكان المتنقلون من الحصول عليها من النظام الإنساني".
وعلى الرغم من الضغوط الأميركية الشديدة لعدم شن هجوم على رفح، التي تضخم عدد سكانها بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، فقد بدأ القادة الإسرائيليون في التعمق في المدينة.
ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيواجهونه في شوارعها الضيقة إذا شنوا هجومًا واسع النطاق.
وقال مقاتل من أحد الفصائل المسلحة وفق ما نقلت رويترز "مقاتلونا يختارون معاركهم، ولا يسمحون للاحتلال أن يفرض علينا زمن المعركة أو أرضنا لأننا لا نملك قدرات عسكرية متساوية".
"ليس علينا أن نواجه وجها لوجه، لكن المحتلين والغزاة سيفقدون جنودا ومركبات كل يوم تقريبا، هنا وهناك داخل غزة، لن يستقروا أبدا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی غزة
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران تحقق بوساطة قطرية
أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الذي أعلنه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ليل الاثنين/ الثلاثاء، تم بوساطة قطرية.
وقال ترامب على منصته "تروث سوشيال": "تم التوصل إلى اتفاق كامل بين إسرائيل وإيران على وقف تام وشامل لإطلاق النار (في غضون حوالي 6 ساعات من الآن، حين تكون إسرائيل وإيران قد أنهتا مهامهما الجارية والأخيرة!)، لمدة 12 ساعة، وعند تلك النقطة ستُعتبر الحرب منتهية!".
وأضاف: "رسميًا، ستبدأ إيران وقف إطلاق النار، وعند الساعة الثانية عشرة، ستبدأ إسرائيل وقف إطلاق النار، وعند الساعة الرابعة والعشرين، سيُحيي العالم رسميًا انتهاء حرب الاثني عشر يومًا".
من جانبها، نقلت قناة i24 العبرية الخاصة عن مصدر إسرائيلي مطلع لم تسمه إن "قطر توسطت للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران".
ولم يصدر عن إسرائيل وإيران على الفور تعليق على تصريحات ترامب.
وقال موقع واللا الإخباري العبري، إنه وفقا لمصادر مطلعة، لم يسمها "تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة قطرية وأمريكية بين إسرائيل وإيران".
ووفق المصدر: "بعد الهجوم على القاعدة الأمريكية (العديد)، بعثت إيران رسالة إلى البيت الأبيض عبر قطر تفيد بأنها لن تنفذ المزيد من الهجمات وأن ردها قد انتهى".
وأضاف: "ردّ البيت الأبيض على إيران برسالة مماثلة، مؤكدًا أنه لن يردّ عسكريًا على الهجوم الإيراني، وأن الولايات المتحدة مستعدة لاستئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي".
وتابع: "بعد ذلك، تواصلت المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبين قطر وإيران، لوضع اللمسات الأخيرة على شروط وقف إطلاق النار وتوقيت بدء سريانه".
من جانبها، قالت القناة "12" العبرية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجه وزراءه بعدم التعليق حتى إشعار آخر على اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران.
ولم يتوفر على الفور تعليق من قطر على هذه التقارير العبرية.
ومساء الاثنين، أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني بدء عملية عسكرية تحت اسم "بشائر الفتح"، استهدفت قاعدة "العديد" الأمريكية بقطر.
وأدانت الدوحة الهجوم الإيراني واعتبرته "انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد"، مؤكدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماجد الأنصاري، أن قطر تحتفظ بحقها في الرد على هذا الاعتداء.
وفجر الأحد، لم تكتف الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والاستخباري واللوجستي للعدوان الإسرائيلي على إيران، وشنت غارات جوية على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية.
ومنذ 13 يونيو/ حزيران الجاري تستهدف إسرائيل منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين بإيران، التي ترد بضرب مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، مما خلف قتلى وجرحى لدى الجانبين.