كنت قد آثرت السلامة، ولما لا فأحياناً كل ما يلزم الأمر أن تدلي برأيك لتجد نفسك في مفارق سكة الندامة، تعللت لنفسي الآثمة لأنها كانت تؤثر أن تسكت عن الحق وتغض طرفاً عن نوازعها اللائمة، الحر شديد ولا داعي للحديث فيما يفيد فلن يغير من الأمر شيئاً ونجد مواطن سعيد، فالخَلق تحت حرارة الشمس بلا خُلق يتسع للتحليل والفهم والتفسير، فلا ضير إذا وقفت تلك المرة مكتوفة الكلمات.
ولكني عاهدت الله أن أعوض ذلك بأن أكون منطلقة الدعوات، لعل تلك الطبيعة الغاضبة تعود لرشدها وتمنح الأنام بعض الهدوء الحراري لتقر العين وتنام، فنقص الهواء والنوم الذي هو للإنسان دواء، جعل أعصاب البرية في حالة شعواء، مما جعل مواقع التواصل الاجتماعي أرض خصبة لشرذمة الدهماء وفوضى الغوغاء، وذوي التعليقات الهوجاء من محبي الفتنة أصحاب البصيرة العمياء.
وبالطبع لا أعني أصحاب التعليقات الضاحكة، أو حتى من تأثر بشدة الحرارة وانقطاع الكهرباء وكتب بعض عبارات يائسة، لكني أتحدث عن تلك الحفنة الممنهجة وفي الأزمات تحركاتها لهدم الاستقرار النفسي للمواطن منظمة، وأملها أن ترقص حافية على حطام الوطن ولا تبالي إن رقصت كسالومي عارية فمن أجل رأس النبي لم تهتم وإن وصموها بالخاطية، كلها ذات الثقافة والمدرسة وهو درب الصعود إلى الهاوية، وتلك النفايات الأخلاقية ليس لها من دون الله كاشفة، وبطش الله لهم يأتي بغتة بضربة قاضية.
وفجأة بين أجنحة الهري والرغي إذا بشعبان عبد الرحيم رحمة الله عليه يقطع الشك باليقين ويذكر الناسين والمتناسين بحال مصر في صيف 2014، أي فور تولي الرئيس السيسي تركة السنوات الضائعة وميراث عام الغم الذي حكم فيه مصر من لا يهمه الأمر، تغنى شعبولا بكلمات من قلب المحنة عندما كان طريح الفراش في بداية رحلة مرضه الذي انتهى برحيله، وإذا في ذلك الوقت بابنه يعلق في الأسانسير لعدة ساعات فتحركت مشاعره كأب وطلب من إسلام خليل شاعره الأوحد أن يصف الأزمة وسيقوم بغنائها، وقد كانت الأغنية التي وإن بدت في ذلك الوقت خفيفة ولطيفة وعادية، إلا أنها اليوم في ذاكرة التاريخ أصبحت دليلا ومستندا على حقبة في عمر الزمان ليست ببعيدة، غنى شعبولا قائلاً: “النور عمال بيقطع والحر شديد شديد 20 ساعة قاطع و4 ساعات يقيد”.
نعم يا مصريين كان ذلك حال الوطن، انقطاع دائم في الكهرباء، في ذلك الوقت كان تعداد السكان 75% من العدد الحالي، كان التعداد السكاني 80 مليون نسمة واليوم قاربنا على 105 ملايين نسمة، مصر اليوم التي توسعت ليصبح لديها حاليا 61 مدينة جديدة، بمساحة إجمالية 2.2 مليون فدان، يقطنها ما يزيد على ثمانية ملايين نسمة، ومن المستهدف أن تستوعب حين اكتمال نموها حوالي 65 مليون نسمة، بالإضافة للطرق والمحاور الجديدة والتي تقدر بحوالي 7 آلاف كيلومتر أي سبعة أضعاف الطريق من القاهرة لأسوان، أليس كل ذلك بحاجة لطاقة، استثمارات أجنبية مباشرة بزيادة 120%، ناهيك عن أنه تم تسجيل 10 آلاف مصنع جديد في هيئة التنمية الصناعية في السنوات القليلة الأخيرة، بالإضافة للمدن الصناعية الخاصة بمنتجات كان إنتاجها حلما يصطدم بعدم وفرة الطاقة فيتلاشى أدراجه مهزوماً مثل صناعة البتروكيماويات التي كانت محظورة وكيف لها أن ترى النور ولم يكن لدينا من الطاقة حتى ما يكفي لإيقاد النور.
على مدى سنوات عشنا منومين، يومنا يمر ونحن حامدين شاكرين، وكانت الظروف العالمية نفسها مخدرة لا حروب حقيقية إلا حرب الخليج والتي ما لبثت حتى انتهت وانعكست آثارها على أطرافها، ولم يشهد آباؤنا وباءً ولم تتكاتف ضدهم الطبيعة لتضيع سنوات العمر هباء.
حتى أمنا الأرض تكالبت علينا لندفع صاغرين فاتورة أجدادنا غير حقيقيين، فما نحن فيه اليوم هو ضريبة مؤجلة للثورة الصناعية وقرينتها من نهضة النمور الآسيوية، لأن أجدادنا امتهنوا التمور السيناوية وزراعة الأرض الدلتاوية لذا لا ناقة لنا ولا شاه إلا تلك الشراكة المؤذية لكوكب الأرض الغاضب والذي بدأ عصر الغليان فيما يبدو لسنوات طويلة قادمة.
هو الغضب بذات ملامحه كما عرفه البشر مارسه الحجر، حنق غير متوقع وانفجار غير مخطط، وعلى كل دولة آن تدفع مشاريب تلك العاركة وتتمنى من الله أن تكون نوبة عارضة، وأن يكون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قد بالغ في توقعاته وتمادى في تشاؤمه والأسوأ لن يأتي، وأمنا الرؤوم ستكتفي بكل ما بدر منها من صهد وحرارة ورطوبة وحرائق وثلوج في بعض المناطق، جنت أمكم يا أبناء، ارتبكت فأربكت حكومات العالم معها، وبين اللاجئ المناخي وآثار الحرائق المدمرة، وتداعيات الفيضانات المهلكة نتشدق بقطع الكهرباء ساعتين.
خرجت الحكومة ببيان وافٍ، ربما به بعض النقاط التي لم تتضمن الجواب الشافي، لكن في النهاية نحن أمام نتيجة لا تقبل الضحد أنه عصر الشفافية والحوكمة الحق، على مرّ سنوات كان حلم المواطن الغلبان أن تعتبره الحكومة كائن ذو حيثية وكان في ذلك الوقت مجرد حلم يتجلى فيه كل صور العبثية، واليوم عندما تكلمت الحكومة لما نعتبرها عدوتنا اللدودة!
بالطبع كان البيان محل اهتمام الجميع منهم من اكتفى بالفهم ومنه من اعتبرها مادة للهري النهم، خاصة الخبراء الاستراتيجيين الاقتصاديين السياسين الصناعيين متخصصي قسم العدادات، فقطعا هم فيها خبراء، والسؤال اللولبي الذي أسأله إياهم وأتمنى حلا لوذعيا: “لو لم نبنِ شبكات الكهرباء كيف كان سيصبح الحال يا لئام؟!”، وعلى كل المحللين ألا يستخدموا شبكات الطرق والمدن الجديدة، ولا يتعاملوا مع منتجات الصوب التي أصبحنا نمتلك أكبرها في الشرق الأوسط، ولا خير أراضي الاستصلاح الزراعي، ولن أتطرق للموانئ ولا شبكات النقل الحديثة والصناعات الخفيفة والثقيلة، فقطعاً لديهم من الفتنة الفطنة أن يشككوا في آثارها الحميدة.
قطع الكهرباء ساعتين أثار امتعاض الكثيرين رغم أنهم كانوا لا يعتدون بالإنجازات المحققة في قطاع الطاقة، واليوم أيقنوا أن الكهرباء كالماء لا غنى عنهما سواء، لذا ماذا عن باقي مأدبة الولولة وكل إنجاز وراءه حملة ممنهجة على شاكلة ماذا ولماذا؟ فهل سندرك قبل فوات الأوان نعمة الطريق والتوسعات العمرانية وباقي إنجازات الدولة المصرية وأنها ليست رفاهية غير ضرورية، أم سندرك ذلك بعد غضبة جديدة لأمنا الأرض أو أبينا القدر!
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
158 مليون ريال تعويضات لمستهلكي الكهرباء خلال عام
كشف الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء عن زيادة ملحوظة في مبالغ التعويضات المالية التي تم صرفها للمستهلكين، حيث تجاوزت 158 مليون ريال سعودي لأكثر من 329 ألف حالة.
ويأتي ذلك في إطار ضمان حقوق المستهلكين والارتقاء بجودة الخدمات الكهربائية المقدمة في المملكة، مقارنة بحوالي 84,8 مليون ريال تم صرفها لنحو 84 ألف حالة في العام السابق 2023، ما يعكس تكثيف الدور الرقابي للهيئة وحرصها على تطبيق التنظيمات.
أخبار متعلقة طلبة المملكة يحصدون 9 جوائز خاصة في معرض "آيسف 2025".. والأنظار تتجه للجوائز الكبرىحج 1446 هـ.. ”وقاء“ يجهز 73 فرقة لخدمة الحجيجوأوضح التقرير أن هذه التعويضات ”تأتي نتيجة عدم التزام مقدمي الخدمة الكهربائية، في الوفاء بالمعايير المضمونة لجودة الخدمة التي حددتها الهيئة“.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 158 مليون ريال تعويضات لمستهلكي الكهرباء خلال عامتعويض المستهلكينوتشمل هذه المعايير جوانب متعددة تمس تجربة المستهلك مباشرة، مثل المدد المحددة لإيصال الخدمة أو التعديل عليها، وسرعة إعادة التيار بعد السداد أو الانقطاع، والإشعار المسبق عن الانقطاعات المخطط لها، ومعالجة شكاوى الفواتير ضمن إطار زمني محدد.
وتوزعت هذه التعويضات على بنود مختلفة؛ حيث شكّل التعويض عن التأخر في إعادة الخدمة الكهربائية بعد انقطاعها النسبة الأكبر، بمبلغ تجاوز 122 مليون ريال لأكثر من 218 ألف حالة.
كما تم تعويض المستهلكين بمبلغ فاق 22 مليون ريال لأكثر من 54 ألف حالة بسبب تكرار انقطاع الخدمة الكهربائية، وبمبلغ تجاوز 8,4 مليون ريال لنحو 30 ألف حالة للتأخر في إعادة الخدمة بعد السداد.
وشملت التعويضات الأخرى مبالغ تجاوزت المليوني ريال لـ 8312 حالة للتأخر في تسجيل أو إلغاء الخدمة للمستهلك الفعلي، وأكثر من 1,6 مليون ريال لـ 2151 حالة للتأخر في إيصال الخدمة أو التعديل عليها بعد السداد.
ونحو مليون ريال لـ 11 ألف حالة لعدم الإشعار عن الانقطاع المخطط له، وقرابة 947 ألف ريال لـ 3259 حالة للتأخر في معالجة شكاوى الفواتير، بالإضافة إلى 141 ألف ريال لـ 282 حالة بسبب فصل الخدمة لعدم السداد في الأوقات والحالات المحظورة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 158 مليون ريال تعويضات لمستهلكي الكهرباء خلال عامتطبيق صارم للمعاييروفي تأكيد على آلية حماية المستهلك الفعالة، أبرز التقرير حادثة انقطاع الكهرباء الكامل في محافظة شرورة كمثال على التطبيق الصارم للمعايير، حيث قامت الهيئة بإنفاذ إجراءات التعويض المستحقة لجميع المستهلكين المتأثرين في المحافظة بشكل آلي وفوري.
وأشار التقرير إلى أن التعويضات المالية تم إيداعها بالكامل للمستحقين دون الحاجة لتقديم أي شكوى أو مطالبة من طرفهم، وذلك خلال فترة زمنية قياسية لم تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الانقطاع، بناءً على قرار مجلس إدارة الهيئة الذي صدر مباشرة بعد الحادثة.
وتعكس هذه الأرقام والإجراءات الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء في مراقبة أداء مقدمي الخدمة والتأكد من التزامهم بالتنظيمات والأدلة المعتمدة. وأشار التقرير إلى أن الهيئة استقبلت وعالجت أكثر من 38 ألف شكوى خلال العام، بزيادة كبيرة عن العام السابق، مما يدل على زيادة وعي المستهلكين بحقوقهم وتفاعلهم مع القنوات التي أتاحتها الهيئة.
وتستخدم الهيئة أدوات رقابية متنوعة تشمل الزيارات الميدانية، وتدقيق البيانات، ومتابعة مؤشرات الأداء، وزيارات ”المستهلك الخفي“ لضمان تطبيق المعايير وحفظ حقوق المستهلكين وتعزيز موثوقية الخدمة الكهربائية واستدامتها في جميع أنحاء المملكة.