عندما تُطرح علينا قضية ما للوهلة الأولى، اعتدنا النظر إليها من (خرم الإبرة) على الرغم من مساعي محفزي التنمية البشرية في حثّنا على النظر للأمور باتساع أكبر، والخروج من صندوق أفكارنا الذي لم نره بالعين المجردة حتى هذه اللحظة، إلا أننا لازلنا نقاوم أي فكرة للتغيير أو التطوير قبل أن نتحمّل عناء رؤية الأبعاد المحيطة بالأمر، رفض منبعه عدم القدرة على تقبّل المتغير، لأن المتغيّر يحتاج لمجهود ما بين الاستيعاب والفهم والتأقلم.
لا أقصد بقولي هذا أنني خارجة من إطار عدم التأقلم السريع، إلا أنني أحاول أن أفكر بمنطلق الطرف الآخر، وهنا أقصد بالطرف الآخر وزارة التعليم وقراراتها التي لم تأتِ على مزاجنا نحن كأولياء أمور أو منسوبين للتعليم، ولا أعلم من منّا على صواب، وسواءً أدركنا الصائب من بيننا أم لم ندرك، فالأمر واقع لا محالة، لذا من الأفضل أن نوسّع دائرة النظر، ونبحث عن ما وراء الأمر من خفايا إيجابية تكون لصالح القرار.
في البداية حتى نكون أكثر واقعية ، لازالت بعض المباني لمدارسنا تحوي أعداداً تفوق المتوقع، يصاحبها نظام تكييف ضعيف، ممّا يجعل تواجد الطلاب والطالبات في فصل الصيف الذي لا يتوافق قدومه مع مناسكنا الدينية ،أمر في غاية الإزعاج، وبالتالي نكون بين خيارين: إما أن نترك أبناءنا في أجواء شديدة الحرارة داخل تلك المباني، أو أن نسمح للسنة الدراسية أن تتخللها مناسباتنا الدينية على الرغم من تفرّدنا بالقيمة لتلك المناسبات لتكريمنا بوجود الحرمين الشريفين.
من نظرة أكثر أمومة وإنسانية ، أرى أن القرار ببقاء الدراسة وفقاً للنظام العالمي في التعليم ،أمر جيّد.
أما من جهة أخرى، ننظر لحال الفترة الزمنية الطويلة التي تمرّ على الطلاب والمعلمين ما بين أيام دراسية واختبارات باختلاف أشكالها، لأطرح سؤالاً مهماً:هل نحتاج إلى هذا الكم من الإجازات المطوّلة التي تتخلّل العام الدراسي لنشعر الطالب أننا نخفف عنه وطأة الفصول الثلاثة؟ أم أنها آلية تُتبع لفترة زمنية معينة إلى أن يعتاد الجميع على نظام الثلاثة فصول؟
أعود لنظرتي كأم تعيش هذه الأحداث من التذبذب في الاستقرار التعليمي لأبنائها: هناك فجوات من الخمول ناتجة من كثرة الإجازات المطوّلة التي تفصل الطلاب عن المنهج الدراسي، بالإضافة إلى تلك الظاهرة التي استحدثت بين الطلاب وبعض المعلمين والتي لا يمكن غضّ النظر عنها ،ألا وهي ظاهرة الاستخفاف بالحضور أيام الخميس والأحد التي تسبق أو تعقب الإجازة المطوّلة.
كم أرجو أن يكون هناك وجهة نظر حقيقية تردّ على هذا التساؤل، أو على الأقل رقابة حقيقية وملزمة لتتوقف تلك الظاهرة، هذا إذا وضعنا في الاعتبار الأسبوع الأخير قبل الإجازة لعيد الفطر المبارك والذي أصبح في نظر الطلاب وبعض المعلمين (مع التأكيد على كلمة البعض) حقاً مكتسباً للغياب.
قضية القرارات التعليمية ،تحتاج لصولات وجولات من النقاش والتداول، وفي النهاية كان الله في عون أصحاب القرار في هذا القطاع، على الرغم من أنهم استطاعوا وبجدارة من جعل إرضاء الناس غاية تدرك، من خلال الصمت وعدم الردّ على المعارضين إلى أن تحدث حالة التعايش مع قراراتهم وتصبح نظاماً معتمداً.
eman_bajunaid@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
وحدوا الله
بعد سنوات من راحة البال من رسائل التهنئة بالعام الهجري الجديد فجأة وعلى غير المتوقع انهالت العشرات منها على تطبيق الواتساب.
وشعرت بضرورة الرد على هذه البدع، لكن التساؤل كان كيف؟ ومن أين أبدأ؟
ولوهلة تذكرت جدتي لأمي؛ -أخت العلماء والمشايخ- ميمونة أبو سليمان -رحمها الله- وأسلوبها الراقي في التربية؛ حيث كانت تلقننا الأخلاق والدين، بالقصص والحكايات؛ فقررت أن أقدم موعظتي بأسلوبها وعلى طريقتها.
وحدوا الله، والي عليه ذنب وخطية يقول أستغفر الله
كان يا مكان قبل أربعة عشر قرن من الزمان؛ بعث الله تعالى نبي آخر الزمان؛ محمد عليه الصلاة والسلام، بشرع عظيم يصلح لجميع الناس في كل زمان ومكان، وزاد له في البيان عمن قبله من الأنبياء عليهم السلام.
وبين لنا أيش نعمل في الأفراح والأحزان، وعند النوم والقيام، وفي كل الظروف والأحوال، وأنه مو كل ما هب الناس هبة قلنا آمين وكمان، لأن منهجنا في السنة والقرآن، والضلال في الدين يكون بالزيادة فيه أو النقصان، وأخبرنا أن تحديد الأعياد حق لله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لأحد من الأنام، وعلى كدا كان الصحابة والتابعين كمان؛ عشان كدا اختراع عيد جديد، نهني بعضنا عليه، ولا نحتفل بيه ونبارك ونفرح به، بدعة وضلالة تجيب لنا الآثام.
والعام الجديد الناس الي حددت له الشهور والأيام، والبداية والنهاية كمان؛ لا ذكر في سنة، ولا نزل به قرآن، والاحتفال بيه زيادة في الأعياد الي ما أنزل بها الله من سلطان.
وأنه في الشرع في أشياء مخصوصة؛ ما تتعمم، وأشياء عامة؛ ما تتخصص، وإن تعميم الخاص، وتخصيص العام، من البدع الي كثرت -يا لطيف- في هذا الزمان، ومن هذه البدع تعميم دعاء رؤية الهلال؛ فصار يقوله الي على جواله جالس متكي، ولا على سريره نعسان؛ لا شاف لا هلال ولا قمر كمان.
توتة توتة، فرغت الحدوتة، حلوة ولا بتوتة؟
ولو كان بيتنا قريب كان جبنا لكم شوية زبيب، ولو طاقيتي مخروقة كان جبتلكم شوية مسلوقة.
إضاءة…
البعد عن الكتاب دخول في الضباب، والبعد عن السنة طريق للفتنة.