سودانايل:
2025-07-30@09:12:01 GMT

سقوط العواصم وما يعقبها من عِبر وقواسم؟

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

إبراهيم سليمان

يقولون التاريخ يعيد نفسه، وينساب في نفس مجراه، ليحدث ذات الأثر على الذين يقفون على شواطئه، واللبيب من يعتبر، من تكرار جولاته، والغبي من ينظر للحدث كل مرة، في بلاهة أو مكابرة. مفهوم التكرار التاريخي عقيدة، كُتب عنه بصيغ مختلفة منذ القدم. لكن العبارة الشائعة هي "التاريخ يعيد نفسه"، وهناك من الفلاسفة من يرى أنه لا يمكن اعتبار ذلك صحيحًا تمامًا في دورات دون مدة الدورة الكونية.

وقيل يمكن أن تُحدث التكرارات التاريخية من نوع "التشابه البارز" شعورًا "بالتقاء" أو "برَجع الصدى" أو وهم سبق الرؤيا. مثال ذلك القول المنسوب للشيخ فرح ود تكتوك عن عمار ثم سقوط الخرطوم: "الخرطوم تتعمّر إلى سوبا ثم تفكك طوبة طوبة".
يشير جي دبليو ترومف إلى أن معظم المفاهيم الغربية عن التكرار التاريخي تدل ضمنًا على أن "الماضي يعلمنا دروسًا من أجل الأفعال المستقبلية" - ويعني ذلك "أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر..."
وعندما وصل إسماعيل باشا إلى مدينة سنار، خرج إليه السلطان بادي السادس مبايعاً في 12 يونيو 1821م فدخلها في اليوم التالي من دون مقاومة. وبذلك سقطت السلطنة الزرقاء التي تأسست في عام 1504م في يد الاحتلال التركي بسقوط عاصمتها سنار. أي بعد 317 عاماً من الحكم.
وعندما سقطت الفاشر في يد التجريدة الإنكليزية ــ المصرية في مايو 1916م، بسقوطها، انهارت آخر مرحلة من مراحلة سلطنة دارفور المتقطعة والتي بدأت منذ 1603م أي بعد استمرار امتد إلى 289 سنة بعد استقطاع 24 سنة فترة الاحتلال التركي (1874 ــ 1898)
استمر الاحتلال التركي للبلاد حتى 26 يناير 1885م حين تمكن الإمام محمد أحمد المهدي من تحريرها بعد حصار استمر لعشر أشهر، بتحرير الخرطوم سقطت التركية السابقة، أي بعد 64 عاماً من الاحتلال.
في صبيحة 2 سبتمبر 1898م في معركة كرري، سقطت البقعة أمدرمان في يد الاستعمار الإنجليزي ــ المصري، وسقطت معها الدولة المهدية، في مرحلتها الثانية، دولة الخليفة عبدالله ود تورشين. واستمرت الدولة السودانية تحت الاحتلال الإنكليزي ــ المصري، إلى أن رفع علم الاستقلال في ضحى يناير 1956م لتبدأ دولة ـــ 56 المستقلة. أي بعد 58 عاماً من الاستعمار.
والتاريخ كان صارماً في مواعيده، ففي 15 أبريل 2023م، سقطت الخرطوم كعاصمة لدولةــــ 56 في أيدي قوات الدعم السريع، تدشيناً لبداية دولة حديثة، لم تتشكل ملامحها بعد، أي بعد 67 عاماً.
ما يلاحظ هنا، أن التاريخ يعيد نفسه في المشهد السياسي السوداني الحديث، بوتيرة شبه ثابتة، منذ الغزو التركي للبلاد، وتشكيل حدوده قبل انفصال الجنوب ما بين 6 إلى 7 عقود، وفي كافة مراحل تشكيل الدولة السودانية "الحديثة"، ومكوناتها من السلطنات والمماليك، متى ما سقطت عاصمة الدولة، سقطت معها الدولة تلقائياً.
لذا، بسقوط القيادة العامة للجيش، والقصر الجمهوري، ومجلس الوزراء، في صبيحة 15 أبريل 2023م، في أيدى قوات الدعم السريع، سقطت دولة ـــ 56 فعلياً، وتم التأكيد على هذا السقوط، بهروب قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى البحر الأحمر، في أغسطس 2023م كآخر حاكم لدولة ــ 56، وما عقب ذلك لا يعدو أن تكون تفاصيل.
ومهما كانت نهايات الحرب الدائرة الآن، لا نظن أن صيرورة التاريخ تسمح بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، فالعواصم، كقطع البلور، إن تصدعت، من المحال إعادتها إلى طبيعتها. فليتوقف، من يناطحون التاريخ في مجراه الطبيعي. فالتاريخ عنيد.
[email protected]
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 159//

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أی بعد

إقرأ أيضاً:

رسالة الى دولة جعفر حسان : دعم المواقع الإلكترونية والصحف من الموازنة العامة.. ضرورة وطنية لا ترف إعلامي

صراحة نيوز- محمد علي الزعبي

في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تنفيذ البرامج التنفيذية لرؤية التحديث الشامل، وتعيد ترتيب أولويات الإنفاق العام لتعزيز الكفاءة وتحفيز النمو، تبرز الحاجة لوقفة تأمل صادقة أمام أحد أعمدة الدولة الحديثة، وهو الإعلام الوطني، وتحديدًا المواقع الإلكترونية الإخبارية والصحف الورقية ، التي ما زالت تتقدم المشهد الوطني رغم شح الإمكانات وضغط التكاليف.

لقد خُصص في الموازنة العامة للمؤسسات الحكومية لعام 2025 ما مجموعه 22 مليون دينار كمخصصات للنفقات الإعلامية والإعلانية والترويجية، فما الضرر، بل أين المنطق، في أن يتم اقتطاع مبلغ بسيط لا يتجاوز 2 مليون دينار فقط من النفقات العامة للدولة، يُوجَّه بشكل مباشر ومنهجي إلى دعم المواقع الإلكترونية والصحف المحلية؟

وأُسجّل هنا، بكل شفافية، أنني لا أمتلك أي موقع إلكتروني ولا أعمل في هذا القطاع الإعلامي تحديدًا، ولكن ما يدفعني لكتابة هذا المقال هو الغيرة والشغف الوطني، لما أراه من تهالك مؤلم للمواقع الإخبارية والصحف الورقية، وانهيارها ماليًا أمام تحديات العصر، وتزايد احتمالات الإغلاق والتوقف، مما ينذر بواقع مرّ يهدد أرزاق الصحفيين والإعلاميين، ويزيد من معدلات البطالة بين الكفاءات التي خدمت الدولة لعقود بصدق وولاء.

إن دعم الإعلام الإلكتروني، وخاصة المواقع المرخصة التي تنقل نبض الشارع الأردني وتنقل وجهة نظر الدولة بمهنية، ليس ترفًا إعلاميًا، بل هو ضرورة وطنية واستثمار في أمننا الاجتماعي والسياسي. هذه المواقع كانت وما زالت الحصن الأول في التصدي لحملات التضليل، وفي تمثيل صورة الأردن الحضارية، بل وفي تقديم المعلومة الصادقة التي تُعزز الثقة بين المواطن ومؤسساته.

من هنا، أرفع هذا النداء الصريح إلى دولة الدكتور جعفر حسان، المعروف بدقته في ترشيد النفقات وتحفيز الإنفاق الذكي، لإعادة النظر في آلية توزيع مخصصات الإعلان الحكومي، وتوجيه نسبة محددة منها لدعم المواقع المرخصة والصحف الإلكترونية والورقية ضمن “صندوق دعم الإعلام الإلكتروني والصحف”، الذي يُدار من قبل هيئة الإعلام وتحت إشراف مباشر من وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، على أن تُطبّق آلية عادلة وشفافة تضمن التوزيع وفق معايير مهنية ترتبط بالانتشار والمصداقية والالتزام الوطني.

إننا لا نطلب دعما على حساب الكفاءة، بل نطالب بإنصاف إعلام وطني ظل صامدًا في وجه التحديات، ومخلصًا في نقل صوت الدولة ومواطنيها، دون أن يلقى ما يستحقه من تمكين وتمويل.

في الختام، إذا أردنا إعلامًا وطنيًا قويًا، نزيهًا، ومهنيًا، فلا بد من دعمه لا تهميشه.
والسؤال الأهم: من سيملأ الفراغ إذا سكت الإعلام الوطني؟

مقالات مشابهة

  • فرنسا: 15 دولة غربية تدعو البلدان الأخرى لـ إعلان عزمها الاعتراف بـ الدولة الفلسطينية
  • قوات الاحتلال تعتقل مواطنين من أريحا
  • الإعلام الحكومي: 109 شاحنات مساعدات نهبتها الفوضى و4 إنزالات جوية سقطت في مناطق قتال خطرة
  • عربية النواب: مصر الدولة الوحيدة على مدار 76 عاما لم تترك القضية الفلسطينية
  • غوتيريش: بناء دولة للفلسطينيين حق وليس مكافأة
  • نائب وزير الخارجية التركي: تمكين دولة فلسطين يستدعي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي
  • رئيس الدولة يمنح السفير الأردني وسام الاستقلال من الطبقة الأولى
  • بيان أمني من كوردستان: الطائرة التي سقطت في اربيل مفخخة ولا إصابات
  • اختطاف الاحتلال لـ مدير مستشفيات غزة الميدانية أثناء مهمة إنسانية جريمة حزب
  • رسالة الى دولة جعفر حسان : دعم المواقع الإلكترونية والصحف من الموازنة العامة.. ضرورة وطنية لا ترف إعلامي