الجديد برس:

أكدت مجلة “جاكوبين” الأمريكية أن التقنيات العسكرية الغربية المتطورة أثبتت فشلها في الحروب غير المتكافئة، مشيرة إلى أن المواجهات البحرية مع قوات صنعاء في البحر الأحمر كشفت عن ضعف فعالية تلك الأنظمة.

وفي تقرير بعنوان “عدم كفاءة سادة الحرب”، أشارت المجلة إلى أن الشركات الدفاعية الغربية العملاقة تتباهى بالتكنولوجيا المتطورة، لكن هذه الأنظمة غالباً ما تفشل في الصراعات غير المتكافئة، بدءاً من أنظمة الدفاع الصاروخي المعيبة وصولاً إلى حاملات الطائرات الباهظة الثمن، والشيء الوحيد الذي يعمل باستمرار هو آلة الربح.

التقرير استعرض رد فعل الغرب على إطلاق “أنصار الله” طائرات بدون طيار وصواريخ على السفن التجارية في مضيق باب المندب تضامناً مع غزة، حيث لجأ إلى استخدام القوة المسلحة بدلاً من معالجة أهداف الحوثيين المعلنة، مضيفاً أنه “بعد ثمانية أشهر من أعنف المعارك البحرية، التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت الحقيقة غير المقصودة وراء التهويل الأمريكي الفارغ أكثر وضوحاً مما كان مؤلفوه يقصدون على الإطلاق”.

وأشار التقرير إلى أنه في يونيو الماضي، انسحبت حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” وهي مثال بارز للقوة الصلبة الأمريكية، من مياه البحر الأحمر المتاخمة لليمن، وظهرت تقارير متضاربة حول ما إذا كانت جماعة أنصار الله قد نجحت بالفعل في ضرب السفينة وإتلافها، أو ما إذا كانت السفينة قد استنفدت ببساطة صواريخها الاعتراضية في مواجهة وابل الطائرات بدون طيار التي أطلقتها الحركة اليمنية.

التقرير رأى أن الموقف أظهر أن نشر أقوى بحرية في التاريخ، وربما خسارة أقوى سفنها، كان أكثر تكلفة بشكل كبير، من الناحية المالية البحتة، من التكلفة التي يمكن أن يتحملها الخصوم في حالة الهجوم.

وأضاف أن الطائرات بدون طيار منخفضة التقنية نسبياً، التي تحمل حمولة كافية، لا تحتاج إلا إلى التهرب من دفاعات حاملة الطائرات وضرب هدفها مرة واحدة، في حين أن أنظمة الدفاع الدولارية تحتاج إلى النجاح في كل مرة. وعند مقارنة تكلفة صاروخ اعتراضي (تتراوح من مليوني دولار كحد أدنى إلى 28 مليون دولار لكل منها) بتكلفة طائرة بدون طيار (تتراوح بين 20 ألف دولار إلى 50 ألف دولار)، فإن هذا يعتبر رهاناً خاسراً على الأمد البعيد.

كما لفت التقرير إلى أن “وجود هذه القوة النارية الساحقة لم يمنع أنصار الله من خنق حركة المرور البحرية عبر البحر الأحمر وفرض أزمة جديدة في سلسلة التوريد على الاقتصاد العالمي”. التقرير رأى أن عدم فعالية التكنولوجيا العسكرية المتطورة، كما تجلى في الإبادة الجماعية التي ارتكبتها “إسرائيل” في غزة، وفي الصراعات التي امتدت إلى مناطق أخرى من العالم، تقوض فكرة أن المجمع الصناعي العسكري يهدف إلى كسب الحروب. بل يكشف التقرير أن الهدف الحقيقي هو الاستفادة من الصراعات الجارية.

وأشار التقرير إلى أن انتشار الأسلحة الرخيصة والفعّالة بين خصوم الغرب غير المتكافئين أدى إلى إضعاف قوة أنظمة الأسلحة التقليدية بشكل كبير، معتبراً أن التصرف العقلاني الذي ينبغي القيام به هو قبول هذا الواقع وإعادة توجيه المليارات المهدرة إلى برامج اجتماعية وبنية تحتية أكثر فائدة.

التقرير سلط الضوء أيضاً على الانتقادات التي وجهها الأستاذ الفخري للتكنولوجيا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ثيودور بوستول، لأنظمة الدفاع الصاروخي، حيث أكد أنها تفشل بشكل روتيني في اعتراض أهدافها ومن المعروف أنها تفشل في إطلاق النار بانتظام. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك ما حدث في أبريل من هذا العام، عندما واجهت “إسرائيل” وابلاً من الطائرات بدون طيار والصواريخ بعد قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.

وعلى الرغم من أن “إسرائيل” زعمت أنها اعترضت 99% من الذخائر، إلا أن نظام القبة الحديدية اعتمد بشكل كبير على دعم جيوش الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن، لمنع الصواريخ والمسيرات الإيرانية من الوصول إلى أهدافها. ورغم ذلك، وبعض التحذيرات الإيرانية المسبقة، أفلتت بعض الصواريخ من الدفاعات الجوية الإسرائيلية وضربت أهدافاً عسكرية حاسمة مثل قاعدة “نيفاتيم” الجوية في صحراء النقب. التقرير خلص إلى أن التكلفة الإجمالية لهذا الإنجاز المثير للإعجاب في مجال الدفاع الصاروخي بلغت أكثر من مليار دولار لكل الذخائر الاعتراضية التي أطلقت، في حين أن تكلفة العملية الإيرانية لم تتجاوز 80 إلى 100 مليون دولار، أي عُشر السعر.

وأشار التقرير إلى أن السبب وراء ارتفاع التوترات الحالية بين “إسرائيل” وحزب الله، والتي قد تنذر بحرب شاملة، قد يكون هو نفس الخلل الفني الذي حذر منه البروفيسور بوستول، وأوضح أن الادعاءات حول مسؤولية حزب الله عن هجوم مجدل شمس تتغافل عن حقيقة أن هذه المنطقة هي أرض سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن سكانها رفضوا الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وأكد التقرير أن الشكوك التي أثيرت حول هذا الهجوم تشير إلى أن الصاروخ الذي ضرب المنطقة كان في الواقع صاروخاً اعتراضياً من القبة الحديدية انحرف عن مساره بشكل كبير.

التقرير ختم بالقول إنه “إذا صحت هذه الفرضية، فإن الحرب الكارثية المحتملة التي قد تنجم عن هذا الخطأ التقني ستكون بسبب لصاروخ ضال أطلقه نظام دفاع صاروخي باهظ التكلفة وغير موثوق به”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: التقریر إلى أن بدون طیار بشکل کبیر

إقرأ أيضاً:

المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية

في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة. 

ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.

خلافات تُجهض التقدم

كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.

غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.

مطالب جديدة تثير الجدل

المقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.

هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".

غضب إسرائيلي داخلي

ردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.

مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيك

في خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.

لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.

وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات. 

أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.

وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي. 

وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.

 وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.

وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.

وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين. 

ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.

طباعة شارك غزة قطاع غزة حماس إسرائيل

مقالات مشابهة

  • الحكومة اليمنية: ''ما جرى في مطار صنعاء جريمة متعمدة ونحمل الحوثيين المسئولية''
  • حرب غير مرئية: كيف تحارب التكنولوجيا تهديدات الطائرات المسيّرة؟
  • روسيا تعترض 150 طائرة بدون طيار أوكرانية
  • سباق تسلح جديد بين الهند وباكستان: الطائرات المُسيّرة تدخل ساحة الصراع
  • أنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار تقدم طرقا جديدة لمواجهة التهديدات المتزايدة
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • الهند توافق على برنامج لتصنيع أكثر المقاتلات الشبحية تطورا وسط الصراع مع باكستان
  • مجلة أمريكية: لماذا كان ترامب على حق في إنهاء ضربات الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • مجلة أمريكية: شركات الشحن لن تعود للبحر الأحمر قبل انتهاء العدوان على غزة… والهيمنة الأمريكية تتآكل أمام صمود اليمن
  • الإمارات تكشف عن «سهيل» أول طائرة بدون طيار في العالم لمكافحة الحرائق