مقارئ نسائية.. تحصين للسيدات ضد المفاهيم الدينية المغلوطة
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
كثّفت وزارة الأوقاف جهودها لعودة الأنشطة الدعوية إلى مصليات النساء، وإعادة دورها الحقيقى فى بناء الوعى الدينى الوسطى الرشيد المستنير، ومن بين هذه الأنشطة كانت مقارئ القرآن الكريم للسيدات بالمساجد، والتى يتم إطلاقها لأول مرة. وحسب تقرير رسمى، فإن هناك أربع مقارئ كبرى للسيدات فى محافظات الشرقية والغربية والمنوفية والإسكندرية، تقودها الواعظات والمحفّظات وعضوات هيئة التدريس، حيث تُعقد المقرأة يوم السبت من كل أسبوع عقب صلاة العصر بمصلى السيدات.
د. أيمن أبوعمر، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، أوضح لـ«الوطن» أن الوزارة تسعى لعناية القرآن الكريم وأهله، وتفعيل دور المرأة فى المجتمع، من خلال تدشين مقارئ السيدات والشيخات لأول مرة فى تاريخ الدعوة، حيث اعتمد د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى أغسطس العام الماضى مقارئ النساء بالمحافظات، وتسعى من خلالها للعناية بالقرآن الكريم، خدمة لكتاب الله، ونشر الفكر الوسطى بين قطاع السيدات من خلال حفظهن كتاب الله وشرح آياته بصورة وسطية صحيحة، بعيداً عن الغلو والتطرّف. وأوضح «أبوعمر» أن المقارئ تشهد إقبالاً وحرصاً كبيراً من رائدات مصليات النساء على الحضور إليها لتدبّر آيات القرآن الكريم ودراسته على أيدى محفّظات مهرة بفهم عصرى مستنير، تشجيعاً على تلاوة القرآن الكريم وإتقانه وحفظه وفهم معانيه.
مقرأة الإسكندرية: نقوم بحملة تنوير كبيرة للمرأةداخل المقرأة، تجلس واعظات الأوقاف بجوار بعضهن، كل منهن تحاول الحصول على نَفَس طويل، قبل بدء المقرأة، بعضهن ترتدى زى الواعظات الموحّد، والأخريات ما زلن محفّظات، الكل يفتح المصحف من أجل بدء القراءة وسط حالة من الفرحة والبهجة بأن بيوت الله أصبحت تجمعهن من جديد، وتحت رعاية وتشجيع من الدولة متمثّلة فى وزارة الأوقاف.
ماجدة محمود، شيخة مقرأة مسجد على بن أبى طالب بالإسكندرية أكدت لـ«الوطن» أن «الأوقاف تقوم بحملة تنوير كبيرة للمرأة، لكى تصبح ملمّة بكل ما يخص الدين وإعدادها جيداً، من حيث التنوير والدراسة والعلم، فلأول مرة، تصبح المرأة مقرئة، فنعيش العصر الذهبى للمرأة». وأوضحت «ماجدة» أن كل ما تبحث عنه السيدات فى الأمور الدينية يجدنه فى مصليات النساء اليوم، والتى تحولت إلى منارة علم وتنوير وفكر.
د. محاسن عطية، إحدى مشرفات مقرأة الإسكندرية، قالت: «لم يكن هناك توقع بأن يأتى يوم وتتجمّع فيه النساء معاً فى مقرأة ويقرأن الآيات ويتدبرن القرآن معاً وتكون هناك جلسة قرآن لهن، فهى خطوة مهمة على طريق التنوير»، مشيرة إلى أن المقرأة تعمل على تبادل الثقافة والقراءة بين الواعظات والمحفظات والسيدات وتدبر الآيات والشرح والقراءات، وتعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة.
مقرأة طنطا: هدفنا الاستقرار الأسرى ونحد من حالات الطلاقبدورها، قالت د.عايدة مخلص، شيخة مقرأة مسجد السيد البدوى بطنطا للسيدات، لـ«الوطن»: «القائمات على مقارئ النساء جميعهن من حفظة القرآن الكريم، ودرسن علومه وأحكامه، وخلال اختبارات المسابقة خضعن لعدة اختبارات، منها التأكد من حفظ القرآن الكريم كاملاً، وأحكام التجويد ومخارج الحروف والتمكّن من قراءة آيات القرآن الكريم بصورة صحيحة، ومعرفة علومه». وأوضحت «عايدة» أن المقارئ تعمل على توضيح مفاهيم الدين فى الشئون الحياتية والأسرية للمساعدة على الاستقرار الأسرى والحد من الظواهر السلبية كالطلاق، فيكون الزوج والزوجة على دراية كاملة بالواجبات والحقوق التى عليهما، ومن ثم يحدث التفاهم والانسجام بين الزوجين والقدرة على التعايش معاً فى جو من الهدوء والاستقرار. وأضافت: «هناك حرص من الأمهات على حضور الحلقات الدينية فى المساجد برفقة أطفالهن وبناتهن من أجل حفظ القرآن الكريم وفهم أحكامه وتعاليمه، فالمرأة أساس الأسرة، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع».
وفى سياق متصل، قالت أمل السيد، شيخة مقرأة الشرقية: «نقوم بتحفيظ القرآن للأطفال، وعدد كبير من السيدات، ودورنا يشمل تقديم التوعية والدروس الدينية للسيدات فى المساجد يومياً بعد أذان صلاة العصر». أوضحت «أمل» أن المقرأة فرصة للعمل بالقرآن الكريم، وهناك البرنامج الصيفى للطفل فى المسجد ويكون لمدة 3 أيام فى الأسبوع لتعلم معانى القرآن والسيرة النبوية، بالإضافة إلى الدرس المنهجى، مؤكدة أن الوزارة لا تألو جهداً فى خدمة كتاب الله عزّ وجل، متوقعة زيادة عدد مقارئ السيدات خلال السنوات المقبلة.
مقرأة المنوفية: ربات البيوت أكثر المستفيداتوأكدت ميسا جابر، إحدى عضوات مقرأة المنوفية، أن هناك صحوة كبيرة تشهدها الدعوة النسائية بفضل إنشاء الجمهورية الجديدة فى عهد الرئيس السيسى، ودور وزير الأوقاف فى دعم المرأة دعوياً، مشيدة بالتنسيق بين الأزهر والأوقاف لتحقيق الارتقاء بالمرأة والدعوة. وأوضحت أن المقارئ النسائية تقوم بدور مهم فى تصحيح المفاهيم المغلوطة من خلال تحفيظ النساء القرآن الكريم والمناقشة والرد على استفساراتهم فى أمور الدين داخل مساجد السيدات، وكل هذا يصب فى مصلحة المواطن لعدم الانسياق وراء الأفكار الهدّامة والمتطرفة.
وقالت سناء طه، إحدى المسئولات عن مقرأة المنوفية: «تطوعت فى وزارة الأوقاف وحصلت على دورات أكاديمية، ودورات الحاسب الآلى، وقواعد الفقه الكلية، وفقه المواريث والصلاة والزكاة والحج والصوم، حتى أصبحت واعظة ومفتية ومقرئة، وهناك طفرة كبيرة فى المجال الدعوى، وأكثر المستفيدات من المقارئ ربات المنازل اللاتى يعانى البعض منهن من ضعف الإيمان، ولكن مع الدروس الدينية وتحفيظ القرآن وتفسيره لهن فى المساجد أصبحن أكثر إيماناً».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر الشريف وزارة الأوقاف ختان الإناث وزارة الأوقاف القرآن الکریم من خلال
إقرأ أيضاً:
«الأوقاف» تحيي ذكرى رحيل القارئ عبد الباسط عبد الصمد
أحيت وزارة الأوقاف اليوم ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، الصوت الذي شكل وجدان العالم الإسلامي لسنوات طويلة، وارتبط اسمه بخشوع يلامس القلب من أول آية.
في مثل هذا اليوم نستحضر سيرة واحد من أعظم قرّاء القرآن في العصر الحديث، حيث ولد الشيخ عبد الباسط في الأول من يناير عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، داخل أسرة اشتهرت بحفظ القرآن وإتقان تجويده، فقد كان الجد من كبار الحفاظ، أما الأب فكان من المجودين المتميزين، مما جعل البيئة المحيطة به أول بذرة في طريقه نحو التميز.
منذ طفولته التحق بالكتاب في أرمنت، ليظهر نبوغه المبكر وحفظه السريع، فأتم حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره، وتتلمذ لاحقا على يد الشيخ محمد سليم حمادة ودخل عالم القراءات، فحفظ متن الشاطبية في القراءات السبع، وبرز بين زملائه بدقة أدائه وصفاء صوته.
بدأ صيته ينتشر في محافظته، ومع الوقت تجاوزت دعواته حدود قنا إلى مختلف قرى الوجه القبلي. وفي عام 1951 شجعه الشيخ الضباع على التقدم لاختبارات الإذاعة المصرية، فقدم للجنة تسجيلا من تلاوته في المولد الزينبي، لينال إعجاب الجميع ويعتمد قارئا رسميا، وكانت أولى تلاواته عبر الإذاعة من سورة فاطر، ومنها انطلق صوته إلى كل بيت في مصر والعالم الإسلامي.
توالت محطاته المهمة سريعا، فعين قارئا لمسجد الإمام الشافعي عام 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين عام 1958 خلفا للشيخ محمود علي البنا. ومع انتشار الراديو ازداد حضور صوته في البيوت، حتى صار اقتناء جهاز الراديو في القرى وسيلة للاستماع إلى ترتيله المهيب.
لم يتوقف تأثيره عند حدود مصر، فقد حمل صوته إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، وسُجلت له تلاوات خالدة هناك أكسبته لقب صوت مكة.
نال الشيخ عبد الباسط تقديرا واسعا من قادة الدول الإسلامية، وحصل على أوسمة عديدة، منها وسام الاستحقاق من سوريا عام 1959، ووسام الأرز من لبنان، والوسام الذهبي من ماليزيا عام 1965، ووسام العلماء من باكستان، ثم وسام الاستحقاق عام 1987.
وتحكي سيرته مواقف عديدة تعبر عن مكانته في قلوب المسلمين، ففي إحدى زياراته للهند وقف الحاضرون خاشعين حتى خلعوا أحذيتهم أثناء استماعهم لتلاوته، وقرأ في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي، وفي المسجد الأموي بدمشق، إلى جانب رحلاته الواسعة في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
وعلى الرغم من معاناته مع المرض السكري والتهاب الكبد في أواخر أيامه، ظل متمسكا برسالته إلى أن اشتد المرض، فسافر للعلاج في لندن ثم عاد إلى مصر ليقضي أيامه الأخيرة بين أهله.
وفي 30 نوفمبر 1988، عن عمر 61 عاما، ودع الدنيا تاركا إرثا خالدا من التلاوات والمصاحف المرتلة والمجودة التي لا تزال تملأ الإذاعات حتى اليوم.
رحل الشيخ عبد الباسط، لكن صوته ما زال حيا، يحمل نور القرآن ويورث السكينة لكل من يستمع إليه، وسيظل رمزا لصوت يخرج من القلب فيصل إلى القلوب مهما طال الزمن.
اقرأ أيضاًأوقاف الشرقية تدشن مبادرة «صحح مفاهيمك» لمواجهة الفكر المتطرف
ذكرى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته أفاق العالم
ذكرى رحيل «آخر ظرفاء الأدب والصحافة».. كامل الشناوي شاعر قتله الحب