طمأن قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي الكيان الصهيوني الغاصب، وطمأن معه الدول الغربية التي بدت ظاهريا قلقة على ردود الفعل الإيرانية إزاء خرق تل أبيب لسيادتها بقتل قائد حركة حماس إسماعيل هنية في معقل الحرس الثوري الإيراني، وذلك حين غرّد (خامنئي) بتغريدات تختصر الموقف الخامنئي الذي طال انتظاره لأكثر من شهر، حين قال إن معركته هي بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية.
وبغض النظر عن موافقتنا له من أنهم أتباع الحسين رضي الله عنه وأرضاه، الذي هو منهم براء، فإن تقسيم المنطقة إلى حسين ويزيد فهو باختصار يعني أن الرد على مقتل إسماعيل هنية غدا كطائر العنقاء، تماما كالانتقام لقاسم سليماني وقادة الحرس الثوري الإيراني الذين قُتلوا على مدى سنوات، بالإضافة إلى ما يشاع عن دور صهيوني في تصفية الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، ومع هذا ابتلع خامنئي الإهانة والإذلال الإسرائيلية الواحدة تلو الأخرى.
تقسيم المنطقة إلى حسين ويزيد فهو باختصار يعني أن الرد على مقتل إسماعيل هنية غدا كطائر العنقاء، تماما كالانتقام لقاسم سليماني وقادة الحرس الثوري الإيراني الذين قُتلوا على مدى سنوات
وأتى خطاب حسن نصر الله لاحقا بتطمين أهالي المناطق الحدودية اللبنانية، بالعودة إلى أماكنهم، ليؤكد أن ما علق عليه البعض من رد مدمر ومزلزل من قبل إيران وأدواتها في المنطقة حزب الله غير وارد، باستثناء قذائف المدفعية والصاروخية التي لم تسمن ولم تغن من جوع على مواقع الصهاينة، مما عزز فرضية الكثيرين من أن الموقف الطائفي واحد، ولن يتغير ولن يتبدل، بوصلته استهداف حواضر السنة وقتل وتشريد أهلها، وهو ما كنا نؤكد عليه بشكل مستمر، من أن محور الطائفيين لا يمكن له أن يضحي بمكتسباته في أربع حواضر للأمة قام بالسيطرة عليها، وهو الأمر الذي عجزت عنه قوى الأرض لقرون، فكيف سيتخلى عن هذه العواصم من أجل غزة أو غيرها؟
للأسف الشديد لا تزال بعض النخب مغشوشة ومضللة من جرّاء التضليل الطائفي على الرغم من أنها اختُرقت وضُللت عشرات المرات من إيران وتصريحاتها، وعلى الرغم من السياقات السياسية التي ظلت إيران أمينة عليها لعقود بتفضيل مصالحها على مصالح الآخرين، ولو كان على حساب قتل وتشريد واعتقال ملايين البشر، لا تزال بعض النخب مغشوشة ومضللة من جرّاء التضليل الطائفي على الرغم من أنها اختُرقت وضُللت عشرات المرات من إيران وتصريحاتهاولكن مثل هذه النخب لا تزال مدمنة على الدعم الإيراني، وما هو إلا سراب تحلم به هذه النخب.
البيان الذي وقعته المجامع العلمائية المشيخية، ومعها شخصيات علمائية ومشيخية وازنة في العالم العربي والإسلامي ردا على تغريدات خامنئي، كان لافتا ومهما، أولا تصحيحا لسردية تاريخية يحرص عليها خامنئي وصحبه وذلك لضرب سردية تاريخية سنية، وثانيا تصحيحا لواقع يُراد له أن يتم حصر المقاومة بالفصائل الشيعية، وهي التي فرّغت حواضر السنة من المقاتلين والأسلحة، لتتاجر بحسب الزمان والمكان والفرص بهذه المقاومة خدمة لمشروعها الطائفي، وهو مشروع لا علاقة له بالأمة وحواضرها وشعوبها.
كما أتى بيان المجلس الإسلامي السوري ليضع النقاط على الحروف، لا سيما وأن المجلس مطلع بشكل جيد على ما حيك للشام وما يحاك لها، وهو الذي حذر غير مرة من مخاطر التوسع الإيراني والتلطي خلف شعارات فلسطين، تماما كما تلطى من قبل حافظ الأسد وغيره من القادة والزعماء خلف نفس الشعارات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية السنة المقاومة إيران السنة الشيعة المقاومة الطائفية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شعبان يكتب: معركة الدولار واليورو وعملة العرب
أسوأ ما في عصر ترامب حتى هذه اللحظة، ليس فقط الأوهام التي يرددها بخصوص مستقبل قطاع غزة واستحالة تنفيذها على أرض الواقع بالسهولة التي يتخيلها ما لم تحدث صاعقة سياسية تجبر 2 مليون فلسطيني على ترك أراضيهم والفرار خارج القطاع، مع ضمان وجود دول تقبل بكل هذا العدد من السكان واقتلاعهم من وطنهم. ولا الفشل الذريع حتى هذه اللحظة في وضع نهاية لحرب أوكرانيا وروسيا رغم كل الوعود والتدلل لبوتين ومحايلته للتوقيع على اتفاق سلام مع زيلينسكي.
لكن أسوأ ما يفعله الرئيس الأمريكي الحالي ترامب هو العبث بالاقتصاد العالمي، فهو يخلق مشاكل مع تكتلات اقتصادية ضخمة، مرة بالرسوم الجمركية وأخرى بالتهديد بمقاطعتها اقتصاديًا أو فرض حرب تجارية عليها.
خطط ترامب الاقتصادية ستقود العالم إلى كارثة لو قُدِّر له خلال السنوات الأربع القادمة تنفيذ هذا العبث.
آخر حروب ترامب الاقتصادية معركته الحالية مع الاتحاد الأوروبي وإعطاؤه مهلة حتى 9 يوليو المقبل قبل تفعيل الرسوم الجمركية الضخمة عليه!
معركة ترامب مع الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا بعد تهديده سياسيًا وأمنيًا، واتهام دوله بأنها عملت على استغلال الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية قبل 80 عامًا تخلق مشكلة حقيقية تتجاوز الكيانات السياسية إلى القوى الاقتصادية، وتعني خلق معركة بين قوة الدولار وقوة اليورو ووضع العالم بين مسارين وإنهاء علاقة زواج ومصاهرة بالدم بين الغرب الأوروبي والغرب الأمريكي.
الاتحاد الأوروبي، وهو قوة كبيرة لا يمكن ابتلاعها أو تخطيها بسهولة انتبه جيدًا لما يخطط له ترامب، والذي يريد أن يفرض على دول العالم أن تفتح الأبواب أمام البضائع الأمريكية دون أي رسوم، وأن تعدل ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة "بالعافية" إن صح الوصف، وهو بذلك ينهي عهدًا مع الانفتاح والاقتصاد العالمي الحر، ويدفع نحو "الحمائية" والثنائية بشكل يُشكل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي، حيث حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد من تصدع النظام الاقتصادي العالمي المدعوم بالدولار الأميركي، كما طرحت فكرة تحول اليورو إلى عملة احتياطي عالمي بديلة.
تصريحات لاجارد، جاءت في ظل سياسات ترامب التي أدت إلى توتر مع شركاء اقتصاديين دوليين، كما تنسجم مع مبادرات سابقة دعت لاستخدام اليوان أو غيره بدلًا من الدولار، خاصة في مجموعة بريكس أو دول خاضعة لعقوبات أميركية، ويعني انضمام أوروبا رسميًا لدعوات استبدال الدولار تحديًا حقيقيًا للولايات المتحدة.
لاجارد رأت أن تفكك النظام الدولي يعرض أوروبا لمخاطر، ويضر بالتجارة العالمية، لكن مع ذلك تقف بقوة في وجه ترامب، كما ترى أن تراجع الدولار قد يفتح الباب أمام اليورو للعب دور دولي أكبر.
لاجارد أكدت أن النظام الحالي بقيادة الولايات المتحدة، كان مفيدًا لأوروبا، لكنه الآن يتصدع، كما حذرت من أن سياسات ترامب التجارية تسعى لقلب النظام الاقتصادي العالمي رأسًا على عقب.
علاوة على أن إعلان ترامب في أبريل فرض رسوم جمركية تسبب باضطراب الأسواق المالية، ترامب منح الاتحاد الأوروبي مهلة بشأن الرسوم الجمركية لكن لم تظهر مؤشرات واضحة على تقدم في المحادثات بين ترامب وفون دير لاين.
أزمة ترامب، الذي يحاول أن يلوي عنق الاقتصاد العالمي بقرارات غريبة، وأن يفرض بالقوة على دول عربية وأجنبية استثمارات بمئات الملايين من الدولارات في قلب واشنطن، يؤسس لنظام عالمي جديد قد تكون الدول العربية واحدة من ضحاياه، فأي هزة في الدولار العالمي أو في أسعار الطاقة –المباعة بالدولار- تؤثر حتمًا على اقتصادات الدول العربية وحياة شعوبها، في الدول النفطية الغنية أو بالدول الفقيرة على السواء.
فالاقتصادات العربية تحيا على الدولار الأمريكي وكافة احتياطاتها بالدولار الأمريكي وكافة ديونها كذلك.
وهي بذلك عكس أوروبا التي يمكنها أن تحارب منفردة بالاعتماد على اليورو أو الصين، التي يمكنها المواجهة باليوان وبحجم اقتصادها المهول، وهو الثاني عالميًا.
الصراع بين الدولار القوي، والذي لا يزال العملة المهيمنة عالميًا حتى اللحظة، حيث يتم استخدامه في 88% من معاملات النقد الأجنبي، كما يشكل 58% من احتياطي العملات العالمية، علاوة على أن عشرات الدول تربط عملاتها المحلية بالدولار، وهو العملة الاحتياطية الأساسية حتى للدول المعادية للولايات المتحدة، وبين اليورو الناطق باسم الاتحاد الأوروبي، والذي قد يعلن في مرحلة لاحقة بعد عامين أو ثلاثة فض علاقة الحب والزواج مع الولايات المتحدة، يعيد تساؤلات سبقت قبل نحو 30 عامًا، وقبل نكبة حرب الخليج وكارثة الربيع العربي، حول ضرورة وجود سوق عربي مشتركة، وحلم وجود عملة عربية موحدة.
فالعالم الذي يهدّه ترامب ويتمسك فيه كل طرف بعملته، سواء الصين باليوان أو الاتحاد الأوروبي باليورو، لن يكون فيه مكان لاقتصادات متشرذمة ومحطمة ومنهكة.
آن الأوان لإعادة طرح سوق عربي موحدة، وعملة عربية ناطقة باسم نصف مليار نسمة، 473 مليون عربي هم طبعًا أكبر حجمًا من عدد سكان الولايات المتحدة.
الدولار واليورو... معركة المستقبل، فهل يكون للعرب عملة موحدة تنطق بوجودهم وتضمن بقاء واستمرارية اقتصاداتهم وعدم العبث بمقدرات شعوبهم مع أي رياح أوروبية أو أمريكية أو صينية مفاجئة؟
حان الوقت، لأن يعيد العرب رسم ملامح مستقبلهم الاقتصادي بعيدًا عن التبعية المطلقة لقوى كبرى تتصارع على الهيمنة النقدية. فالعمل الجماعي العربي لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة لضمان الاستقرار، وصوت العملة العربية الموحدة يمكن أن يكون إعلانًا عن وجود أمة تستحق أن تُحسب في المعادلات العالمية، لا أن تكون فقط هامشًا في دفتر حسابات الآخرين. فإما أن نلتحم معًا في مشروع عربي اقتصادي جامع، أو نظل أسرى لتقلبات الدولار واليورو واليوان، ندفع الثمن وحدنا ونبقى دائما في مهب الريح.