هل اقتربت إيران من إنتاج القنبلة النووية؟ خبراءٌ يتحدّثون!
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
سرايا - كشفت وثائق ترجمتها منظمة "فري برس" أن إيران قد تكون أقرب إلى القنبلة النووية مما يُخيّل لكثير من الخبراء.
وفي هذا الإطار، قال جاي سولومون، مراسل استقصائي في منظمة "فري برس" ومؤلف كتاب "حروب إيران"، إنه إذا صنعت إيران قنبلة نووية، سنعيش في عالم أخطر بكثير من عالمنا هذا.
وعلى مدى أكثر من عقدين، كان تفادي هذا الواقع الدافع وراء السياسة الأميركية الخارجية، والآن تؤجج الأنشطة الأخيرة في مكتب سري داخل وزارة الدفاع في طهران المخاوف من أننا أقرب من تلك اللحظة مما يُخيل لكثير من الخبراء.
وأضاف الكاتب في تقرير المنظمة "تكشف وثيقتان منفصلتان باللغة الفارسية حصلت عليهما "فري برس" عن النحو الذي يوسِّع به البرلمان الإيراني بشكل كبير تمويل منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية الإيرانية".
وتم تحميل صفحات التشريعات التي مُررت الصيف الحالي من شبكة الإنترنت، وجارٍ تفصيلها حالياً لأول مرة في الصحافة الغربية.
وفي حين أن التشريع الإيراني الجديد لا يَذكر تحديداً تطوير القنبلة النووية، فهو ينص على أن مهمة منظمة الدفاع الوطني الاستراتيجي هي إنتاج أسلحة متطورة وغير تقليدية دون إشراف مدني وأن "هذه المنظمة تركِّز على إدارة التقنيات المبتكرة والناشئة والرائدة وعالية المخاطر استجابة للتهديدات الجديدة والناشئة وحيازتها".
لأكثر من عقد من الزمان، تعقَّب المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون ومسؤولو الأمم المتحدة عمليات منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية الإيرانية عن كثب ظناً منهم جميعاً بأنها أدت الدور الرئيس في أبحاث الأسلحة النووية السرية لإيران.
وبدءاً من عام 2014، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شبكة معقدة من مسؤولي المنظمة والشركات التابعة لها والشركات الوهمية التي تتصدر المشهد، في محاولة لاستنزاف خطوط إمدادها ومواردها.
وشعرت إسرائيل بالقلق الشديد حيال أنظمة المنظمة، حتى إن عملاءها اغتالوا الرئيس السابق للمنظمة محسن فخري زاده في ضواحي طهران في تشرين الثاني 2020، فضلاً عن 5 علماء إيرانيين آخرين بين عامي 2007 و2012.
والآن، يكرِّم القانون الإيراني الوارد في الوثائق التي حصلت عليها "فري برس" مؤسس منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية، إذ ينص على أن عمل المنظمة "سيواصل مسار العالِم الشهيد محسن فخري زاده ويعززه، ويحقق التقنيات المتقدمة اللازمة للدفاع والأمن الحالي والمستقبلي".
ويعتقد ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق في الأمم المتحدة، الذي تتبَّع أنشطة المنظمة لأكثر من عقد كامل، أن الوثائق تظهِر وقاحة طهران ورغبتها في التباهي بقدراتها المتنامية. وأضاف مخاطباً "فري برس" "تسعى منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية إلى تطوير جميع أنواع أنظمة الأسلحة وإجراء جميع أنواع الأبحاث المتعلقة بالأسلحة العسكرية. فإيران تريد أن تثير قلق خصومها وتضمن في الوقت ذاته تدفق الأموال على النظام الإيراني".
ويتزامن التوسع في برنامج منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية مع تحوُّل في وجهة نظر مجتمع الاستخبارات الأمريكية عن البرنامج النووي الإيراني.
ويخشى البعض من أن تستغل إيران حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والحرب في غزة ذريعة لتوسيع نطاق قدراتها النووية.
وفي السياق، قالت "دانا سترول" المسؤولة السابقة عن سياسة البنتاغون في الشرق الأوسط في الفترة بين عامي 2021 و2023 إن "قراراً واحداً يمكن أن يجعل طهران قريبة جداً من امتلاك هذا السلاح النووي"، وأضاف: "في هذه الحالة، فإن كثيراً من خيارات الرد ستكون قد خرجت من حسابات الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم كله".
ونقل معد التقرير عن مسؤولين أميركيين ومسؤولين في الأمم المتحدة قولهم إن المسؤولين الإيرانيين أنكروا مراراً وتكراراً وجود البرنامج النووي الإيراني السري، وتورط مديره الراحل فخري زاده. وذكر مسؤولون حاليون وسابقون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن جهودهم السابقة الرامية لمقابلة فخري زاده ومسؤولين آخرين في الوكالة الخاصة للأمن القومي الإيراني باءت بالفشل.
وتزعم حكومة إيران رسمياً أن برنامجها النووي مخصَّص للأغراض السلمية بحسب مرسوم أصدره آية الله خامنئي علناً عام 2003، يحظر تطوير الأسلحة الذرية. لكن خلال الأشهر الأخيرة، شكك مسؤولون إيرانيون حاليون وسابقون في جدوى هذه العقيدة العسكرية، مشيرين إلى التهديدات التي تمثلها الولايات المتحدة وإسرائيل اللتان تملكان أسلحة نووية.
وعلى مدار العامين الماضيين، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بقدر كبير، حتى إنه يمكن استخدامه لصنع 6 قنابل نووية، إذا نُقِّيت المواد الانشطارية بشكل أكبر، بحسب ما ذكره أولبرايت وخبراء آخرون في مجال الأسلحة النووية.
ويقول خبراء أميركيون إن طهران بوسعها إنتاج وقود من النوع الذي يستخدم في صنع الأسلحة النووية في غضون أسابيع قليلة.
ومضت إيران قدماً في تطوير منظومة إرسال الأسلحة النووية إذ اختبرت صاروخ سيمرغ الحامل للأقمار الصناعية في كانون الثاني الماضي.
وكان الموقف الرسمي لمجتمع الاستخبارات الأميركية هو أن إيران "لا تمارس حالياً أنشطة أساسية لتطوير الأسلحة النووية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار". ولكن في تموز الماضي، بدَّل مكتب الاستخبارات الوطنية الأميركية روايته زاعماً أن طهران "مارست أنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي إن شاءت".
لكن الورقة الرابحة في قصة إيران، حسب التقرير، تتمثل في الرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان الذي تولى منصبه بعد وفاة سلفه المتشدد إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية. وتحدث بزشكيان الإصلاحي الهوى عن رغبته في تجديد المفاوضات مع الولايات المتحدة والحكومات الأخرى، بغية تقييد قدرات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الغربية. واستعان بزشكيان بعدد من الدبلوماسيين الذين تفاوضوا على الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 مع إدارة أوباما وانسحبت منه الولايات المتحدة بعد ثلاث سنوات.
ويشكك المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون في أن بزشكيان يتمتع بالثقل السياسي الذي يمكِّنه من انتزاع السيطرة على البرنامج النووي الإيراني من بين فكي الحرس الثوري الإيراني وآية الله خامنئي. ولكن، ما زال هناك اعتقاد بأن الولايات المتحدة وإيران سترجعان إلى طاولة المفاوضات، خاصة في ظل إدارة المرشحة للرئاسة الأميركية كاملا هاريس.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأسلحة النوویة
إقرأ أيضاً:
لماذا اختارت إيران مقاطعة قمة شرم الشيخ؟
طهران- كشفت الدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة و مصر إلى إيران للمشاركة في قمة شرم الشيخ حول غزة عن انقسام واضح داخل الأوساط السياسية الإيرانية، ففي حين رأى تيار أن المشاركة تمثل فرصة سانحة لكسر العزلة الدولية واستعادة الدور الإقليمي لطهران، اعتبر آخرون أن الحضور يعني منح شرعية لمخططات خصومها في ظل غياب حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويرى مراقبون أن الدعوة وضعت طهران أمام اختبار صعب بين خيارين: القبول بما ينظر إليه كاعتراف دولي بمكانتها الإقليمية، أو الالتزام بمبدأ رفض التطبيع الذي قد يتزعزع بمجرد الجلوس إلى طاولة تضم إسرائيل.
وبعد نقاشات مطولة، خرج اجتماع الحكومة الإيرانية الأحد الماضي بقرار حاسم يقضي بعدم المشاركة في القمة المقرر التوقيع خلالها على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس وسط حضور دولي كبير.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده، رغم انفتاحها على الدبلوماسية، "لا يمكنها التعامل مع من هاجم الشعب الإيراني ولا يزال يهدده ويفرض عليه العقوبات".
وأضاف في منشور على منصة "إكس" أن إيران ترحب بأي مبادرة تنهي الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة، وتؤدي إلى خروج قوات الاحتلال.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على شبكة X:
تعرب إيران عن امتنانها لدعوة الرئيس السيسي لحضور قمة شرم الشيخ. ورغم تفضيلي للحوار الدبلوماسي، لا أستطيع، أنا والرئيس بزشكيان، التواصل مع الذين اعتدوا على الشعب الإيراني ويواصلون تهديدنا وفرض العقوبات علينا.
مع ذلك، ترحب إيران بأي… pic.twitter.com/Ck7CIsySIx
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) October 13, 2025
حسابات إقليمية معقدةيرى أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الخوارزمي، يد الله كريمي بور، أن قرار طهران بالمقاطعة يأتي ضمن حسابات إقليمية دقيقة، موضحا أن القمة تمثل منعطفا جيوسياسيا يتجاوز حدود غزة، إذ تسعى واشنطن والقاهرة إلى ترسيخ نفوذهما في مرحلة ما بعد الحرب عبر قيادة عملية إعادة الإعمار والإشراف على وقف إطلاق النار.
إعلانوفي تحليل نشره عبر قناته على منصة "تليغرام"، اعتبر كريمي بور أن القمة تهدف إلى "منح شرعية دولية واسعة للخطة الأميركية، وفتح المجال أمام قوى فلسطينية جديدة، وإرساء منظومة أمنية وإدارية مغايرة لغزة"، في وقت يجري فيه استبعاد قوى كبرى مثل روسيا والصين من دوائر صنع القرار.
وأوضح الأكاديمي الإيراني أن مقاطعة بلاده تستند إلى جملة من الدوافع، أبرزها:
رفض إضفاء الشرعية على مشروع تعتبره مناقضا لمصالحها. تجنب الانخراط في مبادرة تقودها واشنطن، إلى جانب ضغوط داخلية من تيارات مناهضة للغرب. خشية أن يؤدي الحضور إلى تقويض "محور المقاومة".استدرك بأن كلفة الغياب قد تكون عالية، لأنها تحرم طهران من التأثير في رسم ملامح المشهد الفلسطيني الجديد، وتعمق عزلتها السياسية، مضيفا أن "الاستبعاد الذاتي" قد يتحول إلى عبء جيوسياسي متزايد على الجمهورية الإسلامية.
#عاجل | تسنيم عن مصدر مطلع: #إيران لن تشارك في قمة شرم الشيخ رغم دعوتها للحضور pic.twitter.com/pd2FN5BLXA
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 12, 2025
أمن قومي ومصالح مهددةمن جهته، شدد قاسم محبعلي، المدير العام الأسبق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية، على أن مشاركة طهران في القمة كانت "ضرورة إستراتيجية"، مؤكدا أن غيابها سيكون له تبعات جسيمة على مصالحها في المنطقة.
وأوضح محبعلي أن لإيران اليد العليا في دعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، فضلا عن حضورها المؤثر في سوريا واليمن، ولذلك "لا يجوز أن تغيب وقت صياغة الاتفاقات".
وفي مقابلة مع صحيفة ستاره صبح الإيرانية، شبه محبعلي الموقف بالمثل الفارسي القائل "من حضر العزاء يجب أن يحضر الفرح أيضا"، معتبرا أن القمة قد تشكل بداية لتحولات كبيرة في الشرق الأوسط، ومن مصلحة إيران أن تكون حاضرة عند اتخاذ القرارات لا أن تتخذ نيابة عنها أو في غيابها.
وأضاف أن السياسة الخارجية الإيرانية تتحرك وفق خطوط حمراء جامدة وغير مرنة، معتبرا أن هذا النهج يحول دون اتخاذ قرارات مناسبة للزمان والمكان، وأن غياب طهران عن مواقع القرار قد يدفعها مستقبلا إلى القبول بما كانت ترفضه اليوم بعد أن يصبح أمرا واقعا.
قمة مسيسةفي المقابل، يرى طيف واسع من المحافظين والناشطين السياسيين أن قمة شرم الشيخ ليست سوى محاولة لإعادة تسويق ما يسمى بـ"صفقة القرن" واتفاقات إبراهام في ثوب جديد، تهدف إلى تحويل الهزيمة العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى إنجاز سياسي.
وأشاد رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الإيرانية المصرية علي رضا سليمي بقرار الحكومة مقاطعة القمة، معتبرا أن إيران "لا يمكن أن تكون متفرجا على الآخرين وهم يقررون مصير المنطقة"، مؤكدا أن الفلسطينيين وحدهم أصحاب الحق في تقرير مستقبلهم.
وفي تصريح لوكالة "إيلنا"، شدد سليمي على أن "إيران لا يمكن أن تغض الطرف عن جرائم الكيان الصهيوني"، مضيفا "نشك في النوايا الأميركية والإسرائيلية، فقد أظهرت التجارب أنهم يخططون خلف الكواليس لتحقيق أهداف أخرى".
بدائل دبلوماسيةورغم الرفض الرسمي المستند إلى الخطوط الحمراء للسياسة الإيرانية، تدعو أصوات أخرى إلى تبني دبلوماسية أكثر مرونة تحفظ حضور طهران في رسم مستقبل غزة دون التنازل عن ثوابتها.
وفي هذا السياق، يرى السفير الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد أن مشاركة رمزية على مستوى منخفض – كوفد من نواب الوزراء أو المديرين العامين– كانت ستتيح لإيران إيصال مواقفها وتجنب اتهامها بالتقاعس عن مبادرات السلام.
إعلانوأوضح في حديث لوكالة "إيلنا" أن الدعوة الأميركية المباشرة لطهران تمثل "سابقة في العلاقات الثنائية المتوترة"، وكان الأجدر استثمارها دبلوماسيا دون الانخراط الكامل.
وحذر فرجي راد من أن الغياب قد يستغل مستقبلا لتصوير إيران كطرف رافض للسلام، مؤكدا في الوقت ذاته أن السياسات الأميركية تجاه طهران لم تتغير، خاصة ما يتعلق بملفي التخصيب النووي والبرنامج الصاروخي، داعيا إلى الحذر من محاولات واشنطن تحسين صورتها على حساب المصالح الإيرانية.