أفادت مصادر إعلامية بمقتل 100 جندي إثيوبي على يد قوات "الفانو" التابعة لقومية الأمهرة، ثاني أكبر عرقية في البلاد، والتي تمكنت من فرض سيطرتها على الحدود بين إثيوبيا والسودان خلال الأيام الماضية.

وذكر موقع "أخبار الأمهرة" على منصة "إكس" أن قوات "الفانو" سيطرت على عدة قرى حدودية على طريق ميتيما جزندار، مما أدى إلى فرار أكثر من 300 جندي من قوات حرس الحدود الإثيوبية إلى السودان.

وأشار الموقع إلى أن الجنود حاولوا العودة إلى ميتيما، لكنهم تكبدوا خسائر فادحة خلال المواجهات.

قوات الفانو الإثيوبية

قوات "الفانو" الإثيوبية هي ميليشيات غير نظامية تنشط في منطقة أمهرة شمال إثيوبيا، وهي تُعتبر واحدة من أبرز القوات المسلحة غير الحكومية التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة في البلاد. يرتبط الفانو في الغالب بمجموعات عرقية محددة، وتهدف إلى الدفاع عن مصالحهم المحلية، لا سيما في ظل النزاعات العرقية والسياسية التي تصاعدت في إثيوبيا خلال السنوات الأخيرة.

النشأة والدور

تشكلت قوات الفانو في البداية كمجموعات محلية للدفاع الذاتي في مواجهة هجمات المجموعات المسلحة الأخرى، لا سيما في مناطق النزاع الحدودية بين أمهرة وإقليم تيغراي المجاور. تتكون هذه القوات في الغالب من شباب أمهرة المتطوعين الذين يرون في أنفسهم مدافعين عن حقوق عرقية الأمهرة في إثيوبيا.

ازدادت قوة ونفوذ الفانو مع تصاعد النزاعات الداخلية في إثيوبيا، خاصة مع اندلاع الحرب في إقليم تيغراي في نوفمبر 2020. لعبت القوات دورًا مهمًا في القتال إلى جانب القوات الحكومية الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي، التي خاضت تمردًا مسلحًا ضد الحكومة الفيدرالية. وفي هذا السياق، اعتبرت قوات الفانو عاملًا رئيسيًا في مواجهة توسع نفوذ تيغراي نحو المناطق المجاورة.

الأيديولوجية والدوافع

يرى كثير من أعضاء الفانو أن هدفهم هو حماية مصالح عرقية الأمهرة من التهميش والاضطهاد الذي تعرضت له بعض المجموعات العرقية على مدى السنوات الماضية. تدافع القوات عن وجهة نظر ترى أن عرقية الأمهرة كانت عرضة لاعتداءات من مجموعات أخرى تسعى لتغيير التركيبة السكانية والسيطرة على الأراضي.

كما تروج الفانو لرؤية قومية أمهراوية، وتعتبر نفسها مدافعة عن حقوق المواطنين في الإقليم ضد أي تهديدات داخلية أو خارجية. هذه الرؤية القومية جعلت الفانو طرفًا محوريًا في الصراعات العرقية والسياسية داخل إثيوبيا.

الاتهامات والجدل

على الرغم من تقديم نفسها كقوة دفاعية، تواجه قوات الفانو اتهامات من منظمات حقوق الإنسان وبعض الجهات الدولية بالتورط في انتهاكات حقوق الإنسان. تشمل هذه الانتهاكات المزاعم بارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين في مناطق النزاع، بما في ذلك القتل الجماعي والاعتداء على ممتلكات المدنيين.

تعرضت قوات الفانو لانتقادات من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية في بعض الأحيان، خاصة عندما بدت غير متوافقة مع سياسات الحكومة أو عندما تجاوزت أدوارها الدفاعية لتصبح قوة مسلحة مستقلة تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة.

العلاقة مع الحكومة

تتسم علاقة الفانو بالحكومة الإثيوبية بالتوتر والتعقيد. ففي بعض الأوقات، دعمت الحكومة الإثيوبية الفانو واستخدمتها كقوة موازية في النزاعات المسلحة، بينما في أوقات أخرى، سعت الحكومة إلى الحد من نفوذها خوفًا من أن تتحول إلى قوة تهدد وحدة البلاد واستقرارها.

على الرغم من أن الفانو لم تكن جزءًا رسميًا من الجيش الإثيوبي، إلا أنها تعاونت معه في بعض العمليات العسكرية. ومع ذلك، أدت النزاعات الأخيرة بين الحكومة المركزية وبعض قيادات الفانو إلى توترات، حيث سعت الحكومة إلى نزع سلاح الميليشيات وفرض سيطرتها على جميع المجموعات المسلحة غير النظامية.

المستقبل والتحديات

مع استمرار النزاعات الداخلية في إثيوبيا، يظل دور الفانو غامضًا ومثيرًا للجدل. تواجه إثيوبيا تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار الداخلي، خاصة في ظل التوترات العرقية والسياسية المتصاعدة. يظل السؤال المطروح هو ما إذا كانت الحكومة قادرة على دمج مثل هذه الميليشيات في النظام الرسمي أو نزع سلاحها لتحقيق السلام الدائم في البلاد.

في النهاية، تظل قوات الفانو لاعبًا رئيسيًا في المشهد السياسي والعسكري في إثيوبيا، وستحدد التطورات المستقبلية مصير هذه القوة وموقفها في النزاعات الداخلية التي لا تزال تؤثر على استقرار البلاد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أثيوبيا

إقرأ أيضاً:

هل تنجح إسرائيل في جر إثيوبيا لمواجهة مع الحوثيين؟

بعد يوم من غارات عنيفة شنها سلاح الجو الإسرائيلي على اليمن، حطت طائرة وزير خارجية تل أبيب غدعون ساعر في مطار بولي الدولي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الخامس من مايو/أيار على رأس وفد كبير يهدف إلى تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

ورغم هيمنة الملف الاقتصادي على مجريات الزيارة، فإن العديد من المؤشرات تؤكد تباحث الطرفين حول قضايا أمنية تتضمن الجهود المشتركة لـ"مكافحة الإرهاب"، مما أثار تساؤلات المراقبين حول احتمالية انضمام أديس أبابا إلى الحرب الإسرائيلية على الحوثيين في اليمن.

ساعر: استمرار تعاون إسرائيل وإثيوبيا في مكافحة الإرهاب أمر بالغ الأهمية للقرن الأفريقي والشرق الأوسط (رويترز) التهديد المشترك

بعد استقبال وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر لنظيره الإثيوبي جيديون تيموثيوس في مارس/آذار الماضي، تبين أن التوافق بين الطرفين يتجاوز التشابه بين اسمي الوزيرين إلى رؤى إستراتيجية أوسع.

كان لافتا تأكيد ساعر أن الدولتين تواجهان تهديدات "إرهابية مشتركة"، رابطا بين حركة الشباب المجاهدين في الصومال والحوثيين في اليمن، معتبرا أن الأخيرة تشكل "تهديدا لإسرائيل وأفريقيا"، وأنه يجب "القضاء على الإرهاب" الذي أشاد بدور أديس أبابا في مكافحته ولا سيما في القرن الأفريقي.

إعلان

هذا التركيز على مواجهة الإرهاب تكرر ذكره في زيارة ساعر الأخيرة إلى إثيوبيا، ووفقا لوكالة الأنباء الإثيوبية، فقد خصص جزء كبير من المناقشة مع نظيره الإثيوبي للتهديد المشترك الذي يشكله الإرهاب، حيث كرر ساعر تصريحاته السابقة، ووافقه هذه المرة الوزير الإثيوبي، مؤكدا أن استمرار تعاون البلدين وتعزيزه في هذا المجال أمر بالغ الأهمية لمكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي و"الشرق الأوسط".

وتربط الجانبين علاقات أمنية وثيقة، وعلى سبيل المثال، فقد شهد نوفمبر/تشرين الثاني 2020 توقيع جهاز الأمن والمخابرات الوطني الإثيوبي اتفاقية مع وزارة الأمن العام الإسرائيلية لتعزيز التعاون في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي.

كما كشفت تقارير في العام الذي تلاه عن تعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين في اعتقال 16 مشتبها به في أديس أبابا كانوا يخططون للهجوم على السفارة الإماراتية في إثيوبيا والسودان.

هواجس أمنية واقتصادية

وبالنظر إلى ما سبق، يشير مراقبون إلى أن الربط الإسرائيلي الصريح بين الحوثيين وحركة الشباب في الصومال مؤشر على رغبة تل أبيب في الحصول على دعم أديس أبابا في حربها التي بدأت تتوسع ضد الجماعة اليمنية.

وكان تقرير أممي قد زعم أن ممثلي الحوثيين وحركة الشباب التقوا مرتين عام 2024، في حين تشير تقارير أخرى إلى توسيع الحوثيين لتحالفاتهم مع أطراف في شرق أفريقيا.

كل هذه التطورات تحولت إلى مثار قلق لدول المنطقة، لا سيما إثيوبيا التي يحارب آلاف من جنودها في الصومال حركة الشباب.

بجانب ما سبق، لا تقتصر هواجس إثيوبيا تجاه النشاط الحوثي على التعاون مع حركات صومالية مسلحة، فقد انعكس الاضطراب في جنوب البحر الأحمر سلبا على اقتصادها، وقد كشفت شركة خدمات الشحن والخدمات اللوجستية الإثيوبية (مملوكة للدولة) في مارس/آذار 2024 عن التأثر الكبير لأنشطة الاستيراد والتصدير في البلاد نتيجة الأزمات الأمنية المستمرة في البحر الأحمر.

إعلان

وأشار موقع "أفريكا إنتلجينس" الإخباري في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى تأثر مشاريع البنية التحتية الطموحة في إثيوبيا، بما في ذلك بناء الطرق وتطوير المناطق الصناعية، بشدة جراء التأخير الناجم عن تباطؤ سلاسل التوريد نتيجة الاضطرابات الأمنية في المنطقة، مما وضع ضغوطا كبيرة على الجداول الزمنية والميزانيات.

إعادة الانخراط في الحرب

ورغم عدم صدور أي بيان رسمي من الجانبين الإثيوبي والإسرائيلي حول النتيجة التي خلصا إليها في مواجهة الاضطراب الأمني في المنطقة، فإن بعض التصريحات غير الرسمية تشي بوجود دوافع عند نخب إثيوبية للانخراط الإيجابي في هذا الملف.

وفي هذا السياق، تنقل ورقة صادرة عن "معهد الوادي المتصدع" في مارس/آذار الماضي عن عضو بارز في معهد السياسة الخارجية في وزارة الخارجية الإثيوبية قوله "علينا أن ننظر إلى انعدام الأمن في البحر الأحمر كفرصة في ظل غياب أي قوة عظمى أو متوسطة. إنها فرصة لإثيوبيا لتكون حاضرة وتتحمل مسؤولية البحر الأحمر".

في حين تشير الورقة إلى أن التطورات الأمنية جنوب البحر الأحمر تمثل فرصة إستراتيجية لإثيوبيا لإعادة وضع دورها كعامل للاستقرار من خلال المساهمة الفاعلة فيما يسمى "الحرب على الإرهاب"، التي استفاد منها الائتلاف الذي حكم إثيوبيا بقيادة تيغراي (1991-2018) والتي تخلى عنها نظام رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد.

وتاريخيا، كانت إثيوبيا إحدى الدول المستفيدة من الانخراط فيما سمي بـ"الحرب العالمية على الإرهاب"، وتشير مقالة تحليلية منشورة عبر "مركز شيكاغو للشؤون الدولية" إلى أن قيام أديس أبابا بأدوار بلغت ذروتها في اجتياح الصومال عام 2006، قابله تقديم واشنطن "مساعدة غير مشروطة" لقطاع الأمن الإثيوبي وتدريب آلاف الجنود الإثيوبيين، بجانب دعم صعود مكانة إثيوبيا إقليميا ودوليا، وتحولها إلى أحد أكبر المستفيدين من المساعدات الأميركية في أفريقيا.

إعلان

لكن علاقة أديس أبابا مع واشنطن، التي تحولت إلى "شريك رئيسي في تأمين المصالح الأميركية"، وفقا للزميلة السابقة في "معهد أميركان إنتيبرايز" إميلي إستيلا بيريز، أصابتها لاحقا تغيرات مرتبطة بتناقض مواقف الطرفين من الحرب في تيغراي وملابساتها وتقارب أديس أبابا مع بكين وموسكو، ومن ثم فقد تمثل المشاركة الإثيوبية في مواجهة الحوثي مدخلا جديدا لإعادة صياغة العلاقة من جديد في عهد ترامب.

بالإضافة إلى أن الحكومة الإثيوبية التي تواجه هلالا من الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية تبدو بحاجة إلى الحصول على الدعم العسكري والاستخباراتي في مواجهة الحركات المتمردة في عدد من الأقاليم، كما أن اقتصادها يئن تحت وطأة تداعيات أزمة كورونا والحرب الأهلية المدمرة في تيغراي.

إثيوبيا أبرمت اتفاقا مع إقليم أرض الصومال يمنحها الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر (الفرنسية) ملفات متشابكة

دأبت السياسة الخارجية الإثيوبية مؤخرا على التركيز على أهمية البحر الأحمر كضرورة وجودية لإثيوبيا، حيث أكد رئيس الوزراء آبي أحمد في أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن البحر الأحمر والنيل هما "الأساس لتطور إثيوبيا أو زوالها".

وبينما تربط بعض القراءات المسعى الإثيوبي للحصول على منفذ سيادي على هذا المسطح المائي الحيوي بأهميته الفائقة للأمن الإثيوبي، يذهب الباحث في جامعة ييل العريقة، غويتوم غبريلويل، إلى ربط هذا السعي الإستراتيجي بطموحات أديس أبابا في الهيمنة الإقليمية وتجديد مكانتها العالمية.

وبالمثل، تمثل الرغبة الإثيوبية في الانخراط في الأطر والمنظومات الخاصة بمواجهات التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، من ضمنها الحوثيون، أداة للحصول على دعم الدول النافذة لتطلعاتها البحرية، وقد ألقت العديد من التصريحات أضواء كاشفة على العلاقة بين هذين الملفين.

وأوضح السفير الإثيوبي في إسرائيل، تسفاي ييتاي، أن المسؤولين الإسرائيليين "أظهروا بادرة دعم" لمذكرة التفاهم الإثيوبية مع إقليم "أرض الصومال"، وأنهم يعتبرون "إنشاء إثيوبيا لقوة بحرية في خليج عدن والبحر الأحمر فرصة للتعاون على تحقيق الاستقرار في المنطقة الإستراتيجية والمضطربة".

إعلان

في حين تنقل تقارير عن دبلوماسي غربي في أديس أبابا أن وزير الدفاع الإثيوبي السابق، أبراهام بيلاي، أجاب عن تساؤلات دبلوماسيين غربيين عن مذكرة التفاهم مع أرض الصومال بأن البحرية الإثيوبية يمكن أن تساعد الأميركيين والأوروبيين في قتال الحوثيين في البحر الأحمر إذا كان لها قاعدة هناك.

أهداف جيوسياسية

في بيئة مليئة بالمنافسات الجيوسياسية كالقرن الأفريقي والشرق الأوسط، تحقق احتمالات التعاون الإثيوبي الإسرائيلي في مواجهة "التهديدات الأمنية" للطرفين حزمة من الأهداف.

وفي هذا السياق، تقترح ورقة مطولة نشرها معهد دراسات الأمن القومي، الذي يعد من أهم مراكز التفكير التي تؤثر بشكل مباشر على صانعي القرار في الحكومة الإسرائيلية والقيادة العسكرية والأمنية، أن "عدوان الحوثي" قد يمثل فرصة لإعادة موضعة إسرائيل لنفسها كقوة استقرار في البحر الأحمر.

وتوصي الورقة في مواجهة ضعف إمكانية التعاون الإسرائيلي مع دول البحر الأحمر العربية باستكشاف سبل بديلة "لإقامة شراكات إقليمية أو لتوسيع المنظمات القائمة" المعنية بأمن هذا الشريان الحيوي، مما يضع دولا كإثيوبيا في قائمة أبرز المرشحين لهذا التعاون.

في حين يشير تحليل منشور على منصة "هورن ريفيو"، ومقرها أديس أبابا، إلى أن التوسع الإسرائيلي في العلاقات مع القرن الأفريقي يكشف عن رؤى متنافسة للدبلوماسية والنفوذ الإقليميين، ويضع تل أبيب في مواجهة مباشرة مع جهات كتركيا التي تحولت إلى لاعب رئيسي في المنطقة من خلال وجودها الراسخ في الصومال.

من جهتها، تبدو إثيوبيا معنية كذلك بتوسيع انخراطها العسكري والأمني في البحر الأحمر، بما في ذلك الحصول على قاعدة عسكرية، في مواجهة الإستراتيجية المصرية، حيث يخوض الطرفان صراعا مريرا على خلفية مواقفهما المتناقضة من سد النهضة.

ووفقا لدبلوماسي إثيوبي، فقد أشارت صور أقمار اصطناعية ملتقطة أوائل عام 2024 إلى أن البحرية المصرية نقلت أسطولها الرئيسي من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر.

إعلان

بجانب ما سبق، فإنه في ظل التوترات المستمرة بين كل من إريتريا وإثيوبيا، تبدو أديس أبابا معنية بتعميق علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية القادرة على دعمها في مواجهة احتمالات الحرب التي تطل برأسها كل حين بين الطرفين، مستفيدة من التدهور المديد في العلاقات بين أسمرة وتل أبيب.

رئيس أرض الصومال (يمين) ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال توقيع اتفاقية تسمح لإثيوبيا باستخدام ميناء أرض الصومال (رويترز) رغبة بالتعاون مشوبة بالحذر

رغم كل ما سبق، يبدو السلوك الإثيوبي حذرا إزاء "العروض" الإسرائيلية بالانخراط في ما وصفه غدعون ساعر بـ"القضاء التام على الإرهاب"، ورغم تأكيد نظيره الإثيوبي أهمية التعاون في هذا المجال فإن التفاصيل المرتبطة بمدى هذا التعاون تظل غامضة.

هذا السلوك يعزوه بعض المراقبين إلى التعقيدات المرتبطة بالتوازنات الجيوسياسية الحساسة في البحر الأحمر، وأن الانحياز الإثيوبي الصريح والكامل لإسرائيل ضد الحوثيين قد يقود إلى تعقيد علاقات أديس أبابا مع أطراف كإيران التي تجمعها روابط جيدة مع إثيوبيا.

وقد كان من المفارقات أن تشهد العاصمة الإثيوبية توقيع الشرطة الفدرالية الإثيوبية مذكرة تفاهم مع قائد قوات الأمن الداخلي الإيراني العميد أحمد رضا رادان، لتوسيع التعاون الثنائي في مجالات منها مكافحة الإرهاب، إبان زيارة ساعر للمدينة نفسها.

كما أن مشاركة إثيوبيا المباشرة في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الحوثيين قد ترهق قدرات إثيوبيا وتورطها في نزاعات طويلة الأمد خارج مصالحها الأساسية المباشرة، وتعد خروجا عن الأسس التي أقرتها "إستراتيجية السياسة الخارجية والأمن القومي" الصادرة عام 2019 التي ركزت على التكامل الإقليمي والابتعاد عن التركيز التقليدي على القوة العسكرية إلى استخدام الدبلوماسية كأداة رئيسية.

كما تزداد خطورة المشاركة العسكرية الإثيوبية ضد الحوثيين بالنظر إلى ما تعانيه إثيوبيا من صراعات داخلية في مناطق أمهرة وأوروميا والوضع غير المستقر في تيغراي، مما يثقل كاهل البلاد ويدفعها إلى التركيز على حل أزماتها الداخلية ويحد من قدرتها على الانخراط في عمليات حربية في الخارج.

إعلان

في المحصلة، بينما يتوافق انضمام إثيوبيا المحتمل لجهود إسرائيل في مواجهة الحوثيين مع مصالحها الإستراتيجية، فإن الإقدام على مثل هذه الخطوة يظل أمرا معقدا مرتبطا بواقع صراعاتها الداخلية وأعبائها الاقتصادية وحساسية التوازنات الجيوسياسية في البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • هل تنجح إسرائيل في جر إثيوبيا لمواجهة مع الحوثيين؟
  • بدون إصابات.. السيطرة على حريق شب بحظيرة ماشية بالعدوة المنيا
  • السيطرة على حريق داخل شقة سكنية في منطقة المنشية ببنها
  • السيطرة على حريق بمخزن أدوات بلاستيك فى قويسنا بالمنوفية
  • الجيش الروسي يعلن السيطرة على 3 بلدات في دونيتسك والقضاء على أكثر من 7 آلاف عسكري أوكراني
  • بدون إصابات.. السيطرة على حريق منزل في المنوفية
  • بعد حضور 29 قائدًا اجنبي.. كل ما تريد معرفته عن عيد النصر الروسي
  • صاروخ «PL-15».. كل ما تريد معرفته عن هدية الصين لباكستان
  • ضبط 3 مخالفين لنظام البيئة لاستغلالهم الرواسب في منطقة تبوك
  • السيطرة على حريق بمحل دواجن في بنها دون خسائر