هاكان فيدان والسياسة الخارجية الجديدة لتركيا

حرب أوكرانيا أضافت غموضا وصراعات جديدة إلى النظام العالمي الراهن.

الانقلابات المتوالية في افريقيا تشكل مسرحا للمنافسة بين القوى الكبرى الجديدة.

شغل فيدان مناصب رسمية مكنته من فهم أمور الدولة الداخلية والخارجية وعمل كذلك في مجال الدبلوماسية الذي يشهد نشاطا مكثفا للعلاقات الدولية.

أصبح هاكان فيدان وزيرا للخارجية ويتضح من تنوع مجالات تعليمه أن لديه خبرة غنية ومتراكمة في العلاقات الخارجية والدبلوماسية والشؤون العسكرية.

شدد فيدان على أن النظام العالمي يعاني «أزمات معقدة ومتعددة» والظلم السائد والمخاطر المتزايدة والحاجة إلى إجراء «تغيير» في النظام العالمي.

رؤية السياسة الخارجية الوطنية طموحة، لكنها ليست مغامرة بل تولي أهمية للتمثيل المؤسسي، والتكامل، والمبادئ، وتعددية الأطراف، والعمل مع الأصدقاء والحلفاء.

أكد فيدان على أربعة أهداف استراتيجية رئيسية: «إرساء السلام والأمن بمنطقتنا، وترسيخ علاقاتنا الخارجية على أسس هيكلية، وتطوير بيئة الرفاهية، وإحراز تقدم في أهدافنا العالمية».

* * *

احتضنت العاصمة التركية أنقرة المؤتمر الرابع عشر للسفراء الأتراك تحت رعاية وزير الخارجية هاكان فيدان، بين 5-9 أغسطس/آب 2023. وأقيمت في إطار المؤتمر جلسة نقاشية حول «الاتصال والثقافة والعلوم في قرن تركيا»، ألقى خلالها فيدان خطابه الأكثر شمولا حتى الآن حول رؤية السياسة الخارجية الوطنية ودور وزارة الخارجية.

شدد فيدان في البداية على أن النظام العالمي يعاني في الوقت الراهن من «أزمة معقدة ومتعددة»، مشيرا إلى حالات الظلم السائدة والمخاطر المتزايدة والحاجة إلى إجراء «تغيير» في النظام. وأكد الوزير فيدان أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ستكون واحدة من الدول الرائدة التي تسهم في تشكيل النظام الدولي الجديد.

وزير الخارجية فيدان قال إن رؤية السياسة الخارجية في مبادرة «قرن تركيا» تهدف إلى جعل بلاده «أحد اللاعبين المؤسسين للنظام». بالتأكيد، لن تتحرك تركيا بمفردها، بل ستمثل «مفهوم تعددية الأطراف الجديدة التي تركز على الحلول»، وهو ما يتجلى في الدور القيادي للرئيس أردوغان.

سوف تعمل تركيا جنبا إلى جنب مع الدول الأخرى لإقامة «نظام دولي شامل يحتضن الجميع»، تماما كما فعلت أثناء الجائحة وخلال الحرب في أوكرانيا.

ذكر فيدان في خطابه أربعة أهداف استراتيجية رئيسية، وهي: «إرساء السلام والأمن في منطقتنا، وترسيخ علاقاتنا الخارجية على أسس هيكلية، وتطوير بيئة الرفاهية، وإحراز تقدم في أهدافنا العالمية». ويتطلب تحقيق هذه الأهداف التنسيق في العديد من المجالات، لاسيما الاقتصاد والدفاع والطاقة والاتصالات.

ويمكن القول إن «رؤية السياسة الخارجية الوطنية» التي عرضها فيدان، تلخص نهج السياسة الخارجية التركية تجاه المناطق والبلدان والقضايا بما يتماشى مع هذه الأهداف. وهي تتوافق تماما مع فهم أردوغان للسياسات المتكاملة وتصور البيان الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لعام 2023.

الأهداف والرؤية المعلنة بشأن السنوات الخمس المقبلة، تعتبر واقعية وتستند إلى خبرة عشرين عاما في السياسة الخارجية. ومن الواضح أن حرب أوكرانيا أضافت غموضا وصراعات جديدة إلى النظام العالمي. كما أن الانقلابات المتوالية في إفريقيا تشكل مسرحا للمنافسة بين القوى الكبرى الجديدة. ويتوقع حدوث المزيد من هذه التحديات في المستقبل.

فالقوى العالمية والإقليمية تترقب أزمات وصراعات جديدة. من المعروف أن فيدان مارس خلال فترة رئاسته لجهاز المخابرات الوطني (MİT) دورا نشطا في تنفيذ العديد من الملفات السياسية الخارجية، وبالتالي فإن «رؤية السياسة الخارجية الوطنية» التي عبر عنها تستمد طاقتها من الحاجة ومن السعي التركي نحو الحصول على وضع دولي جديد.

هذه الرؤية طموحة، ولكنها ليست مغامرة. إنها تولي أهمية للتمثيل المؤسسي، والتكامل، والمبادئ، وتعددية الأطراف، والعمل مع الأصدقاء والحلفاء.

خلاصة الكلام؛ في 4 يونيو/حزيران 2023، أصبح هاكان فيدان وزيرا للخارجية في الحكومة التركية الـ67، التي تشكلت بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان. ويتضح من خلال قصة حياته وتنوع مجالات تعليمه أن فيدان لديه خبرة غنية ومتراكمة في مجال العلاقات الخارجية، والدبلوماسية، والشؤون العسكرية.

فقد شغل مناصب رسمية مكنته من فهم الأمور الداخلية والخارجية للدولة بكل تفاصيلها، وعمل كذلك في مجال الدبلوماسية الذي يشهد نشاطا مكثفا للعلاقات الدولية.

في 4 يونيو/حزيران 2023 نشرت مجلة فوربس العالمية الشهيرة مقالا بعنوان «هاكان فيدان: رئيس المخابرات التركية يصبح دبلوماسيا رفيع المستوى». وجاء في المقال أن «هذا التغيير (ارتقاء فيدان من رئاسة المخابرات الوطنية إلى وزارة الخارجية) ليس مجرد تغيير بيروقراطي، بل هو دعوة صريحة لكل شريك خارجي من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي وروسيا ومتاهات الشرق الأوسط. منصبه الجديد يوفر لهاكان فيدان فرصة هامة جدا لترك بصمة لا تُمحى على المسرح العالمي.

في الواقع، كان فيدان بالفعل أحد أبرز الفاعلين في سياسة تركيا الخارجية. العديد من هؤلاء الأشخاص من جميع أنحاء العالم قد عملوا أو أقاموا علاقات مباشرة مع فيدان وتقاطعت طرقهم في أماكن مختلفة من باكستان إلى الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة».

*توران قشلاقجي كاتب وباحث تركي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا انقلابات هاكان فيدان السياسة الخارجية التنافس الدولي الشرق الأوسط القارة الأفريقية النظام العالمي النظام العالمی هاکان فیدان

إقرأ أيضاً:

بنسعيد: الحكومة منسجمة والبام لا يمارس السياسة بمنطق انتخابي

زنقة20ا الرباط
قال المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، إن الحزب يضع الإنسان في قلب مشروعه السياسي، مؤكدا أن القطاعات الحكومية التي يسيرها الحزب تنطلق من قيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وتسعى إلى تيسير حياة المواطنين بشكل ملموس.

وفي كلمته خلال الدورة 30 للمجلس الوطني للحزب، المنعقدة بمركز المؤتمرات الولجة بمدينة سلا، اليوم السبت، شدد بنسعيد على أن “من الإنسانية تسهيل ولوج ساكنة المناطق المهمشة إلى العدالة، ومن الإنسانية دعم المواطنين في البحث عن سكن لائق، ومن الإنسانية توفير تعليم يسهل الاندماج في سوق الشغل، ورقمنة الوثائق الإدارية، وضمان انتقال طاقي يراعي الأجيال القادمة، ومن الإنسانية أيضاً إعادة بناء الثقة بين الشباب والمؤسسات”.

وأضاف أن نجاح الحزب في تنفيذ هذه البرامج رهنٌ بالتواصل الجيد مع المواطنين، وبنهج سياسة القرب والإنصات، مؤكداً أن المواطن المغربي يقدّر العمل الجاد متى تَمَّت خدمته بصدق وشفافية.

وبخصوص تماسك مكونات الأغلبية، أوضح بنسعيد أن التنسيق بين مكونات الحكومة “قائم على الانسجام والتزام ميثاق الأغلبية”، لكن دون أن ينفي إمكانية وجود اختلافات في الرؤى داخل الأغلبية، واصفاً ذلك بالوضع “الطبيعي والصحي في أي ممارسة ديمقراطية جماعية، ما دامت لا تمس جوهر البرنامج الحكومي المشترك”.

ودعا بنسعيد إلى تعميم القيم التي يدافع عنها الحزب، ليس فقط من خلال الوزراء، بل كذلك عبر رؤساء الجهات والجماعات ومناضلي الحزب في مختلف مواقعهم، قائلاً: “كل مناضل هو مرآة للحزب، وسلوكنا اليومي هو الذي يكسبنا ثقة المواطن أو ينفّره منا”.

وفي تقييمه للوضع الاقتصادي، أبرز عضو القيادة الجماعية أن المغرب عرف تحولات اقتصادية كبيرة خلال الـ25 سنة الأخيرة، إذ ارتفع الناتج الداخلي الخام من 45 مليار دولار إلى أكثر من 150 مليار دولار، بفضل الاستثمارات الكبرى في البنيات التحتية، والتعليم، والصحة، والصناعة والتكنولوجيا.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تقتضي مواصلة هذا المسار من خلال فلسفة اقتصادية جديدة، تضع في صلبها قضايا الذكاء الاصطناعي، الصناعات الثقافية والإبداعية، والرقمنة، مؤكداً أن هذه القطاعات ستشكل ركائز أساسية في مضاعفة الناتج الداخلي الخام لما بعد 2030.

وأكد أن حزب الأصالة والمعاصرة “لا يمارس السياسة فقط بمنطق انتخابي، بل بمنطق إنساني”، معتبراً أن الرهان اليوم هو جعل المواطن عنصراً فاعلاً في التنمية، شريكاً في التغيير، وليس مجرد متلقي للقرارات.

مقالات مشابهة

  • بنكيران يتجاوز حدود السياسة و يتدخل في شؤون الجيش
  • اكاديميون يناقشون أزمة السياسة والسياسي في لقاء بالرباط
  • رئيس جهاز أخميم الجديدة: تنفيذ الحارة الخارجية للطريق الرئيسي والإسكان الاجتماعي
  • الخارجية الأمريكية لـعربي21: هذه أسباب دعمنا للحكومة السورية الجديدة
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • بنسعيد: الحكومة منسجمة والبام لا يمارس السياسة بمنطق انتخابي
  • عجز التجارة الخارجية في تركيا يسجل أعلى مستوياته خلال 21 شهرا
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الأخلاق والسياسة في زمن الكوليرا
  • الخارجية الروسية: لا حديث عن وساطة تركيا أو دولة أخرى في مفاوضاتنا مع وأوكرانيا
  • عاجل. فيدان يزور كييف: تركيا ترى أن روسيا وأوكرانيا تريدان وقفاً لإطلاق النار