أنفاسه الدفينة تجعدت على خطوات الإطراق المنعزل فقد كانت تلك السحب الحالكة تبحث في جوف عزلته عن ترنيمة الغبطة وظلال ضوئه تبخرت بعد أن غابت غُرَّة ربيعه حول ضاحية الذهول.
تغرَّب بوحه حتى تسرب بكل هاجسٍ إلى مسامه المنتفخه داخل تُخوم البكاء التي قلما تصيح وسط حنجرة ذلك الوجه المرتعد.
حينها لم تكن هنالك الجلبه في يديه بل جاء يبحث تحت أنقاض الليل الموجع عن بحر السكون .
أقدامه مكينة وخطاه صلدة تمتد جذورها بين إطلالة ذلك القرص المستدير باضاءته الخافته على جبين العتمه. أريج تفجر في صمته بدلال حتى دبَّت في مخيلته الحياة.
سبيلٌ سرمدي يمضي فيه وذاكرة الزمن تنهض بعد الغروب لديه وقدماه تأبى إلا أن تُهرول على أرضية فضاءه فنباتاته باسقه وأزهاره متفتحه وغصونه لانهاية لها.
ترتجف وريقات ملونه من أعوادٍ ثائرة وهو في مسلكه إلى ذلك الطائش المديد الذي يسمع هدير أمواجه.
فبعد أن تزول من عالمه تلك الصائفة والتي تمد مسافته بشعاع فاخر يفر بقدميه نحو تلك المهجة التي يجد بولوجها ملاحة الأمل ..
الأمل في مناجاة من حوله بما يعصف به من أسى وخيال..
ليس من طرفٍ واحدٍ فقط وإنما بحنوٍ متبادل قد يرضي غرور الطرف الآخر فالهدوء توأم الإرتياح نحو ذلك الأمل أو تلك الأحلام فالأحداق المُطمئنة تجد عاطفتها المندوحةُ حينما تصدح أنشودة السكون والتبرير حينها يستطيع أن يُقدم شدو المنطق بروافد وديعة فالشفاه المثمرة بالسكوت تجد على أطراف عناقيدها بقايا الأمنيات الواعدة والتي تفوح منها رائحة الشميم..
وقف كثيراً بين أمله وحلمه يتأمل في ذلك الساق من ذلك الغصن المتعرج من تلك الباهية بفستان عرسها الزبرجدي فقد كان في تلك اللحظة البهية يهم بإنتفاضته المرتقبة ليمسح عن جبهته قطرات الندى التي غصَّت بها كاحله فمن الفلق وهي تلتصق بذراته حتى ألمَّ بها الوهن فكان ماكان أمام عينيه فتقهقر بلينٍ كما هي عادته بعد أن ودعته تلك السامقة بنظرة رجاء أنعمت بها عليه ..
وهو في دربه وحيداً مع عاشقي نجواه نظر إلى الأعلى فإذا بها تتأرجح أمام ناظريه في شهوة بعيدة عن القُبلة الباردة فقد كانت مسرورة لأن تعطيه بعض ماتشعله بين كفيها من وهج صامت ..
أرتاح قليلاً وهو يُبعثر نظره نحو ماكانت ترمي إليه قدماه فوجدها أسرابًا يفوق وصفها ملتئمة جسورة ومفتولة تسحق الأرض بإسلوبها الصموت.
إقترب كثيراً بأقدامه الحافية نحو من كان فسيحاً في البريق فانحسر مداه في بُعدٍ صغير من أعين الدُجنة ووقف حينها بوجوم فاتن على بداية مشارفه ليستعيد رؤاه في عالم ٍ قد خلَّفه وراءه مليء بالتشدق والثرثرة والضجر…
زاخرٌ بأشواك الورد و لا ورد في الشجر … موسرٌ بأصابع النسيان ويرقاتٍ معتقةٍ على حجر … فهل نفاوض الموت فينا أن ندع المراثي تأكل ماتبقى من أثر !!!
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
ومضة الشرارة التي تغير مجرى حياتك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ…) جعلنا الله من أهل الخير، سبيلًا لتغيير حالنا وحال من نحب لكل خير.
ما الشرارة التي تغير مجرى حياتك؟
في كل رحلة في حياتنا نحو الخير، نمر بلحظات حسية ومواقف معنوية، قد تكون عابرة أو تمر مرور الكرام دون أن نعيرها اهتمام، ولكن بين الفَيْنة والأخرى، تظهر في حياتنا ومضات خير (إن من الناس مفاتيح للخير) كالشرارة في سرعتها وكثرتها، تترك أثر خير في حياتنا، تضيء أفكارنا وتدفعنا وتمنحنا القدرة على رؤية الحياة من منظور جميل (فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه).
الومضة في الحياة قد تكون نتيجة لفكرة عابرة خطرت في بالنا أثناء قراءة كتاب، أو نصيحة تلقيناها من صديق قريب، ربما تخرج هذه الومضات من مواقف صعبة نمر بها، لتتحول فجأةً إلى شرارة توقظ في داخلنا شعورًا جديد، وتدفعنا للتغيير، إنها تلك اللحظة التي نشعر فيها أن هناك شيئاً قد تغير بداخلنا، نقطة تحول تدفعنا نحو النمو والتطور.
تعتبر الومضات بمثابة دعوة للتفكر والتأمل في حياتنا اليومية، وهي فرصة لاستدامة النمو والتغيير، والمواكبة، والإبداع نحو تنمية قدراتنا في الحياة الشخصية والمهنية.
لنبادر ونبحث عن هذه الومضات، لتفتح قلوبنا نحو العطاء، والحب، والصفاء، والنقاء، وعقولنا نحو الوعي والفهم، والإدراك، والإبداع، والإبتكار، وتصنع لنا حاضرًا مزدهر لمستقبل مشرق، لخلق نوعية حياة أفضل تتألق بالأمل والإلهام، لتحسين نمط حياتنا، وبناء مجتمع ينعم بأسلوب حياة متوازن.
ومضة الشرارة مهما كان شكلها هي دعوة للتحرك نحو الأفضل.
من الممكن أن تجد ومضة الشرارة التي تغير مجرى حياتك من خلال:
* لحظة إلهام من أب أو أم أو زميل أو مدير: قد ترى أحدهم يتعامل بطريقة ذكية وملهمة، أو سمعت نصيحة من ملهمك أضاءت لك طريقًا جديدًا في التعامل مع المواقف الصعبة أو تطوير ذاتك، ومضة الشرارة هذه ستدفعك لتقليد الإيجابية وعن مسارات جديدة للنمو.
*إدراك نقاط قوتك الواقعية: دومًا تأتي ومضة الشرارة عندما تُكلف بمهمة تتجاوز توقعاتك، وتكتشف فيها قدرات لم تكن تعلم بوجودها، هذا الإدراك يمنحك ثقة جديدة ويغير نظرتك لقدراتك الشخصية والمهنية.
*التعلم من خطأ فادح: أحيانًا تكون الشرارة ناتجة عن خطأ كبير ارتكبته، الألم الناتج عن الخطأ يدفعك للتعلم العميق، وتغيير منهجيتك، وتطوير مهاراتك لتجنب تكراره، فتخرج أقوى وأكثر حكمة.
*تقدير غير متوقع: تلقي شكرًا أو تقديرًا غير متوقع على جهد بذلته، قد يكون الشرارة التي تُعيد إشعال حماسك وتُشعرك بقيمة عملك.
*التحدي الذي تحول إلى فرصة: سنواجه مشكلة كبيرة أو تحديًا صعبًا يجعلنا نشعر بالإحباط، لكن مع التفكير والإصرار والعزيمة، سنجد حلًا مبتكرًا ذا إبداع وسبيل لتجاوز هذا التحدي، هذه اللحظة ستعلمنا أن العقبات يمكن أن تكون فرصة تساهم في تعزيز جودة حياتنا الشخصية والمهنية.
الخلاصة: الرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته التفاؤل وهي ومضة الشرارة نحو حياة إيجابية، قال عليه الصلاة والسلام: (لا عَدوى ولا طِيَرةَ وأُحِبُّ الفألَ، قالوا يا رَسولَ اللَّهِ: وما الفَألُ؟ قالَ: الكلِمةُ الطَّيِّبةُ) متفق عليه.