رشاد أبو شاور .. لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
لأول مرة تخذلني الكلمات في التعبير فأعجز عن البوح بما ألم بي وآلمني، لأول وهلة أشعر أن ما سأكتبه لن يرقى إلى مقام الفقدان للصديق والكاتب والروائي والمناضل رشاد أبو شاور(1942-2024)،الذي أستدلُ ببوصلته في تحديد المواقف مما يحدث حولنا في الساحات السياسية والثقافية، لكني استعرت عبارة وردت في مرثية الشاعر محمود درويش (1941-2008) للكاتب الشهيد غسان كنفاني ( 1936-1972) "لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء"، وقد ذكرها أبو شاور في افتتاح دورة المجلس الفلسطيني في دمشق عام 1979 بمناسبة ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965، حين قدّم الشاعر محمود درويش، بهذه الكلمات التي وردت في المرثية أيضا "لم يقل أحد أن الفلسطينيين لا يرحمون أدباءهم.
في الافتتاحية ذاتها قال درويش "والآن، أكتب إليك دون أن أخشى يد كمال ناصر التي خطفت رثائي لك. وقال مازحاً: لا تنشرْ هذا الكلام عن غسان كنفاني. هذا الكلام يليق بي ... وسأُقتل قريباً.كان يمزح؟ نعم. ولكنه انفجر أيضاً. لا أحد يحيا لنفسه كما يشاء". وبالفعل استشهد القائد والشاعر كمال ناصر (1926-1973) في بيروت، بعد عام من استشهاد غسان.
تعرفتُ على رشاد أبو شاور في عمَّان في ربيع 2010، حدد لنا مكان اللقاء عند "كشك أبو علي" المعلم الثقافي الواقع في شارع فيصل، وقد عرّفني على الكشك وصاحبه، وبعد ذلك توجهنا إلى مكتبة دار الشروق والتقينا بصاحب الدار الكاتب فتحي البس، الذي أهداني سيرته الذاتية في إصدار (انثيال الذاكرة)، السيرة التي تقاطعت بعض أحداثها في بيروت وتحديدا في الجامعة الأمريكية مع مذكرات الكاتب اللبناني كمال الصليبي (1929-2011) الصادرة أيضا عن دار الشروق. تكررت اللقاءات بعد ذلك مع الأستاذ رشاد كلما نزلت بعمّان أتواصل معه ويهديني آخر اصداراته، مرة واحدة ذهبت إلى عمّان ولم التقي به فاستوحشت المكان، وحين سألته عن أخباره رد علي بعد أيام عبر (الماسنجر) "صباح الورد يا محمد، عدتُ منذ أسبوعين تقريبا بعد ان تنقلت بين النمسا وألمانيا والسويد، التقيت بأهلي الفلسطينيين المشردين، أشكر اتصالك. وممتن لكل كلمة قلتها عني وآمل أن أكون جديرا بها".
إذا كانت كلمات الثناء والتشجيع في المجال الأدبي تعني شيئا، فإن الكلمات التي كتبها عني أبو شاور في الصفحة الثقافية لصحيفة (القدس العربي: 2011) تعني لي شهادة بحد ذاتها، فقد كتب عن مجموعتي القصصية (بذور البوار،الفرقد،2010) "محمد الشحري، كاتب عماني شاب، صدرت له في العام 2010 مجموعة قصصية بعنوان (بذور البوار)، وأنا أقرأ له للمرة الأولى، ولعلها أيضا المرة الأولى التي أقرأ فيها نصوصا نثرية عُمانية، وهذا يعود ليس إلى تقصير منّي، ولكن إلى أسباب خارجة عن قدراتي، فأنا أتلهف دائما على قراءة نصوص نثرية من البلدان العربيّة التي لم أطلع على كتابات مبدعيها، ولكن حظّي مع الشعر أفضل، فقد قرأت أعمالاً شعرية عُمانية، وتعرّفت بشعراء من عُمان.. في مجموعته القصصية الأولى يقدّم محمد الشحري نفسه كاتبا موهوبا، و..صاحب موقف، ويبشّر بقاص قادم".
رحل رشاد أبو شاور في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة من قصف للجيش الصهيوني لشعبنا الفلسطيني في غزة وشعبنا اللبناني في الجنوب والضاحية، في محاولة لكسر حلف الصمود والتصدي، ولكن مقاومة المحتل ستستمر سنة أو مئة عام ولنا في الثورة الجزائرية خير مثال. من الصدف الغريبة أن يرحل رشاد أبو شاور يوم 28 سبتمبر، وهو التاريخ الذي يصادف رحيل الزعيم جمال عبد الناصر (1918-1970)، واستشهاد القائد والمناضل اللبناني حسن نصر الله (1960-2024)، رحم الله الشهداء والمناضلين والمجد والخلود لذكراهم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الوحدة .. سر النجاح الذي غاب عن البقية
مع جمود النشاط الرياضي والشبابي، في العاصمة صنعاء وتوقفه على مستوى المسابقات، خاصة في كرة القدم، والألعاب الجماعية الأخرى.. تختفي الحلول ويظهر نادي وحدة صنعاء كمنقذ.
نادي وحدة صنعاء تعدى مسمى ناد بالمصطلح القديم المتعارف عليه قديما في بلادنا، للعبة أو لعبتين.
من يدخل من إحدى بوابات النادي، تتملكه الدهشة، ولو لا أنه دخل بقدميه أو سيارته، لظن أنه خارج اليمن.. هذه حقيقة لا ينكرها إلا من لم يدخله خلال السنوات الحالية، أو أنه في خلاف مع كل التطورات التي يشهدها النادي.
كسر الجمود الصيفي؛ تمثل في احتضان النادي لفعاليات وأنشطة الملتقى الصيفي التاسع في مختلف الألعاب، في تأكيد ميداني وليس كلاماً انشائياُ؛ على أن النادي أصبح متنفسا للشباب والرياضيين، حين ضاقت بهم السبل في بقية الأندية.
عندما انتقد النادي كناد، لإقامته هذه الفعالية الشبابية وتلك المسابقة الرياضية، فأنا في خصومة ليس مع النادي فحسب؛ بل مع كل من يحتضنهم، ويوفر لهم الممارسة الممتعة.
ليس من العيب أن أكون ناقدا، لأنها مهمة كل إعلامي، ولكن من المعيب أن أضع نفسي في الحرج، حينما أرى شيئا يستحق الإشادة ولا أفعل ذلك، والأكثر حرجا عندما أحاول تشويهه.
الأندية الرياضية في بلادنا يترأسها رجال مال وأعمال، فلماذا لم يستنسخوا كنادي الوحدة!! هل ينقصهم المال، بالطبع لا، ولكن ينقصهم الإبداع والتميز وامتلاك روح جميلة تنعكس على الأرض.
المال أداة من أدوات النجاح، ولكنه لا يصنع النجاح بمفرده، وإلا لماذا من يملكون ثروات مهولة، واقعهم لا يدل أي لمسات جمالية يقدمونها لمحيطهم الرياضي والشبابي؟
أمانة العاصمة صنعاء ووزارة الشباب والرياضة، ينبغي أن تكون ممتنة لنادي الوحدة، فلو افترضنا أن وفدا رياضيا جاء لصنعاء ليشاهد منجزاتها الرياضية، فلن تجد الدولة أفضل منه مكانا لزيارته، ليخرج بانطباع مغاير عما يسمعه عن اليمن، وافتقادها للمنشآت الرياضية النموذجية.
من السهولة أن تلعن الظلام.. ولكن ما هي النتيجة؟ ستبقى في العتمة حتى تفقد البصر والبصيرة.. وهذا هو الفرق بين من همه الوحيد ليس فقط اصطياد الأخطاء، بل توهم وجودها والبناء على ذلك الوهم نقدا يناقض الواقع ويصور قائله على أنه إما أعمى أو يريد شيئا في نفسه، بالطبع ليس للمصلحة العامة أي دخل فيها.
فعلا اتحسر على وحدة صنعاء، لأنه من نسخة واحدة، وأتمنى أن تمتلك بقية الأندية نفس روح الإبداع والتألق، حتى يجد الشباب والرياضيون أكثر من نموذج مشرف ومشرف، ليس فقط في العاصمة صنعاء، بل في مختلف المدن اليمنية.
لو زرت أي ناد، وكررت الزيارة بعد عدة سنوات، قد لا تجد أي تطور أو جديد، ولكن ستحزن على ما كان فيه وانتهى.
في الوحدة الأمر مغاير، ففي السنة الواحدة تجد شيئا جديدا، وكأنك تتعرف على المكان لأول مرة.. وهنا يكمن سر النجاح الذي استقر في الوحدة وغاب عن البقية.