محلل سياسي: الغموض الإستراتيجي الإيراني يربك الحسابات الإسرائيلية والأميركية
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
تتزايد التكهنات حول احتمال شن طهران هجوما انتقاميا على إسرائيل، حيث نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أميركي أن "الهجوم الإيراني بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على إسرائيل سيكون في غضون 12 ساعة".
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أيضا تحديدهم للأماكن العسكرية المتوقع ضربها من قِبَل إيران، فيما أفاد موقع أكسيوس نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع بأن "تل أبيب تعتقد أن الهجوم الإيراني عليها سينفذ خلال الساعات القليلة المقبلة".
غير أن الباحث المتخصص في الشؤون الإقليمية، محمد صالح صدقيان، شكّك في دقة هذه المعلومات، مشيرا إلى أنها جاءت من طرف واحد، وقال: "نحن نمر الآن بحالة من ‘الغموض الإستراتيجي’، التي تنتهجها إيران، مما يجعل التنبؤ بتحركاتها المقبلة أمرا بالغ الصعوبة".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تدّعي، استنادا إلى معلومات استخباراتية، أن إيران تخطط للرد بصاروخ باليستي أو بطريقة مماثلة لما حدث في أبريل/نيسان الماضي"، لكنه أشار إلى أن المواقف الإيرانية الرسمية تبدو أكثر حذرا وغموضا، إذ لا تتحدث طهران صراحة عن هجوم صاروخي وشيك.
وأكد صدقيان أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة القيادة العليا، ممثلة في المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وفقا للدستور الإيراني.
سيناريوهات الرد
كما لفت المتحدث نفسه إلى تصريح علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الإيراني الأعلى، والذي قال: "لا نتكلم، لكن ستتوضح لكم الصورة عندما نرد"، معتبرا أن هذا التصريح يعزز فرضية "الغموض الإستراتيجي" التي تنتهجها إيران.
ومع ذلك، أشار صدقيان إلى تزايد الأصوات داخل إيران وفي أوساط حلفائها في "محور المقاومة" المطالِبة برد حاسم على الاعتداءات الإسرائيلية، فالبعض يرى أن عدم الرد على عمليات الاغتيال الأخيرة قد شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها، لكن المحلل يعتقد أن هؤلاء "يجهلون طبيعة العلاقة بين إيران وفصائل محور المقاومة، وتحديدا مع حزب الله".
وفي تحليله للخيارات المتاحة أمام إيران، يشير صدقيان إلى سيناريوهين محتملين: الأول هو توجيه ضربة صاروخية مباشرة من داخل الأراضي الإيرانية، والثاني هو الرد غير المباشر عبر حلفائها في المنطقة.
ويرجح أن طهران قد تفضل الخيار الثاني، تجنبا لاستدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، ولعدم تقديم "خدمة" لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعثرة داخليا.
ويؤكد صدقيان أن "إيران مستعدة لدعم أي جهة تواجه الكيان الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "قيادة حزب الله هي التي وضعت نفسها في مواجهة إسرائيل، وإيران لم تتخلَّ عنها".
وأضاف أن الدعم الإيراني لحزب الله يتجلى في الصواريخ المتطورة التي زودته بها، مما يجعل الحزب قادرا على مواجهة إسرائيل دون الحاجة لوجود مستشارين أو مقاتلين إيرانيين على الأرض اللبنانية.
وفي سياق متصل، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قائلاً: "واشنطن أبلغتنا أنها ترصد استعدادات من إيران لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل قريبا، ولم نرصد أي تهديد جوي تم إطلاقه من إيران، وستكون هناك تداعيات لأي إطلاق صواريخ من إيران نحو إسرائيل".
ومع تصاعد التوتر، اتخذت السفارة الأميركية في تل أبيب إجراءات احترازية، حيث طلبت من جميع موظفيها وعائلاتهم البقاء في أماكنهم إلى حين إشعار آخر، كما أشارت وكالة رويترز إلى ارتفاع أسعار النفط بنحو 3% بعد تقارير عن استعداد إيران لشن هجوم صاروخي على إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
فتاح 2 صاروخ إيراني أسرع من الصوت يربك الدفاعات الإسرائيلية
أعلنت إيران رسميًا عن إدخال صاروخ "فتاح 2" الفرط صوتي إلى الخدمة، ليضعها ضمن قائمة محدودة من الدول التي تمتلك تكنولوجيا الصواريخ فائقة السرعة، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.
وجاء الإعلان الإيراني بعد أسابيع من أول مواجهة عسكرية مباشرة بين طهران وتل أبيب، وهو ما يمنح الكشف عن هذا السلاح الجديد دلالات استراتيجية تتجاوز البُعد التقني.
ويمثل صاروخ "فتاح 2" النسخة المتطورة من الجيل الأول الذي كشف عنه منتصف عام 2023، لكنه يتفوق عليه بمواصفات استثنائية، وبحسب تصريحات الحرس الثوري، تصل سرعة الصاروخ إلى ما بين 13 و15 ماخ، أي أكثر من 18 ألف كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تتيح له قطع المسافة بين غرب إيران ووسط إسرائيل في أقل من خمس دقائق.
ولا يكمن الخطر الحقيقي فقط في سرعته، بل في قدرته على تغيير مساره وارتفاعه بشكل متكرر داخل وخارج الغلاف الجوي، ما يجعل من شبه المستحيل على أنظمة الدفاع التقليدية مثل "باتريوت" أو "القبة الحديدية" أو حتى نظام "آرو 3" الإسرائيلي، اعتراضه أو التنبؤ بمساره.
والصاروخ الجديد مزود برأس حربي تقليدي يزيد وزنه عن 450 كغ، لكن تقارير استخباراتية غربية – نقلتها مواقع مثل Defense News وJerusalem Post – رجّحت أن التصميم يتيح تعديله مستقبلًا لحمل رؤوس نووية. كما طُوّرت أنظمة التوجيه لضمان دقة عالية في ضرب الأهداف، بما يشمل المنشآت المحصنة ومراكز القيادة.
وتقول طهران إنها استخدمت هذا الصاروخ فعلًا في الهجوم الواسع الذي شنّه الحرس الثوري على أهداف داخل الاحتلال الإسرائيلي، حيث أعلنت حينها تدمير منظومتي "آرو 2" و"آرو 3".
ورغم تحفظ الاحتلال الإسرائيلي الرسمي على تفاصيل الضربة، نقلت وكالة رويترز عن مصادر عسكرية أن أنظمتها الدفاعية واجهت صعوبات في التصدي لصواريخ "غير تقليدية" تميزت بسرعة هائلة وقدرة على المناورة.
وبحسب تحليل نشره The War Zone، فإن طهران تسعى عبر تطوير هذا النوع من الأسلحة إلى فرض معادلة ردع جديدة، والرد على الضغوط الغربية والعقوبات الدولية بقدرات استراتيجية متقدمة.
ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية فابيان هينز أن امتلاك إيران لصاروخ فرط صوتي "يعيد تشكيل قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط"، لأنه – بحسب تعبيره – "يتجاوز عمليًا كل أنظمة الاعتراض الغربية تقريبًا".
وأضاف أن هذه القدرة، حتى إن لم تُستخدم ميدانيًا على نطاق واسع، تمنح إيران ورقة ضغط سياسية وعسكرية مهمة.
في المجمل، يمثل "فتاح 2" تحوّلًا لافتًا في ميزان القوى الإقليمي، ورسالة واضحة بأن إيران ماضية في تطوير قدراتها الصاروخية رغم العقوبات، وربما استعدادًا لمواجهة أشمل قد تتجاوز حدود المواجهة مع "إسرائيل"، نحو اشتباك أوسع مع النظام الأمني الإقليمي والدولي.