تتزايد التكهنات حول احتمال شن طهران هجوما انتقاميا على إسرائيل، حيث نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أميركي أن "الهجوم الإيراني بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على إسرائيل سيكون في غضون 12 ساعة".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أيضا تحديدهم للأماكن العسكرية المتوقع ضربها من قِبَل إيران، فيما أفاد موقع أكسيوس نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع بأن "تل أبيب تعتقد أن الهجوم الإيراني عليها سينفذ خلال الساعات القليلة المقبلة".

غير أن الباحث المتخصص في الشؤون الإقليمية، محمد صالح صدقيان، شكّك في دقة هذه المعلومات، مشيرا إلى أنها جاءت من طرف واحد، وقال: "نحن نمر الآن بحالة من ‘الغموض الإستراتيجي’، التي تنتهجها إيران، مما يجعل التنبؤ بتحركاتها المقبلة أمرا بالغ الصعوبة".

وأضاف أن "الولايات المتحدة تدّعي، استنادا إلى معلومات استخباراتية، أن إيران تخطط للرد بصاروخ باليستي أو بطريقة مماثلة لما حدث في أبريل/نيسان الماضي"، لكنه أشار إلى أن المواقف الإيرانية الرسمية تبدو أكثر حذرا وغموضا، إذ لا تتحدث طهران صراحة عن هجوم صاروخي وشيك.

وأكد صدقيان أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة القيادة العليا، ممثلة في المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وفقا للدستور الإيراني.

سيناريوهات الرد

كما لفت المتحدث نفسه إلى تصريح علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الإيراني الأعلى، والذي قال: "لا نتكلم، لكن ستتوضح لكم الصورة عندما نرد"، معتبرا أن هذا التصريح يعزز فرضية "الغموض الإستراتيجي" التي تنتهجها إيران.

ومع ذلك، أشار صدقيان إلى تزايد الأصوات داخل إيران وفي أوساط حلفائها في "محور المقاومة" المطالِبة برد حاسم على الاعتداءات الإسرائيلية، فالبعض يرى أن عدم الرد على عمليات الاغتيال الأخيرة قد شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها، لكن المحلل يعتقد أن هؤلاء "يجهلون طبيعة العلاقة بين إيران وفصائل محور المقاومة، وتحديدا مع حزب الله".

وفي تحليله للخيارات المتاحة أمام إيران، يشير صدقيان إلى سيناريوهين محتملين: الأول هو توجيه ضربة صاروخية مباشرة من داخل الأراضي الإيرانية، والثاني هو الرد غير المباشر عبر حلفائها في المنطقة.

ويرجح أن طهران قد تفضل الخيار الثاني، تجنبا لاستدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، ولعدم تقديم "خدمة" لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعثرة داخليا.

ويؤكد صدقيان أن "إيران مستعدة لدعم أي جهة تواجه الكيان الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن "قيادة حزب الله هي التي وضعت نفسها في مواجهة إسرائيل، وإيران لم تتخلَّ عنها".

وأضاف أن الدعم الإيراني لحزب الله يتجلى في الصواريخ المتطورة التي زودته بها، مما يجعل الحزب قادرا على مواجهة إسرائيل دون الحاجة لوجود مستشارين أو مقاتلين إيرانيين على الأرض اللبنانية.

وفي سياق متصل، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قائلاً: "واشنطن أبلغتنا أنها ترصد استعدادات من إيران لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل قريبا، ولم نرصد أي تهديد جوي تم إطلاقه من إيران، وستكون هناك تداعيات لأي إطلاق صواريخ من إيران نحو إسرائيل".

ومع تصاعد التوتر، اتخذت السفارة الأميركية في تل أبيب إجراءات احترازية، حيث طلبت من جميع موظفيها وعائلاتهم البقاء في أماكنهم إلى حين إشعار آخر، كما أشارت وكالة رويترز إلى ارتفاع أسعار النفط بنحو 3% بعد تقارير عن استعداد إيران لشن هجوم صاروخي على إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس ووتش: قصف إسرائيل لسجن إيفين الإيراني جريمة حرب مفترضة

قالت هيومن رايتس ووتش إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف سجن إيفين في العاصمة الإيرانية طهران في 23 يونيو/حزيران 2025، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا، بينهم سجناء سياسيون وذووهم وموظفو السجن، يشكّل "جريمة حرب مفترضة" لغياب أي هدف عسكري واضح، ولوقوعه خلال ساعات الزيارة.

وأوضحت المنظمة الحقوقية، في تقرير صدر أمس الأربعاء، أن الهجوم دمّر أجزاء واسعة من المجمع الذي يحتجز مئات المعارضين والنشطاء، مؤكدة استنادًا إلى شهادات ناجين وأقارب ضحايا وصور أقمار صناعية أن الضربات أصابت قاعة الزيارة، والعيادة الطبية، ومباني إدارية، ومخازن، إضافة إلى أجنحة تضم سجناء رأي.

وبينما بررت تل أبيب الهجوم بأنه "ضربة لمؤسسة قمعية"، شددت هيومن رايتس ووتش على أن قوانين الحرب تحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، بما فيها السجون، ما لم تتحول إلى أهداف عسكرية مؤكدة، وهو ما لم يثبت في حالة إيفين.

رمز القمع وضحايا القصف

يقع سجن إيفين في الحي الأول شمال طهران، ويحتجز أكثر من 1,500 سجين، من بينهم نشطاء وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. الناجون رووا للمنظمة مشاهد الانفجارات المتتالية وسط صرخات الزوار والسجناء، مؤكدين انتشال جثث من تحت الأنقاض، بينهم أطباء وموظفون وحراس، إلى جانب سجناء سياسيين.

اتهامات متبادلة وإفلات من العقاب

إسرائيل قالت إن الهجوم جاء ردًا على هجمات إيرانية على مدنيين في أراضيها، بينما نفت إيران وجود أي نشاط عسكري داخل السجن، واعتبرت القصف "دليلًا على استهداف المدنيين بشكل متعمد". وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن الطرفين يمتلكان سجلًا طويلًا من الإفلات من المحاسبة في الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب.

دعوات لتحقيق دولي

دعت المنظمة إلى تحقيق مستقل وشامل في الانتهاكات التي ارتكبها طرفا النزاع بين 13 و25 يونيو/حزيران، مشددة على أن استهداف سجن مدني مكتظ يُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، قد يرقى إلى جريمة حرب.

إيران: الهجوم الإسرائيلي على "سجن إيفين" جريمة حرب مفترضة https://t.co/phAcVau7jw — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 14, 2025

برغم أن سجن إيفين ارتبط في الذاكرة الإيرانية والعالمية بملفات القمع السياسي، فإن قصفه ـ بحسب هيومن رايتس ووتش ـ أعاد إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول حدود العمل العسكري المشروع، وكلفة النزاعات على المدنيين، خصوصًا أولئك الذين وجدوا أنفسهم ضحايا مزدوجين بين سلطة السجن ونيران الحرب.

واندلعت الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية الأخيرة بين 13 و25 يونيو/حزيران 2025، في واحدة من أكثر جولات الصراع المباشر بين الطرفين دموية واتساعًا منذ عقود. بدأت المواجهات بهجمات صاروخية إيرانية استهدفت مدنًا ومناطق مأهولة في إسرائيل، تلتها ضربات جوية وصاروخية إسرائيلية على مواقع في عمق الأراضي الإيرانية، شملت منشآت عسكرية وبنية تحتية مدنية حساسة.

وتبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، وسط تقارير عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين، وتدمير واسع للممتلكات. ورغم توقف القتال بعد أقل من أسبوعين، فإن شدة الغارات واتساع نطاقها، بما في ذلك استهداف العاصمة الإيرانية طهران ومناطق حضرية إسرائيلية، أعادت النقاش الدولي حول مخاطر التصعيد المباشر بين قوتين إقليميتين مسلحتين، وإمكانية انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع.




مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس ووتش: قصف إسرائيل لسجن إيفين الإيراني جريمة حرب مفترضة
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يزور المواقع التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان: نفذنا أكثر من 600 غارة
  • محلل سياسي: تصريحات نتنياهو تنذر دول الطوق
  • كاتب سياسي: العزلة الدولية المتزايدة على إسرائيل قد تدفعها إلى السلام
  • نائب الرئيس الإيراني: حديث أمريكا عن تصفير التخصيب في إيران نكتة سياسية كبيرة
  • إيران: اعتقال 21 ألف شخص بعد الحرب مع إسرائيل
  • محلل سياسي: إسرائيل تمضي في مخطط التهجير والتدمير بدعم أمريكي
  • محلل سياسي: ترامب يدعم نتنياهو لفرض السيطرة على غزة بالكامل
  • مصدر استخباراتي: إعادة انتخاب ترامب مهّد الطريق أمام الهجمات الإسرائيلية على إيران
  • محلل سياسي: الجماعة ليست صاحبة مشروع فكري أو سياسي بل مجرد أداة بيد أجهزة معادية