عدنان برية يكتب: إلى العزيز أحمد حسن الزعبي
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
كتب: عدنان برية
العزيز أحمد حسن الزعبي..
تحية طيبة..
أرجو المولى – عزّ وجلّ – أن تصلك رسالتي وأنت تنعم بالحريّة، بعيداً عن قضبان السجن أو قضبان من أراد بك شراً أو قيداً.
مقالات ذات صلة اعتداء جديد على المصحف أمام سفارتي تركيا والعراق بالدنمارك 2023/08/12علمتُ بقرارِ معاقبتكَ بالسجن على بِضع كلمات، رددها كثير من الأردنيين في سرّهم، خشيةً مما قد يطالهم، وأعلنها قليلهم، بما تيسّر، غيرَ آبهِ بما يلحق، فالغاية والغنيمة هنا شعبٌ ووطن.
لستُ أكتبُ إليك لأُعلنَ تضامني معك، أو لأدين قراراً، غايته خلخلةُ إيماننا الراسخ بصباحات تليق بوطننا، بل لأروي لك حكاية، قد تسلي بها النفس في هذه العِتمة.
مُبكراً، حين كان الحُلُم جنيناً، راقَ الفتى شروق الشمس، فاستيقظ ليَرقُبه، ويرسمَ به أملاً يُغذي جذّوة الحياة، لينطلق بعدها في سعيٍ وجد، حتى يأتي المساء، فيعاودُ أدراجه على أمل الشروق التالي.
سنوات طويلة، خيوطُ الشمس تخترق العِتمة، يرقُبها، يسعى ويجد، ليعود المساء مُحملاً بشقائه، لا شيء يتغير، المخاض لا يأت.
تورّم الجنينُ في صدره، لكنه لم يختنق، شاخَ فقط، صار كهلاً قبل أن يولد، ولم ينتظر ذلك الصدر الطاهر، أو ربما الملعون، مِبضَع جرّاح لولادة قيصرية.
راهنَ على كل شيء، باستثناء الجرّاح، وخابَ رهانه.
حينها، لم تعُد خيوط الشمس تُلهم يومه، فغادرها إلى سُبات عميق، لا يفيق منه إلا على رائحة قهوةِ ثقيلة، وصُراخٍ مكلوم، وصوتٍ ضَجِر، ضاقت به الدنيا بما رحبت.
بعد انقطاعٍ طويل عن خيوط الشمس، وفي ذيلِ ليلة باردة، ربما منتصف كانون الثاني، أَفاقَ من سُباته فجأة، وصنع قهوته، على غير ما اعتاد، وتوارى خلف جنينه مُترقباً شروق الشمس.
لم يُطِل الانتظار، كان شروقها موحشاً، صفراءَ بلا نور، شمسٌ ثقيلة ومريضة، فصمتت العصافير عن زقزقتها، اختنقت بها، وفرّت بعيداً.
حاول إرجاعها، ذكّرها بالحُلم والجنين، ورتّل عليها “إذا الشمس كوّرت”، لكنها أعرضت عنه، فصرخ بها “أين تذهبون”، لم يلتفت منها أحد، وظل وحيداً في وحشته.
حينها، تصابى الجنين وَادَّكَر قصيدة لشاعر سوداني، من أصل نوبي غير عربي، يقول فيها:
هذا الزمانُ زمانٌ ليس يُنصفنا
نحنُ الرجالُ أُولي الأخلاق والرَشدِ
هذا الزمانُ وصوتُ الحقِّ منهزمٌ
أمَّا الفسادُ فيدوي فيهِ كالرَعِدِ
هذا الزمانُ كلَيْلٍ مُظلِمٍ نَحِسٍ
يغشى العيونَ فما ينفكُّ كالزبَدِ
خنافسُ الأرض تجري في أعِنَّتِها
وسابِحُ الخَيلِ مربوطٌ إلى الوتدِ
وأكرمُ الأُسْدِ مَحبوسٌ ومُضـطهدٌ
وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفهُ النَّاس يقضي في مصالحهمْ
حُكمَ الرويبضةِ المذكورِ في السنَدِ
فكم شُـجاعٍ أضاع الناسُ هيبتَهُ
وكمْ جبـانٍ مُهابٍ هيبـةَ الأسَدِ
وكم فصيحٍ أمات الجهلُ حُجَّتَهُ
وكم صفيقٍ لهُ الأسماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غَدا في غير موضعهِ
وكم وضيعٍ غَدا في أرفعِ الجدَدِ
دارَ الزمانُ على الإنسـانِ وانقلبَتْ
كلُّ الموازين واختلَّـتْ بِمُستندِ
رتّل الجنينُ الملعون القصيدة، طرِب الفتى ورقص فرحاً، إذ لا زال في الجنين روح صِبا.
لم يدم مقام الفرح به طويلاً، سرعان ما تبدد وتلبّد، وهو يُسأل عن حاله، وصحة وشايةٍ لعَسسِ أحد الموالي.
صمت، وفي فقه العارفين الصمتُ هِنة، وسلامة مُلطخة بالذل، لم يأبه، وخلد إلى فراشه مُتدثراً بِرثه.
واصل صمته حتى اليوم، ليتزيّن صباحهُ المتأخر ويتوشّح – مجدداً – بالصُفرة.
وللصمتِ بقية..
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!
لاشىء مهم قدر أهمية الأمن المصرى والإستقرار السياسى المصرى – أهم من كل الإدعاءات وكل الأفكار وكل الإبداعات – رغم أهمية هذه العناصر جميعها – إلا أن الأمن القومى والإستقرار السياسى هم دعامة حياتنا كمصريين، فلا يمكن أن نستمر فى حياتنا الإقتصادية والإجتماعية ( رغم عدم إرتياحنا إلى مستواها ) إلا أن مانعيشه نعمة من عند الله !! فالسياحة فى طريقها وفى نموها وفى سيوله حركتها إلى الوطن وإلى أرجائه، سواء جنوبًا أو غربًا أو شرقًا فالسياحة الأجنبية والعربية – تطمئن إلى مزاولة حياتها فى فترات سياحتها وراحتها فى بلادنا، كما يعيشون فى بلادهم وربما أكثر أمنًا من بعض العواصم الوافدين منها – وهذا بجانب أن الحياة رغم تكدس مواصلاتها وضيق الحياة المرورية فى شوارعها، ألا أن أيضًا السلوك المصرى ( رغم عدم سعادتنا به ) ألا أنها أكثر طيبة وأكثر حميمية من عواصم دول أخرى أيضًا، ومع ذلك – فإن الشارع المصرى رغم قذارته ورغم إهمالنا لأساسيات نظامه وحياته إلا أنه شارع طيب بمعنى الكلمة ( حنين ) على الأجنبى خاصة ولعل حركة البيع والشراء، وخاصة فى مطاعمنا الشعبية ( الفول والطعمية والكشرى والمسامط ) وكذلك مراكز الشواء للحوم مثل ( الرفاعى وأبو رامى ) وغيرهم من أسماء شعبية محترمة ومشهورة لدى كثير من زوار مصر
سواء أجانب أو عرب ورغم تواضع تلك المطاعم – لكن حميمية ومقابلة أصحابها والعاملين فيها لضيوفهم شيىء فوق الوصف وفوق الخيال، مما يجعل زيارتهم والطعام لديهم ضمن أجندة كثيرين من السياح المصريين وهذا بجانب المحلات الكبيرة والمطاعم الملحقة بالفنادق وكلها ذات سمعه طيبة لدى ضيوف مصر.
ولعل أيضًا الإستقرار السياسى والأمن القومى المصرى يجعل أيضًا المهنيين المصريين فى عملهم شبة مستقرين وإن ضاقت الحياة بالبعض أو الأغلبية لسياسات إنكماشية تتخذها فى بعض الأحيان الحكومة إلا أن الحياة تسير !!.
هذا بجانب الحرفيين والصنايعية وحتى الباعة الجوالة ( فى الإقتصاد الغير رسمى ) – كل هذه الفئات من المواطنين لديهم برامج عملهم – السلاسة مع مسيرة الحياة المستقرة الأمنة فى بلادنا، لذلك – فإن الأمن القومى المصرى – وحمايته والسهر عليه – ومعرفة أماكن تسرب الخطر سواء من حدودنا الشرقية عبر أنفاق رفح الحدودية أو من بعض مناطق حدودنا الجنوبية، أو حتى عبر البحر الأبيض المتوسط والأحمر كل هذا يتطلب السهر، والجدية والحزم، وعدم التهاون وعدم الإكتراث أيضًا لأصوات بالداخل إما أنها غير عالمة – أو أنها غبية أو أنها "عميله" والأخيرة أشك فيها، وأميل أكثر للغباء السياسى !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
[email protected]