لجريدة عمان:
2025-07-28@01:27:54 GMT

أعطني مسرحا لتكتمل الثقافة

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

للمسرح وعوالمه وكواليسه غواية محببة لا يمكن إنكارها، ولقدرته التواصلية المباشرة تفوّق لا يخفى، فمنذ تقاطعنا الأول تدريجيا مع خشبة المسرح المدرسي يكبر شعور الطفل بأهمية المسرح مساحة للضوء والتفاعل معا، فضاء للتعبير الانفعالي والتنفيس الشعوري والتواصل الجماهيري، منطلقا أول للصوت الفردي والعمل الجماعي، إعجابا متصلا بالتفاعل الآسر بين شخوص المسرح من جهة، وبينهم وبين الجمهور المحب من جهة أخرى، ونكبر لتكبر غوايتنا الجميلة بالفن الذي يملك سطوتي الحضور والتأثير معا، أستذكر كل ذلك مع أصداء مهرجان المسرح العماني الذي شهدته سلطنة عمان مؤخرا بعروض مختلفة تنافسا ومشاركة على مسرح العرفان في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، مهرجان المسرح العماني في نسخته الثامنة بتنظيم وزارة الثقافة والرياضة والشباب يعود بكل صخب انتظاره وشوق المترقبين من عشاق المسرح وأهله، شوق يليق بحضوره بعد طول غياب، وما ذلك إلا لما للمسرح حقيقة من أهمية في نقل الواقع وتحدياته عبر استنطاق ثقافة الحاضر بوسائل تتجاوز الحاضر ذاته إلى عوالم تراثية تاريخية، رمزية أو سحرية متخيلة.

المسرح أبو الفنون، عبارة لم تأت عبثا، لم تأت إلا تعبيرا عن قدرة هذا الفن على استيعاب وتذويب كل الفنون الأخرى بقدرات مبدعيه ومهارات عشاقه، هذا الفن المتضمن الأدب بكل تجلياته بداية من النثر مرورا بالسرد وحواراته وصراعاته التفاعلية وصولا لكبرى الملاحم الشعرية، المتضمن مهارة القدرة على تجسيد زمان ومكان الحدث بأدق التفاصيل، السجل المحتفظ بتوثيق العصر ومعطياته من المشترك والمختلف، تسير متلهفا لحضور عرض مسرحي وأنت تدرك أنك ستعيش تجربة متكاملة مختلفة لن تعدم فيها متعة الفنون جميعها من موسيقى وغناء ورسم وتمثيل، تسير متيقنا من فوزك بالمتعة والفائدة معا.

لكن هل المسرح متعة وحسب؟ هل يمكن لهذا السؤال ألا يكون مستهجنا بعد التأكيد على تضمن العرض المسرحي مجموعة من الفنون والآداب؟ فهل السرد متعة وحسب؟ هل التمثيل مجرد لهو؟ وهل الشعر محض ترفيه؟! يقينا لن تكون الإجابة بنعم، ولعلّ هذه الأسئلة وغيرها كانت منطلقا للهجوم على المسرح تاريخيا من بعض المحتجين على المسرح بادعاء عبثيته وترف حضوره، ادعاءات عرفها التاريخ لمجتمعات عرفت المسرح منذ قرون بعد إدراك أصحابها قوة تأثير العروض المسرحية في تعميق الوعي وتشكيل الرأي، منها أول حملات حظر العروض المسرحية في إنجلترا في القرن السادس عشر من قبل أعضاء البرلمان آنذاك، كل تلك التحديات التاريخية لم توقف المسرح عن أداء رسالته منذ قرون، وهي تحديات تؤكد أهميته دون أن تلغي وجوده فما كانت لتحدث لولا استشعار خطورة العروض المسرحية في قدرتها على تعميق الوعي الفكري، ونقد الذات والآخر، قدرتها على تعزيز قيم الإنسانية ومنظومة القيم الأخلاقية بعيدا عن الاستغلال والطبقية والتهميش، بل تجاوز كل ذلك لتشكيل مجتمعات فنية لاستيعاب مسرح المهمشين، والمسرح التعبيري، المسرح التاريخي والمسرح الواقعي، ثم مواكبة العصر في المسرح الفانتازي، ومن مواكبة العصر لا بد من التأكيد على ضرورة تفعيل وسائل الذكاء الاصطناعي والطفرة الرقمية خدمة لنتاج مسرحي أفضل.

كان المسرح وما زال من أهم وسائل التعليم والتثقيف، لذلك حرص المسؤولون من مثقفي الأمم على تغذية المسرح بالممكن من دعمهم فنيا (باستقطاب المهارات الإبداعية المتصلة بالمسرح، واستكتاب أفضل كتابها لتبني قضايا مجتمعية وأخرى إنسانية عامة، وتفرغ المبدعين ومشرفي العروض المسرحية)، ثم ماديا بعد فهم متطلبات المسرح ومراحل تنفيذ العمل الفني وصعوباته، وإن كان المسرح وسيلة للتثقيف والتنفيس معا -عبر ما يقدمه من صراعات درامية تصل بالإنسان إلى فهم طبيعته وإدراك صعوبات واقعه، وتمنحه القدرة على التأمل في مشكلاته النفسية وطبيعة الناس حوله - فإن ما نعيش اليوم من تحديات أولى بفسحة المسرح وفضاءاته القادرة على امتصاص الانفعالات اليومية والمرحلية والتنفيس عنها مما يمنح الفرد والمجتمع فرصة للتدبر في اتخاذ قرار التأقلم أو المواجهة.

ختاما: رغم كل ما قد يطال المسرح من ادعاءات حول عبثيته وترف حضوره، إلا أنه يثبت جدواه التثقيفية وتمثله الدرامي للواقع الحقيقي بين صراعات مأساة، ومفارقات ملهاة، قدرة المسرح على تعميق الوعي، يعول عليها، وإمكاناته التواصلية التكاملية بين أعضاء فريق العمل بمختلف أدوارهم وبينهم وبين الجمهور يُعوّل عليها، وتعزيز هذا الفن بالممكن من الدعم والدائم من تمكين يُعوّل عليه، لن يعود المرء بعد العرض المسرحي صفرا من متعة أو فائدة، (وقد يفوز بهما معا) ولا يعود هو ذاته قبل العرض؛ يعود مُتخففا من كثير أو مُثقلا بالكثير وفي الحالين هي نتيجة طبيعية لوعي مضاعف وإدراك أعمق؛ لكل ذلك ينبغي لنا جميعا أن نرحب بعودة المهرجان المسرحي بعد غياب.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العروض المسرحیة

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تقترب من الاحتفاظ بلقب «مونديال الفنون القتالية» بالعين

العين (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «الإمارات للدراجات».. موعد مع «النجمة الرابعة» في «طواف فرنسا» روسيا تعلن تحقيق تقدم كبير في أوكرانيا


تواصلت منافسات فئة الناشئين A (16 - 17 عاماً) ضمن فعاليات اليوم السادس من بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة للناشئين، التي تُقام في منطقة العين حتى يوم الأحد، برعاية كريمة من سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وبالتعاون مع دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي.
وشهدت النزالات ارتفاعاً ملحوظاً في مستوى المنافسة، مع اقتراب البطولة من محطتها الختامية، حيث واصل عدد من المنتخبات تعزيز مواقعها في جدول الترتيب، وعلى رأسها منتخب أوكرانيا، الذي بات قريباً من الاحتفاظ بلقبه، وسط مزاحمة قوية من منتخب إنجلترا الذي يواصل تحقيق نتائج لافتة تبقيه في دائرة المنافسة.
ويُسدل الستار يوم الأحد على منافسات البطولة، مع ختام نزالات فئة الناشئين A، والتي تُعد حاسمة لتحديد أصحاب المراكز الأولى في جدول الترتيب العام، وسط متابعة حثيثة من الجماهير والوفود الدولية.
وقال محمد جاسم الحوسني، عضو لجنة الفنون القتالية المختلطة في اتحاد الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة: «تجسّد النسخة السادسة من البطولة المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات على خريطة الفنون القتالية المختلطة عالمياً، والنسخة الحالية تمثل نموذجاً يُحتذى به في التنظيم المتكامل، والاستضافة التي تجمع بين الاحترافية العالية والأثر المجتمعي الإيجابي، إلى جانب المشاركة الدولية الواسعة التي تعكس الثقة الكبيرة للدولة من مختلف الاتحادات والوفود، كما أن ما نشهده من زخم جماهيري وتنافس قوي بين اللاعبين يؤكد نجاح الرؤية الاستراتيجية للاتحاد في ترسيخ هذه الرياضة، وصناعة أجيال جديدة قادرة على تمثيل بلدانها في أقوى البطولات».
وقالت جيليان بينسافاليس، والدة فالنتينا بينسافاليس لاعبة منتخب إنجلترا الفائزة بذهبية فئة الناشئين A وزن البانتام 61 كجم: «حضرنا من إنجلترا من أجل المشاركة في هذه البطولة المهمة، وسعداء للغاية بهذا الإنجاز وتحقيق الذهبية، خاصة أن الموضوع تطلب الكثير من التجهيز والتحضير، وخوض نزالات قوية أمام لاعبات متميزات، وأحببنا التجربة للغاية، منطقة العين في الحقيقة رائعة، والأجواء في البطولة حماسية ومميزة، ونتطلع إلى العودة والمشاركة في العام المقبل».

مقالات مشابهة

  • انطلاق مهرجان «صيف الأوبرا 2025» لأول مرة داخل استاد الإسكندرية
  • الزمالك يقترب من تمديد عقد حسام عبد المجيد بعد رفض العروض الأوروبية
  • أوكرانيا تقترب من الاحتفاظ بلقب «مونديال الفنون القتالية» بالعين
  • مدرب نيوكاسل: إيزاك باقٍ رغم العروض وغيابه بسبب الإصابة
  • ألكسندر إيزاك يرفض عرض الهلال.. ويواصل مشواره في الدوري الإنجليزي
  • أكاديمية الفنون تفتح باب التقديم لمسابقة أفضل مقال عن الأفلام القصيرة جدا
  • محافظ قنا يزور أديرة نقادة استعدادًا لانطلاق مهرجان الفنون والحرف التراثية| صور
  • برونزية جديدة لمنتخبنا في مونديال الفنون القتالية بالعين
  • هدف يعلن عن دورات تدريبية مجانية
  • العروض تنهال على موهبة ريال مدريد