طارق مصطفى سلام: بعد عام من الطوفان.. اعصارنا قادم
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
ونحن نعيش الذكرى الأولى لعملية طوفان الاقصى تعود بنا الذاكرة الى لحظاتها الاولى ومشاهدها العظيمة التي نقلتها لنا عدسة الكاميرا وشاهدناها بكل بهجة واستبشار وهي تزلزل اركان العدو المحتل وتهد كيانه الغاصب ، في ملحمة بطولية سطرها المقاومون الابطال في سبيل الحرية والكرامة والدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات .
ان مرور عام على هذه المعركة البطولية والطوفان المستعر وشعبنا الفلسطيني اليوم يسجل اعظم مراحل الصبر والثبات في مواجهة آلة الارهاب الصهيوني والدمار والاجرام بأقسى صورها المظلمة وتفاصيلها المؤلمة والتي لم تتوقف ليوم واحد على مدى عام كامل يجعلنا نقف اجلالا واكبارآ لعظمة هذا الثبات والاصرار والعزيمة على مواجهة هذه الغطرسة الإجرامية والخذلان المهين من اشقاءهم العرب الذين مالبثوا ان تواروا عن الانظار وحجبوا اعينهم عن مشاهد الموت والقتل والدمار الذي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عام كامل.
ان الشعب الفلسطيني والمقاومة الإسلامية اليوم وهم يسطرون أعظم ملاحم البطولة والشرف العالم في مواجهة أعتى طغاة الارض وابشعهم بكل صبر وثبات وعزيمة واصرار لم يستسلموا فيها او يتنازلوا ولم يرفعوا الراية البيضاء امام عدوهم الجبان، بل ازدادوا تمسكاً ثباتاً على ثوابتهم التي أرسوى قواعدها بدماء واشلاء الأبرياء الذين استشهدوا في سبيل تلك القضية العادلة في غزة ولبنان واليمن ومن مختلف البلدان التي وقفت في هذه المعركة المفصلية.
ومما لاشك فيه ان المقاومة اليوم ومن خلفها جميع الشعوب العربية والإسلامية الحرة وهي تطوي عام من الصمود والثبات رغم ماحمله من المأسي والاحزان الا ان عازمة باذن الله على المضي في طريق المقاومة والجهاد والكفاح والاقتصاص لدماء الشهداء الابرار وتحقيق اهدافها بشتى الوسائل والإمكانيات الممكنة والمتاحة.
ان العدو الصهيوني اليوم وهو يحمل وراءه عام من الهزيمة والانكسار يدرك انه على اعتاب اعصار قادم لن تكون فيه المقاومة كما كانت عليه في طوفان الاقصى خلال العام الماضي ، بل وانه على علم ايضا أن امكانياته العسكرية والأمنية والاقتصادية في اسوى حالاته بعد انهيارات تلك الترسانات المهولة والانظمة الفتاكة على ايدي الابطال وضرباتهم المباركة وصمودهم الأسطوري التي حولت تلك الآلة الإجرامية الى أضحوكة للعالم وعرت حقيقتها الفاضحة والهزيلة.
محافظ عدن
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
سلام القبور.. وشرم الشيخ التي صمتت على بكاء غزة
ذهب اليوم ترامب إلى الكنيست، وخطب لمدة ساعة، يطلب من الرئيس الإسرائيلي العفو عن نتنياهو، واصفًا إياه بأنه “أعظم رجل رأيته أثناء الحرب”. ثم غادر مسرعًا إلى شرم الشيخ، حيث كانت طائرات الأمراء والرؤساء العرب مصطفة، تنتظر “الرجل الفاتح” الذي جاء ليعلن السلام، بعد سبعين ألف قتيل من الأطفال والنساء والشيوخ، وبعد أن دُمّرت غزة عن بكرة أبيها. جاء ليمنح جزار الحرب ميدالية “السلام” على أكبر إبادة شهدتها البشرية المعاصرة.
هنيئًا للأمة العربية والإسلامية بهذا اليوم “التاريخي”، وبهذا الاستقبال “الدستوري” للرجل الذي أطلق على النار اسم “السلام”. فبعد هذا اليوم سيعود نتنياهو ليعلّق من جديد خارطة “إسرائيل الكبرى” الممتدة من النيل إلى الفرات، وستُرفع رايات الوصاية على القدس تحت مسمى “الوصاية المسيحية الإنجيلية”، فيما تتحول القاهرة – وفق أوهامهم – إلى عاصمة الدولة العبرية الجديدة. تلك ليست خيالات سياسية، بل خرافة توراتية تتحول إلى مشروع سياسي-عسكري تدعمه العقيدة الصهيونية-الإنجيلية، التي يتبناها ترامب ومن خلفه تكتل الإنجيليين الجدد في واشنطن.
نحن لسنا ضد اليهود، ولا ضد الديانة اليهودية التي نؤمن بأنها ديانة سماوية منبعها الوحي الإلهي، وأتباعها أبناء عمومتنا في التاريخ والإيمان. ولكننا ضد المشروع الصهيوني-الإنجيلي الذي اختطف الدين ليبرر الاحتلال والقتل والتطهير العرقي. هذا المشروع لا يستهدف أرضًا فقط، بل يسعى لإلغاء هوية الأمة، ومحو إرثها الديني والحضاري، تحت خرافة “عودة المسيح” التي تتطلب – في عقيدتهم – إبادة ملايين المسلمين وهدم المسجد الأقصى لإقامة “الهيكل”.
المفارقة أن ذات اليوم الذي اصطف فيه الزعماء في شرم الشيخ لرسم خارطة “السلام”، كان هو نفسه اليوم الذي مات فيه أطفال غزة جوعًا تحت الأنقاض. “آمنة”، و“علي”، و“أيمن” وغيرهم من أطفال غزة، لفظوا أنفاسهم الأخيرة بينما كانت الأضواء تلمع في قاعة الاستقبال، وعدسات الكاميرات تلتقط ابتسامات القادة. أي سلام هذا الذي يُرسم على موائد الدم؟ وأي شرعية أخلاقية يمكن أن يحملها اتفاق تُوقع أوراقه على أنقاض البراءة؟
لقد انقلب مفهوم “السلام” في القانون الدولي إلى أداة تبرير لهيمنة الأقوياء. فبدل أن يكون وسيلة لحماية المدنيين، صار وسيلة لشرعنة القتل وتجميل الاحتلال. المبدأ القانوني القائل بأن “العدالة أساس السلام” تم استبداله بسياسة “السلام مقابل الصمت”، في تناقض صارخ مع مقاصد ميثاق الأمم المتحدة الذي نصّ على “حظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول”. واليوم يُكافأ المعتدي ويُعاقَب الضحية، ويُسدل الستار على جريمة الإبادة باسم “السلام الشامل”.
من الناحية القانونية، ما جرى ويجري في غزة لا يندرج إلا تحت مفهوم جرائم الحرب والإبادة الجماعية المنصوص عليهما في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، وخاصة المادتين 6 و8 منه. أما الصمت العربي والدولي فهو مشاركة ضمنية في الجريمة، لأن القانون الدولي لا يعترف بـ“الحياد” في مواجهة الإبادة. إن الامتناع عن إنقاذ المدنيين، أو دعم من يرتكب الجريمة، يشكل مشاركة غير مباشرة في الفعل المجرّم.
لكن أخطر ما في المشهد ليس القتل ذاته، بل تحويل القتلة إلى “صنّاع سلام” والمجرمين إلى “أبطال دبلوماسية”. إن العالم اليوم يعيش انقلابًا أخلاقيًا حقيقيًا، حين تُمنح الميداليات على أنقاض الطفولة، ويُكرم السفاح باسم الإنسانية. والأنكى أن بعض الحكومات العربية باتت تُصفق لذلك بدعوى الواقعية السياسية أو المصالح الاستراتيجية، متناسية أن القانون الدولي ذاته قام على فكرة أن “الحق لا يسقط بالتقادم، وأن دماء الأبرياء لا تُقايض بالصفقات”.
إن ما يجري اليوم ليس مجرد انحراف سياسي، بل انهيار لمفهوم العدالة في العلاقات الدولية. لقد سقطت الأقنعة، وسقطت معها هيبة القانون، حين أصبحت شرم الشيخ مسرحًا لتكريم المجرمين بدل محاكمتهم، وحين صار الصمت هو الثمن الذي يُدفع لقاء البقاء في مقاعد السلطة.
سلام بلا عدالة هو سلام القبور، وسلام بلا كرامة هو هدنة الجبناء. ولعنة الله على سلام الزعماء حين يُبنى على موت الأطفال، وعلى كل يد صافحت الجزار بينما يداه ما زالتا ملطختين بدماء غزة. فالتاريخ لا ينسى، والقانون لا يُدفن، والضمير الإنساني – مهما خُدر – سيستيقظ يومًا ليحاكم الجميع.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.