قالت دار الإفتاء إن  حِكمة الله تعالى وسُنَّته جرت على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذا في الأمكنة والأزمنة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، ثم اصطفى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33]، ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.

هل انتشار النمل والحشرات له علاقة بالحسد؟.. دار الإفتاء تجيب دار الإفتاء تكشف عن صيغ الحمد الواردة في السنة النبوية


وأضافت الدار : ولما كانت كثرة الأسماء وتعددها دليلًا على شرف المسمى ومكانته، بلغت مكة من كثرة الأسماء ما لم يماثله فيه غيرها من القرى والبلدان إلا المدينة المنورة.

قال الإمام النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (3/ 332، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ كثرة الأسماء تدل على عِظَم المسمَّى؛ كما في أسماء الله تعالى، وأسماء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا نعلم بلدًا أكثر أسماء مِن مكة والمدينة؛ لكونهما أفضل الأرض، وذلك لكثرة الصفات المقتضية للتسمية] اهـ.

ومن الأسماء التي اختصت بها مكة المكرمة "أم القرى"؛ حيث قال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام: 92]، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: 7].

وللعلماء في بيان سبب تسميها بأم القرى عدة تفسيرات ومنها:

أنها سميت بذلك؛ لأن الأرض دحيت من تحتها، أي: بسطت، فصارت كأنها تولدت عنها كما يتولد الأبناء عن الأم؛ قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (1/ 108، مؤسسة الرسالة): [وقد قيل إن مكة سميت "أمَّ القُرى"؛ لتقدُّمها أمامَ جميعِها، وجَمْعِها ما سواها. وقيل: إنما سُميت بذلك؛ لأن الأرض دُحِيَتْ منها فصارت لجميعها أمًّا] اهـ.

وقال العلامة مكي بن أبي طالب في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (3/ 2102، ط. جامعة الشارقة): [وأم القرى: مكة، (ومن حولها): شرقًا وغربًا. وسميت: "أُمَّ القرى"؛ لأن الأرض دُحيت منها، أي: بُسِطَت] اهـ.

ومنها: أنها سميت بذلك؛ لكونها أعظم القرى شأنًا، فجميع الناس والقرى يقصدونها ويؤمونها فصارت لهم بمنزلة الأم، أو لأن أول بيت وضع للناس كان بها؛ قال العلامة الزَّجَّاجُ في "معاني القرآن وإعرابه" (2/ 271، ط. عالم الكتب): [وأُمُّ الْقُرَى مكة؛ سميت أُمَّ الْقُرَى لأنها كانت أعظم القرى شأنًا] اهـ.

وقال العلامة السمرقندي في "بحر العلوم" (1/ 501، ط. دار الكتب العلمية): [وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دُحِيَتْ من تحت الكعبة. ويقال: لأنها مثلث قبلة للناس جميعًا، أي: يؤمونها. ويقال: سميت أم القرى؛ لأنها أعظم القرى شأنًا ومنزلة] اهـ.

وقال العلامة ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1345، ط. نزار مصطفى الباز): [أما أم القرى فهي مكة، وإنما سميت أم القرى لأن أول بيت وضع بها] اهـ.

ومنها أنها سميت بذلك؛ لكونها أقدم القُرى وأشهرها؛ قال العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (7/ 372، ط. الدار التونسية): [وإنما سميت مكة أم القرى؛ لأنها أقدم القرى وأشهرها، وما تَقَرَّتِ القرى في بلاد العرب إلَّا بعدها، فسماها العرب أم القرى، وكان عرب الحجاز قبلها سكان خيام] اهـ. 
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء مكة المكرمة أم القرى الإفتاء الله تعالى قال تعالى أم القرى ال ق ر ى م القرى سمیت أ

إقرأ أيضاً:

غوغل تثير الجدل.. تغيير تسمية «الخليج الفارسي» في خرائطها!

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، قامت شركة غوغل بإعادة تسمية “الخليج الفارسي” إلى “الخليج العربي” في تطبيق خرائطها لبعض المستخدمين، مما أثار تساؤلات حول دوافع هذه التسمية الجديدة، حيث يأتي هذا التغيير في وقت حساس تتقاطع فيه التوترات السياسية الإقليمية مع الضغوط العربية المستمرة لتغيير التسمية التاريخية لهذه المنطقة المائية التي تحظى بأهمية استراتيجية كبرى.

وقال مستخدمون في منطقة الشرق الأوسط إن التطبيق بدأ يعرض اسم “الخليج العربي” عند البحث باستخدام مصطلحات مثل “Arab Gulf” أو “Persian Gulf”.

ولم تقدم غوغل أي تفسير رسمي لهذا التغيير حتى الآن، مما أثار تساؤلات حول دوافع القرار، ويأتي هذا التغيير في سياق تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اقترح تغيير اسم الخليج إلى “الخليج العربي”، وهو ما يعكس استمرار الضغوط السياسية العربية لدفع باتجاه استخدام هذه التسمية.

من جانبها، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خطوة ترامب بأنها ذات دوافع سياسية وعدائية، معتبرًا أن أي تغيير في التسمية لن يكون له شرعية أو تأثير قانوني أو جغرافي، وأشار إلى أن ذلك سيثير غضب الإيرانيين داخل البلاد وخارجها.

وتعرف هذه المنطقة المائية الواقعة قبالة السواحل الجنوبية لإيران تاريخيًا باسم “الخليج الفارسي” منذ القرن السادس عشر، على الرغم من أن العديد من دول الشرق الأوسط تستخدم تسمية “الخليج العربي”.

في السابق، هددت الحكومة الإيرانية في عام 2012 بمقاضاة غوغل بسبب قرارها عدم تسمية هذا المسطح المائي في خرائطها،  وداخل الولايات المتحدة، تعرض خرائط غوغل اسم “الخليج الفارسي (الخليج العربي)”، بينما تلتزم خرائط آبل بتسمية “الخليج الفارسي” فقط.

هذا وتعد تسمية الخليج الفارسي إحدى المسائل التاريخية والجغرافية المثيرة للجدل بين إيران والدول العربية في منطقة الخليج، ويُعرف هذا المسطح المائي باسم “الخليج الفارسي” منذ القرن السادس عشر، ولكن دولًا عربية عديدة تفضل استخدام مصطلح “الخليج العربي” في إشاراتها لهذا الخليج الذي يفصل بين شبه الجزيرة العربية وإيران.

ويتجدد الجدل حول التسمية بين الحين والآخر، حيث شهدت المنطقة العديد من التوترات السياسية المرتبطة بهذا الموضوع، خاصة في ظل الضغوط المستمرة من الدول العربية لتغيير التسمية التاريخية، وفي هذا السياق، كانت خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اقترح تغيير التسمية إلى “الخليج العربي”، جزءًا من هذا التحرك السياسي، مما أثار ردود فعل قوية من إيران.

مقالات مشابهة

  • ضوابط تسمية المولود في الإسلام .. تعرّف عليها
  • عُمان صوت العقل ونهج الحكمة
  • لتمكين المرأة في صعيد مصر: إصدار بطاقات رقم قومي وتوعية مجتمعية في كوم أمبو
  • المكسيك تقاضي جوجل بشأن تسمية «خليج أمريكا»
  • تطهير الترع والمصارف ورش القرى والضواحي حفاظًا على البيئة وصحة المواطنين
  • المركز الكاثوليكي للاعلام: لاعتماد تسمية البابا لاوون الرابع عشر
  • إعادة تدوير الوجوه في انتخابات طرابلس
  • لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟ الأزهر للفتوى يجيب
  • هل غيرت Google تسمية الخليج من الفارسي إلى العربي؟
  • غوغل تثير الجدل.. تغيير تسمية «الخليج الفارسي» في خرائطها!