البوابة نيوز:
2025-10-16@07:03:42 GMT

منير أديب يكتب: سيادة لبنان ما بعد الحرب

تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دائمًا ما تبحث لبنان عن نفسها وسط الحروب والصراعات؛ سواء كانت الحرب الأهلية التي استمرت ما بين عامي 1975 و1990 أو حتى الحروب الإسرائيلية على لبنان بدءًا من الهجوم الأول في العام 1978 واجتياحها في العام 1982 أو حتى حرب عام 2006 وأخيرًا وليس آخرًا حرب أكتوبر عام 2004.

الحقيقة أنّ إسرائيل وراء جزء كبير من نكبات لبنان المتسامح رغم وجود عدد كبير من الطوائف بداخله؛ صحيح كانت هناك حرب أهلية استمرت قرابة خمسة عشر عامًا ولكنها انتهت بعد اتفاق الطائف في العام 1989 ومن قبله تسامح اللبنانيين، فهم أكثر الشعوب تسامحًا وحبًا للحياة، وهو ما يبدو مع كل صراع أو حرب.

بداية الحرب الأهلية في لبنان كان له علاقة بوجود الفلسطينين المهجرين؛ وهنا تبدو إسرائيل في جملة مفيدة حتى في الخلافات اللبنانية والحرب التي استمرت بين طوائفة عقد ونصف من الزمان، إلى أنّ انتهت الحرب، ولا أحد يستطيع أنّ يُزايد على الدور اللبناني التاريخي في دعم القضية الفلسطينية ولا في إيواء الفلسطينين واحتضانهم.

الاجتياح الثاني للبنان من قبل القوات الإسرائيلية كان في العام 1982 وسيطرت وقتها على أجزاء من العاصمة بيروت وقتلت قرابة 14 ألف لبناني، ولم تنسحب إلا في العام 1985، وهنا كانت بدايات تشكل حزب الله عسكريًا، ثم وقعت مجزرة إسرائيل الأشهر صبرا وشاتيلا في نفس العام ونفس الشهر أيضًا.

السيادة اللبنانية تبدو منقوصة من حيث عدم وجود رئيس للجمهورية قبل أكثر من عامين، وبالتالي عدم وجود حكومة، فالقانون اللبناني يربط تشكيل الحكومة باختيار رئيس الجمهورية، وهو ما لم يحدث قبل أكثر من 720 يومًا.

الأزمة تبدو في اتفاق القوى السياسية والتي تُشكل الطوائف في الداخل، ومن أبرزها حزب الله اللبناني، وهو موال في سياسته لإيران، أعلنها ومازال بوضوح شديد، حيث قال السيد حسن نصر الله في احدى خطاباته،: إنّ أموال الحزب وأسلحته وتدريبه من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأننا نعتبر لبنان ليست جمهورية إسلامية ولكن جزء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يحكمها الولي الفقيه.

ولذلك مثل حزب الله فيتو قويا ضد اختيار رئيس الجمهورية، بل أراد أنّ يفرض رئيسًا للجمهورية، ولهذا عطل الاختيار فعطل الدولة وأضعف من بنيتها، وهنا نُشير بوضوح أنّ نشأة الحزب جاءت على خلفية الاجتياحات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية!

الأمر لا يختلف كثيرًا عن نشأة داعش، مع الفارق في التسمية، والتي جاءت على خلفية الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 عندما أُعلن عن نشأة الدولة الإسلامية في العراق ثم في العراق والشام كقوة معارضة ومقاومة للإحتلال الأمريكي في هذا الوقت.

ومنذ هذا التاريخ وحتى هذه اللحظة فإنّ لبنان والعراق تبدو سيادتهما منقوصة بسبب الإحتلال الإسرائيلي والأمريكي، وكل منهما عملا على تفتيت الوحدة الداخلية كقوة محتلة، بل وإثارة القلاقل والفوضى والإختلاف بين أبناء الشعب الواحد.

استعادة لبنان لسيادتها الحقيقية ليس في وقف الحرب الإسرائيلية ولا في هذه الهدنة التي تخترقها إسرائيل ومتوقع أنّ تفشلها في أي وقت، ولكن في تحقيق البناء الداخلي بحيث تستعيد لبنان نفسها من داخلها، وتُدرك الأحزاب والقوى السياسية بأنه لا يمكن مواجهة العدو الخارجي إلا بالإتفاق على أجندة واحدة، فيعمل الجميع وفق هذه الأجندة لا غيرها بحيث يكون فيها القرار داخلي.

حدد رئيس مجلس النواب اللبناني جلسة برلمانية موعدها 9 يناير المقبل لاختيار رئيسًا للجمهورية، ويبدو أنّ حزب الله والقوى السياسية المتحالفة معه سوف تبدي رغبتها في انجاز المهمة والاستقرار على اختيار الرئيس، وهو ما تستحقه لبنان بدون حرب ولا هدنه لتحقيقة.

التحرير وامتلاك القوة لابد أنّ يكون من الداخل أولًا بحيث تتحرر القوى السياسية من أي تبعيه خارجية مهما كانت، وأنّ يتم تقوية الجيش اللبناني ومؤسساته الداخلية، فهي التي تُعبر عن اللبنانيين لا غيرهم، وهي القادرة على أخذ قرار الحرب والسلم وفق المصلحة العربية واللبنانية في نفس الوقت.

صحيح شعر اللبنانين بارتياح شديد بعد قرار الهدنة وبدأت عملية عودة للنازحين الذين تركوا ديارهم في الجنوب، ولكن لابد أنّ يستغل هؤلاء اللبنانيين والقوى السياسية ما حدث في الحرب الإسرائيلية الأخيرة، من أجل بناء مؤسسات قوية ودولة عميقة تستطيع أنّ تدافع عن مصالحها وسيادتها في نفس الوقت، ولابد أنّ يكون التحدي في مواجهة الداخل أولًا قبل مواجهة الخارج.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هدنة لبنان الحرب الأهلية في لبنان لبنان حزب منير أديب فی العام حزب الله رئیس ا

إقرأ أيضاً:

أحمد عاطف آدم يكتب: صور غزة بين الذهاب والعودة

في الثلث الأخير من سبتمبر الماضي، قام أحد الهواة القريبين من مسرح عمليات القصف الغاشم لقوات الاحتلال شمال غزة، بتسجيل فيديو قصير يعبر عن صورة مضيئة لكفاح من نوع خاص، بطله طفل فلسطيني يدعى "جدوع"، لم يتجاوز عمره السبع سنوات، وهو يحمل شقيقه الرضيع على كتفيه الضعيفين، ويهرب به بعيدًا عن القتال، في لحظة تجسد اختلاط المشاعر الإنسانية بين قوة عزيمة البطل الغزاوي، الذي اعتمد على الله وحده أثناء هرولته، رغم صعوبة المهمة الملقاة على جسده الهزيل، وبين خوفه من الفشل في النجاة، ثم  نادى بصوت تقشعر له الأبدان قائلًا: يا أمي، كأنه يستنجد بها، وهو لا يراها أمامه.. ثم شاهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الفيديو المنتشر، وأصدر أوامره على الفور للجنة المصرية المعنية بدعم أهالي القطاع المدمر، قبل أن ينجح فريقها في الوصول "لجدوع" وشقيقه، وسلموهما إلى خيمة تابعة للمخيم المصري المخصص لاستقبال الحالات الإنسانية، وحظيا برعاية كاملة.

صورة أخرى لا تقل روعة عن سابقتها، تصف تفاصيلها الفرحة العارمة لأهل غزة، بعد لحظات فارقة نجحت خلالها الجهود التفاوضية الأخيرة التي احتضنتها القاهرة، في الوصول لصيغة اتفاق ينهي هذا الصراع المرير، وينص ضمن أهم بنوده على عودة الغزاويين إلى ديارهم، تمهيدًا لتنفيذ باقي البنود، ويأتي على رأسها إعادة الإعمار،، وفي خضم تلك التطورات الإيجابية نقلت عدسات بعض الفضائيات أحداث النزوح الجماعي المهيب لمئات الآلاف، من الجنوب إلى الشمال، وقد شاهد الذين وصلوا بالفعل إلى هناك، مناطق سكنهم وهي مستوية بالأرض - مجرد حطام ببيت حانون وجباليا ومعظم مدينة غزة، أكوام من الإسمنت المفتت والحديد الملتوي، والغبار الكثيف يغطي المكان، بالإضافة لأحاسيس لا توصف لمن على يقين بوجود رفات الأهل والاحباب، وهم مازالوا تحت الأنقاض، يحملون معهم ذكرياتهم السعيدة قبل العدوان الغاشم.

ورغم تشابك المشاعر الإنسانية بين فدائية ورهبة الطفل الفلسطيني "جدوع" في الصورة الأولى، وبين الحزن الممزوج بالأمل في غدٍ مشرق تكفله إرادة التمسك بالأرض العربية الغالية حتى الموت في الصورة الثانية - تفرض صورة أخرى نفسها - على تلك المقارنة الملهمة، وتبين بما لا يدع مجالًا للشك الفجوة الكبيرة بين مشاعر صاحب الحق ومغتصبه،، حيث تظهر فيها وجوه هزيلة بائسة لجنود الاحتلال، بعد سماعهم خبر انتهاء الصراع، وفرحتهم المدوية بخبر عودتهم إلى سكناتهم الصاخبة بالترف والمجون، على أرض ليست أرضهم - ولن تكون - عليها سفكت دمائهم الغير طاهرة انتحارًا من اليأس والرعب، وعليها عاد زملائهم إلى مدنيتهم المشوهة بأمراض نفسية لا شفاء منها - هنا تجد عزيزي القاريء بأنه شتان الفرق بين هذا وذاك.

في النهاية لا يجب أن ننسى بأي حال من الأحوال تذكر موقفنا المشهود، كدولة قالت كلمتها العليا لتحقيق المعادلة الصعبة، والخروج من هذا المشهد المعقد دون خسائر للأشقاء - بلا للتهجير - تلك الجملة القصيرة التي كتبتها مصر باللون الأحمر، ونطق بها رئيسها بجسارة ووضوح يحسد عليه، رغم ضغوط كثيرة لم تثنيه عن الحق، بل أمر باصطفاف جنودنا البواسل على طول خط المواجهة، في قرار شجاع يعكس قيمة صانعي القرار بأرض الكنانة على مر التاريخ،، وربما تلهم تلك الرسائل العظيمة من الصمود والصبر شباب مصر  بأن يتسلحوا دائمًا بالإيمان والعلم، وأن يتمسكوا بضمير حي لا يتزعزع عن نصرة الحق،، ويقول المولى سبحانه وتعالى بصورة البقرة، بسم الله الرحمن الرحيم {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم.

طباعة شارك غزة جدوع أهل غزة

مقالات مشابهة

  • عون مطمئن لعدم عودة الحرب الإسرائيلية وإجتماع روتيني للجنة وقف إطلاق النار
  • كلفة الحرب الإسرائيلية على لبنان أكثر من 11 مليار دولار
  • رئيس جامعة الأزهر يشيد بحكمة القيادة السياسية في وقف الحرب على غزة
  • أحمد عاطف آدم يكتب: صور غزة بين الذهاب والعودة
  • الكتائب ترحب بوقف النار في غزة وتدعو لتسويات تحفظ سيادة لبنان
  • ماذا كشفت حرب غزة عن لبنان؟ الأمرُ عسكري
  • الرئيس اللبناني: لا بد من التفاوض مع اسرائيل لحلّ المشاكل العالقة بين الطرفين
  • رئيس لبنان يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل المشاكل وتجنب الدمار
  • تهديد من «سجن رومية» اللبناني: سنحرق السجون كما أحرقتم مستقبلنا
  • الرئيس اللبناني: "لا بد من التفاوض" مع اسرائيل لحلّ المشاكل العالقة