شبكة انباء العراق:
2025-10-08@02:34:45 GMT

“رجال الله… أبناء العزّة والصمود”

تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT

بقلم : سمير السعد ..

في فجرٍ تغشاه أصوات الانفجارات، وتكتنفه رائحة البارود، عند الرابعة بتوقيت الرجولة، أطلّت الإجابة التي انتظرتها طويلاً. كان السؤال في داخلي منذ سنوات، سؤالاً يتردّد في أعماق قلبي البائس ذات يوم: “من لكم يا أبناء فاطمة؟”
لكنّ التاريخ لا ينسى، والإرادة لا تُهزم. عندما وقف رجال الله، أبناء المقاومة، في الميدان، أدركتُ أن العزة والكرامة لها رجال صدقوا عهدهم مع الله.

أولئك الذين إذا استشهد قائدهم في أول المعركة، حملوا الراية وكملوا المسير حتى النصر.
لولا قوّتهم وإرادتهم، لَما ردعوا عدوّاً لا يعرف رحمة، عدوّاً يقتلع كل جميل في طريقه. لكنّهم كانوا هناك، رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا حُصوناً من الكرامة، وشُعلة أمل تتّقد بين الظلام.
إنّهم أبناء نصر الله الشهيد، شهيد الإسلام وعزّته. منهم تعلمنا معنى التضحية، وأدركنا أن العزّة لا تُشترى، بل تُنتزع بدماء الأحرار.
في لحظات الفجر تلك، بين أزيز الطائرات ودوي المدافع، ولدت الإجابة: “لنا رجال إذا قالوا فعلوا، وإذا وُعدوا وفوا، وإذا حملوا الراية لم يتركوها حتى يرتفع نداء النصر”.
هكذا، أنتم يا أبطال ، منارة المجد وشمعة الأمل في عتمة الأيام.
في كلّ معركة، يُسطّر أبنائه ملاحم البطولة والصمود، يكتبون تاريخاً يُخلّد في ذاكرة الأجيال. هم ليسوا مجرّد مقاتلين، بل رمزٌ لحكاية أمةٍ ترفض الذل، وأسطورة مقاومةٍ لا تُهزم أمام الطغيان.
بينما كان العالم يتفرّج، وبينما كانت العواصم تتواطأ بالصمت أو التشفي، وقفوا هم وحدهم في وجه آلة القتل والتدمير. لم يهابوا قصفاً ولا حصاراً، ولم تثنِهم خسارة الأحبة ولا ألم الجراح. فقد أدركوا أنّ المعركة ليست مجرّد حرب على الأرض، بل معركة وجود، معركة قيم، معركة بقاء أمة بأكملها.
أبنائك لم يحملوا السلاح فقط، بل حملوا في قلوبهم يقيناً أنّ النصر وعدٌ من الله للصابرين. كانوا يعلمون أنّ الدم الذي يُراق على الأرض لن يذهب سدى، وأنّ كل قطرة منه ستزهر كرامةً وعزاً وصموداً للأجيال القادمة.
هذه هي الحقيقة التي تُرعب العدو، الحقيقة التي لا يستطيع كسرها أو تطويعها. لأنّها ليست مجرّد قوة سلاح، بل قوّة إيمان، قوّة أمة نهضت من تحت الركام لتقول: نحن هنا، نحن باقون.
في لحظة الانتصار، حين تعالت أصوات التكبيرات وزُرعت رايات النصر في أرض المعركة، شعرت بأنّني وجدتُ الإجابة كاملةً. “من لكم؟” لكم الله الذي وعدكم بالنصر، ولكم رجال صدقوا العهد، ولكم إرادة لا تُقهر، وكرامة لا تُشترى.
أبناء نصر الله، أنتم عنوان الفخر والكرامة، أنتم الأمل في زمنٍ اشتدّت فيه المحن، أنتم الأوفياء لدماء الشهداء، وأنتم من سيكتب للأمة فصلاً جديداً من المجد والانتصار. سلامٌ عليكم يوم وقفتم، ويوم صمدتم، ويوم انتصرتم.
وهكذا، يبقى أبناء نصر الله الشهيد السعيد شعلةً مضيئة في درب الحق، مسيرتهم مرصّعة بوهج العقيدة الحسينية ووهج كربلاء المقدسة. لقد ورثوا من الإمام الحسين عليه السلام معنى الصمود في وجه الطغيان، ودرسوا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام كيف تكون التضحية هي درب الخلود.
إنّ كل قطرة دم أُريقت على أرض المعركة كانت تروي شجرة الولاء، وكل صرخة “لبيك يا حسين” كانت تُعيد للأذهان ذلك النداء الخالد الذي صدح به سبط الرسول في يوم عاشوراء: “هيهات منّا الذلّة!”
بإيمانهم العميق، وصمودهم الذي لا يلين، أثبت أبنائك أنّ كربلاء ليست ذكرى تنطوي مع الزمن، بل هي منهج حياة، ونبراس يقودهم نحو الانتصار في كل ميدان. لقد وقفوا على خطى الشهداء الأوائل، عاهدوا الله والإمام الحسين بأنّهم لن يفرّطوا بالحق مهما اشتدّت الخطوب، ولن ينكسروا مهما تعاظم الطغيان.
سلامٌ على تلك القلوب المؤمنة التي لا تعرف الخوف، وسلامٌ على تلك السواعد التي تحمل سلاح العزة كما تحمل عقيدة الولاء. إنّهم بحق أبناء نصر الله الشهيد، أبناء كربلاء، حماة العقيدة، وصنّاع النصر في زمان الذل والخضوع. سيبقون أوفياء للعهد، حاملين راية الإسلام المحمدي الأصيل، حتى يُكتب لهذا العالم نصرٌ جديد يعيد للحق مجده، وللإنسانية كرامتها.

سمير السعد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات أبناء نصر الله

إقرأ أيضاً:

المعلم.. منارة العلم التي أطفأها الإهمال

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / كتب: عوض المجعلي

لا يختلف اثنان على أن الثورات قامت وكان من أبرز أهدافها القضاء على الجهل، باعتباره السبب الأول للتخلف وقلة الوعي.

لكن ما يؤسف له أن بعض البلدان ابتُليت بقيادات كان آخر همّها تحرير شعوبها من الجهل، فكانوا بحق نكبةً على الأمة.

كيف لا، وقد تعمّدوا تهميش محور العملية التعليمية، المعلم، الذي تُبنى به العقول، وتُربى به الأجيال، وتُصاغ به الأفكار. وكأنهم لا يدركون فضل المعلم حتى عليهم هم أنفسهم!

شوقي وحافظ.. حكاية مع المعلم

لقد خلد التاريخ مساجلة شعرية شهيرة بين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم حول مهنة التعليم.
فحين أنشد شوقي قصيدته الخالدة في مدح المعلم قال:

> قم للمعلم وفِّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا



قصيدة رائعة أصبحت شعارًا خالداً لكل من يقدّر رسالة التعليم. لكن صديقه حافظ إبراهيم، المعروف بخفة دمه، أراد أن يمازحه فقال:

> شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفِّه التبجيلا
أقعد فديتُك هل يكون مبجَّلًا
من كان للنشء الصغار خليلا؟



ومازحه أيضًا بقوله: لو جرّب شوقي التدريس ساعةً واحدة، لعرف كم هي شاقة وصعبة حياة المعلم!

ذكريات لا تُنسى

كل واحد منا يحمل في ذاكرته أسماء معلمين خلدوا في وجدانه، كانوا مصابيح نور في العلم والتربية والخلق.
ففي المرحلة الابتدائية، لا أنسى أستاذيَّ الفاضلين: شيخ علي محمد – حفظه الله – وسالم العبد باعزب – رحمه الله – بابتسامتهما التي لم تفارق ذاكرتي.

كما أتذكر معلمةً فلسطينية تُدعى انتصار، درّستني اللغة العربية، وكانت تردد لي دائمًا: “أنت لديك تعبير متميز”، بكلمة مشجعة جعلتني أعشق الكتابة والتعبير.

ولا أنسى أيضًا المربين الكبار: الوالد سعيد عثمان عشال رحمه الله، والأستاذ موسى القمادي، والأستاذ الناصري، والمربي الجليل عبدالله علي مشدود – رحمه الله – الذي لم يبخل عليّ بوقته، يشرح لي النحو والعلوم الشرعية.

من زمن التكريم إلى زمن الإهمال

كان زمنًا جميلاً… زمن يُكرَّم فيه المعلم على مستوى الجمهورية سنويًا، وتُختار نماذج من المتميزين تكريمًا لعطائهم.
أما اليوم، فقد باتت أمنيتي أن يُكرم المعلم في يوم عيده، 5 أكتوبر، بصرف راتبه على الأقل، وبحفظ كرامته أمام أطفاله وأصحاب المحلات.

لكن واقع الحال أن القيادة الحالية لا تجيد الاحتفال إلا بالجباية والنهب والارتزاق، أما النداءات والمناسبات التعليمية فهي خارج جدول اهتماماتها.

كلمة أخيرة

سيبقى المعلم منارة الأمة مهما حاول الإهمال أن يطفئ نوره، فالعقول التي أنارها لا تُطفأ.
وقد قال الشاعر:

> أسمعتَ لو ناديت حيًّا
ولكن لا حياة لمن تنادي

مقالات مشابهة

  • عزلة في بني حشيش تقدم قافلة اعناب للمرابطين
  • أبناء بني حشيش يسيرّون قافلة سابعة من الأعناب للمرابطين في الجبهات
  • «طوفان الأقصى».. معركة هزّت الكَيان واليمن صانع المعادلة
  • المعلم.. منارة العلم التي أطفأها الإهمال
  • شهداء أبناء البحيرة في حرب أكتوبر 73.. ذكراهم خالدة في وجدان كل مصري وذاكرة لا تموت
  • برلماني: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر جسدت روح النصر والعزيمة وأكدت استمرار معركة البناء والتنمية
  • مفيدة شيحة: نصر أكتوبر صفحة المجد التي لا تُطوى في تاريخ مصر
  • الإعلام والفن في حرب أكتوبر.. معركة النصر مصدر إلهام للكلمة واللحن والدراما
  • بعد 52 عاما.. لماذا يظل نصر أكتوبر أعظم معركة في تاريخ العرب الحديث؟
  • غزة والصمود.. القِلّة أقوى من كثرة المؤامرات