الخليج الجديد:
2025-07-12@18:05:40 GMT

كيف رُميت فرنسا تحت القطار في النيجر؟

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

كيف رُميت فرنسا تحت القطار في النيجر؟

كيف رُميت فرنسا "تحت الباص" في النيجر؟

واشنطن لا تنظر بقلقٍ إلى انقلاب النيجر، عكس فرنسا التي تصرّفت بذعر وهي تراقب سقوط مناطق نفوذها الواحدة تلو الأخرى في منطقة الساحل الأفريقي.

هل تبنت واشنطن مقاربة براغماتية في التعاطي مع انقلاب النيجر، وإلقاء حليفتها فرنسا "تحت القطار" وتجنّب التورّط في أزمة جديدة في منطقة الساحل؟

حاولت واشنطن التعاطي بانفتاحٍ على الانقلابيين في النيجر، إذ نفت وجود علاقة لروسيا، أو لمجموعة فاغنر، بالعملية الانقلابية، بعكس ما حاولت فرنسا الإيحاء به.

كان واضحاً الغيظ الفرنسي من خطوة أميركية رأت فيها باريس تشجيعاً للانقلابيين على الاستمرار في نهجهم. ثم أعلنت واشنطن عن تأييدها التوصّل لحلّ دبلوماسي لأزمة النيجر.

لا تستطيع فرنسا التدخّل مباشرة لإطاحة العسكر، لأنّه سيبدو محاولةً من الدولة الاستعمارية السابقة لإطاحة حكومة تعارضها (ولو انقلابية) وتنصيب أخرى موالية لها (ولو منتخبة).

* * *

لم تخيّب الولايات المتحدة في تعاملها مع أزمة الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر أواخر الشهر الماضي (يوليو/ تموز) تقديرات العارفين بسياساتها التي تستمر في تبنّي مقاربة مغرقة في النفعية، مؤدّاها التعامل مع كل من يخدم مصالحها.

منذ الساعة الأولى للإعلان عن إطاحة الرئيس المنتخب، حاولت واشنطن التعاطي بانفتاحٍ واضحٍ على الانقلابيين في النيجر، إذ نفت وجود علاقة لروسيا، أو لمجموعة فاغنر، بالعملية الانقلابية، بحسب ما حاولت فرنسا الإيحاء به لاستنفار الغرب للوقوف في وجه الانقلاب، أخذاً بالاعتبار موجة العداء السائدة ضد روسيا في الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكان هذا أول مؤشّر على أن واشنطن لا تنظر بقلقٍ إلى التغيير في النيجر، عكس فرنسا التي تصرّفت بذعر وهي تراقب سقوط مناطق نفوذها الواحدة تلو الأخرى في منطقة الساحل الأفريقي، عن طريق انقلابات عسكرية بدأت في مالي (2018) وانتقلت إلى غينيا (2021) ثم بوركينا فاسو (2022) وأخيراً النيجر (2023).

الضربة الثانية التي تلقّتها السياسة الفرنسية التي أطاح الانقلاب حلفاءها في حكم البلد الأفريقي الذي تستورد منه نحو 30% من احتياجاتها من اليورانيوم لتشغيل مفاعلاتها النووية المستخدمة في توليد الطاقة، تمثلت في إيفاد واشنطن ثاني أهم مسؤول في وزارة الخارجية، وهي نائب الوزير، فيكتوريا نولاند، إلى نيامي، عاصمة النيجر، حيث اجتمعت بقادة الانقلاب لحثّهم على التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة.

وكان واضحاً مقدار الغيظ الفرنسي من الخطوة الأميركية التي رأت فيها باريس تشجيعاً للانقلابيين على الاستمرار في نهجهم. بعد ذلك، أعلنت واشنطن بوضوح عن تأييدها التوصّل إلى حلّ دبلوماسي لأزمة النيجر.

ويُعتقد أن الموقف الأميركي ساهم في دفع دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) وفي مقدّمتها نيجيريا، إلى التراجع عن فكرة التدخّل العسكري، وعن المهلة التي أعطتها للانقلابيين للتخلّي عن السلطة وإعادة الرئيس المخلوع، محمد بازوم، إلى السلطة.

في المقابل، كانت فرنسا تدفع فكرة التدخل العسكري وتشجع دول "إيكواس" على التحرّك لإزاحة الانقلابيين، على أن تؤمّن هي الدعم اللوجستي، والغطاء الجوي، مستفيدة من وجود ما يقرُب من 1400 جندي فرنسي في النيجر، في إطار عمليات مكافحة الجماعات المتطرّفة في منطقة الساحل.

ونظراً إلى موجة العداء الشعبي لها، باعتبارها الدولة الاستعمارية السابقة، لا تستطيع فرنسا التدخّل مباشرة لإطاحة حكم العسكر، لأنّ هذا سيبدو محاولةً من الدولة الاستعمارية السابقة لإطاحة حكومة تعارضها (ولو انقلابية) وتنصيب أخرى موالية لها (ولو منتخبة). وعليه، لن تستطيع باريس التحرّك من دون غطاء أفريقي، لن يتوفّر، على الأرجح، من دون موافقة أميركية.

وتجادل واشنطن بأن التدخّل العسكري محفوف بالمخاطر، وقد يؤدّي إلى انهيار كل منطقة الساحل الأفريقي في ضوء الانقسام داخل "إيكواس" وإعلان دول حزام الانقلابات (مالي وبوركينا فاسو وغينيا) عن استعدادها للتدخّل أيضاً دعماً لقادة الانقلاب في النيجر، في حال تدخّل حلف "الديمقراطيات"، ما يعني تفجّر حرب إقليمية واسعة في المنطقة الغارقة في الفوضى أصلاً.

تمثلت القشّة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إلى الفرنسيين في إقرار إدارة الرئيس جو بايدن أول أمس الاثنين تعيين كاثلين فيتزغيبون سفيراً فوق العادة لواشنطن في نيامي. وكان مجلس الشيوخ الأميركي أقرّ هذا التعيين يوم 27 يوليو/ تموز الماضي، أي بعد يوم فقط من إطاحة الجيش الرئيس واستلامه السلطة.

ويرى كثيرون أن إرسال سفير إلى نيامي في هذا الوقت تحديداً، رغم موقف واشنطن الداعي إلى إعادة الحكم الديمقراطي وإطلاق سراح الرئيس المخلوع وعائلته، يعد بمثابة اعتراف بشرعية النظام العسكري، لا يقلّل من وطأته "تحجّج" إدارة بايدن بأنها رشّحت فيزغيبون لهذا المنصب في يوليو 2022.

يبدو واضحاً أن واشنطن تبنّت مقاربة براغماتية مكشوفة في التعاطي مع انقلاب النيجر، قرّرت بموجبها إلقاء حليفتها فرنسا "تحت القطار" وتجنّب التورّط في أزمة جديدة في منطقة الساحل، والمحافظة على وجودها العسكري في البلاد.

إذ تملك أميركا أكبر قاعدة مسيّرات في منطقة الساحل تستخدمها في ملاحقة التنظيمات الجهادية، إلى جانب 1100 جندي أميركي، أما الديمقراطية فيمكن الحديث عنها في يوم آخر.

*د. مروان قبلان كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا أميركا فرنسا انقلاب النيجر بايدن ماكرون إيكواس التدخل محمد بازوم منطقة الساحل فی منطقة الساحل فی النیجر

إقرأ أيضاً:

مبعوث ترامب يقارن بين تجربة الرئيس السوري وجورج واشنطن ويثير تفاعلاً واسعاً

تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الذي قارن بين تجربة الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأمريكي الأسبق جورج واشنطن، مشيراً إلى تشابه مسيرتهما في خوض معارك طويلة قبل تولي رئاسة البلاد.

وخلال مقابلة له على قناة “LBC” اللبنانية، أشار باراك إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير الأنظمة في سوريا، وركز على أن الدور الأكبر في التطورات الأخيرة في سوريا يعود لقوى إقليمية مثل تركيا والسعودية والأردن وقطر والعراق وإسرائيل. وأضاف أن رفع العقوبات الأمريكية عن النظام السوري يأتي كفرصة جديدة بعد فترة من العقوبات على النظام القديم.

وأكد باراك أن تجربة أحمد الشرع تشبه إلى حد كبير تجربة جورج واشنطن الذي خاض حروب الاستقلال الأمريكية قبل أن يصبح رئيساً، مشيراً إلى أن واشنطن خاض عدة معارك قبل أن يتولى الرئاسة بعد 12 عاماً من الصراع.

تصريحات باراك أثارت ردود فعل متباينة بين النشطاء، حيث أبدى البعض تأييدهم للمقارنة واعتبروها تسليطاً للضوء على حقيقة التطورات السورية، بينما أعرب آخرون عن رفضهم، مؤكدين أن الظروف السورية تختلف عن الأمريكية.

وفي تطور منفصل، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع مع المبعوث الأمريكي توم باراك في دمشق لمناقشة آفاق التعاون وتعزيز الحوار السياسي بين البلدين.

الشرع يشبه جورج واشنطن

ادعى الصحفي اللبناني وجود قرار دولي وأمريكي لبناء سوريا جديدة، فقال له سعادة المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك:

ليس لنا علاقة بما جرى في سوريا.

أمريكا تدخلت بتغيير ٥ أنظمة في العالم خلال العقود الأخيرة، وكلها فشلت.

وهذه الإدارة لا تعمل على تغيير… pic.twitter.com/1x6Nsw8K8w

— Jihad Al Hourani (@Syrian18032011) July 10, 2025

أنا أصدق كلامه
تابعت ردود الفعل المتنوعة منذ بداية ردع العدوان وحتى الآن من مختلف الدول والأطراف وجميعها تؤيد ماقاله

— ???? (@ashzmx) July 10, 2025

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا "توم باراك" :

"الرئيس السوري أحمد الشرع يشبه الأب المؤسس جورج واشنطن". pic.twitter.com/qJKIE1dN1a

— W A F A ???????? (@MIIILP0) July 10, 2025

حزب العمال الكردستاني يبدأ حقبة جديدة بتسليم السلاح بعد أكثر من 40 عاماً من الصراع
حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه رسميًا، في خطوة تاريخية تمهد لإنهاء أكثر من أربعة عقود من الصراع المسلح مع تركيا. انطلقت مراسم التسليم اليوم في منطقة قريبة من مدينة السليمانية شمال العراق، حيث يتركز معظم مقاتلي الحزب.

يأتي هذا التحول استجابة لدعوة زعيم الحزب عبد الله أوجلان، الذي أعلن في رسالة مصورة نهاية الكفاح المسلح ودعا إلى الانتقال الكامل للعمل السياسي القانوني وسيادة القانون.

تتم العملية على مراحل، حيث يبدأ أعضاء الحزب بإلقاء أسلحتهم بشكل رمزي، على أن يكتمل نزع السلاح بحلول سبتمبر المقبل. وتشرف على العملية لجنة تضم ممثلين عن الاستخبارات والجيش التركي، بالتنسيق مع حكومتي بغداد وأربيل، بمشاركة أحزاب كردية ويسارية.

لأسباب أمنية، لم تُبث المراسم مباشرة، كما مُنع دخول الصحفيين إلى موقع الحدث، لكن من المتوقع نشر لقطات لاحقًا.

تعد هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين تركيا والأكراد، مع دعوات لتشكيل لجنة برلمانية تركية للإشراف على عملية السلام وإدارة مرحلة ما بعد نزع السلاح.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تعاقب الرئيس الكوبي لأول مرة.. حظر سفر وتجميد تعاملات مع مؤسسات عسكرية
  • “تسونامي يوم القيامة” يهدد الساحل الغربي للولايات المتحدة
  • عاجل | الرئيس التركي: التغيرات التي حصلت في سوريا والعراق ساعدتنا في التعامل مع الإرهاب
  • إلهام شاهين.. زهرة الصيف التي خطفت الضوء من شمس الساحل
  • مدير الدفاع المدني في الساحل السوري: الألغام التي زرعها النظام البائد أكبر عائق نواجهه لإخماد الحرائق في ريف اللاذقية الشمالي
  • مبعوث ترامب يقارن بين تجربة الرئيس السوري وجورج واشنطن ويثير تفاعلاً واسعاً
  • لمواجهة غموض ترامب.. تحالف نووي مرتقب بين فرنسا وبريطانيا
  • فرنسا وبريطانيا تطلقان تحالفًا نوويًا غير مسبوق: أوروبا تعيد رسم أمنها بعيدًا عن واشنطن
  • نائب أمير منطقة الرياض يُشرّف حفل سفارة جمهورية فرنسا لدى المملكة بمناسبة اليوم الوطني لبلادها
  • وزارة التجارة:التعريفة الجمركية التي فرضها ترامب لا تؤثر على العراق لضعف صادراته