تبدو إيران التي تسعى جاهدة لامتلاك السلاح النووي، ضعيفة، ومرتبكة، بعد سلسلة الاستهدافات التي طالت مجموعة من قادتها وأبرز قيادات أذرعها في الشرق الأوسط، وفق تقارير متطابقة.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن الاختراقات الأمنية والاستخباراتية التي واجهتها إيران حديثا تمثل فشلا كارثيا على الصعيدين الاستخباراتي والأمني الإيراني، وتضع الحرس الثوري الإيراني في موقف محرج للغاية.

وكانت تلك الاختراقات وراء مقتل عدد من قادة إيران البارزين وقادة الفصائل الموالية لها في الشرق الأوسط.

ويعتقد المستشار السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، إيلان بيرمان، أن "قدرات الردع الإيرانية تآكلت".

وأوضح المتحدث خلال مداخلته في برنامج "الحرة الليلة" أن النظام الإيراني يواجه مشكلتين: الأولى أزمة الثقة داخل النظام نفسه، حيث يرى المسؤولون في طهران أن شبكة الوكلاء التي أنفقوا ربع قرن في بنائها والقدرات التي استثمروا الملايين فيها قد أصبحت مدمرة.

أما المشكلة الثانية فهي أزمة الثقة في صمود النظام نفسه إذ تعتمد العديد من مجموعات الوكلاء في المنطقة على إيران من أجل الدعم المالي والسياسي.

قرب نهاية الخطر الإيراني؟

رغم تراجع قدرة إيران الردعية، وفق وصف بيرمان، يرى بيير بيرتيلو، الباحث في معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، أن زوال التهديد الإيراني ليس مرجحا حدوثه الآن.

وخلال مداخلته من باريس في البرنامج أشار بيرتيلو إلى أن بإمكان طهران إعادة علاقاتها مع وكلائها.

وقال هناك تفكير في إيران بضرورة الحفاظ على الأذرع، واستبعد فكرة أن تكون طهران في طريقها لقطع صلتها بالوكلاء في المنطقة.

وقتل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين إثر هجمات استهدفتهم، أبرزهم اللواء محمد رضا زاهدي القائد البارز في فيلق القدس الإيراني الذي قتل في غارة جوية في دمشق في 1 أبريل 2024.

وتلا ذلك مقتل مجموعة من قيادات حزب الله اللبناني أبرزهم حسن نصر الله وفؤاد شكر وكذا هاشم صفي الدين.

واستهداف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب إيران وهو ما طرح أسئلة حول ما إذا كانت إيران تمر بأضعف مراحل أمنها القومي خصوصا في ظل تصاعد وتيرة التصعيد التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

هذه الوضعية جعلت إيران تسرع عملها النووي حتى تحتفظ بأوراق أكثر، وفق إيلان بيرمان.

لكن بيير بيرتيلو يقول إن العمل النووي ورقة قديمة استخدمتها طهران سابقا.

وتابع بأن الموضوع المهم الآن بالنسبة لإيران هو الإدارة الأميركية القادمة هل تصل إلى اتفاق معها أو إعلان القدرة على إنتاج قنبلة نووية أو اثنتين.

البرنامج النووي.. إيران تصعد وأوروبا تعمل على "مسارين" تبدي الولايات المتحدة ودول غربية، مخاوف من أن تتمكن إيران من التوصل لصنع قنبلة نووية، خصوصا عقب إعلانها أنها ستضع حيز الخدمة أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة.

ويتهم المجتمع الدولي إيران بالسعي لامتلاك قنبلة ذرية، وتقول دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة إنها تسعى بكل الوسائل لمنعها فيما تنفي طهران أنها تسعى لذلك.

وتبدي واشنطن ودول غربية مخاوف من أن تتمكن إيران من التوصل لصنع قنبلة نووية خصوصا عقب إعلانها أنها ستضع في الخدمة أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

هل يستفيد المواطن الإيراني من مصادقة بلاده على الاتفاقات الأممية؟

طهران- بعد شد وجذب استمر نحو 7 أعوام، أقرّ مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، انضمام البلاد إلى الاتفاقية الأممية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية (باليرمو)، وذلك تلبية لمطالب الحكومة الحالية لتحسين صورة البلاد الدولية، بغية الخروج من القائمة السوداء التابعة لـ"مجموعة العمل المالي" (فاتف) وتخفيف عزلتها المالية.

وتأتي الموافقة على اتفاقية باليرمو "مشروطة" في إطار دستور البلاد وقوانينها المحلية، وعدم الاعتراف بإسرائيل، ورفض التحكيم الدولي في النزاعات المحتملة، إلى جانب تأكيد طهران الثابت على حق الشعوب المضطهدة في مواجهة الاستعمار والاحتلال وتقرير المصير.

تجدر الإشارة إلى أن "مجموعة العمل المالي" هي هيئة دولية معنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتُصدر قوائم بالدول التي لا تمتثل لمعايير الشفافية المالية.

وتُعرف "القائمة السوداء" بأنها تضم الدول ذات المخاطر العالية في هذا المجال، مما يؤدي إلى فرض قيود شديدة على تعاملاتها المالية والمصرفية، ويجعل من الصعب إجراء تحويلات أو استثمارات دولية فيها، حتى من قِبل الدول الصديقة.

وفي الوقت الذي تضرر فيه الاقتصاد الإيراني خلال السنوات الماضية بسبب وضع اسم البلاد في القائمة السوداء لمجموعة فاتف، مما أدى إلى عرقلة مبادلات طهران المصرفية وارتفاع تكاليف تجارتها الخارجية، تعتبر شريحة من الإيرانيين الانضمام إلى باليرمو خطوة منقوصة للخروج من القائمة السوداء.

الشارع الإيراني منقسم بين مؤيد للانفتاح الاقتصادي ومعارض للتدخل الأجنبي (رويترز)

وعقب انضمام طهران إلى اتفاقية باليرمو، ستبقى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (سي إف تي) المشروع المتبقي الوحيد الذي يتعلق بمجموعة العمل المالي، وأنه على حكومة الرئيس بزشكيان مواصلة مساعيها -كما أعلن في حملته الانتخابية- لإقناع المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها مجمع تشخيص مصلحة النظام، بالمصادقة على هذه الاتفاقية تمهيدا لشطب اسم البلاد من القائمة السوداء.

إعلان مخاوف ووعود

وطالما شكّل موضوع الانضمام إلى اتفاقيتي باليرمو و"سي إف تي" انقساما لدى الأوساط الإيرانية، أعادت خطوة مجمع تشخيص مصلحة النظام النقاش إلى الواجهة من جديد بين شريحة ترى المصادقة على المعاهدات والقوانين المتعلقة بمجموعة العمل المالي "بوابة انفتاح نحو الاقتصاد العالمي"، وأخرى تحذّر من "التدخل الأجنبي والاستسلام أمام أجندته".

ويعتقد الموافقون أن المصادقة على قوانين المؤسسات الأممية كفيلة بتخفيف العزلة المالية وتسهيل التحويلات المصرفية، ليس مع القوى الغربية فحسب، بل حتى مع الحلفاء الشرقيين ودول الجوار، حيث أضحت طهران تواجه صعوبة في تلقي عوائد صادراتها من الدول الصديقة.

وعلى ضوء تزايد وتيرة قطع الكهرباء وفتراتها الزمنية في إيران، يقول المؤيدون إن الشفافية المالية ستشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية لتكميل مشاريع الطاقة المجمدة، إلى جانب مكافحة الفساد الداخلي والحد من عمليات غسل الأموال.

في المقابل، يعتبر صقور المحافظين الاتفاقيتين "بوابة للتدخل الأجنبي والنفوذ الأمني والضغط على البلاد بشأن مواقفه تجاه الحركات التحررية وفصائل المقاومة الإسلامية"، مشيرين إلى أن الشروط الإيرانية قد لا تُقبل دوليا، وأن القوى الغربية ستتخذ من تلك الاتفاقات ذريعة لمواصلة الضغوط وإبقاء عصا العقوبات مرفوعة فوق رأس طهران.

المفاوضات النووية

اللافت في موافقة مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران على اتفاقية باليرمو أنها تزامنت مع المفاوضات النووية المتواصلة بين طهران وواشنطن، حيث يربط الباحث الاقتصادي سهراب رستمي كيا بين الأمرين، موضحا أن الخطوات الإيرانية التالية ستتوقف على مستقبل المسار الدبلوماسي بين طرفي المفاوضات.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد رستمي كيا أن تعقيدات المباحثات قد تعزز معارضة الخطوة التالية، مستدركا أن تقدم المباحثات والتوصل إلى اتفاق يضمن المطالب الإيرانية من شأنه أن يرفع احتمالات قبول طهران بما تبقى من قوانين واتفاقيات تمهيدا لشطب اسمها من القائمة السوداء لمجموعة فاتف.

إعلان

ويتوقع الباحث الاقتصادي أن يعكف مجمع تشخيص مصلحة النظام على دراسة اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب خلال الفترة المقبلة تمهيدا لشطب اسم إيران من القائمة السوداء، لكنه يضيف أن الولايات المتحدة تمارس نفوذها على المجاميع الدولية والأممية، وهناك خشية من استمرار خضوع الأطراف التجارية لإيران للضغوط الأميركية حتى بعد شطبها من القائمة السوداء.

معيشة المواطن

وعما إذا كانت هذه الخطوة ستسهم في تحسين معيشة المواطن الإيراني، يعتقد رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية بوكالة "مهر" الإيرانية محمد حسين سيف الله، أنه من غير المعقول أن يتوقع المرء نتائج مغايرة من خطوة سبق وجربتها إيران لكنها اصطدمت بعقبة "التعنت الغربي"، على حد قوله.

المفاوضات النووية تظل عاملا حاسما في اتخاذ خطوات إيرانية إضافية (الجزيرة)

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الباحث الإيراني إلى أن حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني سبق أن وافقت على أغلب القوانين والمعاهدات المتعلقة بمجموعة العمل المالي، لكن الاقتصاد الإيراني لا يزال يعاني ضغوطا غربية على مبادلاته المالية، وأن الولايات المتحدة تواصل تشديد فرض العقوبات على القطاع المالي الإيراني.

وبرأيه، فإن الموافقة على اتفاقية باليرمو لن تجدي نفعا في تحسين معيشة المواطن، بل قد تنعكس سلبا على الاقتصاد الإيراني، مؤكدا أن الإعلان عن انضمام إيران إلى باليرمو أدى إلى تراجع قيمة الريال الإيراني أمام الدولار الأميركي خلال الأيام القليلة الماضية، حيث كثفت إدارة ترامب فرض العقوبات على إيران.

خطوة منقوصة

من جانبه، يرد رئيس غرفة إيران للتجارة والصناعة صمد حسن زاده، على الشريحة التي تقلل من أهمية الموافقة على باليرمو في سياق خفض الضغوط الأجنبية على الاقتصاد الوطني، بالقول إن تطبيع المبادلات المالية بحاجة إلى شطب اسم إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، وإن الانضمام إلى هذه الاتفاقية وإن كان ضروريا، لكنه ليس كافيا.

إعلان

ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية عن حسن زاده قوله، إننا نناشد مجمع تشخيص مصلحة النظام أن يضع المصادقة على اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب على جدول أعماله تمهيدا للخروج من طائلة القائمة السوداء.

وخلص إلى أن التعامل البناء مع مجموعة العمل المالي سينعكس إيجابا على الاقتصاد الإيراني، حتى إذا استمرت العقوبات الأميركية.

وفيما يبدو أن طهران تسعى لاستخدام الموافقة على اتفاقية باليرمو كإشارة إيجابية موازية للمفاوضات المتواصلة مع الجانب الأميركي والمباحثات المزمعة مع الترويكا الأوروبية، فإنها قد لا ترى مبررا للتسرع في المصادقة على الاتفاقيات المتبقية، لاستخدامها كورقة ضغط في المسار الدبلوماسي المتواصل مع الغرب، خاصة أن رفض الجانب الغربي للشروط الإيرانية للموافقة على باليرمو ما زال واردا.

مقالات مشابهة

  • خرائط ومقترحات وتهديدات.. الفرصة الأخيرة لمفاوضات النووي الإيراني تسابق الزمن
  • بزشكيان في عُمان.. تعزيز الشراكة الإستراتيجية واستئناف الأمل في الملف النووي
  • عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
  • كوريا الشمالية: «القبة الذهبية» الأمريكية تهديد هجومي يهدد الأمن النووي العالمي
  • ترامب يلمح إلى إعلان مهم خلال يومين حول الملف النووي الإيراني.. وخبير يوضح
  • إيران: مستعدون للمساومة مع ترامب بخصوص برنامجنا النووي
  • هل يستفيد المواطن الإيراني من مصادقة بلاده على الاتفاقات الأممية؟
  • ترامب يصف مفاوضات النووي بالجيدة جدا فماذا قالت إيران وعمان؟
  • ترامب: هناك تقدم بشأن الاتفاق النووي مع إيران
  • الاستثمار بدل العقوبات.. هل يمكن أن يشكل برنامج إيران النووي فرصة لأميركا؟