التقاربات الإقليمية بالخليج وإيران.. هل تكون فرصة لتحقيق الأمن البحري؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
يجب على دول الخليج وإيران استغلال "فورة التقارب" التي تشهدها المنطقة الآن بين مختلف الأطراف، والتي توجت بالاتفاق السعودي الإيراني بوساطة صينية ووقف التصعيد في اليمن، لمحاولة إيجاد صيغة لإقرار الأمن والاستقرار البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، مع الاعتراف بأن فكرة تكوين "تحالف بحري" بين مختلف الأطراف لا تزال بعيدة المنال.
ماسبق كان خلاصة تحليل كتبه الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج، ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو، ونشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن".
ويشير الكاتب إلى أن التقاربات الأخيرة، رغم محوريتها، فقد فشلت في تحقيق تحسن ذي مغزى للأوضاع الأمنية في البحر، حيث تصاعدت التفاعلات غير الآمنة بين البحرية الأمريكية والإيرانية ومصادرة السفن التجارية من قبل القوات الإيرانية داخل وحول مضيق هرمز، مما زاد المخاوف بشأن سلامة طرق الطاقة الحيوية.
اقرأ أيضاً
الخليج يبحث عن ضمانات.. تقاربه مع إيران لم يوفر الأمن البحري
استجابات متباينةوقد اتبعت الولايات المتحدة وشركاؤها العرب الخليجيون التقليديون استجابات سياسية متباينة للتعامل مع هذه التوترات المتصاعدة.
فمن ناحية، اختارت واشنطن نهجًا أمنيًا تقليديًا يعتمد على نشر أصول جوية وبحرية إضافية لتعزيز قدرات الردع الإقليمية، بينما تبنت دول الخليج العربية موقفًا أكثر ليونة وأقل تهديدًا يهدف إلى تقليل مخاطر التصعيد غير المقصود وإبقاء حوار خفض التصعيد الهش في المنطقة على المسار الصحيح، مع مطالبة الولايات المتحدة في الوقت نفسه باتخاذ إجراءات أكثر قوة. لردع الاستيلاء الإيراني على السفن التجارية.
ويقول الكاتب إن أطرافا خليجية أظهرت مؤخرًا تصميمًا متزايدًا لتجنب الحسابات الصفرية وتبني موقف أكثر تصالحية في إدارة شؤون الأمن البحري، مثل الإمارات التي انسحبت من القوة البحرية المشتركة، وهي شراكة بحرية بقيادة الولايات المتحدة تضم 38 دولة تقوم بأنشطة أمنية بحرية قبالة سواحل شبه الجزيرة العربية، وينظر إليها على أنها مضادة لإيران.
بعد أيام قليلة، أعلن قائد البحرية الإيرانية، الأدميرال شهرام إيراني، عزم إيران على إطلاق تحالف بحري مع السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق وباكستان والهند بهدف تأمين طرق الشحن الحيوية في. شمال غرب المحيط الهندي.
اقرأ أيضاً
القوة البحرية المشتركة بين إيران والخليج.. هندسة "صينية" للأمن الإقليمي
تقارب بحريوفي 17 يونيو/حزيران الماضي، خلال أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع إلى إيران منذ عام 2016 ، أبلغ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان ، عن استعداد المملكة للتعاون مع إيران في تحويل الخليج إلى منطقة آمنة للبيئة البحرية للبحارة والسفن التجارية.
بعد ذلك بيومين ، وقعت وكالة الأمن البحري الباكستانية وحرس الحدود الإيراني اتفاقية لتعزيز التنسيق البحري الثنائي، مع التأكيد على أهمية مكافحة الإرهاب وحماية طرق التجارة الإقليمية.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون الطريق إلى تحالف بحري إقليمي كامل سلسًا.
باختصار، لا يزال المشهد الأمني المتقلب في المنطقة، والعجز الكبير في الثقة المتبادلة، وتصورات التهديدات المتباينة عقبات أمام آلية دفاع جماعي فعالة في الخليج، كما يقول الكاتب.
أيضا، فإن جيران إيران ما زالوا متشككين في صدق المساعي الإيرانية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
اقرأ أيضاً
جنرال أمريكي: التحالف الإيراني الخليجي البحري غير منطقي ويتحدى العقل
إيران كقوة مزعزعة للاستقرارمن خلال التراكم الهائل للأصول البحرية المتطورة وأنظمة الأسلحة المتقدمة، والدعم التقني والعسكري للوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومضايقة أو الاستيلاء على السفن التجارية في عشرات المناسبات منذ منتصف عام 2019 ، قامت إيران بتسليح مياه الخليج لبناء نفوذ إستراتيجي من خلال باستخدام تكتيكات الحرب الهجينة التي فرضت تكاليف باهظة على خصومها مع ضمان درجة من الإنكار.
لذلك، وعلى الرغم من أن حكومة رئيسي تحاول الآن تصوير إيران على أنها باني سلام إقليمي، فإن صورة البلاد كقوة مزعزعة للاستقرار لا تزال تتغلغل بعمق في التفكير الاستراتيجي لدول الخليج العربية، مما يقلل من جاذبية ومصداقية دعوات إيران للانفراج الإقليمي.
ويقول الكاتب إن التصعيد اللولبي الذي جعل المنطقة على شفا مواجهة مسلحة شاملة قد سلطت الضوء على أهمية مجتمع الأمن الجماعي البحري من أجل الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للدول حول مضيق هرمز.
إن الجهود المبذولة لإنشاء مجتمع أمني جماعي على مستوى المنطقة في مسرح معرض للتصعيد وشديد التقلب سيكون حتما عرضة للنكسات وأوجه القصور.
اقرأ أيضاً
انسحاب الإمارات من القوة البحرية الموحدة في الخليج .. ماذا يعني؟
ولضمان نجاحها، يقول الكاتب إنه يجب على الدول المطلة على الخليج أن تمنع اندلاع الاحتكاك العرضي من السيطرة على دفعة خفض التصعيد الأوسع.
فالاحتكاكات الأخيرة حول نزاعات ترسيم الحدود البحرية المستمرة منذ عقود - خلاف إيران مع الكويت والمملكة العربية السعودية حول حقل غاز الدرة والخلاف الإماراتي الإيراني حول جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى - تجسد الاحتكاكات يمكن أن تتسبب في نسف. جهود خفض التصعيد إذا لم يتم التعامل معها ببراعة.
المصدر | ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو / معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: دول الخليج الأمن البحري مضيق هرمز دول الخلیج العربیة الأمن البحری اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
عُمان تؤكد دورها الفاعل منذ عقود في دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية
نيويورك- العُمانية
أكدت سلطنة عُمان على دورها الفاعل منذ عقود في دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية الإقليمية والدولية، إدراكًا منها لما تمثله هذه الممرات من شريان حيوي لحركة التجارة والطاقة العالمية، وما تنطوي عليه من مسؤوليات قانونية وأمنية وإنسانية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سعادة السفير عمر بن سعيد الكثيري مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمته خلال الجلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي حول "تعزيز أمن الملاحة البحرية من خلال التعاون الدولي من أجل الاستقرار العالمي" والتي عقدت في نيويورك. وأكد سعادة السفير في كلمته على أن سلطنة عُمان حرصت على مواءمة التشريعات الوطنية مع قواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي تستند إلى مبدأ حرية الملاحة، وتكفل مسؤوليات الدول الساحلية والعبور، وتضع الأسس القانونية لتسوية النزاعات البحرية. وبيّن سعادته أن سلطنة عُمان استضافت أخيرًا النسخة الثامنة من مؤتمر المحيط الهندي، الذي ركز على سبل تعزيز التعاون والتكامل في إدارة الأمن البحري إيمانا بأهمية العمل الإقليمي المشترك. وأشار إلى أن سلطنة عُمان تؤمن إيمانًا راسخا بأن أمن البحار والممرات المائية يمثل أحد الأعمدة الأساسية لصون الاستقرار الإقليمي والدولي، وضمان حرية الملاحة، واستمرار حركة التجارة العالمية، وصون الأمن الغذائي والطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة.
وأوضح سعادة السفير مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة أن تفاقم التهديدات العابرة للحدود، كالإرهاب البحري، والقرصنة، وتهريب البشر والمخدرات، والأنشطة الإجرامية المنظمة، والاتجار غير المشروع، إلى جانب التداعيات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية والاعتداءات على البنية التحتية البحرية، يقتضي استجابات جماعية مدروسة، تعكس روح التعاون والمسؤولية المشتركة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
وتناول سعادته في كلمته الدور المحوري الذي اضطلعت به سلطنة عُمان في الوساطة التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه في السادس من مايو 2025م، لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما يمثل خطوة بنّاءة تسعى من خلالها سلطنة عُمان لتهدئة التوترات الإقليمية، وتعزيز الاستقرار البحري، وضمان الملاحة وانسيابية حركة الشحن الدولي.
وأكد على حرص سلطنة عُمان على أهمية تعزيز الالتزام بالقانون الدولي، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، باعتبارها الإطار القانوني الشامل لكافة الأنشطة في البحار والمحيطات، مشددة على ضرورة التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتعاون مع المنظمة البحرية الدولية وغيرها من الهيئات المختصة.
وأشار إلى ضرورة بناء القدرات الوطنية للدول النامية، خاصة في مجالات المراقبة البحرية، وتبادل المعلومات، والاستجابة للطوارئ، وحماية البنية التحتية، ومكافحة الجرائم المنظمة، وذلك من خلال مبادرات جماعية مدروسة وشراكات فعالة.
وقال سعادة السفير عُمر بن سعيد الكثيري مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة إن التكنولوجيا الحديثة أداة مهمة لتعزيز الوعي بالمجال البحري وتحسين قدرة الدول على الاستجابة للتحديات في الوقت المناسب، من خلال استخدام الأقمار الصناعية وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.
ولفت إلى أهمية التصدي للآثار المتفاقمة للتغير المناخي والتدهور البيئي التي تشكل عوامل مضاعفة لمخاطر الأمن البحري، ويناشد المجتمع الدولي إلى تطوير استراتيجيات دولية متكاملة لحماية البيئة البحرية، وأهمية الحوار البنّاء والدبلوماسية الوقائية كوسيلة لتحقيق الأمن الجماعي، وتسوية النزاعات، وبناء الثقة بين الدول، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للأنشطة البحرية والتجارية والاقتصادية.
واختتم سعادته كلمته بالتأكيد على أن سلطنة عُمان انطلاقًا من سياستها الخارجية القائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل، واحترام القانون الدولي ستظل شريكًا مسؤولًا في تعزيز أمن الملاحة البحرية، وضمان الاستقرار في الممرات الدولية، ودعم الجهود المتعددة الأطراف لإيجاد حلول فعّالة وشاملة للتحديات التي تواجه البحار والمحيطات، بما يصون السلم والأمن الدوليين، ويخدم مصالح الشعوب كافة.