موقع إيطالي: ليبيا قد تصبح مسرحا جديدا للنزاع بين روسيا والناتو
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
سلّط موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي الضوء على الجسر الجوي الذي أقامته روسيا مع ليبيا خلال الأيام الماضية، معتبرا أن الضفة الجنوبية للبحر المتوسط قد تصبح مسرحا جديدا للتوتر والتجاذبات الجيوسياسية بين موسكو وحلف شمال الأطلسي ( الناتو).
وقال الكاتب جوزيبي غاليانو في التقرير إن المعلومات التي نشرها موقع "إيتاميل رادار" حول الجسر الجوي بين روسيا وليبيا خلال الأيام الأخيرة يكشف عن طموحات موسكو في البحر المتوسط ويشير إلى تحوّل في إستراتيجيتها الجيوسياسية.
ووفقا لما كشفه الموقع المتخصص في رصد الرحلات الجوية، فإن طائرتين روسيتين من طراز "إليوشن 76 تي دي" تابعتين لوزارة الطوارئ الروسية تتناوبان في تأمين الجسر الجوي بين روسيا وقاعدة الخادم الجوية في برقة شرقي ليبيا.
لحظة تغيير إستراتيجيوحسب الكاتب، فإن هذا التحرك يأتي في لحظة تغيير إستراتيجي بالنسبة لموسكو، حيث بدأت بسحب قواتها من قاعدة حميميم الجوية في سوريا، وركزت اهتمامها مجددا على قواعدها في ليبيا.
وأشار الكاتب إلى أن اختيار برقة كوجهة لهذا الجسر الجوي ليس اختيارا عشوائيا، إذ إن الشرق الليبي الخاضع لسيطرة قوات الجنرال خليفة حفتر، يمثل منطقة نفوذ إستراتيجي لروسيا.
وأوضح أن موسكو عملت خلال السنوات الأخيرة على ترسيخ نفوذها في شمال أفريقيا، وهي منطقة مهمة للسيطرة على البحر المتوسط وتدفقات الهجرة نحو أوروبا، مضيفا أنه مع تراجع النفوذ الروسي في سوريا بسبب الأوضاع الحالية واستنزاف الموارد الروسية في الصراع خلال السنوات الماضية، تبرز برقة كبديل واعد.
إعلان
سيثير مخاوف الناتو
واعتبر الكاتب أن احتمال إنشاء موسكو قاعدة جوية وبحرية دائمة على سواحل ليبيا لا يثير مخاوف الدول الأوروبية المطلة على المتوسط فحسب، بل حلف الناتو أيضا، إذ إن وجودا روسيا مستقرا في ليبيا سيمثل تهديدا مباشرا للأمن البحري والجوي في المتوسط، ويعزز قدرة روسيا على إرسال قواتها العسكرية إلى شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حسب تعبيره.
ووفقا لما ذكره موقع "إيتاميل رادار"، فإن روسيا توظف ضمن جهودها الحالية أفرادا وقدرات عسكرية كانت مرتبطة سابقا بمجموعة فاغنر، والتي أعيد تنظيمها ضمن ما يُعرف بـ"الفيلق الروسي في أفريقيا".
فبعد مقتل يفغيني بريغوجين القائد السابق لقوات فاغنر، قررت موسكو إعادة هيكلة عملياتها شبه العسكرية في أفريقيا، مع الحفاظ على حضور كبير في ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وحسب الكاتب، فإن التشكيل العسكري الجديد قد يعمل في ليبيا كأداة لترسيخ السيطرة الروسية ويضمن حضورا إستراتيجيا في البحر الأبيض المتوسط والوصول إلى حقول الطاقة في المنطقة.
المعضلة التركية للناتووأوضح الكاتب أن من أبرز المفارقات ضمن هذه الجهود الروسية، أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا يتم بالتعاون مع تركيا، العضو الوحيد في حلف الناتو الذي لم يُغلق مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية.
وأضاف أن تركيا، رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي، تبنت مرارا مواقف مستقلة، وتتعارض في أحيان كثيرة مع السياسة العامة للناتو، كما يتضح من خلال شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس400".
وحسب رأيه، تلعب أنقرة دورا غامضا في ليبيا، حيث تدعم حكومة طرابلس ضد قوات حفتر، وتحافظ في الوقت ذاته على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو، وهذا الغموض يُعقّد مهمة حلف الناتو في الرد بطريقة متسقة على التحركات الروسية في المنطقة، ويزيد من مخاطر الانقسام داخل الحلف.
إعلان مزيد من التوتر في المتوسطواعتبر الكاتب أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا والانسحاب من قاعدة حميميم يمثل تغييرا في نهج موسكو الإستراتيجي، ويكشف أن موسكو تُعيد حاليا توزيع مواردها لتعزيز نفوذها في مناطق يوفر فيها الفراغ السياسي وعدم الاستقرار فرصًا إستراتيجية، ومنها ليبيا التي تعيش حالة من الانقسام والتوتر السياسي.
أما بالنسبة لأوروبا وحلف الناتو، فإن تعزيز روسيا حضورها في البحر المتوسط خطر لا يمكن تجاهله، ولا يتعلق فقط بالجانب العسكري، بل يتعدّاه إلى قضايا أخرى أبرزها تدفقات الهجرة وأسواق الطاقة والأنظمة السياسية في المنطقة.
ولفت الكاتب إلى أن العمليات الروسية في ليبيا تمثل إشارة أخرى إلى أن العالم يتجه نحو مزيد من التفتت والتعددية القطبية، حيث تُظهر روسيا رغم الصعوبات الاقتصادية والعسكرية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، قدرتها ورغبتها في تعزيز نفوذها خارج حدودها التقليدية.
وحسب رأيه، فإن ليبيا بسبب موقعها الإستراتيجي ووفرة موارد الطاقة لديها، من المنتظر أن تصبح بؤرة جديدة للتوترات الجيوسياسية.
ويتساءل الكاتب في الختام عن مدى قدرة حلف الناتو وأوروبا على تطوير إستراتيجية فعالة لمواجهة التوسع الروسي في ظل الانقسامات والموقف المتراخي تجاه موسكو التي تواصل تحريك قطعها على رقعة الشطرنج المتوسطية، مُظهرة أن الفرص في السياسة الدولية غالبا ما تنشأ في ظل الأزمات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات حلف الناتو فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
جورجيا تستضيف مناورات الناتو بمشاركة 2000 جندي وسط توتر مع الاتحاد الأوروبي
تُجري جورجيا مناورات "أجايل سبيريت" بمشاركة أكثر من 2000 جندي من 10 دول، وسط توتر مع الغرب بسبب تراجع ديمقراطي واتهامات بتزوير انتخابات 2024. اعلان
استضافت جورجيا، يوم الجمعة، مناورات عسكرية واسعة النطاق بالتعاون مع قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في وقت تواجه فيه حكومتها انتقادات متزايدة حول توجهاتها السياسية وانحرافها المفترض عن المسار المؤيد للغرب وميلها أكثر اتجاه روسيا.
وتندرج مناورات "أجايل سبيريت"، التي تُجرى قرب العاصمة تبليسي وتستمر حتى 8 أغسطس، ضمن سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة التي ينظمها الحلف. وشارك فيها أكثر من 2000 جندي يمثلون 10 دول، من بينها ألمانيا ورومانيا وبولندا وأوكرانيا ومولدوفا.
Related النائب الأول لرئيس الوزراء الجورجي: انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي يسير "بطريقة نشطة للغاية" في ذكرى الاستقلال... احتجاجات حاشدة في جورجيا للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة والإفراج عن المعتقليناعتقال اثنين من قادة المعارضة في جورجيا خلال مظاهرة مناهضة للحكومةوتشمل التدريبات، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الجورجية، تمريناً بالذخيرة الحية وتنفيذاً لعملية مشتركة بالتعاون مع اللواء الليتواني-البولندي-الأوكراني.
يُذكر أن طلب العضوية في الناتو مدرج صراحة في الدستور الجورجي، وقد أكد الحلف التزامه بهذا الهدف خلال قمة بوخارست عام 2008. إلا أن تطورات سياسية حديثة، تضمنت مخاوف غربية من تراجع مزعوم في مؤشرات الديمقراطية، أثارت توتراً متزايداً بين تبليسي وشركائها الغربيين، خصوصاً الاتحاد الأوروبي.
في وقت سابق من هذا الشهر، اعتمد البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ قراراً حاسماً ضد ما وصفه المشرعون الأوروبيون بـ"السلطات التي أنشأها حزب الحلم الجورجي" بعد الانتخابات البرلمانية المزورة في 26 أكتوبر 2024. واعتبر القرار أن هذه السلطات لا تمثل شرعية ديمقراطية حقيقية، ودعا إلى احترام نتائج انتخابات حرة ونزيهة.
من جهته، يرى حزب الحلم الجورجي أن المعارضة تتصرف ضد المصلحة الوطنية، ويتهمها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي للمساس باستقرار البلاد.
وقد أثارت انتخابات خريف 2024 موجة احتجاجات واسعة استمرت لأكثر من ستة أشهر، تركزت ضد الحكومة الجورجية، وسط اتهامات متفاقمة بتزوير النتائج وتقييد الحريات العامة.
ويواصل الاتحاد الأوروبي التعبير عن قلقه البالغ إزاء تزايد الاعتقالات التي تنفذها السلطات الجورجية بحق معارضين وصحفيين. وتشير التقارير إلى أن ما لا يقل عن سبعة من قادة المعارضة تم توقيفهم خلال الأشهر الماضية، في خطوة تُنظر إليها على نطاق واسع كجزء من حملة تضييق على المعارضة السياسية.
تقدمت جورجيا رسمياً بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في مارس 2022، بالتزامن مع أوكرانيا ومولدوفا، وحازت في ديسمبر 2023 على صفة الدولة المرشحة.
إلا أن الخلافات المتزايدة بين تبليسي وبروكسل، إثر مخاوف أوروبية من تراجع الديمقراطية وتقليص الحريات السياسية، أدت بعد أشهر قليلة إلى تجميد مسار الترشح.
وفي سياق هذا التوتر، تم تعليق دعم مالي مخصص من مرفق السلام الأوروبي بقيمة 30 مليون يورو في عام 2024، مع عدم تخصيص أي تمويل جديد لهذا العام.
وفي تصريح لقناة يورونيوز في مايو، أكد رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي كوباخيدزه أن بلاده تضطلع بـ"دور حيوي لأوروبا"، داعياً إلى الاعتراف بأهميتها الاستراتيجية، خصوصاً في سياق أمن الطاقة واستقرار المنطقة، وقال: "ينبغي للجميع أن يدركوا القيمة الاستراتيجية لجورجيا بالنسبة لأوروبا، ولا سيما منطقة اليورو. دورنا في الإقليم بالغ الأهمية، وهو ما يعزز باستمرار الحاجة إلى الحوار مع القادة الجورجيين".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة