سودانايل:
2025-06-20@04:54:00 GMT

الثورة منتصرة بمبادئها وحتماً ستلقف ما يأْفِكُون

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

محمد الأمين عبد النبي

انطلقت الثورة في كل أنحاء السودان، معبرة عن أشواق السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، لتنهي مسيرة ثلاثين عاماً من الإستبداد والطغيان، وتُسقط البشير ونظامه الاسلاموي، فمن نافلة القول لم تكن ثورة ديسمبر وليدة اللحظة بل جاءت تتويجاً لتراكم نضالات شعبنا واكتمال الشروط الذاتية والموضوعية.

لقد وحدت الثورة إرادة الشعب السوداني، ووضعت البلاد على منصة النهوض والانطلاق والتحول الديمقراطي، وأبرزت الانسانيات السودانية، وعبرت عن الوجدان الجمعي والمكنون الثقافي لأمة ذات هوية جامعة، وبذلك شكل ميدان الاعتصام ملحمة صهرت السودانيين بكل إنتماءاتهم في بوتقة ولوحة زاهية تشريب نحو آفاق المستقبل، وانتجت الثورة مشروعها الذي جسد التلاحم الشعبي ومقاصد الثورة وملامح المشروع الوطني.

لم يكن النظام المباد نظاماً طبيعياً وطنياً وإنما مشروعاً ظلامياً ارهابياً، فلم يكفيه سنوات الإستبداد والقهر والعنف والحروب ليعيد حساباته السياسية ويستجيب لإرادة الشعب، وإنما عّمد على قطع الطريق أمام الثورة بتحريك عناصر الدولة العميقة سيما في المؤسسة العسكرية ابتداءا بفض الاعتصام في مجذرة دامية راح ضحيتها مئات الثوار، لتلتحم صفوف الثوار من جديد لحماية ثورتهم في مليونيات 30 يونيو التي أجبرت المجلس العسكري للتراجع وابرام إتفاق سياسي ووثيقة دستورية إنتقالية، وظلت الثورة المضادة تعرقل الإنتقال والتحول الديمقراطي، بلغت قمتها في إنقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد عناصر النظام المباد للحكم من وراء ستار، وكانت إرادة وصمود الشعب أكبر ودفع ثمناً باهظاً في تعطيل وإفشال الانقلاب، وحفاظاً على مكاسب الثورة انتظمت عملية سياسية لإنهاء الانقلاب واستعادة مسار الثورة والانتقال المدني الديمقراطي، في الوقت ذاته استمرت تعبئة قوى الظلام لإجهاض الثورة بتحالف ضمني مع قوى اختطاف الثورة لتبديد حلم السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، والعودة للحكم من جديد عبر بوابة الحرب.

جاءت حرب الخامس عشر من أبريل بين طرفي الانقلاب التي اشعلها النظام المباد مستغلّاً الخلاف بينهما لإستهداف مقاصد ثورة ديسمبر بالأساس، لتدخل البلاد في حرب لا هوادة فيها دمرت البنية التحتية للوطن والبنية الفوقية للإنسان السوداني بفتق النسيج الإجتماعي وبث خطاب كراهية وعنصرية وتجيش وتحريض وقتل على أساس الهوية لتحويلها الي حرب أهلية تضع بقاء الدولة السودانية في المحك.

خلفت الحرب تداعيات كارثية غير مسبوقة في العالم، تهجير قسري للملايين خارج وداخل السودان في ظروف ماساوية، قتل الآلاف، إهانة وضرب لكل القيم والأعراف، اغتصاباً وتعذيباً وتوحشاً، تجويعاً، استقطاباً اثنياً وسياسياً، وتدخل إقليمي ودولي خبيث يؤجج القتال، ومازال النظام المباد - الذي عاد فعلياً الي الحكم على جماجم السودانيين - يعمل جاهداً على استمرار الحرب ويعرقل أي جهود للسلام.

كل مؤشرات إستمرار الحرب تؤكد ان مآلاتها تنحدر بسرعة البرق نحو تقسيم السودان والفوضى وانهيار الدولة، في ظل خلافات حادة داخل معسكر الحرب تكالباً على السلطة، وتعثر وحدة قوى الثورة والتغيير والتحول الديمقراطي، وتنافس الأطراف الإقليمية والدولية على مصالحها ونهب موارد السودان.

تمر علينا الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة، وحرب الخامس عشر من أبريل تكمل عشرون شهراً ولا حـل منظور في الأفق، والتعنت والاصرار على الحسم العسكري سيد الموقف لقناعة مشعلي الحرب أن الحل السياسي مدخلاً لإستعادة زخم الثورة من جديد.

ثورة ديسمبر مازالت باقية وحية في عقول وقلوب السودانيين ومنتصرة لا محالة بإذن الله ولو بعد حين، ومهما تعرضت للتأمر واستغلال الانتهازيين لضرب الثورة، ورغم ما افرزته الحرب من تداعيات ومآلات فإن إرادة الشعب أقوى في إنتاج واقع جديد فهي كطائر العنقاء تخرج من رحم المعاناة ورماد المأساة لبناء سودان الحرية والسلام والعدالة.

صحيح؛ أن هذا يتطلب إلتحام قوى الثورة والتغيير ورص الصفوف وتوحيد أدوات النضال السلمي والصوت المدني الديمقراطي في جبهة مدنية عريضة والانخراط في مائدة مستديرة تضع حداً لمعاناة وعذابات الشعب السوداني وتحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والسلام والعدالة، وهذا ليس ببعيد، فقد انتظمت جهود حثيثة لقوى الثورة بقناعة كاملة تؤكد بأن ليس هناك حل عسكري وأن مخاطر إستمرار الحرب تستدعي إرادة وطنية خالصة لخلاص الوطن وأن عودة النظام المباد للسلطة على فوهة البندقية تستوجب إستعادة زخم الثورة من جديد لمجابهة مخاطر تقسيم السودان.

أمام قوى الثورة والتغيير فرصة لوقف الحرب وتحقيق مقاصد ثورة ديسمبر المجيدة رغم التعقيدات الداخلية والتحولات الإقليمية والدولية، فمهما بلغت التحديات فإن الرهان قائما على إرادة الشعب وثورته فهي بلا أدنى شك عصا موسى التي تلقف ما يأْفكون.

wdalamin_2000@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النظام المباد ثورة دیسمبر إرادة الشعب قوى الثورة من جدید

إقرأ أيضاً:

الشعب الثائر لا يُقهر!

الجديد برس- بقلم- أحمد ناصر حميدان| يا لغرابة الزمان وحال الشعب، كلما ثرنا لنغير واقعنا، كلما تحالف علينا ذوو المصالح ومن فسدوا وأفسدوا، فطغت مصالحهم الأنانية على مصالحنا العامة، فكانوا أدوات النظام وأبواقه، وهم اليوم أدوات من تربعوا على سلطتنا وأفسدتهم السلطة، ليحفظوا مصالحهم القديمة والجديدة. نحن اليوم أكثر توقًا للتغيير من أي وقت مضى، خذلنا من قيادة تفسخت وأفسدت وصارت عبئًا علينا وعلى الوطن، ولم يعد في أولوياتها وطن، بعد أن سال لعابها لخزائن الدولة والإيرادات والجبايات، وأخذها الجاه بعيدًا عن هموم الناس، لتهتم باللطش والهطش لما لذ وطاب بجشع، فبنت حولها بطانة من ذوي القربى والقرية والمنطقة والحاشية، وتكالبوا علينا، فصوبوا بندقية الدولة لصدورنا، واستخدموا سوط الدولة لجلدنا، وكيّفوا النظام والقانون لإذلالنا! هم اليوم يحركون ما تحت أيديهم من قوات وأطقم ومليشيات لحماية أنفسهم من غضبنا، خذلونا وما زالوا مستمرين بالضحك علينا، بمسرحيات سمجة، “نحن معكم ولكننا نحميكم”، كيف تحمينا وأنت تعسكر الساحة قبل أن نصل إليها، وأصوات ونّان الأطقم العسكرية تطغي على صوت الجماهير، وترسل عسكرك مدججين بالبكُورات والسلاح ومحميين بواقي الرصاص، وكأنهم في معركة مع عدو، فالساحة المتاحة للتعبير تتحول لفخاخ تتصيد الأحرار وأصحاب الرأي، مسرحية لا توحي أنك كنت ذات يوم ثائرًا، بل كنت مندسًا بين الثوار واليوم تمارس انتهاكات أشد مما كان يمارسها الأولون، “تنهى عن شيءٍ وتأتي بمثله، عارٌ عليك إن فعلت عظيم”، فهذا العار سيدونه التاريخ. مهما حاولت أن تشق صف الحرية فستقع في شر أعمالك، لا ننكر أن هناك نفوسًا ضعيفة، يمكن أن يغريها الفتات، ويغريها العمل معكم كخدم، وهناك تائهون عن مصالحهم مازالوا يراهنون على الفساد والاستبداد، فساد لا ينكره إلا أعمى واستبداد لا يشعر به إلا مريض سادي تعود على الإهانة والإذلال وصار جسمه لا يشعر وعقله لا يفكر ونفسه رخيصة وروحه ذليلة. ما زال الأحرار تواقون للتغيير يعلنونه في الساحات، وما زال العبيد يتصدون للأحرار، بعدة صفات “حماة النظام والسلطة والقائد الهمام والبطانة الفاسدة وتحالفات المصالح”، ومع الأسف يرتدون شعار الدولة ويرفعون علم الوطن، ولكن ولاءهم للأشخاص، وليس أي أشخاص بل أشخاص خذلونا وخذلوا الوطن، بعد أن فسدوا وأفسدوا وتفسخت قيمهم ومبادئهم إلى ما هو أسوأ وغير مقبول. وعن أي وطن يحدثوننا وهم من باعوا الوطن وباعونا بأرخص الأثمان! نحن تواقون للتغيير، فمن قرر أن يمضي معنا فمرحبًا به، ومن قرر أن يبقى غارقًا في مصالحه، عبدًا وضيعًا تحت سلطة فاسدة ومستبدة، وكيان تولد من تحالف ماضٍ مثخن بالصراع والعمالة والخيانات والتآمر، ومستعدين يبصمون بالعشر على (خذوا الوطن وجوعوا الشعب وأذلوهم وأركعوهم ليقبلوا بكم ونبصم لكم بالعشر)، إنها العبارة التي أسقطت آخر ما تبقى من كرامة ونخوة ورجولة وشهامة ووطنية وهوية، وصنعت واقعنا الآسي بالفيروسات والأمراض الفتاكة، وها نحن نحتضر، ولن نموت سنناضل من أجل تغيير واقعنا للأفضل، شاء من شاء وأبى من أبى، فإن إرادة الشعوب لا تُقهر.

مقالات مشابهة

  • حلمي النمنم: المشير طنطاوي سلّم الإخوان للشعب.. ولم ينحاز لأي طرف خلال الانتخابات التي أعقبت الثورة
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وإيران 
  • الشيخ قاسم: لن تتمكن أميركا وإسرائيل أن تُخضعَ الشعب الإيراني وحرس الثورة الإسلامية
  • الشعب الثائر لا يُقهر!
  • قائد الثورة: موقفنا ثابت مع الشعب الفلسطيني والجمهورية الإسلامية في إيران ضد العدو الإسرائيلي
  • قائد الثورة يدعو للخروج يوم غد الجمعة نصرة للشعب الفلسطيني وتأييدًا للرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي
  • ملاحظات حول رؤية (صمود) لإنهاء الحرب واستعادة الثورة وتأسيس الدولة
  • مسير عسكري مهيب لخريجي “طوفان الأقصى” في ريف حجة دعماً لغزة
  • غول العمالة
  • ‎الامارات تعفي السودانيين من شرط صلاحية الـ 6 أشهر لجواز السفر