انتقدت افتتاحية صحيفة "التايمز" البريطانية اليوم تساهل الحكومات الغربية المبالغ به مع رئيس صربيا ألسكندر فوتشيتش، الذي وصفته بأنه حليف وفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ولفتت الصحيفة إلى أن تسامح الدبلوماسية الغربية مع تدخل الكرملين في البلقان كان إستراتيجية قصيرة النظر لن تهدئ التوترات في المنطقة ولن تساعد أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يأملان في تفكيك هذه العلاقة، إلا أنهما كانا يكرهان إدانة تهديدات فوتشيتش تجاه كوسوفو، وبالتالي تجرأ لتكثيف الخطاب التحريضي وقمع النقاد المحليين بينما كان يعمل كقناة للتأثير الروسي.

واعتبرت التايمز أن فوتشيتش ليس صديقا للغرب، وأن سياساته تشكل تهديدا قويا للاستقرار في المنطقة، ويجب على الحكومات الغربية التخلي عن الوهم الخفي بأن لبلغراد شكلا من أشكال القوة الدبلوماسية البناءة.

وقالت إنه كان من السهل على فوتشيتش تهدئة التوترات، لكنه أججها بدلا من ذلك. وختمت بأن كل هذا يحمل مقومات تجدد العنف، وأنه يجب أن تحترم صربيا سيادة كوسوفو، وينبغي جعل فوتشيتش يختار بين التقرب من بوتين أو الدفاع عن الأعراف المتحضرة.


ليس وطنيا ولا قوميا

وفي سياق متصل، تساءل تقرير بالصحيفة نفسها عما إذا كان فوتشيتش، رجل صربيا القوي، رجل مافيا البلقان أو الأمل الوحيد للسلام في كوسوفو.

وذكر التقرير أن بعض أقسى الآراء عنه تأتي من الذين عرفوه منذ زمن طويل. وفي هذا يصفه سردان ميليفويفيتش، نائب عن الحزب الديمقراطي المعارض الذي يعرفه منذ 30 عاما، بأنه "ليس وطنيا ولا قوميا ولا ديمقراطيا، ويهتم فقط بسلطة غير محدودة وجامحة".

وأردف أنه رغم اتهام المنتقدين له بقتل الديمقراطية الصربية والتواطؤ مع المجرمين، يراه آخرون، من المتشككين غالبا، باعتباره الأمل الوحيد للاستقرار في البلقان.

فقد تحمل الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون، الذين يرون أنه الشخصية الوحيدة التي يمكنها إقناع الصرب بالتعايش مع إقليم كوسوفو السابق، إهانته للغرب وتأجيجه النعرة الصربية وتودده للرئيس بوتين.

لكن يبدو أن تصرفاته تلك لفتت مؤخرا انتباه الولايات المتحدة ونفد صبرها معه، حتى أنها فرضت عقوبات على رئيس استخباراته ألكسندر فولين، متهمة إياه بعلاقات مع الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والأسلحة. وزعمت وزارة الخارجية الأميركية أيضا أن فولين كان يساعد روسيا على زيادة نفوذها في البلقان.

وختم التقرير بأن هذا الأمر لم يكن مفاجئا لمجتمع بلغراد من المهاجرين الروس المناهضين لبوتين الذين تقيد الحكومة الصربية تحركاتهم وتعتبرهم "خطرا أمنيا".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الغرب لا يواجه الإرادات

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في أكتوبر عام 1985، قام الكيان الصهيوني باستهداف مقر القيادة الفلسطينية بمنطقة حمامات الشط (1) بالجمهورية التونسية، بعد انتقالها إلى هناك بتوافق وضمانات دولية لخروجها من بيروت، وكان مقررًا لها أن تجتمع يوم 1 أكتوبر، وتم تأجيل الاجتماع في آخر لحظة بأوامر من القائد ياسر عرفات، فنجت القيادة من القصف وأصيب عدد من الكوادر الفلسطينية والطواقم التونسية العاملة في المقر.

حين علم الرئيس الحبيب بورقيبة بعملية قرصنة العدو، بلغ به الغضب مداه، فاستدعى وزير خارجيته حينها الباجي قائد السبسي على عجل وطلب منه السفر إلى نيويورك وتقديم طلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن لإدانة العدو وعمليته. وفي نفس الوقت استدعى السفير الأمريكي بتونس واستقبله واقفًا وقال له: وزير خارجيتي في طريقه إلى نيويورك الآن لإدانة إسرائيل وإرهاب الدولة الذي مارسته بحق سيادتنا، وإذا استخدمت بلدك أمريكا حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن، فعليك أنت وطاقمك مُغادرة تونس خلال 48 ساعة.

عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بطلب من تونس وأدان بالإجماع عدوان العدو على تونس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وامتنعت أمريكا- ولأول مرة- عن التصويت.

قام الرئيس القُمُرِي علي صويلح (2) بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا بعد أن أخلفت بوعودها لجُزر القُمُر بمنح مساعدات تنموية وعدم ضم جزيرة مايوت (المصدر الرئيس للفانيليا)، وتوجه نحو الصين، فأُصيبت فرنسا بالصدمة والشلل التام إزاء هذا الموقف الصادم، إلى أن أوعزت للمرتزق الفرنسي بوب دينار للقيام بعملية اغتيال للرئيس القُمُري ونفَّذ ذلك تحت ستار انقلاب عسكري.

عام 1965، أعلن الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو انسحاب بلاده من الأمم المتحدة احتجاجًا على ترشيح ماليزيا لعضوية مجلس الأمن، في سياق تنافس سياسي محموم حينها بين البلدين.

وتدهورت العلاقات بين فرنسا وأمريكا (3) بسبب رؤية البلدين لوضع حلف الناتو، فقرر الرئيس الفرنسي شارل ديجول خفض القوات الفرنسية في الحلف وسحب فرنسا من قيادته.

حين قامت ثورة الفاتح من سبتمبر 1969م بقيادة العقيد معمر القذافي أصيبت القواعد الأمريكية والبريطانية بالاتكالية والشلل تجاه الثورة، فقرروا استثمار موقفهم السلبي هذا في اعتبار ما حدث شأنا ليبيا داخليا لم يتدخلوا فيه لعله يشفع لهم لدى قيادة الثورة كي يعودوا ويتسللوا عبر النافذة، ولكن رهاناتهم خابت بفعل صلابة الثورة وحاضنها الشعبي الكبير.

حين قامت ثورة يوليو 1952 في مصر، بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر ورفاقه الضباط الأحرار، أُصيبت إنجلترا بالصدمة والذهول رغم نفوذها الكبير ورغم وجود أكثر من 70 ألف جندي بريطاني على أرض مصر، رحلوا جميعهم في اتفاقية الجلاء عام 1954، وكان الموقف البريطاني غزلًا مُبطنًا لقيادة الثورة؛ باعتبار ما حدث شأنًا داخليًا مصريًا، ولكن ذلك لم يشفع لهم.

ما تقوم به فصائل المقاومة ومحورها اليوم من مواجهة للعدو والمُخطط الإمبريالي الصهيوني للأمة، يبرهن بأنَّ فعلها من أفعال الكبار ممن يسطرون التاريخ ويجعلون العدو يفكر ألف مرة قبل كل مواجهة، لأن الإرادة أقوى من أي سلاح مادي وهي النصر والظفر معًا.

قبل اللقاء.. العدو لم يتسلل عبر حدودنا، بل عبر عيوبنا

وبالشكر تدوم النعم

****

1- مجزرة حمام الشط: غارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي وقعت يوم 1 أكتوبر 1985 ضد مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط (تونس)، استُهدف خلالها أحد أهم اجتماعات منظمة التحرير الفلسطينية، مما أوقع عشرات القتلى من التونسيين ومن القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية. (ويكيبيديا).

2- علي صويلح (7يناير 1932 - 29 مايو 1978)، سياسي وثوري اشتراكي من جزر القُمُر، شغل منصب الرئيس الثالث لها من سنة 1977 إلى سنة 1978. وأصبح رئيسًا بانقلاب في شهر أغسطس من سنة 1977 وأدخل بلده في الأفكار الشيوعية. (ويكيبيديا)

3- العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا تدهورت بسبب رفض دمج الردع النووي الفرنسي مع قوى شمال الأطلسي الأخرى أو قبول أي سيطرة جماعية على قواتها المسلحة، فخفض الرئيس الفرنسي شارل ديجول عضوية فرنسا في حلف شمال الأطلسي "ناتو" وسحب فرنسا من القيادة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة بحثًا عن نظام دفاعي مستقل، وسحبت فرنسا قيادتها العسكرية سنة 1966، ومنذ ذلك العام وحتى عام 1993 كانت منفردة عن البنية السياسية لحلف الناتو. وقد قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2009 عودة فرنسا لقيادة حلف الناتو عسكريًا بعد انقطاع 43 عامًا. (ويكيبيديا)

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المدرب الصربي يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك: لم يتواصل معي أحد حتى الآن
  • الجامعة الأردنية تعلن انسحابها من تصنيف التايمز بفروعه كافة
  • مساعد الرئيس الروسي: بوتين سيشارك في قمة روسيا - آسيا الوسطى في 9 أكتوبر الجاري
  • المطربة الصربية يالينا بعد تحقيق أغنيتها المصرية 3 ملايين مشاهدة: محمد رمضان مصدر إلهامي
  • منسى استقبل الخير وسفير لبنان في صربيا
  • فلاديمير بوتين.. ربع قرن في الحكم بين استعادة المكانة ومواجهة الغرب
  • الغرب لا يواجه الإرادات
  • قادة غرب البلقان يبحثون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
  • الرئيس الصربي: العالم يستعد لمواجهة حرب عالمية جديدة
  • الخرطوم تمدّ الجسور نحو جوبا وكامل إدريس بوضوح: السودان سيبحث عن مصالحه وأمنه