ثمّة في دولة الاحتلال، ومنهم من ينتمون إلى النخبة السياسية والأمنية من بات يرى ويعترف بأنّ الجيش في قطاع غزّة، لا يفعل سوى التدمير وارتكاب مجازر جماعية وتطهير عرقي، ولا شيء يدعم أوهام تحقيق الانتصار، وثمّة آخرون ينتمون إلى النخبة، أيضاً، يطالبون الجيش بتدمير مصادر الطاقة والمياه والغذاء، المحدودة المتبقّية في شمال القطاع، آخرهم ثمانية من أعضاء الكنيست.
لا يختلف كثيراً شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، من حيث الاستهداف المستمر للبشر والحجر إلّا أنّ الشمال يخضع لعملية إبادة جماعية وأرض محروقة، لم تعد تحتمل الشكّ أو الإنكار، وبعض المسؤولين يعترف بذلك علناً، ويرفض تعديل أو التراجع عن تصريحاته.
شمال القطاع، يخضع منذ 80 يوماً، لمجريات «خطّة الجنرالات» التي تستهدف تفريغه بالكامل من سكانه، ومن بنيته التحتية ومن مساكنه، ومن كلّ مظاهر الحياة فيه، وفق تلك الخطة الجهنمية لا يمكن الحديث عن «منطقة عازلة»، وإنّما عن مساحة واسعة من القطاع، لا تصلح سوى للاستيطان مجدّداً بحجّة حماية أمن مستوطنات «غلاف غزّة».
القتل يومي وبالجملة في كلّ مكان يتأكّد جيش الاحتلال أنّه يحتوي على بشر مهما كان عددهم ومهما كانت أعمارهم، وحتى لو أنهم جرحى.
في الأيّام الأخيرة ارتفعت حصيلة القتل حتى جاوزت الـ 90 في بعض الأيام، وبما لا يقلّ عن 60 في اليوم الواحد.
لا يعرف أحد كيف يعيش من تبقّى من السكان في ظلّ محدودية مصادر المياه، وانعدام الوقود، وعدم سماح جيش الإجرام بوصول المساعدات الغذائية.
وفي شمال القطاع، يوجد ثلاث مستشفيات بقياسات الحدّ الأدنى، وهي ليست أكثر من مراكز طبية محدودة المساحة والإمكانيات ومعدومة الوسائل والمستلزمات الطبية والكوادر.
بعد أن دمّر جيش الاحتلال المستشفى الأندونيسي، ومطالبة طواقمه الطبية ونزلائه من الجرحى بإخلائه، وإخراجه كلياً عن الخدمة، ركّز استهدافه لمستشفى كمال عدوان.
في أكثر من مرّة رفض جيش الاحتلال وصول فرق طبية متطوّعة، ومنها أجنبية إلى المستشفى، وحين اضطرّ للسماح بإدخال بعض المستلزمات الطبية قام بحرقها.
طاقم المستشفى وعلى رأسه مديره الدكتور حسام أبو صفية، لم يستسلم، ولم يذعن لنداءات الإخلاء، ولا حتى للتدمير الشامل للمباني المحيطة بالمستشفى، أو حتى لبواباته الداخلية وبعض أقسامه، وحين لم تفلح نداءات الجيش، قام باقتحام المستشفى واعتقال كل من تواجد فيه بما في ذلك أبو صفية، الذي أنكرت سلطات الاحتلال وجوده لديها.
آثر أبو صفية أن يعطي للاحتلال درساً ورسالة لنوع الفلسطيني، الذي يرفض الاستسلام، والمغادرة، والتخلّي عن مسؤولياته الإنسانية، إلى أن اضطرّ للذهاب إلى الدبّابة القريبة لتمارس ما دأبت عليه، فالطبيب الإنسان سيتعرّض للتعذيب والاعتقال والحطّ من الكرامة، وربّما يتهم بالإرهاب.
يعني ذلك أن كل فلسطيني مهما كانت صفته وطبيعة مهمّته، إرهابي من وجهة نظر دولة الاحتلال، ويستحق أن يتعرض للقتل أو القمع والاعتقال والتعذيب.
بقي مستشفى العودة، في تل الزعتر وقد بدأ الجيش استهدافه على نحوٍ مركّز والمطالبة بإخلائه مؤقتاً، وطلب من نزلاء مستشفى كمال عدوان، خصوصاً الجرحى الانتقال وسط القصف المستمرّ، إلى المستشفى الأندونيسي، حيث لا مجال لأيّ خدمة طبية أو طعام أو شراب.
تريد دولة الاحتلال إخلاء شمال القطاع، وتضع الناس أمام خيارات صعبة، فإمّا الموت قصفاً، أو الموت جوعاً، أو الموت مرضاً أو الاعتقال، وقليل ممّن يحظى بأمل الوصول عارياً إلى مدينة غزّة.
من الواضح أنّ المماطلة الإسرائيلية بشأن صفقة التبادل ووقف الحرب الإجرامية، تستهدف من بين أسباب أخرى إعطاء الجيش المزيد من الوقت حتى يكمل مهمّته في شمال القطاع، ليكون ورقة مهمة لابتزاز الفلسطينيين والوسطاء.
كل المجتمع الإسرائيلي تحت طائلة الخوف من المساءلة والاعتقال
وبالرغم من كلّ الشهادات، والتحقيقات والتصريحات والاعترافات الدولية، وحتى بعضها إسرائيلية، إلّا أن حكومة نتنياهو لا تزال تدير الظهر لكل تلك التفاعلات، مستندة إلى دعم الولايات المتحدة، مع وهم بأنّها ستكون قادرة على حماية أمن الدولة العبرية ومسؤوليها من الملاحقة والمحاسبة الدولية، لا تتجاوز إجراءاتها، إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ويوآف غالانت، فإنّ آخرين كُثراً يعتقدون أن المحكمة ستتجاوز ذلك، وربما هناك مذكّرات اعتقال سرّية لمسؤولين عسكريين آخرين.
قد تتخذ الولايات المتحدة الأميركية، إجراءات عقابية على قضاة «الجنائية الدولية»، وقد يتعرض بعضهم لأكثر من مجرد عقوبات إلى استهداف حياتهم، ولكن على دولة الاحتلال أن تنتبه لمسارات أخرى.
ما تعرّض له جندي الاحتياط الذي أراد الذهاب إلى البرازيل من قرار للتحقيق معه، بدعوى ارتكابه جرائم حرب، لا بدّ أن يثير الكثير من القلق لدى المجتمع الإسرائيلي.
تمكن الجندي من الهرب، قبل أن يتمّ اعتقاله، لكن القرار البرازيلي ليس السلوك الوحيد في هذا الشأن، فلقد أعلنت بعض الدول حتى الحليفة لدولة الاحتلال، أنها ستقوم بالتدقيق في بطاقة هوية كل إسرائيلي يرغب في السفر إليها، على خلفية خدمته في الجيش واحتمال ارتكابه مجازر بحق الفلسطينيين.
في الواقع، هذا السلوك البرازيلي يدقّ أجراس التحذير والخطر بقوة، لدى كل إسرائيلي، لأنّ المجتمع تقريباً، كله أو معظمه خضع للتجنيد الإجباري، فهو إمّا مجنّد دائم محترف وإمّا مجنّد احتياط يتمّ استدعاؤه وقت الحروب.
بالتأكيد لن تقتفي دول العالم، ما فعلته السلطات البرازيلية ولكن يكفي أنّ كثيراً من الدول قد تفعل ذلك، ما يضع كل المجتمع الإسرائيلي تحت طائلة الخوف من المساءلة والاعتقال.
الأيام الفلسطينية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال نتنياهو البرازيل غزة نتنياهو البرازيل الاحتلال مجازر الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال شمال القطاع
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتباكى على سوروكا ويحاول استثارة العالم.. هل نسي ما فعله بمشافي غزة؟
يحاول قادة الاحتلال استثارة الرأي العام العالمي، على خلفية القصف الإيراني الذي طال مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، الخميس، رغم تأكيد طهران أن القصف استهدف أساسا مقرا لجيش الاحتلال مجاور للمشفى المذكور.
وبينما انخرط رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزرائه، فضلا عن الرئيس الإسرائيلي في حملة تبدو ممنهجة، لاستدرار مواقف عالمية حيال ما جرى في المستشفى، تجندت الصحافة العبرية لتضخيم الحدث، وأفردت مساحات واسعة لتغطية القصف، حتى وصل حد وصفه بـ"جريمة حرب"، متناسين ما حصل من مجازر مروعة وتدمير للمشافي في قطاع غزة، وكأنه لم يكن سوى حدثا عابرا.
ومارس نتنياهو التحريض من أمام مستشفى سوروكا حين قال: "نحن نضرب بدقة أهدافا عسكرية، أهدافا نووية، أهدافا مشروعة، وهم يضربون مستشفى (..) إنهم يضربون مستشفى لا يستطيع فيه الناس حتى أن ينهضوا ويهربوا (..) إنهم يريدون إبادتنا جميعا".
طهران نفت الرواية الإسرائيلية، وأكدت أن القصف الصاروخي استهدف وأصاب مقر قيادة واستخبارات جيش الاحتلال بجوار المستشفى الذي تعرض لأضرار جانبية جراء موجة الانفجار.
وقال الحرس الثوري في بيان، إنه "في هذه العملية استُهدف مركز القيادة والاستخبارات التابع لجيش النظام الإسرائيلي بدقة عالية وبضربة دقيقة قرب مستشفى".
وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن البنية التحتية العسكرية المستهدفة "أُصيبت بدقة"، بينما تعرض مستشفى سوروكا لأضرار جانبية بسبب موجة الانفجار.
كشف بقصف الاحتلال مستشفيات إيرانية
ومنذ بدء عدوانه على إيران فجر 13 حزيران/ يونيو الجاري، استهدف جيش الاحتلال بشكل مباشر أكثر من مستشفى، بينها مستشفى أطفال بالعاصمة طهران.
والأربعاء، قصف الاحتلال أيضا محيط مبنى الهلال الأحمر الإيراني شمال طهران، وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الإيراني تصاعد الدخان من الموقع المستهدف.
كما ذكر التلفزيون الإيراني، الاثنين الماضي، أن قصفا استهدف "مستشفى الفارابي" بمدينة كرمنشاه غرب البلاد، فيما استهدفت غارات إسرائيلية مستشفى "حكيم" للأطفال في طهران، وفق وزارة الصحة الإيرانية السبت الماضي.
تدمير معظم مشافي غزة
وفي غزة، دمرت قوات الاحتلال معظم المستشفيات والمراكز الصحية، وقتلت وأصابت واعتقلت الكثير من أفراد الكوادر الطبية والإسعاف، وفق مصادر رسمية وأهلية ودولية.
يشار إلى دولة الاحتلال دمرت 35 مستشفى من أصل 38، منها حكومية وأهلية، تاركة 3 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، بحسب إحصائية رسمية.
كما أخرجت غارات الاحتلال 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى.
ولم تتورع دولة الاحتلال في قتل الجرحى والمصابين داخل المستشفيات، وتعد جريمة قتل الصحفي الشهير، حسن اصليح داخل مستشفى ناصر في خانيونس أكبر دليل على ذلك، حيث عاجله صاروخ قبل أسابيع، فقلته وهو على سريره حيث كان يتلقى العلاج داخل المستشفى.
وعبر إغلاقها المعابر، تمنع دولة الاحتلال إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة إلى غزة، وترفض إخراج جرحى ومصابين للعلاج بالخارج، في ظل انهيار المنظومة الصحية بالقطاع المحاصر.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تناول مغردون ونشطاء محاولات الاحتلال استغلال الحدث، مذكرين بما حدث من تدمير واسع للقطاع الصحي في غزة على يد قوات الاحتلال.
كما كانت إسرائيل تبرر قصف مستشفيات غزة بوجود مقاومين داخلها، فمن حق إيران أن تبرر استهدافها لمستشفى سوروكا في تل أبيب بوجود قادة من جيش الاحتلال يحتمون بالمرضى داخله بعد أن اعتدوا على بلدهم.
بستغرب ليه الكيان الصهيونى بيصرخوا على سقوط صاروخ إيرانى على مستشفى سوروكا فى بئر سبع وإصابة العشرات ، الصاروخ أكيد كان يستهدف أحد مراكز عمليات جيش الاحتلال أسفل المستشفى والذى يتم من خلاله إدارة العدوان على إيران ، الكيان دمر كل مستشفيات غزة ومستشفى المعمدانى شاهدة على ذلك — Ahmed Mesho (@ahmed_mesho464) June 19, 2025
مستشفى #سوروكا الذي ضربته الصواريخ الإيرانية ليس مستشفى لعلاج المدنيين،بل لعلاج جرحى الجنود الصهاينة ،أى مستشفى عسكرى!
وأسفل المستشفى يوجد مركز قيادة وسيطرة للجيش الصهيوني!!!
فبعيدا عن أنه هدف عسكرى بامتياز، فهو ضربة قاصمة للكيان اللقيييط،
فليذوقوا معشار مافعلوه فى غزة. — Hassan Nasr (@HassanN73953664) June 19, 2025
"لما إسرائيل تقصف مستشفى وتقول فيه مقاومين، الغرب يصفّق.
لكن لما إيران تضرب مستشفى فيه… pic.twitter.com/oETT0jXYki — hafid derradji حفيظ دراجي (@derradjihafid) June 19, 2025 بستغرب ليه الكيان الصهيونى بيصرخوا على سقوط صاروخ إيرانى على مستشفى سوروكا فى بئر سبع وإصابة العشرات ، الصاروخ أكيد كان يستهدف أحد مراكز عمليات جيش الاحتلال أسفل المستشفى والذى يتم من خلاله إدارة العدوان على إيران ، الكيان دمر كل مستشفيات غزة ومستشفى المعمدانى شاهدة على ذلك — Ahmed Mesho (@ahmed_mesho464) June 19, 2025 مستشفى سوروكا مش أغلى من مستشفيات غزة
סורוקה לא יקרה יותר מבתי החולים בעזה
لما إسرائيل تكتشف فجأة إن استهداف المستشفيات جريمة כשישראל מגלה פתאום שפגיעה בבתי חולים היא פשע — Malek Mahmoud (@dodogaber2025) June 19, 2025