في ذكرى ميلاده الـ79| الطيب.. شيخ الأزهر المنفتح على العالم الحديث
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمر علينا اليوم الاثنين الموافق 6 يناير عام 2024، ذكرى مولد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حيث يكمل عامة التاسع والسبعين، في رحلة عطاء ذاخرة بالعمل والإيمان وخدمة الدين والوطن والأمة الإسلامية.
وتستعرض «البوابة نيوز» في هذا -التقرير- بعضًا من جوانب الرحلة الحياتية لشيخ الأزهر، حيث وُلِدَ أحمد محمد أحمد الطیب الحسَّاني، بقریة القُرنةِ التابعة لمحافظة الأقصر في صعید مصر، في 6 ینایر عام 1946م، لأسرة صوفیة زاهدة، وبیت علم وصلاح، ویعود نسب أسرته إلى سیدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي لله عنهما.
نشَأ في القُرنة في كَنَف والده، وحفظ القرآن وقرأَ المتونَ العلمیة على الطریقة الأزهریّة الأصیلة، والتحقَ بمعهد «إسنا الدیني»، ثم بمعهد «قنا»، ومن ثم بقسم العقیدة والفلسفة بكلیة أصول الدین بالقاهرة، حتى تخرج فيها بتفوق عام 1969م.
تلقى «الطيب» العلم في الأزهر على ید كبارِ علمائه في جمیع مراحله التعلیمیة، وقد حرص منذ صغره على حضورِ مجالس العلماء والصالحین، وتعلُّمِ أصول التربیة والسلوك والحكمة في الطریق إلى لله.
شهد الإمام -في صغره- مجالس المصالحات والمحاكمِ العرفیة التي قادها جده الشیخ أحمد الطیب، ووالده الشیخ محمد الطیب في «ساحة الطیب»، وعندما بلغ من العمر 25 عامًا أصبح مشاركًا ومحققًا في هذه المجالس، ولا یزال حتى الآن یشارك شقيقه الأكبر الشیخ محمد، في هذه المهام النبیلة.
درجاته العلميةحصل على الإجازة العالية «الليسانس» في العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهرِ الشريف بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف، وكان ترتيبه الأول على القسم عام 1969م، وعيِن معيدًا في 2 سبتمبر من العام نفسه.
بعد تخرجه بأقل من شهرين، حصل على درجةِ التخصصِ «الماجستير» عام 1971م، وعيِن مدرِسًا مساعدًا في العامِ نفسِه، حصل على درجة «الدكتوراة» عام1977م، فعين مدرِسًا في قسمِ العقيدة والفلسفة، وترقى إلى درجة أستاذ مساعد عام 1982م، وحصل على الأستاذيَة في 6 يناير 1988م.
دراسته للفرنسيةجمع الإمام الطيب بين تعاليم المنهج الأزهري والانفتاح على الثقافة الأوربية الحديثة، حيث درس اللغة الفرنسية في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة بعدما تخرج في كلية أصول الدين، وقضى به قرابة خمس سنوات، وكان يعرف الإنجليزية من دراستها في المرحلة الثانوية الأزهرية «1960م -1965م»، وترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية.
هيئات علمية تولى عضويتهاشغل فضیلة الإمام الأكبر خلال مسيرته العلمیة والتعلیمیة عضویة العدید من الهيئات والمؤسسات، منها:عضو المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف منذ 23 إبريل 2018- حتى الآن، المجلس الأعلى للشئون الإسلامیة، الجمعية الفلسفية المصرية، رئیس اللجنة الدینیة باتحاد الإذاعة والتلیفزیون، عضو أكادیمیة مؤسسة آل البیت الملَكیة للفكر الإسلامي، مجمع البحوث الإسلامیة، مقرر لجنة مراجعة وإعداد معاییر التربیة بوزارة التربیة والتعلیم.
المناصب والمهام القياديةتولى الإمام العديد من المناصب والمهام القیادیة خلال مسیرته العلمیة والدعوية، فساهم من خلالها في نصرة القضايا الإنسانية العادلة، وإرساء السلام، واستعادة المكانة العالمية والريادة التاريخية التي يحظى بها الأزهر منذ أكثر من ألف عام.
ومن أبرز المناصب والمهام القیادیة التي تولاها الإمام الأكبر: يرأس فضيلته مجلس حكماء المسلمين منذ تأسيسه في 19 يوليو 2014م، حتى يومنا هذا، ويرأس بيت الزكاة والصدقات المصري الذي تم إنشاؤه عام 2014م، ويشرف بنفسه على جهات الإنفاق لصالح الفقراء والمحتاجين.
وتولى منصب شيخ الأزهر، في 19 مارس 2010م، حتى الآن، خلفًا للإمام الراحل أ.د محمد سيد طنطاوي، وهو الإمام الخمسون للجامع الأزهر، وبحكم منصبه شيخًا للأزهر، يرأس هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للأزهر.
ويرأس فضيلته المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وقد تم إنشاؤها 2007م، خلال توليه منصب رئيس جامعة الأزهر، ويترأس المؤتمرات الدولية التي تعقدها، تولى منصب رئيس جامعة الأزهر منذ 28 من سبتمبر عام 2003م، حتى 19 مارس عام2010.
اُختير مفتيًا للديار المصرية، في يوم الأحد الموافق 10 مارس 2002م، وحتى 27 سبتمبر 2003م، وقد أصدر خلال فترة توليه الإفتاء حوالي «2835»، فتوى مسجلة بسجلات دار الإفتاء المصرية.
عين عميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، في العام الدراسي 1999/ 2000م، وانتدب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان، اعتبارًا من 15 نوفمبر 1995م.
انتدب الإمام الطيب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، اعتبارًا من 27 أكتوبر 1990م، حتى 31 أغسطس 1991م.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيخ الأزهر احمد الطيب شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية من الصين: الإسلام ينبذ التمييز ويدعو لوحدة الإنسانية
ألقى فضيلة د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، صباح اليوم الاثنين، كلمةً في الجلسة الافتتاحيَّة للمؤتمر العِلمي الدَّولي الذي تنظِّمه الأكاديميَّة الصينيَّة للعلوم الاجتماعيَّة على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء في معهد التاريخ الصِّيني، تحت عنوان: (التسامح الدِّيني ومناهضة التمييز في إطار مبادرة الحضارة العالميَّة)، بمشاركة نخبة مِنَ العلماء والباحثين من مختلِف دول العالم، وبحضور د. عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، د. حسن خليل الأمين العام المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث.
تناول الدكتور محمد الجندي في كلمته عُمق العَلاقات التاريخيَّة والروابط الحضاريَّة بين مصر والأزهر الشريف ودولة الصِّين، مؤكِّدًا أنَّ هذه العَلاقات تمثِّل جسرًا متينًا للتسامح والسلام بين الشعوب، وأنَّ البعثاتِ العِلميَّةَ على مدار العقود كانت خيرَ شاهدٍ على متانتها وعُمقها.
واستعرض الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة جذور هذه العَلاقة، مبيِّنًا أنَّ أول بعثة طلابيَّة صينيَّة جاءت إلى الأزهر الشريف كانت عام 1931م، لتبدأ مسيرةً عِلميَّةً وحضاريَّةً امتدَّت حتى اليوم، أُرسيت خلالها قواعد التعاون الأكاديمي، وتخرَّج فيها أجيال مِنَ العلماء الذين عادوا إلى بلادهم سفراء لقِيَم الوسطية والاعتدال، مؤكِّدًا أنَّ الأزهر الشريف كان -ولا يزال- بيتَ العِلم الذي يحتضن أبناء الصِّين وغيرهم من مختلِف دول العالم؛ ينهلون مِن علومه، ويتعلَّمون كيف يكون الدِّين مصدرًا للأمن والسلام.
وأوضح فضيلته أنَّ العَلاقاتِ المصريَّةَ-الصِّينيةَ ليست وليدة اليوم؛ بل هي امتدادٌ لقرون مِنَ التواصل الثقافي والتِّجاري، الذي كان الأزهر فيه منارة علميَّةً وثقافيَّة تُنير دروب المسافرين بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى أنَّ هذا الإرث المشترك هو ما يدفع البلدين اليوم إلى مزيدٍ مِنَ التعاون في مجالات البحث العِلمي والحوار الثقافي والتبادل الأكاديمي.
وتابع أنَّ رسالة الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تؤكِّد أنَّ تاريخ الحضارات الإنسانيَّة يكشف بوضوحٍ أنَّ النَّهضة الحقيقيَّة لم تُبنَ يومًا على العصبيَّة أو التمييز؛ بل قامت على الانفتاح والتسامح، وإتاحة مساحة حقيقيَّة للتعايش بين الأديان والثقافات، وأنَّ التسامح الدِّيني يُعدُّ حجرَ الأساسِ في بناء الحضارات، وليس مجرَّد تَرَفٍ أخلاقيٍّ يُذكَر في المناسبات، فهو ركيزةٌ لكلِّ أمَّة تحترم ذاتها وتسعى إلى البقاء، لافتًا إلى أن الإمام الأكبر أسهم بشكل كبير في دعم ثقافة التسامح والحوار بين الشعوب، كما بذل الكثير من الجهود عبر جولاته الخارجية في الشرق والغرب لدعم أواصر السلام بين الجميع ونبذ التمييز والعنصرية ومواجهة سياسات إراقة الدماء وإرهاب الشعوب.
وشدَّد الدكتور الجندي على أنَّ الأزهر الشريف كان دائمًا سدًّا منيعًا في وجه التطرُّف والانغلاق، متمسِّكًا بمنهج الوسطيَّة، ومحذِّرًا مِنَ الانزلاق إلى الصِّفات التي حذَّر منها القرآن الكريم، لافتًا إلى أنَّ المجتمعات التي تستسلم لهذه الصفات تهدم قِيَمها وتفقد هُويَّتها، بينما يحرص الإسلام على تهذيب النفوس وصيانة القِيَم.
وأردف أنَّ القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة المطهَّرة وضعَا أُسسًا واضحةً للتعامل مع غير المسلمين، مستشهدًا بقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، موضِّحًا أنَّ هذه النَّص القرآني يحمل خطابًا إنسانيًّا عالميًّا يرسِّخ لبرِّ الآخرين والتعامل معهم بالعدل والإحسان، كما استشهد بحديث النبي ﷺ: «لَا فَضْلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمَ، وآدمُ من تراب»؛ ليؤكِّد أنَّ رسالة الإسلام تنبذ التمييز العنصري وتدعو إلى وَحدة الأسرة الإنسانيَّة.
واختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بتأكيد أنَّ العالَم في حاجة ماسَّة إلى إحياء هذه القِيَم المستمدَّة مِنَ التعاليم السماويَّة؛ لمواجهة ما يهدِّد الإنسانيَّة مِن صراعات وحروب، وأنَّ الأزهر الشريف سيظلُّ قائمًا بدَوره التاريخي في نَشْر السلام، وصيانة الأخوَّة الإنسانيَّة، والتواصل مع مختلِف الثقافات على أساسٍ مِنَ الاحترام المتبادل، والقِيَم الإنسانيَّة المشتركة.