الإرث الأخلاقي والقيمي.. مسؤولية وطنية واستثمار مستقبلي
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
يشغل الموضوع القيمي الكثير من دول العالم التي ما زالت ترى فـي الحفاظ على القيم حفاظا على هويتها الوطنية وتماسكها المجتمعي. وفـي مناسبات عديدة تحدث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- عن أهمية الحفاظ على القيم وتربية الأجيال.. وفـي خطابه الأسبوع الماضي شدد -أيده الله- على أهمية تعزيز الإرث الأخلاقي والقيمي والسلوكي فـي المجتمع العُماني، مؤكدا ضرورة الحفاظ على الموروث الوطني واستلهام مبادئه فـي بناء المستقبل.
تحمل دعوات عاهل البلاد المفدى أبعادا عميقة تتجاوز مجرد التمسك بالعادات والتقاليد، لتصل إلى ضرورة تكييف هذا الإرث مع متغيرات العصر، وجعله ركيزة صلبة لمواجهة التحديات الأخلاقية والاجتماعية التي يفرضها الواقع الحديث بكل ما فـيه من متغيرات ومؤثرات عالمية.
وموضوع القيم الأخلاقية ليس شعارات ترفع، أو إرثا ينتقل من جيل إلى آخر، لكنه فـي الحقيقة منظومة متكاملة تظهر فـي الممارسة الحياتية اليومية بكل تجلياتها بما فـي ذلك مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافـية. وعبر العقود الماضية والتي شهد فـيها العالم تراجعا فـي المنظومات الأخلاقية بسبب تحديات العولمة وجدت الكثير من المجتمعات أن ضياع البوصلة الأخلاقية فـي أي مجتمع يقود بالضرورة إلى الدخول فـي دوامة من الانحرافات المجتمعية، حيث تتراجع القيم ويضعف الوازع الأخلاقي، ما يهدد النسيج الاجتماعي ويؤثر في استقرار الأوطان. ولا شك أن توجيهات جلالة السلطان المعظم وحرصه الدائم على موضوع الأخلاق مبني على فهم عميق لهذا السياق وهذه النتائج ولذلك يركز، حفظه الله، على حماية الهُوية الوطنية من الانحراف، وتعزيز التماسك الاجتماعي عبر منظومة قيمية ترتكز على الأخلاق السامية.
لكن تعزيز القيم لا يقتصر على البرامج الحكومية فقط، بل هو مسؤولية مجتمعية متكاملة تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المؤسسات التعليمية، والمراكز الثقافـية، والإعلام، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي التي تبدو اليوم أكثر تأثيرا سواء فـي الاتجاه الإيجابي أو السلبي. وتبدأ التربية الأخلاقية من البيت، حيث يكون الوالدان القدوة الأولى لأبنائهما وهي قدوة لها تأثيرها العميق فـي تشكيل الأبناء، كما تبرز أهمية المسجد فـي بناء هذه القيم وكذلك السبلة التي يحضر فـيها الأبناء الذكور بشكل خاص منذ نعومة أظفارهم ويشاهدون تطبيقا عمليا للقيم والسلوكيات التي يفترض أن ترسخ فـي أذهانهم من خلال تكرارها ومن خلال توجيه الأبناء للقيام بها.. ومن ثم تأتي المدرسة لترسخ هذه القيم فـي نفوس الناشئة عبر مناهج تعليمية توازن بين المعرفة الأكاديمية والقيم السلوكية.
وإذا كان المجتمع الذي نعيش فـيه متأثرا بالتطورات التكنولوجية التي يعيشها العالم، فمن المهم أن نستخدم هذه التقنيات فـي تعزيز المبادئ الأخلاقية ونشر الوعي القيمي؛ فوسائل التواصل الاجتماعي، التي تعد اليوم من أقوى أدوات التأثير، يمكن أن تؤدي دورا محوريا فـي نشر ثقافة الاحترام والتعاون وتعزيز الوعي الوطني، إذا ما تم توظيفها بشكل إيجابي. وهذا يتطلب، فـي الحقيقة، ثورة كبرى فـي هذه الوسائل؛ لأن البعض يعتبرها أداة هدامة فـي بناء الوعي الأخلاقي والقيمي نظرا للخطاب الثقافـي الملتبس الذي تطرحه حول الكثير من القضايا.
لا شك أن هناك تحديات تواجه عملية الحفاظ على الإرث الأخلاقي، من أبرزها العولمة الثقافـية التي تفرض أنماطا سلوكية غريبة على المجتمع، إضافة إلى تراجع دور بعض المؤسسات التقليدية التي كانت مسؤولة عن نقل القيم من جيل إلى آخر. وهنا، يصبح من الضروري العمل على إطلاق مبادرات حكومية ومجتمعية فاعلة تعزز هذه القيم، من خلال تنظيم حملات توعوية، ودعم الأنشطة الثقافـية، وتعزيز البرامج التربوية التي تركز على البعد الأخلاقي.
إن تركيز جلالة السلطان المعظم على موضوع القيم فـي مناسبات عديدة يعكس إيمانا راسخا من جلالته أن هذه القيم هي العمود الفقري لبناء الأوطان وهي الضامن الحقيقي لاستمرار البناء الحضاري وبهذا المعنى لا بد أن نكون جميعا حراسا لهذا الإرث وتطويره وتعزيزه ليتماشى مع التقدم الذي يشهده العصر ليبقى وطننا شامخا بأخلاق أبنائه وقيمهم وهذا يعزز صموده فـي وجه قيم العولمة الغربية التي تهدف إلى ضرب الهويات الوطنية وإرساء قواعد هوية غربية لا تنتمي لنا ولا يمكن أن ننتمي لها بالمطلق.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحفاظ على هذه القیم
إقرأ أيضاً:
«الدقهلية» توقع بروتوكول تعاون مع البنك الأهلى المصري لتسويق واستثمار أصولها
وقع اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، والمحاسب أحمد نبيل رئيس قطاع الاستثمارات وأمناء الاستثمار التنفيذى بالبنك الأهلى المصرى، وذلك فى إطار حرص الجانبين على تعزيز الشراكة المؤسسية وتحقيق أفضل سبل التعاون من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق العائد الإقتصادى الأمثل.
هذا ويتضمن البروتوكول بأن يقوم البنك الأهلى المصرى، من خلال قطاع أمناء الإستثمار التابع له، بتسويق الأصول المملوكة لمحافظة الدقهلية بكافة صورها، سواء من خلال البيع المباشر، أو نظام المشاركة، أو الإيجار، وذلك بإستخدام الأدوات والآليات التى تتوافق مع طبيعة السوق العقارى والإستثمارى، مثل المزاد العلنى، أو المظاريف المغلقة العلنية، أو أى من طرق البيع المعتمدة الأخرى، وذلك بهدف تسويق واستثمار عدد من الأصول التى تمتلكها المحافظة، من أراضٍ، ووحدات تجارية، وإدارية، وسكنية، وكافيتريات، ومواقف سيارات، وأسواق.
ويأتى التعاون مع البنك الأهلى المصرى نظرًا لما يتمتع به من خبرات فنية متخصصة وكفاءة عالية فى مجالات التسويق العقارى والإستثمارى، إضافة إلى ما يملكه من شبكة واسعة من الأدوات الترويجية والتسويقية القادرة على الوصول لأكبر شريحة من المستثمرين، فضلاً عن التزامه بالشفافية التامة وضمان تحقيق أفضل عائد ممكن للمحافظة.
وقد أعرب محافظ الدقهلية عن تقديره البالغ للجهود المبذولة من قبل البنك الأهلى المصرى، مثمنًا التعاون المثمر فى هذا المجال الحيوى، مؤكدًا أن هذا البروتوكول يأتى ضمن حزمة من الإجراءات التى تتبناها المحافظة لتعظيم مواردها الذاتية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الأصول غير المستغلة، وذلك بما يعود بالنفع على مواطنى الدقهلية ويدعم الخطط التنموية والخدمية على مستوى المحافظة، ووجه الشكر لفريق العمل بالمحافظة والبنك الأهلى المصرى، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات تنفيذية جادة وسريعة لطرح تلك الأصول بالتعاون مع البنك الأهلى، وفق رؤية تخطيطية تتسم بالمرونة والتكامل مع احتياجات السوق.
جاء ذلك بحضور الدكتور أحمد العدل نائب المحافظ، واللواء عماد عبد الله السكرتير العام للمحافظة، و سامح الشناوي مدير قطاع أمناء الاستثمار، والدكتور أحمد حامد نائب مدير عام أمناء الإستثمار، و عدد من مسؤولى البنك، و محمد ابراهيم خبير مثمن، و هانى ابو أحمد خبير مثمن، وعدد من قيادات المحافظة.