تدفع الصين كتلة "بريكس" للأسواق الناشئة، حتى تصبح منافسًا واسع النطاق لمجموعة السبع، حين يجتمع قادة التكتل هذا الأسبوع، من جميع أنحاء العالم النامي، لمناقشة أكبر توسع للمنتدى منذ أكثر من عقد.

وتضم كتلة "بريكس" للأسواق الناشئة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فيما تضم مجموعة السبع، الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا وبريطانيا.

وستعقد قمة منظمة "بريكس" في الفترة ما بين 22 و24 أغسطس/آب الجاري في جوهانسبورغ، تحت رئاسة جنوب أفريقيا.

ونقل تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، وترجمه "الخليج الجديد"، عن سياسي صيني رفيع (فضل عدم ذكر اسمه): "إذا قمنا بتوسيع دول بريكس لتكون مسؤولة عن حصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مثل مجموعة السبع، فإن صوتنا المشترك في العالم سيصبح أقوى".

وسبق أن دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة إلى قمة في جوهانسبرغ، حيث يمكن دعوة عدة دول للانضمام إلى التكتل، حسبما قال العديد من المسؤولين المطلعين على المحادثات.

لكن في الفترة التي سبقت القمة اشتبكت نيودلهي مع بكين بشأن هذا التوسع.

اقرأ أيضاً

ستراتفور: الانقسامات الداخلية تضمن أن يظل توسع بريكس بطيئًا

وتتصاعد التوترات حول ما إذا كان ينبغي أن تكون "بريكس" ناديا غير منحاز للمصالح الاقتصادية للدول النامية، أو قوة سياسية تتحدى الغرب علنا، حسبما قال أشخاص مطلعون على مواقف الهند والصين للصحيفة ذاتها.

وقال مسؤولون من جنوب أفريقيا إن هنالك 23 دولة مهتمة بالانضمام.

وأشارت ناليدي باندور وزيرة خارجية جنوب أفريقيا هذا الشهر، إلى أنه "من الخطأ الشديد" اعتبار توسع "بريكس" المحتمل "خطوة معادية للغرب".

وتقتبس الصحيفة كلمات دبلوماسي برازيلي (لم تذكر اسمه)، تحدث مطالبا بوضع قواعد أوضح لقبول أعضاء جدد، وقال: "من المهم تحديد معايير لانضمام أعضاء جدد".

ومع ذلك، من المرجح أن تنظر العواصم الغربية إلى الإضافات المحتملة لإيران وبيلاروسيا وفنزويلا، على أنها خطوة لاحتضان حلفاء روسيا والصين.

فيما تتنافس الأرجنتين والسعودية وإندونيسيا لتكون أول أعضاء جدد منذ دعوة جنوب أفريقيا إلى المجموعة الأصلية، التي كانت تضم البرازيل وروسيا والهند والصين في عام 2010.

اقرأ أيضاً

نقاط القوة والضعف.. هل تنهي بريكس الهيمنة الغربية المتواصلة منذ 250 عاما؟

ولن ينضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى زعماء "بريكس" الآخرين في جوهانسبرغ، إلا أنه من المرجح أن يحضر عبر الفيديو.

وهذا سيجنب بريتوريا الاضطرار إلى تنفيذ التزامها القانوني باعتقال الزعيم الروسي، بعد أن اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب في أوكرانيا.

والخميس الماضي، تحدث بوتين إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حول طلب طهران للانضمام إلى دول "بريكس"، وفقا للكرملين.

فيما قالت وزارة الخارجية الصينية، إن شي جين بينغ، سيسافر إلى جوهانسبرغ الأثنين لحضور قمة "بريكس"، ومناقشات أخرى مع الزعماء الأفارقة في رحلة نادرة إلى الخارج للرئيس الصيني هذا العام.

وكانت الرحلة الدولية الأخرى الوحيدة التي قام بها شي حتى الآن في عام 2023 هي إلى روسيا في مارس/آذار.

وقد تحدث الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مؤخرا لصالح فتح عضوية "بريكس" أمام الجارتين الأرجنتين وفنزويلا، فضلا عن السعودية والإمارات.

ووفقا للصحيفة، فإن المجتمعين سيناقشون اعتماد عملاتهم المحلية في التجارة بينهم بشكل أوسع، وعضوية بنك التنمية الذي تديره المجموعة.

اقرأ أيضاً

جنوب أفريقيا: 23 دولة بينها 8 عربية طلبت الانضمام إلى بريكس

و"بريكس" واحد من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، ويمثل نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم، و43% من سكان العالم، وينتج 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.

وتزايدت أهمية "بريكس" للاقتصادات الناشئة في السنوات الأخيرة، حتى بات الناتج المحلي الإجمالي المشترك للتكتل، أكبر من الناتج المحلي لمجموعة السبع (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، وسط ترجيحات أن ينمو تأثيرها الاقتصادي والسياسي في السنوات المقبلة.

وتخطط "بريكس" فعلياً لإنشاء عملة جديدة، قابلة للتداول، مدعومة بالذهب، حيث من المتوقع أن يصدر بيان رسمي حولها، خلال قمة جنوب أفريقيا.

والعملة الجديدة كانت محور النقاشات خلال الاجتماع الذي عقده وزراء خارجية دول "بريكس"، إلى جانب ممثلين من دولٍ مثل إيران ومصر والإمارات والسعودية في يونيو/حزيران الماضي، إذ يسعى هذا الاقتراح الطموح الذي كلف بنك التنمية الجديد باستكشاف إمكانية طرح العملة، إلى تقليص هيمنة الدولار الأميركي، الذي خدم لفترةٍ طويلة كمعيار نقدي عالمي.

ويعتبر الدولار الأمريكي حاليًا العملة الاحتياطية العالمية، مما يعني أنه العملة المفضلة للتجارة والاستثمار الدوليين، وهذا يمنح الولايات المتحدة قدرًا كبيرًا من القوة الاقتصادية والسياسية.

اقرأ أيضاً

34 أكدت موافقتها.. جنوب أفريقيا تدعو 67 دولة لحضور قمة بريكس

المصدر | فاينانشيال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بريكس مجموعة السبع الصين جنوب أفريقيا بوتين الغرب الناتج المحلی جنوب أفریقیا اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة

في صباح بارد من عام 1659، وطأت أقدام رجل مسلم مجهول أرض رأس الرجاء الصالح على متن سفينة هولندية. ولم يكن يدرك أن خطوته تلك ستفتح صفحة جديدة في تاريخ جنوب أفريقيا، وتؤسس لمجتمع إسلامي يضم اليوم نحو 1.6 مليون نسمة، أي ما يقارب 3% من سكان البلاد البالغ عددهم 60 مليونا.

وقد تشكل هذا المجتمع -الذي نشأ من رحم المنفى والعبودية والهجرة- عبر قرون من الاضطهاد والمقاومة، وقد أصبح اليوم جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوب أفريقي، يحمل في طياته قصصا متشابكة من الصمود والنجاح والإسهام في بناء الدولة بعد الفصل العنصري.

أحد المساجد في جنوب أفريقيا (الجزيرة)5 موجات للوصول الإسلامي: من المنفى إلى التنوع

يقول نعيم جينا كبير الباحثين في معهد مابونغوبوي للتفكير الإستراتيجي "عندما نتحدث عن المسلمين في جنوب أفريقيا، لا يمكننا التعامل معهم ككتلة واحدة. هناك 5 موجات متميزة من الوصول، كل منها تركت بصمتها الخاصة على ما نراه اليوم".

الموجة الأولى: المنفيون والعبيد (1659-1800)

بدأت القصة مع وصول الشيخ يوسف المقاساري عام 1694 من إندونيسيا، منفيا مع 49 من أتباعه. وقد أسس هؤلاء أول جماعة إسلامية منظمة في زاندفليت قرب كيب تاون.

ولاحقا، وصل العالم الإندونيسي توان غورو إلى سجن روبن آيلاند عام 1780، ليؤسس بعد 11 عاما مسجد "أوال" (أقدم مسجد في البلاد) ويبتكر نظام "العربية الأفريكانية" لكتابة اللغة الأفريكانية بالحروف العربية.

ويقول الباحث عبد الديان بيترسن إن هذا النظام هو أقدم شكل مكتوب للأفريكانية، ويكشف كيف استخدم المسلمون الأوائل معرفتهم بالعربية لحفظ لغة المهمشين ومنحها هوية وكرامة.

أول مصحف بجنوب افريقيا بخط يد رجل سجن مع نيسلون مانديلا في جزيرة روبن (الجزيرة)الموجة الثانية: العمال الهنود والتجار (1860-1920)

مع اكتشاف الذهب والماس، جُلب آلاف العمال المسلمين من شبه القارة الهندية إلى ناتال. وجاء بعضهم بعقود عمل قاسية، وآخرون كمهاجرين أحرار. ومن أبرز الوافدين المحامي الشاب موهانداس غاندي عام 1893 الذي استدعاه تجار مسلمون للدفاع عنهم.

إعلان

وهنا بدأ تطوير فلسفته في المقاومة السلمية، رغم أن سيرته في جنوب أفريقيا تكشف جوانب عنصرية تجاه الأفارقة، كما توضح الباحثة موريين سوان في كتابها "Gandhi: The South African Experience" (غاندي: التجربة الجنوب أفريقية).

الموجة الثالثة: الزنجباريون

يصفهم جينا بمجتمع صغير لكنه مثير للجدل في ديربان، إذ تحيط بأصوله قصص متضاربة: غرق سفينة، تجارة رقيق، أو هجرة قسرية. ومع قوانين الفصل العنصري في الستينيات، أعيد تصنيفهم بضغط من المجتمع المسلم الهندي كـ"آسيويين آخرين" ليتمكنوا من العيش في أحياء المسلمين.

الشيخ إسماعيل لوند إمام أول مسجد بجنوب أفريقيا (الجزيرة)الموجة الرابعة: اعتناق الأفارقة الأصليين للإسلام

يعتبرها جينا "الأهم حاليا رغم أنها ليست الأكبر" حيث وجد بعض الأفارقة في الإسلام أيديولوجية مقاومة للأبارتايد، في حين جذب هذا الدين آخرين بسبب تعاليمه حول النظافة أو مكانة المرأة.

الموجة الخامسة: التنوع المعاصر

بعد عام 1994، تدفقت موجات جديدة من الصومال ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش، جالبة معها مذاهب وتيارات مختلفة، بينها السلفية التي لم تكن معروفة في جنوب أفريقيا قبل ذلك.

جدارية تضامن مع فلسطين (الجزيرة)اكتشافات جديدة: صلات عثمانية وشبكات عالمية

في جامعة كيب تاون، يكشف الباحث عبد الديان بيترسن عن وثائق عثمانية تثبت أن المسلمين الأوائل لم يكونوا معزولين. فجده الأكبر كاريل بيلغريم، الذي كان أول مسلم من الكيب يؤدي الحج عام 1834، نسج علاقات مع السلطان عبد الله من أنجوان، مما مهد الطريق لرحلته.

ويقول بيترسن "هذه الوثائق تكشف أن مجتمع الكيب كان جزءا من شبكة إسلامية عالمية، يتبادل المعرفة والأموال مع العثمانيين وسلطنات جنوب شرق آسيا". ويحذر من ضياع المخطوطات الملايوية التي تؤرخ لهذه المرحلة، مؤكدا أنها "الأكثر حاجة للحفظ".

من المقاومة إلى التهميش السياسي

برز الإمام عبد الله هارون في ستينيات القرن الماضي كأول من نقل المقاومة الإسلامية من الطائفية إلى النضال الشامل ضد الأبارتايد. وقد دفع حياته ثمنا لذلك، إذ توفي تحت التعذيب عام 1969 بعد 123 يوما من الاعتقال.

لكن رد فعل المجتمع كان صادماً، إذ ترددت قياداته في إقامة جنازته. ويقول جينا "كتبت صحيفة مسلم نيوز أنه لم يُستشهد من أجل الإسلام بل من أجل السياسة".

وبعد عام 1994، بلغ تمثيل المسلمين ذروته في حكومة مانديلا (10% من الوزراء) لكنه تراجع تدريجيا حتى اختفى تقريبا في حكومة الوحدة الوطنية عام 2024.

أحد المصليات بجنوب أفريقيا (الجزيرة)التركيبة السكانية والمفارقة الاقتصادية

يتركز المسلمون في الكيب الغربي بنسبة 6.6% من سكان المقاطعة، ويشكلون نحو نصف مسلمي البلاد. وتأتي كوازولو-ناتال بنسبة 3.2%، ثم غاوتنغ بنسبة 2.8%.

وعرقياً، يشكل الملايو الكيبيون 45%، والهنود 35%، والأفارقة 15%، كما يمثل المهاجرون الجدد 5%.

واقتصاديا، يساهم المسلمون بـ12% من الناتج المحلي (180 مليار راند سنويا) لكن الفوارق الطبقية صارخة، إذ يعيش مسلمو الأحياء الفقيرة مثل هانوفر بارك في بطالة تتجاوز 60%.

وفي المقابل، يخصص المجتمع 500 مليون راند سنويا للتعليم الإسلامي، ويدير 74 مدرسة معتمدة بمعدل نجاح 94% في الثانوية العامة، متفوقاً على المعدل الوطني.

التحديات الثقافية والفنية

رغم القوة الاقتصادية والتعليمية، يواجه المسلمون تحديات معاصرة تتمثل في استمرار العنصرية ضد الأفارقة والصوماليين، والخلافات المذهبية بين الصوفية والسلفية، إضافة إلى تهديد السياحة المفرطة لهوية أحياء تاريخية مثل بو-كاب.

إعلان

وثقافيا، يبرز اسم موسيقي الجاز العالمي عبد الله إبراهيم الذي مزج بين الجاز والإيقاعات الأفريقية والروح الإسلامية.

كما يزدهر فن القوالي الصوفي في ديربان وجوهانسبرغ. وأما المطبخ، فيعكس بدوره التنوع: برياني الكيب بالزبيب والبطاطس الحلوة، مقابل برياني ديربان الحار بالتوابل الهندية، إضافة إلى مطابخ باكستانية وصومالية ونيجيرية في غاوتنغ.

شبكة عالمية وهوية متجددة

يحافظ المسلمون في جنوب أفريقيا على صلات وثيقة بالعالم الإسلامي، من دعم خليجي لترميم المساجد إلى برامج الحج الممولة.

ويقول بيترسن "لم نكن أبدا مجتمعا معزولا، بل في تدفق مستمر مع حركات إسلامية متنوعة. وهذا التواصل العالمي يثري المجتمع المحلي ويحافظ على حيويته".

ومن المتسلل المجهول عام 1659 إلى مجتمع متنوع يضم 1.6 مليون نسمة اليوم، تظل قصة الإسلام في جنوب أفريقيا مرآة لتعقيدات البلاد نفسها: تاريخ من المنفى والمقاومة، حاضر من التنوع والتحديات، ومستقبل مفتوح على إمكانات كبرى إذا ما نجح المسلمون في تجاوز انقساماتهم الداخلية وتعزيز دورهم في بناء جنوب أفريقيا الجديدة.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: حرب ترامب التجارية مع الصين تغير المشهد الاقتصادي بالعالم
  • جنوب أفريقيا مستمرة في دعواها ضد إسرائيل لدى محكمة العدل رغم وقف الحرب بغزة
  • دبلوماسي روسي: ندعم مساعي زيمبابوي للانضمام إلى مجموعة «بريكس»
  • تعلن محكمة جنوب غرب الأمانة بأن على/ مجموعة محمد للاستثمار العقاري الحضور إلى المحكمة
  • جنوب أفريقيا تتأهل رسمياً للمونديال
  • جنوب أفريقيا تحجز مقعدها في نهائيات كأس العالم 2026
  • منتخب جنوب أفريقيا يهزم رواندا ويحجز مقعده في كأس العالم 2026
  • كارثة مرورية بجنوب أفريقيا تودي بحياة 42 شخصا
  • منتخب مصر للهوكي يواصل الصدارة رغم التعادل مع جنوب أفريقيا
  • جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة