«جدة والآخرون».. قراءة فى الأهمية المكانية للمدينة حتى بداية القرن العشرين
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر حديثًا كتاب «جدة والآخرون.. قراءة فى الأهمية المكانية لمدينة جدة حتى بداية القرن العشرين» للدكتور محمد مسلم أنور نويلاتيُّ، عن دار متون المثقف للنشر والتوزيع، وهو من الدرسات التى تسلط الضوء على الجانب التاريخى والثقافى لمدينة جدة من خلال الجغرافيا السياسية لتلك المدينة العريقة، والتى تُعد من أهم المدن الساحلية فى الجزيرة العربية.
يقدم الكتاب دراسة تحليلية مُعمقة حول المكانية التارخية لمدينة جدة فى التاريخ الحديث والمعاصر، ويركز بشكل أساسى على تجربتها من البدية حتى القرن العشرين، ويناقش المؤلف كيف شكلت بوابة جدة الرئيسية للحرمين الشريفين مدخلًا فكريًا وثقافيًا، مما منحها مكانة محورية فى قلب العالم الإسلامي. كما يستعرض الباحث الدكتور محمد أنور نويلاتيُّ الدور الجغرافى لمدينة جدة كميناء رئيسى على ساحل البحر الأحمر، والذى يُعد ميناءها نقطة العبور الرئيسية للتجارة والمغادرة ومن وإلى جميع أنحاء العالم.
تتبع الدراسة واقع المدينة التى تحولت فى القرن العشرين إلى مركز تجارى عالمى وكيف بدأت نشطها التجارى فى العصر الإسلامى وحتى وصلت إلى وقتنا الحالى فجعلها مدينة عالمية ذات طابع ثقافى متنوع، مستعرضةً اللمسات الثقافية مع الآخرين، وكيف تفاعلت مدينة جدة مع الشعوب الأخرى، سواء عبر التجارة أو مواسم الحج أو الوفود الفكرية والثقافية الأخرى من خلال مبحث هام بعنوان «سكان جدة والزوار»، مما يضيفى على المدينة طابعًا حضاريًا متعدد الثقافات والحضارات مع احتفاظها بطابعها الأصيل وثقافتها الرصينة.
وتناول الكتاب الاستثمارات الاقتصادية التى تميزت بها مدينة جدة، من التجارة البحرية إلى الخدمات المتعلقة بالحج، ليظهر لنا المؤلف كيف يمكن تفاعل سكان جدة مع التجارة المحلية والإقليمية والعالمية، مما يُسهم فى تعزيز مكانتها كمركز تجارى عالمي.
حاول الباحث أن يرسم ملامح الشخصية الثقافية لمجتمع جدة عبر العصور ضمن الهوية الوطنية السعودية الجامعة، والبنايات الهندسية الحديثة مع التركيز على تصميمها الداخلى وأسواقها وعمارتها التقليدية، التى تؤمن هويتها الحضارية.
يعتمد المؤلف على مجموعة من المصادر التاريخية والجغرافية، بالإضافة إلى السجلات والشهادات الشعبية المعاصرة، ويركز على تناولات تحليلية متعددة بين الجغرافيا التاريخية والأنثروبولوجية، مما يتيح قراءة شاملة لأهمية مدينة جدة فى فتراتها المختلفة.
ويُعد الكتاب فرع هام من فروع الجغرافيا السياسية، ويقدم رؤية عميقة للإدارة الخارجية للمدينة، بل ويعكس دورها كمركز للتواصل بين العالم الإسلامى يبرز جدة كنموذج للتفاعل الحضاري، مما يجعله مثالًا للكتابة الجادة فى مجال الجغرافيا السياسية والثقافية.
ويتميز الكتاب بمنهجيته الأكاديمية بتحليله العميق، فمثل هذه النوعية من الدرسات تفتقدها المكتبة العربية وهو ذو أهمية كبيرة لكل من يقراء تاريخ مدينة جدة بظلها الحضرى والثقافي، وهو نوع من قراءة التاريخ المصغر لجغرافية المدن الثقافية التى تحمل طابعًا دوليًا، بالإضافة إلى العاملين الذين لا يزال الدارسون فى حقل الجغرافيا السياسية يدرسونه وهو دراسة المدن الساحلية وعلاقاتها بالتجارة والحج. يقدم الكتاب نموذجًا متميزًا لفهم مدينة جدة كمكان جغرافى وإنسانى له تأثير عابر للزمن. ويوجد للمؤلف العديد من التجارب الفكرية والثقافية، وخاصةً فى مجال الطيران المدني، فهو بجانب المعرفة الأكاديمية، هو فعلًا فى مجال الطيران المدنى السعودي، وأتاح له اجتهاده، ورغبته فى الإنجاز، وتحصيله العلمى الرفيع، أن يكسب ثقة رؤساء الطيران المدنى السعودى منذ بدايته، وتم اختياره فى العديد من المناصب الحكومية بجانب التحاقه بقطاع الطيران المدني، ويمكن الرجوع لسيرته الذاتية ومؤلفاته على موقع الدكتور محمد مسلم أنور نويلاتيُّ.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجغرافیا السیاسیة القرن العشرین لمدینة جدة مدینة جدة
إقرأ أيضاً:
قراءة في كتاب: هندسة الوعي؛ رائد سمور
#سواليف
قراءة في كتاب: #هندسة_الوعي؛ #رائد_سمور
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
كان من المفروض أن أقدم هذه القراءة في حفل إشهار الكتاب مساء اليوم الخميس، ولظروف صعبة جدًا، لن أتمكن من فعل ذلك، فاستعظت عن مشاركة الحفل بنشر مداخلتي.
(١)
مقالات ذات صلةتعقيدات
يتناول الكتاب مئات المفاهيم، والموضوعات التي يصعب تصنيفها مثل: مظاهر الخداع الرقمي، وبرمجة الأشخاص، وتغييب الذات الأصلية، وآليات إخفاء الحقيقة، وقيم العصر الخوارزمي، وتسليع الإنسان،وغسيل الأفكار. ومئات المفاهيم الأخرى، كما تناول الكتب مفهوم المقاومة، والتحرر من الخوارزميات التضليلية.
ولذلك، يصعب جدًا عرض محتويات الكتاب، وإيصالها إلى القارىء، مما دفعني وبحكم أنني- من ضحايا من تمت هندستهم- إلى الخروج المؤقت من الهندسة، لأمثّل دور المقاوم الواعي، وأنا أعدّ نفسي كذلك،
لأقدم عرضًا مُسْتَلّا من زوايا متناثرة من الكتاب.
(٢)
قيم العصر ، وهندسة الوعي
لا حدود لهذه القيم، فكل ما نفعله، وما نتمنى فعله هو نتاج جهد هندسونا به. فسلوكياتنا، وأمنياتنا، ورغباتنا وحاجاتنا ليست سوى هندسة، أساسها الانسياق، وضعف المقاومة، نحن قطيع لا يقوى إلّا على السير بخطٍ مستقيم رسموه لنا، وليس من قرارنا، أو خيارنا. لكن المشكلة هي أننا لا ندرك “غنميّتنا”، بل تعدّ أنفسنا أحرارًا!
ومن مظاهر ما بُرمِجنا به جميعًا
سيادة القيم الآتية:
-الشفافية المطلقة، وعدم إخفاء أي خصوصية؛ ولذلك ننشر ما نفعله، ما نأكله، وما نقرأه، ننشر دواءنا، وسرير شفائنا، وما نشتريه ولا نكاد نخفي شيئًا.
-نصدق الصورة والخبر، ونقبل ما يقال لنا من إشاعات، ولا نتوقف لحظة للسؤال، والفحص، والشك، فكل ما يقال لنا حقيقة.
-نعيش على السطح، ونرفض العمق.نبدأ ونملُّ بسرعة، لا نتابع إلّا أغنية قصيرة، ولا نقرأ سوى نصٍ قصير جدًا. نجامل ونصمت. نعيش اللحظة. فاللحظة تاريخ، بل قد نحمل تاريخًا طويلًا لصالح لحظة. وقد نقطع علاقاتنا التاريخية مع صديق لم يضع لنا “لايكًا”.فاللحظة بديل
(٣)
خوارزميات البرمجة
إن أساليب البرمجة، وخوازمياتها تظهر في ما يأتي:
-تكرار الحدث، ونشره عدة مرات حتى يصبح جزءًا من مألوفاتنا، فنصدقه ونسلّم به من دون مناقشة.
-تزيين الهدية، ولفّها بورق أنيق يفوق قيمتها، فنذهب للشكل دون المضمون!
-إعطاؤنا الحرية الكاملة، فلا يفرضون شيئًا، بل يتقربون منّا، ينشرون ما تكتب، ولكنهم يخفون عنا ما يجب أن نعرف! لا يراقبوننا بشكل مباشر، ويشعرونك بأنك حر، ولكن هذه الحرية هي المساحة التي سمحوا لنا، ولك بها.
(٤)
لا ممنوعات
يشعرونك بأن كل شيء مسموح، يسمح لك أن تشاهد كل ما يعرضون، وتتفاعل مع ما ينشرون، ويجبرونك على السير مع الأغلبية، والّا بدوت شاذًا، فنحن جزء من قطيع، لا ندري من يقوده، لكنهم يشعرونك بأنك حر واخترت قرارك بنفسك!
فلا ممنوعات فيما يظهرونه لك!
شاهِد، علِّق، تفاعَل، عبِّر!
فما يظهرونه هو ما يجب أن تراه!
(٥)
المخفي أعظم
يُظهرون لك ما يُريدون، يُظهرون الإجابات، ويُخفون الأسئلة، يُقدمون سرديّتهم، ويُخفون جزءًا مهمّا منها، يختزلون، يختصرون، ويجتهدون لإخفاء كل ما يجب أن ترى. يقولون ما يريدون لا ما تريد، ويوهمونك بأنك أنت الفاعل مع أنك لم تفعل شيئًا.
يُظهرون لك الخبر، ويُخفون أغراضه، ونصفه الحقيقي، ومن نقله، ولماذا نشروه في ذلك الوقت!
ما يُظهرون أمامك هو: نصف خبر، وشبه حقيقة، وأنت تعتقد صدقهم!
(٦)
المقاومة هي الحل!
لكي تتخلص من هندسة وعيك، وما فعلوه فيك، عليك بالوعي والمقاومة والشك والسؤال، عليك بممارسة رقابة ذاتية من التفكير الناقد.
تأكد أن الحقيقة ليست فيما يعلن ، بل في الهامش الذي يخفون
هذا بعض كتاب رائد سمور
فهمت عليّ؟!!