في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، أي خلال مرحلة الدراسة الجامعية، كنا كأصدقاء جمَعَنا تخصص الصحافة والإعلام، شغوفين بارتياد دُور السينما ومتابعة الجديد الذي يخرج عن «هوليوود» خاصة، مدفوعين بالرغبة في معرفة المزيد عن هذا العالم الذي أحببناه من خلال مساقات التخصص المتتالية.
مساقات محدودة تُعنى بالفنون الأساسية التي يرتكز عليها العمل السينمائي ككتابة السيناريو والتصوير والإخراج وما يتعلق بالموسيقى التصويرية كانت تدفعنا نحو قاعات السينما من أجل المتعة ولكون المكوث داخل هذه القاعات يتيح للمشاهد خاصية «التقمص الوجداني» للأحداث - كما تعلمنا - بسبب كِبر حجم الصورة وفاعلية المؤثرات الصوتية وحالة الإظلام التي ترافق العرض.
وبرغم المسافة التي كانت تفصل «الخوض» حيث السكن الجامعي عن مواقع دُور السينما في «روي» والحي التجاري وهشاشة الوضع المادي لنا كطلبة نتحصل على مبلغ «٤٠» ريالًا كمكافأة شهرية وحداثة دخولنا أجواء المدينة الصاخبة إلا أن متابعة الإنتاج السينمائي في صالتي «النصر» و«النجوم» كان من بين أهم الأعمال التي تتضمنها أجندة الأسبوع وما ساعد على ذلك أن قيمة التذكرة لا تتجاوز «٥٠٠» إلى «٨٠٠» بيسة.
يوم واحد في الأسبوع تأخذنا سيارتنا «الكورونا» المتهالكة إلى وسط «الحي التجاري» أو عمق «روي» وسِككها لحضور أي فيلم أجنبي معروض ـ غير قادم من القارة الآسيوية ـ فلم نكن نميل حينها لمشاهدة الأفلام الهندية غير الواقعية التي كانت تسيطر على المعروض في قاعات السينما المحدودة.
الأفلام الواقعية الناطقة بالإنجليزية هي عادة ما كنا نبحث عنه رغم عدم درايتنا بالبلد الذي أتت منه أو أسماء النجوم المرموقين خلال تلك المرحلة.. لا معلومات كافية لدينا حول الأفلام التي كانت تُحقق العوائد المالية الأعلى في شبابيك التذاكر أو تلك التي تفوز بجوائز في مسابقات ومهرجانات الأفلام السينمائية العالمية.
خلال السنوات اللاحقة بدت رؤيتنا لما يُقدم من أعمال أكثر نضجًا بسبب متابعة ما تكتبه الصحافة عن الأفلام الجديدة خاصة التي تحقق جوائز عالمية لنتعرف بعدها على أسماء النجوم الذين سنتعقب أعمالهم مستقبلًا من أمثال «نيكولاس كيج» و«توم هانكس» و«أنتوني هوبكنز» و«أنجيلا جولي» و«جوني ديب» و«كيت وينسلت» وغيرهم.. ثم بدأنا الاقتراب من المسابقات والمهرجات الكبرى التي تنظَم سنويًا لتكريم الأعمال المميزة كمسابقة «الأوسكار» ومهرجانات «كان» الذي تحتضنه فرنسا ومهرجان «البندقية» الذي يقام في إيطاليا أو مهرجان «برلين» الذي ينظم في ألمانيا.
لقد اتسمت أفلام التسعينيات بالتنوع والعُمق ففي الوقت الذي كانت فيه أفلام الخيال العلمي والحركة والغموض والرعب والإثارة تحظى بمتابعة لافتة من قبل الجمهور كان الفيلم الاجتماعي الواقعي والإنساني حاضرًا كذلك على عكس ما هو حاصل في الوقت الراهن حيث تسيطر أفلام العنف والرعب والحركة على النسبة الأعلى من الإنتاج العالمي.
أفرزت تلك الفترة ممثلين ومخرجين من العيار الثقيل وأفلاما ستعيش طويلا.. من بين ما أتذكره أفلام «صمت الحملان» لجودي فوستر وأنتوني هوبكنز وسلسلة «ذا ماتريكس» لكيانو ريفز وجيسيكا هنويك و«تايتنيك» لليوناردو دي كابيريو وفيلم «قلب شجاع» لميل جيبسون وأفلام «المريض الإنجليزي» و«عقل جميل» و«إنقاذ الجندي رايان» التي فاز معظمها بجوائز أوسكار .
هذه النوعية من الأفلام لم تكن لتترك لنا حينها خيار الذهاب أو الامتناع عن مشاهدتها في قاعات السينما بـ«روي» .. كُنا عقب انتهاء الفيلم نجلس على الكراسي الخشبية المُثبتة على طول الشارع الداخلي في «روي» وقد سكت ضجيجه آخر الليل نُحلل بعفوية ما شاهدنا.. هذا «كان زمان».
النقطة الأخيرة..
في زمن سطوة منصات العرض الإلكترونية وجنوح الإنتاج السينمائي نحو الربحية.. في ظل الارتفاع المجنون للأسعار.. بسبب ضبابية الرسالة التي تقدمها السينما.. تقترب صالات العرض من الإغلاق واحتضار متعة المشاهدة الحية داخل القاعات المُغلقة.
عُمر العبري كاتب عُماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أمل حجازي تتصدر المشهد من جديد بسبب خلع الحجاب.. إيه الحكاية؟
تصدرت الفنانة اللبنانية أمل حجازي تريند محرك البحث «جوجل»، ومواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهورها الأخير بدون حجاب، لأول مرة منذ نحو سبع سنوات.
أمل حجازي تخلع الحجابونشرت أمل حجازي صورة لها بدون حجاب، على حسابها الرسمي على موقع «إنستجرام» مما أثار حالة من الجدل، خاصة بعد تعليقها القصير: «Hello life»، في إشارة تحمل بعدًا شخصيًا في التعبير عن المرحلة الحالية من حياتها، والذي فتح الباب لتساؤلات عديدة بين متابعيها حول عودتها المحتملة إلى الساحة الفنية، وتغير موقفها من الحجاب.
View this post on InstagramA post shared by Amal Hijazi (@amalhijazy)
أمل حجازي والحجابفي سبتمبر 2017، فاجأت أمل جمهورها بقرار ارتداء الحجاب واعتزال الغناء التجاري، وكتبت حينها: «أشعر بأنني في قمة السعادة.. .هذا اليوم الذي كنت أنتظره منذ سنوات.»
أمل لم تبتعد تمامًا عن الفن بعد الحجاب، لكنها توجهت لتقديم الأناشيد الدينية والاجتماعية، وشاركت جمهورها بعدة أعمال تمجّد القيم الروحية والإنسانية، مثل أنشودة «رقت عيناي شوقًا».
ويذكر أن أمل حجازي ولدت يوم 20 فبراير 1977 في بيروت، ودرست الهندسة المدنية، لكنها اختارت لاحقًا طريق الفن، وبدأت مسيرتها الغنائية مطلع الألفينات، حيث أطلقت أول ألبوم لها «آخر غرام» عام 2001، والذي لاقى نجاحًا جيدًا، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت مع ألبوم «زمان» عام 2002، الذي تضمن مجموعة من أنجح أغانيها مثل «زمان» و«رومانسيا»، وحقق شهرة واسعة في لبنان والعالم العربي.
تميزت أمل بأسلوبها الرومانسي، كما جمعت في أغانيها بين الطابع الغربي والشرقي، مما جعلها من أبرز نجمات جيلها، وقدّمت عددًا من الكليبات التي لاقت رواجًا كبيرًا، منها «بياع الورد» و«قلبي معذبني» و«عينك».
اقرأ أيضاًأمل حجازي.. لماذا خلعت الحجاب بعد 7 سنوات من اعتزال الفن؟
أمل حجازي من أزمة الحجاب إلى الحادث المروع.. تفاصيل صادمة حول إصابة الفنانة اللبنانية
أكثر من كسر.. أمل حجازي تتعرض لحادث مروع (صورة)