أهمية مسح الكميات في قطاع التشييد
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
أنور بن خميس العريمي **
alaraimianwar@gmail.com
كثيرٌ من الناس لا يعرفون أهمية هندسة مسح الكميات فضلًا عن المحسوبين عليه وعن ماهية هذا التخصص الهام جدًا في بيئة التشييد ولا يدركون دوره الحقيقي والمحوري وما يلعبه في مجال العقود الهندسية والإنشائية، لذا الكثير منهم يعتقد أن عمله محصور فقط في حساب الكميات الخاصة بالبناء، والبعض يخلط بينه وبين مسح المباني ومسح الأراضي، والبعض الآخر حتى لم يسمع به.
وأظن أن هذا الاعتقاد ناتج عن عدة أمور؛ منها: عدم انتشاره وشهرته مثل التخصصات الهندسية الأخرى المعروفة؛ باعتباره تخصصًا جديدًا في الساحة العُمانية والخليجية لم يكن معروفًا من قبل، وكان ظهوره في سلطنة عُمان بشكله الحالي قبل 20 سنة تقريبًا، وانتشر في الآونة الأخيرة بصورة أكبر؛ حيث يُدرَّس في الدول الغربية والآسيوية منذ عقود كتخصصٍ مُستقل وعلم قائم بذاته، وحاليًا يُدرَّس في بعض الكليات الخاصة في عُمان على استحياء، بالرغم من أهميته العظمى في تطوير وتنمية المشاريع الهندسية. علاوة على ذلك عدم اكتراث الناس به كسائر التخصصات الجديدة التي تظهر حسب احتياجات المجتمعات والدول، لتلبية متطلبات سوق العمل، لمثل هذه العلوم، تماشيًا مع التطور الحاصل في صناعة الإنشاءات في العالم، على اعتبار أن الحاجة أم الاختراع؛ حيث ظهرت حاجته المُلِحَّة نتيجة ازدياد حجم المشاريع التنموية بهدف تقدير الكميات والتكاليف وبنود الأعمال الإنشائية وإداراتها بطريقة منهجية علمية معتمدة على المعايير الدولية.
ومن الأسباب أيضًا: اعتقادهم أنه ليس إلّا شيئا تكميليا في الهندسة المدنية، وليس أساسيًا، ولا يرقى لأن يكون علمًا قائمًا بذاته، مُنفصلًا عنه، ولكن هذه الفكرة طبعًا تُخالف الواقع العلمي والعملي حسب ما تقدم ذكره؛ لأهميته الكبرى في قطاع التشييد تختص به مؤسسات وجمعيات دولية خاصة معتمدة معنية بتطويره وابتكار أدوات وبرامج حديثة متطورة وتوفير معايير ثابتة ومراجع صحيحة مواكبة للتطور يعتمد عليها مسَّاح الكميات لكي تُساعده بسهولة ويُسر وبدقة عالية في التقديرات والحسابات في مهامه ومراقبة تنفيذ العقد بصورة لا تحتمل الأخطاء، يكون فيها بذل عناية فائقة لتحقيق النتيجة المرجوة؛ لأن دوره مركزي متعدد قبل وعند بداية المشروع وأثناء تنفيذه، وفي نهايته باختلاف الزمان والمكان كون وظائف مسَّاح الكميات ومهامه لدى فريق صاحب العمل أو المهندس الاستشاري مختلفة تمامًا عنه، وهو لدى فريق المقاول المنفذ وبالتالي يمكن تعريف مسح الكميات على "أنه عملية مهنية تختص بإدارة العقد الإنشائي من حيث تقدير الكميات وبنود الأعمال ومراقبة تكاليفه للتحكم في الميزانية المحددة مسبقًا حسب المواصفات الفنية والجودة المطلوبة بطريقة منهجية وبمعايير علمية.
وتأسيسًا على ذلك، ينبغي علينا أن ندرك تمامًا أهمية هذا العلم النوعي في مشروعات التشييد؛ باعتباره لاعبًا مُهمًا ورئيسيًا في جميع مراحل العقد المختلفة من خلال ضبط التكاليف والبرنامج الزمني للأعمال الأمر الذي ينعكس إيجابًا على الجودة في تنفيذ العقد والإنجاز في المواعيد المحددة، حيث إن المشروع هو وقت وتكلفة.
لذلك أصبح مسح الكميات لا غنى عنه في القطاعات العامة والخاصة كقطاع الإنشاءات والنفط والغاز والمعادن والطاقة والكهرباء والمياه في العالم، فقد حققت تلك القطاعات فوائد عديدة ونتائج ملموسة في كل جانب من جوانبها نتيجة توظيف مسح الكميات في مشاريعها بتقليل الهدر في الموارد المالية والمادية والبشرية والوقت وتقليل النفقات غير الضرورية من خلال الإدارة الجيدة للتكاليف والتحكم بها عبر ضبط التعديلات اللازمة وغير اللازمة وإدارة المخاطر المتوقعة للحفاظ على مستوى الميزانية المقدرة لتلك المشاريع مما يؤدي إلى الوفر الكبير في تلك الموارد.
وبطبيعة الحال الدور الإيجابي الذي يقدمه مسَّاح الكميات في العقود الإنشائية جعله محل ثقة وتقدير من قبل أطراف المشروع (المالك والاستشاري والمقاول) أيًّا كان مسَّاح الكميات هذا شخصًا طبيعيًا، كالعاملين لدى أحد الأطراف أو شخصًا اعتباريًا كالمكاتب والشركات الخاصة حتى وإن كان ممثلًا لأحد الأطراف.
الحقيقة أن هندسة مسح الكميات تجمع بين الأمور الفنية كتقنية البناء والإدارة المالية والتعاقدية والقانونية وفقًا لمراحل الخدمات التالية: خدمات ما قبل العقد على سبيل المثال لا الحصر؛ يكون فيها القياسات والحسابات الأولية للكميات لتقدير قيمة المشروع والميزانية الأولية من خلال الرسومات والمخططات وإعداد العطاءات ومستندات المناقصات والعقود وتجهيز جداول الكميات وبنود الأعمال المتعددة في المشروع.
أما خدمات ما بعد العقد -على سبيل المثال لا الحصر- فحصر الكميات الشهرية المنفذة فعليًا ومراجعتها مع كميات المستخلصات والكشوفات الشهرية التي على أساسها يتم إعداد شهادات الدفع المرحلية ثم صرف الدفعات المستحقة، وتقييم التغييرات والتعديلات في المشاريع، وتقييم المطالبات المالية وغير المالية، وأخيرًا إعداد الحساب الختامي للمشروع، وكل ذلك تطبيقًا لشروط وإجراءات العقد المتفق عليها مسبقًا.
وبالتالي على مسَّاح الكميات أن يكون مُلمًا ولديه ثقافة واسعة بتلك المهارات والفنون التي سوف تساعده في أداء مهامه الوظيفية بنجاح باهر.
فقد صدق القائل إن مسَّاح الكميات كالطبيب في المشاريع الإنشائية، يُعالج التحديات والمخاطر في العقد، وخاصة حل الخلافات المالية والوقتية بين الأطراف.
لكن المُستغرَب جدًا بالرغم من أهميته الكبرى والفوائد العظمى التي يقدمها هذا المجال في المشاريع الهندسية والإنشائية والتي تقدر قيمتها بملايين الريالات، أنه لا تكاد ترى له أي مناقصات مطروحة كغيره من المجالات الأخرى، كخدمات التصميم والإشراف والتوريدات والمقاولات وغيرها من الخدمات عبر الموقع الإلكتروني للأمانة العامة لمجلس المناقصات (نظام إسناد) إلّا ما ندر!
وأخيرًا.. نأمل من الأمانة العامة لمجلس المناقصات والوحدات الإدارية في الدولة والقطاع الخاص إيلاء هذه الخدمات الاهتمام الكبير، لما لها من أهمية بالغة وأثر كبير في تحسين الإنتاجية من خلال معالجة الانحرافات والمبالغات في تخطيط عمليات الإنشاء؛ الأمر الذي يقتضي ضرورة مراعاة طرح مناقصات لتلك الخدمات الاستشارية باستمرار وبنطاق أوسع على أقل تقدير للعقود عالية القيمة.
** خبير هندسة مسح الكمیات ومُحَكِّم تجاري
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي تعتمد القوائم المالية للعام المالي 2023/2024
ترأس المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماع الجمعية العامة العادية للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، لاعتماد القوائم المالية والحسابات الختامية المستقلة والمجمعة عن العام المالي 2023/2024، بحضور أعضاء الجمعية العامة وممثلي الجهات المعنية.
وأكد وزير الإسكان – في كلمته – أن وزارة الإسكان وجهاتها تتحمل مسئولية وطنية في توفير خدمات مياه الشرب والصرف الصحي بجودة وكفاءة، باعتبارها من أهم الخدمات الأساسية التي تمس حياة كل مواطن.
وشدد الوزير على أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا القطاع، والذي يظهر جليًا من خلال المبادرات الرئاسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي مقدمتها المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، التي تسهم في تحسين مستوى الخدمات بالريف المصري، مشيرًا إلى أن ما تحققه الشركة القابضة من مشروعات وإنجازات يُعد ركيزة أساسية في خطط التنمية الشاملة.
وأعرب الوزير عن تقديره لجهود العاملين بالشركة القابضة وشركاتها التابعة، مؤكدًا أن نتائج الأعمال تعكس التزامًا واضحًا بتحقيق الأهداف الوطنية، رغم التحديات الاقتصادية.
وأشار إلى أن الشركة استطاعت، خلال العام المالي المنتهي، التوسع في خدماتها، حيث بلغت الطاقة الإنتاجية لمياه الشرب 25.75 مليون م3/يوم من خلال 2779 محطة و712 رافعًا، فيما بلغت كمية الصرف الصحي المعالج 13.1 مليون م3/يوم عبر 481 محطة معالجة و3477 محطة رفع.
واستعرض المهندس ممدوح رسلان، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، أهم محاور الأداء، مشيرًا إلى أن إجمالي استثمارات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصري، بلغ نحو 28.4 مليار جنيه، شملت إنشاء 124 محطة مياه شرب، وتنفيذ شبكات مياه في 719 قرية، وتوصيل 591 ألف وصلة منزلية مياه شرب، و1.47 مليون وصلة صرف صحي.
وفيما يتعلق بالخطة الاستثمارية، بلغت قيمة المشروعات المنفذة خلال العام المالي 2023/2024 نحو 8.5 مليار جنيه، تضمنت أعمال الإحلال والتجديد، وتحسين كفاءة المحطات والشبكات، والتوسع في منظومة العدادات الذكية ومسبقة الدفع.
وذكر أن الشركة انتهت من تنفيذ 38 مشروعًا ضمن برامج التعاون الدولي، بإجمالي تمويل بلغ 4 مليارات جنيه، وذلك في إطار الشراكات التنموية مع عدد من المؤسسات والجهات المانحة الدولية، بهدف دعم قطاع المرافق وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وفي مجال جودة المياه، أوضح أن الشركة القابضة تمتلك 714 معملًا لمياه الشرب، و357 معملًا للصرف الصحي، وتعمل على تحسين كفاءة الطاقة وخفض استهلاكها، حيث بلغت نسبة المياه المنتجة المقاسة 96%، وتم توفير 66.25 مليون جنيه نتيجة إجراءات ترشيد الطاقة.
وفيما يخص خفض الفاقد، انخفضت نسبة المياه غير المحاسَب عليها في المناطق المعزولة DMZ من 35.5% إلى 21.5%، وتم التعامل مع أكثر من 353 ألف وصلة خلسة، بإجمالي قيمة تجاوزت 2.7 مليار جنيه.
وعن خدمات المشتركين، أشار رسلان إلى أن عدد مراكز خدمة العملاء بلغ 228 مركزًا، إضافة إلى 42 سيارة متنقلة، و29 منفذًا بالأندية والقرى، ووصل عدد الاشتراكات إلى 18.3 مليون اشتراك، فضلًا عن أكثر من مليون نقطة شحن إلكتروني بالتعاون مع شركات المدفوعات.
وأكد أن الشركة القابضة تولي اهتمامًا خاصًا بتنمية الموارد البشرية، حيث بلغ عدد المدارس الفنية 8 مدارس بإجمالي 4194 خريجًا متخصصًا في مجال المياه والصرف.
وفي إطار حرص الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي على تأهيل الكوادر البشرية ورفع كفاءة العاملين، تم تنفيذ 6500 برنامج تدريبي خلال العام المالي 2023/2024، استفاد منها نحو 75,656 متدرب في مختلف التخصصات الفنية والإدارية، من خلال 33 مركز تدريب تابعا.
كما تم تنفيذ برامج تدريب صيفي لطلاب الجامعات المصرية (في التخصصات الهندسية والكيميائية)، شارك بها نحو 7200 طالب، تأكيدًا على دعم الشركة لمسار التعليم الفني والتطبيقي وربطه باحتياجات سوق العمل.
وعززت الشركة القابضة أنشطتها التوعوية خلال العام، حيث نفذت أكثر من 37,671 نشاط توعوي مباشر وغير مباشر، استهدفت ما يزيد على 10.3 مليون مواطن في مختلف المحافظات.
وتنوعت الأنشطة بين القوافل المائية، وحملات التوعية في المدارس، والبرامج التفاعلية مع الأطفال، بالإضافة إلى أنشطة موجهة لرجال الدين بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة ووزارة الأوقاف، لتعزيز ثقافة ترشيد استهلاك المياه والحفاظ على شبكات الصرف الصحي.
وشهدت منظومة الإعلام التابعة للشركة القابضة نشاطًا مستمرا على مدار العام، تم خلاله إصدار 444 بيانًا صحفيًا ونشر أكثر من 7104 أخبار إعلامية على المنصات المختلفة، فضلًا عن تنفيذ خطة إعلامية مسبقة للنشر أثناء أعمال الإصلاحات الطارئة، والإعلان عن تنويهات وأخبار المياه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب عدد من المداخلات الإذاعية والتلفزيونية.
وأسهمت تلك الجهود في رفع الوعي المجتمعي بقضايا المياه، والتعريف بمجهودات الدولة والمشروعات القومية التي تنفذها الشركة في هذا القطاع الحيوي.
وخلال الاجتماع، وافقت الجمعية العامة على اعتماد تشكيل مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى برئاسة المهندس ممدوح رسلان.
وفي ختام الاجتماع، أكد الوزير الدعم المستمر للشركة القابضة وشركاتها التابعة لتطوير قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، داعيًا إلى استمرار الجهود في تحسين جودة الخدمة، وضمان استدامة الموارد، والارتقاء بالأداء المؤسسي بما يواكب تطلعات الدولة والمواطنين نحو مستقبل أفضل.