تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شدد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على ضرورة أن يسود الأدب والاحترام بين المذاهب وأصحاب الرأي والرأي الآخر، قائلا «حين ضاع منا أدب الاختلاف ضاع الطريق من تحت أيدينا»، مؤكدا أن هذا المحور هو ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي.

وأوضح شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بالحلقة الثالثة من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أن أول شيء هو وقف التنابز، مؤكدا أن هذا التنابز جعل من الشعب الواحد أعداء، وأن إحياء الفتنة بين الشيعة والسنة فتيل سريع الانفجار وقوي التأثير، وهذا ما يريده العدو ويحرص عليه حرصا شديدا، حيث أنه يعتمد على مبدأ «فرق تسد»، موضحا أن الاختلاف المذهبي إذا خرج عن إطاره الشرعي وهو الاختلاف في الفكر فقد يكون له مآلات خطيرة.

وأضاف شيخ الأزهر أن الأمة الإسلامية تمتلك الكثير من مقومات الوحدة، أولها المقومات الجغرافية، فالأمة العربية تقع تجمعها لغة واحدة، كما أننا كمسلمين بتعدادنا الذي يتخطى المليار ونصف مسلم، عقيدتنا واحدة، ونعبد إلها واحدا ونتجه إلى قبلة واحدة، ولدينا قرآن واحد ما اختلفنا فيه.

وتابع شيخ الأزهر، أن أكبر مقوم لوحدة المسلمين هو التوجيهات الدينية والإلهية، والتي منها حديث قوله صلى الله عليه وسلم «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذاك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، مؤكدا أن أعداء المسلمين ليس من مصلحتهم أن يتوحد المسلمون، لأنهم أنهم يؤمنون بأن المسلمين لو توحدوا سيمثلون مصدر قوة، فهم يحاولون قدر إمكانهم وقدر مكرهم أن يبقى المسلم كالغريق، عندما يغطس يرفعونه قليلا كي يتنفس ثم يعودونه مرة أخرى، وهكذا، موضحا أنه لا يخرجنا من ذلك إلا الوحدة، بمعنى أن يكون لنا في مشاكلنا الكبرى رأي واحد.

وعن دور الأزهر الشريف في الحوار الإسلامي الإسلامي، أوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن الأزهر كان له دور كبير في هذا الحوار منذ فترة مبكرة مع علماء الشيعة، وأن فكرة «دار التقريب» نبتت في الأزهر مع الشيخ شلتوت ومع المرجع الديني الكبير محمد تقي القمي منذ عام ١٩٤٩م، واستمرت هذه الدار حتى ١٩٥٧، وأصدرت تسعة مجلدات تضم أكثر من ٤٠٠٠ صفحة، مبينا أنه ستتم محاولة إعادة الوضع من جديد، لكن على مصارحة وأخوة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأزهر الشريف برنامج الامام الطيب شيخ الأزهر المذاهب شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

نهضة الأدب

لم أكن أعرف أنور سونيا، ولا سمعت به، وأنا المتابع إلى حدّ ما لحركيّة الفنون التشكيليّة، بحكم ميلي أوّلًا وصداقاتي ثانيا، ولكن عندما أردنا نشر أعمال ندوة «الثقافة الشعبيّة في عُمان»، التي كانت عملا ناتجا عن التعاون بين جامعة السلطان قابوس والجمعيّة العمانية للكُتّاب والأدباء، اقترح عليّ الصديق المثقّف، الذي كان يعتني آنذاك بالجمعيّة فكرةَ اختيار لوحة من أعمال أنور سونيا التي تتناسق مع موضوع الندوة بحكم فراغه إلى توطين الذاكرة العمانيّة بالألوان والأصباغ، فنفرتُ من الفكرة ليقيني بأنّها ستكلّفنا عبئا ماديّا لا تقدر الجامعة على الموافقة عليه، والحقّ أن كلّ تلك الندوات التي أقيمت ونُشرت أعمالها، كنَّا فيها عيالًا على الجمعيّة العمانيّة للكُتّاب والأدباء، وأُنجزت ونُشرت بتمويلٍ سخيّ من الجمعيّة، وبيقظة الفريق الإداريّ النشط والمبادر، ولم يكن للجامعة سوى دور التنظيم والرعاية العلميّة، الذي مثّلتُه.

وبعد مدّة وجيزة، اتّصل بي الخطّاب المزروعي وأعلمني أن أنور سونيا وهبنا لوحةً من أعماله، وسعد بأن يُسهم في الكتاب بعملٍ له تَخَيَّره لنا، وكان الأمر كذلك، وخرج الكتاب وصفحة غلافه مُشكّلة من أجمل لوحات الفنّان أنور سونيا، الذي تابعتُ من بعد ذلك أعماله، وأدركتُ دوره الجليل في تأريخ التراث العماني بحرا وبرّا، بيوتًا وجبالًا، نساءً ورجالًا، والتعبير عنه بالألوان والأشكال، صُورًا وظلالًا، تشفّ عن عميق رأي ودقّة رؤية، عن عين فنّانٍ أصيلٍ، متشبّع بواقعه، مالك لفرشاته، يُصرّفها أنّى شاء، فتطيعُه وتأتمر بمزاجه وتتلبّس هواه، فتخرج منه الألوان مفارقةً لسنتها الأولى، مكتسبة معاني وأبعادًا، يتلذّذها بسيط العين، ويمرح فيها صاحب الفكر، يُعْمل فيها ما شاء من ممكن التأويل.

ترى فيها ومنها ألوان الحياة في عُمان، وجوهًا وأنواءً، أصداء وجواهر، حيوانًا وبشرا، ملابسَ وأفئدة، في قدرة بيّنة على التمثّل والتمثيل، ألوانه تتحرّك وفق هوى اللّوحة قتامةً أو بهجةً، ميلًا إلى الظلام أو جنوحًا إلى الضياء، لا يرسم الأشكال والأشخاص، وإنّما هو يتمثّلها بوعي وإدراك ويُمثّلها، فتنبعث حييّة، يافعةً، نابضة، مارقةً عن حدود اللّوحة التي تُصبِح أبوابًا للمعنى لا أسْرًا للأشكال والأصباغ.

تصاوير أنور سونيا ورسومه هي صورة من تفاعل فنيّ عميقٍ في عُمان، يُبْعِدُ فكرة الطفرة التي أرادها البعضُ، ويؤكّد أرضيّة ثقافيّة فنيّة نشطة، تحتاج عنايةً ودرايةً واحتفاء بنهضة لا تأتي إلاّ نتاج جهودٍ، تدفع الروائيّ والرسّام والسينمائي والمسرحيّ والموسيقيّ والشاعر والمترجم إلى العيش في كون متناغم، وإلى التبارز والتبريز في أرضٍ هُيِّئت لتُنبت نهضة ثقافيّة شاملة وعامّة.

ولذلك، فإنّ بروز أنور سونيَا وغيره من الفنّانين التشكيليين، لم يكن -وفق منطق التاريخ- طفرة معزولة، وإنّما هو داخلٌ في حالة إبداعيّة مهّد لها أدباء وفنّانون، وعاصَرته فيها حركيّة فنيّة ثقافيّة، أثّثها عدد من الأدباء ومن الفنّانين، أثّثها في الشعر زاهر الغافري وسما عيسى وسيف الرحبي، وفي الرواية علي المعمري وبدرية الشحّي وحسين العبري وجوخة الحارثي وهدى حمد وزهران القاسمي، وفي المسرح عبد الله الفارسي وآمنة الربيع، وفي السينما عبد الله حبيب، وغيرهم كُثْر.

لم أتابع كثيرًا حركة الموسيقى وحركيّتها، ولا نشأة المسرح وتراكمه، ولا بدايات السينما وتطوّرها، ولم أقف على الفنّ التشكيليّ ومظاهره، ولكنّي باطّلاعي البسيط، وبما قرأتُ لأصدقائي في هذه الفنون، أقرّ وجود حركة نشطة على مستوى حضاريّ عامّ، غير أنّها حركيّة مهملة، إلى حدّ بعيد، تحتاج جهودًا لإضاءتها ولئن وجدت الأعمال القصصيّة عنايةً متأخّرة فإنّ نهضة الفنون المجانبة تحتاج عناية أوفر.

عودًا إلى الفكرة الأساس التي أردتُها من هذا المقال، فإنّ النشاط السرديّ الذي أصبح مميَّزاً في سلطنة عُمان، لا يُمثِّل قُدرة على إعادة حكاية الواقع فحسب، بل هو واقعٌ، فالواقع يكون بالحكايات كما يكون بالأفعال، وهذا النشاط السرديّ هو إمكانٌ تهيّأ تاريخيّا لأرضيّة قابلة وقادرة على حكي حكايتها، أرضيّة خصبة للتمثيل من جهة، وللدخول في تثقيف مكوّن من مكوّنات الواقع وهو الحكي من جهة ثانية، وهي أرضيّة لا يُمكن أن تُنتج حركة حكائيّة معزولة عن أنشطة تعبيريّة أخرى تحكي حكايتها بوسائط أخرى، بالألوان والحركة والمشاهد والأصوات، وهو المجال الذي تتحرّك فيه فنون أخرى.

لقد ردَّ البعض هذه الحركيّة النشطة في الرواية تحديدًا إلى مخرجات التعليم، وما أنتجه الاهتمام به، وهي فكرة خاطئة تمامًا، ومحبطة وسلبيّة، لأنّ برامج التعليم نشطت في أغلب الدول العربيّة في مرحلة جامعة، مع اختلافات بسيطة، وأغلب الدول اعتنت بالتعليم وجعلته ضمن برنامجها التنمويّ الأوّل. ليس بالضرورة أن نجد علّة للنشاط الأدبيّ والفنيّ، وإنّما هي أصولٌ ضاربة في القِدم أوّلا، وانفتاح بوعي وإدراك، لمجتمع له قابليّة الإيمان بدور الفنّ، وبأداء الأدب.

النشاط القصصيّ والروائيّ داخلٌ في حركةٍ ثقافيّة ظهرت فيها الترجمة على مستويات محمودة، ولعلّ الدور الذي تقوم به مترجمة رائعة اسمها زوينة الكلبانية لم يظهر للعيان بعد، وهو دورٌ جليل وأثر بارز، وظهرت فيها حركيّة النقد لشباب عُمانيّ تكوّن وفرغ إلى بناء ذهن ناقد، فاعلٍ، أرجو ألاّ ينتهي إلى ما انتهت إليه نُخبة التعليم العالي من يأس وإحباطٍ، فالمنظومة الجامعيّة العربيّة قاتلة لكلّ إبداعٍ، معرضةٌ عن ترْكِ أثرٍ فاعل، دافعة إلى التنميط والنمذجة، محوّلة الباحث إلى آلةٍ، إلى خانةٍ، المهمّ أنّها تُملأ آخر السنة، ليس بالكيف بل بالمطلوب الشكلي، وظهرت فيها حركة التصوير الشمسي، والإخراج السينمائي والعمل المسرحي والنشاط الموسيقيّ، الرواية العمانيّة تنشط في هذا الحقل الفنيّ الحييّ، ولا تكون إلاّ بكونه، والروائيّ عنصر من هذا الكون، يحتاج تغذيّة أبديّة لفنون مجانبة منها يمتح صوره وحكاياته وملامح شخصيّاته، فلا يختلف أنور سونيا في حكاياته اللّونيّة عن هدى حمد في حكايتها التي تصنعها باللغة، ولا عن زهران القاسمي في رسم شخصيّاتٍ ضاربةٍ في عمق أرضها، نابتة من فؤادها، ولا عن جوخة الحارثي في عوالم روائيّة منها تفوح روائح الأصالة، هو عالم متكاملٌ، ويقظة فنيّة عامّة، لا تُشكّل طفرة مؤقّتة، وعلى أصحاب الرأي تلقّف هذه اللحظة من الزمان للاحتفاء برموز في الأدب والفنّ سيحوّلهم التاريخ، كرهًا أو طوْعًا، إلى آباء يُقتَدى بهم وتُضرب بهم الأمثال.

مقالات مشابهة

  • ملتقى موسع للوافدين مع قيادات جامعة الأزهر ومستشارة الإمام الأكبر
  • رئيس جامعة الأزهر يتفقد تجهيز القافلة الإغاثية لغزة
  • نهضة الأدب
  • أمين البحوث الإسلامية: الأزهر درع الأمة ضد الغلو والتطرف منذ أكثر من ألف عام
  • شيخ الأزهر: عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة
  • شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز دعم التعاون الديني.. صور
  • الأزهر صوت الحق.. دعم جزائري لمواقف الإمام الأكبر تجاه فلسطين
  • لابورتا: الكرة الذهبية لابد أن تذهب لأحد لاعبي برشلونة
  • الأزهر والجزائر يعززان التعاون العلمي والدعوي لتعزيز القيم الإسلامية المشتركة
  • أمين البحوث الإسلامية من الصين: الإسلام ينبذ التمييز ويدعو لوحدة الإنسانية