ما وراء لعب إسرائيل بورقة حماية الأقليات في سوريا
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
كان نداء عبدالله أوجلان، الزعيم المؤسس لحزب العمال الكردستاني، في 27 فبراير/ شباط، الداعي إلى حل التنظيم، وإلقاء السلاح، خطوةً ذات تأثير إقليمي.
ولم تمضِ سوى أيام قليلة على هذه الخطوة، التي من شأنها التأثير على توازنات تركيا في العراق، وإيران، وسوريا، حتى جاء رد الفعل الإسرائيلي، بإعلان دعمه للأكراد، والدروز، والعلويين في سوريا.
فقد أعلنت وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الإسرائيلية، أن أي تدخل من قِبل حكومة دمشق ضد مجموعة صغيرة من الدروز المسلحين، الذين يرفضون تسليم أسلحتهم، ويخوضون مواجهات ضد القوات الحكومية، سيقابل بهجوم إسرائيلي على دمشق.
ولم يكتفِ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بذلك، بل وجّه تهديدًا لحكومة دمشق، محذرًا إياها من التعامل بعدائية مع الأكراد والدروز والعلويين. ورافق هذه التصريحات تصعيد عسكري، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما يقرب من مئة موقع داخل سوريا خلال يومين.
إسرائيل تسعى إلى زعزعة استقرار سوريايبدو أن صعود حكومة أحمد الشرع، بعد الثورة السورية، وحصولها على دعم وقبول إقليمي واسع – باستثناء إيران – لم يكن أمرًا مرحبًا به من قِبل إسرائيل.
لكن ما أزعجها أكثر هو النفوذ التركي المتنامي بشكل غير مسبوق في سوريا والمنطقة، إضافةً إلى الضغط على الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، والمتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، لإلقاء السلاح.
إعلانورغم أن حزب الاتحاد الديمقراطي قد تلقى دعمًا عسكريًا من الولايات المتحدة، فإنه في الوقت نفسه يمتلك ارتباطات وثيقة مع إسرائيل. فقد سبق أن صرّحت إلهام أحمد، مسؤولة العلاقات الخارجية في قوات سوريا الديمقراطية – التي تضم فصائل منبثقة عن حزب العمال الكردستاني-، بأن إسرائيل يجب أن تكون جزءًا من الحل لضمان أمن سوريا والشرق الأوسط.
في الواقع، تسعى إسرائيل إلى منع سوريا من استعادة استقرارها وقوتها، وذلك من خلال استخدام الدروز في الجنوب، والعلويين في الساحل، والأكراد في الشمال.
وهدفها الآخر هو التصدي لتزايد النفوذ التركي، حيث تؤكد مراكز الأبحاث والمحللون الإسرائيليون والغربيون، أن توسع النفوذ التركي يهدد المصالح الإسرائيلية في المنطقة.
محاولات كبح النفوذ التركيأدَّت الثورة السورية إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي، حيث وقفت دول مثل لبنان، العراق، الأردن، مصر، السعودية، قطر، والإمارات في صف دمشق. كما ساهم الضغط الأميركي والإسرائيلي على مصر، الأردن، والسعودية لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين المرحّلين من غزة في تعزيز هذا التحالف الإقليمي.
لكن تركيا، التي دعمت المعارضة السورية لسنوات، وجدت نفسها فجأة أمام واقع جديد يمنحها نفوذًا غير مسبوق يمتد حتى حدود إسرائيل.
وقد تفاقم قلق تل أبيب بعد إعلان رئيس الوزراء اللبناني من أنقرة عن بدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، مما أثار مخاوف إسرائيلية من تعاظم الدور التركي في المنطقة.
وجاء إعلان حزب العمال الكردستاني عن نيته حل التنظيم وإلقاء السلاح ليعزز موقع تركيا أكثر. فالعراق، الذي لطالما كان ساحة نفوذ إسرائيلي، ينظر بارتياح إلى هذه التطورات. ولمواجهة ذلك، شرعت إسرائيل في تكثيف جهودها لزعزعة استقرار سوريا عبر استغلال ورقة الأقليات.
وفي 2 مارس/ آذار، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بأن "النظام السوري لم يُنتخب من قبل شعبه، بل هو مجموعة من الجهاديين الذين سيطروا على إدلب، ثم اجتاحوا دمشق وبقية المناطق بالقوة. ليس لهم الحق في اضطهاد الأقليات كالدروز، والأكراد، أو العلويين".
إعلانأما في 1 مارس/ آذار، فقد أصدر مكتب الإعلام بوزارة الدفاع الإسرائيلية بيانًا أفاد بأن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت أصدرا تعليمات بالاستعداد لحماية الدروز في حي جرمانا بدمشق، الذين تعرضوا لهجوم من قوات النظام السوري".
هل ينحاز الدروز إلى إسرائيل؟يؤكد خبراء تحدثوا عن الملف السوري، أن الورقة الدرزية التي تلوّح بها إسرائيل ليست سوى خدعة، ولا تمتلك أي مصداقية على الأرض.
يقول ليفنت كمال، مدير تحرير Clash Report، المختص في الشأن السوري: "صحيح أن بعض الدروز لهم أقارب في إسرائيل يعملون في الجيش أو كعمال، لكنهم معزولون عن الطائفة الدرزية الكبرى في سوريا، لبنان، والأردن.
كما أن القيادات الدينية والسياسية الدرزية، وعلى رأسهم وليد جنبلاط، أكدوا التزامهم بالوقوف إلى جانب دمشق، ما يجعل أي تحالف درزي-إسرائيلي أمرًا شبه مستحيل".
أما الدكتور مصطفى إكيجي، الباحث المتخصص في المعارضة السورية والتكوين العرقي لسوريا، فيرى أن الرهان الإسرائيلي على الدروز بلا جدوى، موضحًا: "جميع العائلات الدرزية الكبرى ترفض التعاون مع إسرائيل. حتى في مرتفعات الجولان، لا توجد سوى بضع قرى صغيرة تقبل بالجنسية الإسرائيلية، أما بقية الدروز فهم عرب يرفضون أي تحالف مع تل أبيب".
وتزامنًا مع تصاعد التوتر بين دمشق وتل أبيب، أعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عزمه زيارة العاصمة السورية للقاء الرئيس أحمد الشرع، في خطوة تهدف إلى التأكيد على التزام الدروز بدعم الدولة السورية، وعدم الانجرار إلى أي تحالفات مشبوهة مع إسرائيل.
هل يمكن للعلويين والأكراد أن يتحالفوا مع إسرائيل؟تحاول إسرائيل كذلك استمالة النصيريين والأكراد إلى صفها ضد دمشق. لكن وفقًا للمحلل ليفنت كمال، فإن العلويين في سوريا يعانون منذ عقود من التهميش، وحتى في عهد الأسد لم يكن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي جيدًا، لذا لا مصلحة لهم في التورط في أي صراع جديد.
إعلانأما الدكتور مصطفى إكيجي، فيرى أن إسرائيل ربما تجد بعض القبول داخل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، لكنها لن تستطيع حشد الأكراد ضد دمشق، موضحًا: "بعد سنوات من الصراع، لا يرغب الأكراد في إشعال جبهة جديدة، خاصة أن غالبية القوى الفاعلة في سوريا، بمن في ذلك العرب، تدعم حكومة الشرع. كما أن هناك انقسامات داخل (YPG) حول دعوة عبدالله أوجلان لحل التنظيم".
ويضيف: "إسرائيل غير قادرة على تقديم دعم ميداني مباشر لـ (YPG)، مما يجعل خطتها غير قابلة للتطبيق على الأرض".
لقاء ترامب- أردوغان سيحسم المسألةبالنسبة لواشنطن، لم تعد سوريا مغرية من الناحية الاقتصادية، إذ إن مواردها النفطية محدودة مقارنة بأوكرانيا، حيث تتطلع الولايات المتحدة للاستحواذ على ثروات ضخمة. لكن إسرائيل نجحت في إقناع واشنطن، عبر لوبياتها، بأن الانسحاب الأميركي من سوريا سيفتح الباب أمام تركيا لتوسيع نفوذها على حساب الأمن الإسرائيلي.
ولذلك، تسعى إسرائيل حاليًا لخلق أزمة داخلية في سوريا عبر تأجيج المسألة الطائفية، بهدف إبقاء واشنطن منخرطة في الملف السوري. لكن رغم هذه المناورات، تبدو الوقائع على الأرض غير مواتية للمخطط الإسرائيلي.
تركيا من جهتها تسعى لإقناع ترامب بتسوية سياسية تدمج (YPG) داخل الجيش السوري الجديد، مما يضمن استقرار المنطقة دون الحاجة لمواجهة عسكرية. ووفقًا للمراقبين، فإن الاجتماع المرتقب بين أردوغان وترامب سيحدد مسار الأحداث في سوريا، وسيؤدي إلى أحد احتمالين:
إما أن تشن تركيا عملية عسكرية ضد (YPG). أو يتم دمج التنظيم بشكل سلمي في المنظومة السورية الجديدة.إذا كانت لدى (YPG) نظرة عقلانية، فإنها لن تراهن على إسرائيل، التي لم تجلب سوى الدمار للمنطقة، بل ستسعى لبناء مستقبل مشترك مع سوريا وتركيا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان حزب العمال الکردستانی النفوذ الترکی مع إسرائیل فی سوریا
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية السوري يبحث مع السفير الصيني بدمشق المستجدات الإقليمية والدولية
دمشق-سانا
التقى وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني، اليوم، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجمهورية العربية السورية السيد شي هونغوي.
وجرى خلال اللقاء بحث المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافةً إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
وأكد السفير الصيني حرص بلاده على دعم سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، ورفض أي تدخل في شؤونها الداخلية، مشدّداً على أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين الجانبين لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
ويأتي هذا اللقاء بعد اجتماع للجانبين في العاصمة دمشق في الـ29 من تموز الماضي، أكد فيه السفير الصيني حرص بلاده على دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.
السفير الصيني بدمشق وزير الخارجية السوري 2025-08-10BOUTHINA BOUTHINAسابق تمديد المشاركة في مسابقة تصميم الهوية الصناعية السورية حتى الـ21 من الشهر الجاري انظر ايضاً الوزير المنجد يبحث مع السفير الصيني بدمشق سبل التدريب وتبادل الخبرات في المشاريع الاجتماعيةدمشق-سانا بحث وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد مع سفير جمهورية الصين الشعبية
آخر الأخبار 2025-08-10وزير الخارجية السوري يبحث مع السفير الصيني بدمشق المستجدات الإقليمية والدولية 2025-08-10تمديد المشاركة في مسابقة تصميم الهوية الصناعية السورية حتى الـ21 من الشهر الجاري 2025-08-10توزيع سلال إغاثية للعائدين من النزوح في الحويز بمنطقة الغاب 2025-08-10مشفى السقيلبية بحماة يطلق حملة تبرع بالدم لدعم مرضى التلاسيميا والكلى 2025-08-10انطلاق مؤتمر تطوير التعليم بحلب بمشاركة خبراء ومشاريع رقمية مبتكرة 2025-08-10الأردن يدين بشدّة مخطط إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة 2025-08-10وزارة الاقتصاد السورية توقف استيراد الفروج المجمد 2025-08-10مؤسسة الكهرباء السورية: استقرار جزئي بتوليد المنظومة بعد تعرضها لتعتيم جراء أعطال فنية 2025-08-10شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي 2025-08-10توحيد اتجاه السير في شارعَي القاهرة وابن عساكر بدمشق
صور من سورية منوعات منصة إنستغرام تطلق خاصية جديدة تتيح مشاركة المكان 2025-08-10 عودة أربعة روّاد فضاء بعد 5 أشهر في المحطة الدولية 2025-08-10
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |