الجزيرة:
2025-10-12@12:00:52 GMT

ما وراء لعب إسرائيل بورقة حماية الأقليات في سوريا

تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT

ما وراء لعب إسرائيل بورقة حماية الأقليات في سوريا

كان نداء عبدالله أوجلان، الزعيم المؤسس لحزب العمال الكردستاني، في 27 فبراير/ شباط، الداعي إلى حل التنظيم، وإلقاء السلاح، خطوةً ذات تأثير إقليمي.

ولم تمضِ سوى أيام قليلة على هذه الخطوة، التي من شأنها التأثير على توازنات تركيا في العراق، وإيران، وسوريا، حتى جاء رد الفعل الإسرائيلي، بإعلان دعمه للأكراد، والدروز، والعلويين في سوريا.

فقد أعلنت وزارة الدفاع ووزارة الخارجية الإسرائيلية، أن أي تدخل من قِبل حكومة دمشق ضد مجموعة صغيرة من الدروز المسلحين، الذين يرفضون تسليم أسلحتهم، ويخوضون مواجهات ضد القوات الحكومية، سيقابل بهجوم إسرائيلي على دمشق.

ولم يكتفِ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بذلك، بل وجّه تهديدًا لحكومة دمشق، محذرًا إياها من التعامل بعدائية مع الأكراد والدروز والعلويين. ورافق هذه التصريحات تصعيد عسكري، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما يقرب من مئة موقع داخل سوريا خلال يومين.

إسرائيل تسعى إلى زعزعة استقرار سوريا

يبدو أن صعود حكومة أحمد الشرع، بعد الثورة السورية، وحصولها على دعم وقبول إقليمي واسع – باستثناء إيران – لم يكن أمرًا مرحبًا به من قِبل إسرائيل.

لكن ما أزعجها أكثر هو النفوذ التركي المتنامي بشكل غير مسبوق في سوريا والمنطقة، إضافةً إلى الضغط على الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، والمتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، لإلقاء السلاح.

إعلان

ورغم أن حزب الاتحاد الديمقراطي قد تلقى دعمًا عسكريًا من الولايات المتحدة، فإنه في الوقت نفسه يمتلك ارتباطات وثيقة مع إسرائيل. فقد سبق أن صرّحت إلهام أحمد، مسؤولة العلاقات الخارجية في قوات سوريا الديمقراطية – التي تضم فصائل منبثقة عن حزب العمال الكردستاني-، بأن إسرائيل يجب أن تكون جزءًا من الحل لضمان أمن سوريا والشرق الأوسط.

في الواقع، تسعى إسرائيل إلى منع سوريا من استعادة استقرارها وقوتها، وذلك من خلال استخدام الدروز في الجنوب، والعلويين في الساحل، والأكراد في الشمال.

وهدفها الآخر هو التصدي لتزايد النفوذ التركي، حيث تؤكد مراكز الأبحاث والمحللون الإسرائيليون والغربيون، أن توسع النفوذ التركي يهدد المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

محاولات كبح النفوذ التركي

أدَّت الثورة السورية إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي، حيث وقفت دول مثل لبنان، العراق، الأردن، مصر، السعودية، قطر، والإمارات في صف دمشق. كما ساهم الضغط الأميركي والإسرائيلي على مصر، الأردن، والسعودية لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين المرحّلين من غزة في تعزيز هذا التحالف الإقليمي.

لكن تركيا، التي دعمت المعارضة السورية لسنوات، وجدت نفسها فجأة أمام واقع جديد يمنحها نفوذًا غير مسبوق يمتد حتى حدود إسرائيل.

وقد تفاقم قلق تل أبيب بعد إعلان رئيس الوزراء اللبناني من أنقرة عن بدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، مما أثار مخاوف إسرائيلية من تعاظم الدور التركي في المنطقة.

وجاء إعلان حزب العمال الكردستاني عن نيته حل التنظيم وإلقاء السلاح ليعزز موقع تركيا أكثر. فالعراق، الذي لطالما كان ساحة نفوذ إسرائيلي، ينظر بارتياح إلى هذه التطورات. ولمواجهة ذلك، شرعت إسرائيل في تكثيف جهودها لزعزعة استقرار سوريا عبر استغلال ورقة الأقليات.

وفي 2 مارس/ آذار، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بأن "النظام السوري لم يُنتخب من قبل شعبه، بل هو مجموعة من الجهاديين الذين سيطروا على إدلب، ثم اجتاحوا دمشق وبقية المناطق بالقوة. ليس لهم الحق في اضطهاد الأقليات كالدروز، والأكراد، أو العلويين".

إعلان

أما في 1 مارس/ آذار، فقد أصدر مكتب الإعلام بوزارة الدفاع الإسرائيلية بيانًا أفاد بأن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت أصدرا تعليمات بالاستعداد لحماية الدروز في حي جرمانا بدمشق، الذين تعرضوا لهجوم من قوات النظام السوري".

هل ينحاز الدروز إلى إسرائيل؟

يؤكد خبراء تحدثوا عن الملف السوري، أن الورقة الدرزية التي تلوّح بها إسرائيل ليست سوى خدعة، ولا تمتلك أي مصداقية على الأرض.

يقول ليفنت كمال، مدير تحرير Clash Report، المختص في الشأن السوري: "صحيح أن بعض الدروز لهم أقارب في إسرائيل يعملون في الجيش أو كعمال، لكنهم معزولون عن الطائفة الدرزية الكبرى في سوريا، لبنان، والأردن.

كما أن القيادات الدينية والسياسية الدرزية، وعلى رأسهم وليد جنبلاط، أكدوا التزامهم بالوقوف إلى جانب دمشق، ما يجعل أي تحالف درزي-إسرائيلي أمرًا شبه مستحيل".

أما الدكتور مصطفى إكيجي، الباحث المتخصص في المعارضة السورية والتكوين العرقي لسوريا، فيرى أن الرهان الإسرائيلي على الدروز بلا جدوى، موضحًا: "جميع العائلات الدرزية الكبرى ترفض التعاون مع إسرائيل. حتى في مرتفعات الجولان، لا توجد سوى بضع قرى صغيرة تقبل بالجنسية الإسرائيلية، أما بقية الدروز فهم عرب يرفضون أي تحالف مع تل أبيب".

وتزامنًا مع تصاعد التوتر بين دمشق وتل أبيب، أعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عزمه زيارة العاصمة السورية للقاء الرئيس أحمد الشرع، في خطوة تهدف إلى التأكيد على التزام الدروز بدعم الدولة السورية، وعدم الانجرار إلى أي تحالفات مشبوهة مع إسرائيل.

هل يمكن للعلويين والأكراد أن يتحالفوا مع إسرائيل؟

تحاول إسرائيل كذلك استمالة النصيريين والأكراد إلى صفها ضد دمشق. لكن وفقًا للمحلل ليفنت كمال، فإن العلويين في سوريا يعانون منذ عقود من التهميش، وحتى في عهد الأسد لم يكن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي جيدًا، لذا لا مصلحة لهم في التورط في أي صراع جديد.

إعلان

أما الدكتور مصطفى إكيجي، فيرى أن إسرائيل ربما تجد بعض القبول داخل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، لكنها لن تستطيع حشد الأكراد ضد دمشق، موضحًا: "بعد سنوات من الصراع، لا يرغب الأكراد في إشعال جبهة جديدة، خاصة أن غالبية القوى الفاعلة في سوريا، بمن في ذلك العرب، تدعم حكومة الشرع. كما أن هناك انقسامات داخل (YPG) حول دعوة عبدالله أوجلان لحل التنظيم".

ويضيف: "إسرائيل غير قادرة على تقديم دعم ميداني مباشر لـ (YPG)، مما يجعل خطتها غير قابلة للتطبيق على الأرض".

لقاء ترامب- أردوغان سيحسم المسألة

بالنسبة لواشنطن، لم تعد سوريا مغرية من الناحية الاقتصادية، إذ إن مواردها النفطية محدودة مقارنة بأوكرانيا، حيث تتطلع الولايات المتحدة للاستحواذ على ثروات ضخمة. لكن إسرائيل نجحت في إقناع واشنطن، عبر لوبياتها، بأن الانسحاب الأميركي من سوريا سيفتح الباب أمام تركيا لتوسيع نفوذها على حساب الأمن الإسرائيلي.

ولذلك، تسعى إسرائيل حاليًا لخلق أزمة داخلية في سوريا عبر تأجيج المسألة الطائفية، بهدف إبقاء واشنطن منخرطة في الملف السوري. لكن رغم هذه المناورات، تبدو الوقائع على الأرض غير مواتية للمخطط الإسرائيلي.

تركيا من جهتها تسعى لإقناع ترامب بتسوية سياسية تدمج (YPG) داخل الجيش السوري الجديد، مما يضمن استقرار المنطقة دون الحاجة لمواجهة عسكرية. ووفقًا للمراقبين، فإن الاجتماع المرتقب بين أردوغان وترامب سيحدد مسار الأحداث في سوريا، وسيؤدي إلى أحد احتمالين:

إما أن تشن تركيا عملية عسكرية ضد (YPG). أو يتم دمج التنظيم بشكل سلمي في المنظومة السورية الجديدة.

إذا كانت لدى (YPG) نظرة عقلانية، فإنها لن تراهن على إسرائيل، التي لم تجلب سوى الدمار للمنطقة، بل ستسعى لبناء مستقبل مشترك مع سوريا وتركيا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان حزب العمال الکردستانی النفوذ الترکی مع إسرائیل فی سوریا

إقرأ أيضاً:

ما حظوظ تطبيق اتفاق آذار بين الدولة السورية وقسد بعد التدخل الأمريكي؟

تكثف الولايات المتحدة تحركاتها السياسية في سوريا الهادفة إلى تطبيق تفاهم 10 آذار/ مارس الذي وقع عليه الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والمدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وعلى مدار اليومين الماضيين، اجتمع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد "قسد" مظلوم عبدي، في لقاءات أكد أن الهدف منها المضي في تطبيق الاتفاق، الذي يحول دون مواجهة عسكرية لا تبدو سهلة على الجابين السوري و"قسد".

اتفاق آذار
وينص اتفاق آذار على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، وعلى أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.

وكذلك، وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، مع ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.


كما يرفض الاتفاق دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري، على أن يتم تطبيقع بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي (2025).

خلافات كبيرة
وتتهم حكومة دمشق "قسد" بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق، في حين تتحدث "قسد" عن عدم تقديم تنازلات من قبل الدولة السورية.

وبين ذلك، تحاول واشنطن تذليل العقبات أمام تنفيذ الاتفاق، الذي يعني فشلة مواجهة كبيرة قد تخوضها الدولة السورية مدعومة من تركيا، مقابل "قسد" التي لا زالت تستقوي بالتحالف الدولي.
وعن حظوظ نجاح المسعى الأمريكي، يقول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا إن الأمور لا زالت غير واضحة، فرغم الضغط الأمريكي أجد أن رغبة واشنطن بالتوصل إلى اتفاق شامل من شأنها عرقلة المضي في الاتفاق.

ويوضح لـ"عربي21" أن الأفضل هو العمل على الوصول إلى اتفاقات مرحلية وجزئية للبدء ببعض الخلافات الكبيرة بين الجانبين.

وتابع بأن على الولايات المتحدة فصل الملفات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، لأن التوصل إلى اتفاق في ملف النفط واندماج "قسد" بالجيش السوري وغيرها من التفاصيل، تجعل المهمة مستحيلة.

وبحسب الغبرا فإن من الأجدى التركيز على حل المشاكل العالقة بدلا من الإصرار على التوصل إلى تفاهم شامل، وخاصة أن الحكومة السورية هي انتقالية، وجيشها لا زال ناشئاً.

مهمة مستحيلة
بدوره، يرى السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور أن حظوظ تطبيق اتفاق آذار تبدو معدومة، نظراً للخلافات الكبيرة.

بجانب ذلك، أشار في حديثه لـ"عربي21" إلى عدم وجود ضغط أمريكي بالقدر الكافي، وقال: "لا تبدو الضغوط الأمريكية كافية لتجاوز الملفات الخلافية".

أما السياسي والكاتب الكردي، علي تمي، فأشار إلى جهات تريد عرقلة تطبيق الاتفاق، وفي مقدمتها حزب "العمال" الكردستاني.


وأضاف لـ"عربي21" أن اتفاق 10 آذار ولد ميتاً والسبب لأن قيادات قسد غير قادرين على الالتزام بتعهداتهم ولأن كوادر حزب "العمال" الكردستاني هو المتحكم بالوضع في شرق نهر الفرات.
 وبحسب تمي، تريد "قسد" أن تكون لها حصة من النفط ويكون لها تشكيل شبه مستقل عن الجيش، ولهذا اعتقد أن الاتفاق لن ينفذ والأرجح نحن ذاهبون إلى حرب لا مفر منها، بعد انتهاء مدة تطبيق الاتفاق، أي بعد دخول العام الجديد.

استفزاز دمشق
ووفق العديد من القراءات تحاول "قسد" جر الحكومة السورية إلى مواجهة عسكرية للانقلاب على الاتفاق، وذلك من خلال استفزاز الحكومة السورية في أحياء حلب (الأشرفية، الشيخ مقصود" التي تخضع لسيطرتها، وفي الجبهات الشرقية لحلب.

وتطالب "قسد" بحكم "لا مركزي" وإجراء تعديلات على الإعلان الدستوري، في حين تؤكد دمشق أنها منفتحة على أي نقاش يضمن حقوق الأكراد السوريين السياسية والثقافية، لكن دون مطلب الفيدرالية أو اللامركزية.

مقالات مشابهة

  • جدل في سوريا بعد ظهور اسم حافظ الأسد على مئذنة الجامع الأموي بدمشق
  • اعتراف أمريكي: مواجهة إيران كان المحرك الرئيسي وراء التعاون الأمني العربي-الإسرائيلي
  • الدواجن السورية: نخطط لإنتاج أكثر من 68 مليون بيضة خلال 2025
  • قريباً.. وفد من قسد يتوجه إلى دمشق لمناقشة الاندماج في الجيش السوري
  • بعد إعلان زيارته إلى إسرائيل.. ترامب يجري فحوصات طبية بمركز والتر ريد
  • لقطة تكشف ما كتبه روبيو لترامب بورقة قبل اتفاق غزة (شاهد)
  • أزمة إعلام الأقليات
  • بشأن المجلس الأعلى اللبناني السوري.. هذا ما تبلغته الخارجية من السفارة السورية
  • ما حظوظ تطبيق اتفاق آذار بين الدولة السورية وقسد بعد التدخل الأمريكي؟
  • بمشاركة العراق.. عملية دوما السورية تفتح الباب لتحالف رباعي ضد تجارة المخدرات (صور)