وجه المدير العام لـ "جمعية المبرّات الخيرية" الدكتور محمد باقر فضل الله، رسالة إلى المعلمين في عيدهم تناول فيها "العلاقة بين المربي والتلميذ"، مؤكداً "ضرورة أن نقف وقفة مراجعة وتأمل، هل نربي تلاميذنا بروحية الصبر؟ هل نغرس فيهم الإيمان واليقين؟ هل نكون لهم سنداً حين تتقاذفهم أمواج الحياة حتى في لحظات ضعفهم؟ هل نمنحهم القوة ليعودوا لنا إذا ضلّوا".



وجاء في رسالته: "في هذه المناسبة التي يكتمل فيها اخضرار الربيع ويزدهر فيها عيد المعلم وسط كل هذا الركام  من الآلام وفوق كل هذه الأحمال، أشعر بأن ما بذلتموه أيها المعلمون، وما قدمتموه هو أكبر من أن تنال منه العاصفات أو أن يهوي تحت وقع القاصفات، وأن كل هذه الورود التي لوّنت ربيعكم، وهذه الرياحين التي ازدهت بكم لن تذبل أو أن تنال منها يد المعتدي، أو أن تذوي على وقع الألم وإيقاع المعاناة".

وأشار في رسالته إلى أن "العلاقة بين المربي وتلميذه لا تقتصر على كونها علاقة تلقينٍ وتعليمٍ، هي علاقة قلبٍ بقلب وروحٍ بروح. التلميذ لا يحتاج إلى المعلومة وحدها هو يحتاج إلى أن يشعر أنه حاضر في قلب معلّمه ومعلمته، أن يجد فيه وفيها سنداً حين تزدحم الأسئلة في عقله وملاذاً حين يثقل قلبه بالقلق".

أضاف: "التربية التي لا تنبع من العاطفة لا تملك القدرة على بناء شخصياتٍ متّزنة قادرة على مواجهة الحياة بثقةٍ وثبات، والمربّي الحقيقي هو من يملأ العقول بالمعلومات بعد أن يملأ القلوب بالطمأنينة، من يجعل الطالب يشعر أن له مكاناً في هذا العالم، وأنه ليس مجرد رقم في قائمة الحضور بل له كيانه وقيمته، وله صوته وله من يحتضن مسيرته".

وأوضح أن "التعامل مع المشكلات الحياتية والتربوية التي قد تبدو خارجة عن السيطرة يتطلّب بذل الجهد الممكن في مواجهة التحديات، وتعزيز الروح الإيمانية التي تعطي القوة للمربي أو للأب أو للمعلم ليزرع الأمل في قلوب أبنائه مهما كانت الظروف صعبة".

ورأى أن "دور المربي هو أن يكون حكيماً في التعامل مع احتواء المشاعرالسلبية، بحيث لا ينفيها أو يقمعها بل يهذّبها ويساعد على احتوائها"، معتبرا انه "يمكن للمرّبي أن يعزز في قلوب تلاميذه مشاعر التقدير المتبادل ويعلّمهم كيف يواجهون مشاعرهم السلبية بطريقة صحية وواعية".

وأكد أن "الاستماع إلى التلاميذ والإنصات لمشاعرهم العميقة، وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع الغيرة والمشاعر السلبية هو مفتاح بناء بيئة أسرية وتعليمية قائمة على التناغم والتكامل"، قائلاً: "من الطبيعي أن يولد في القلوب بعض التنافس عندما يبرز في الصف تلميذ موهوب يتمتع بقدرات استثنائية سواء علمية أو قيادية أو مهارية. وهنا تأتي مسؤوليتنا كمربين، لا لنكبح التميز بل لنزرع في نفوس الجميع ثقافة الاحتفاء بالموهبة لا الحسد وتحويل التنافس إلى حافز إيجابي يدفع كل فرد ليكون أفضل نسخة من نفسه، بعيداً عن المقارنة المدمّرة والتنافس السلبي". 

ولفت إلى أنّ "ما تكشفه الأبحاث التربوية الحديثة حول تأثير المشاعر في حياة الإنسان يفتح أمامنا آفاقًا جديدة لفهم الذكاء العاطفي والاجتماعي. حيث تشير بعض النظريات إلى أن المشاعر تمتلك قوة توجيهية قد تفوق أحيانا دور العقل في اتخاذ القرارات وصياغة السلوكيات. وهذا يوضح مدى أهمية أن تكون العاطفة جزءاً أصيلاً من التربية الإنسانية الفعّالة، بحيث لا تُفصَل عن التفكير العقلاني بل تتكامل معه في صياغة الإدراك واتخاذ المواقف".

وتطرق إلى "محاولات استبدال الإنسان بالذكاء الاصطناعي وإلغاء دور العقل البشري"، قائلاً: " رغم هذه المحاولات تبقى أنت أيها المعلم وتبقى مهنتك شاهدة على أن التربية لا تختزل في معادلات رقمية ولا تستبدل بروبوتات ذكية".

وأضاف: "في زمن تتّسع مساحة الذكاء الاصطناعي ليغزو المهن والوظائف والشركات، هناك ميدان لا يمكن أن تطأه خوارزميات ولا أن تحلّ فيه الآلات مكان الإنسان. ميدان التربية الروحية والقيمية المستلهمة من حياة وسير أنبياء الله، فمهما بلغت قدرة التقنية على التحليل والاستنتاج، فلن تُخلق لها روح تُلهم، ولا قلبٌ يهذّب، ولا ضمير ينير الطريق للأجيال. وهنا، يبقى دور المعلم الرساليّ ثابتًا، بل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى".

وخاطب في ختام رسالته المعلمين بالقول: "أتطلع إلى وجوهكم فأرى فيها مشهد هذا الشهر، شهر رمضان، الذي هو شهر الخير والصبر، ومدرسة السموّ الأخلاقي والتربوي والرقيّ بالإنسان في مختلف المجالات. فلأنتم توأم هذا الشهر تأخذون منه العبرة وتصنعون المستقبل على هديه ومن رحم تعاليمه ومدرسته وتجاربه الكبرى، وتجسّدون مدرسة النجاح في مدرسة الصبر والتحمل والاقتداء".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

رمية القسام "الثلاثية" قنبلة بقلب المدرعة الإسرائيلية

في ملاعب غزة، تختلف قواعد اللعبة، وتعاد كتابة قوانين الاشتباك، خصوصا بعد عملية خان يونس؛ إذ لم تكن المواجهة مجرد اشتباك عسكري، بل كانت "رمية" محسوبة بدقة، نفذها مقاوم من كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس كما لو أنه في مباراة نهائية لكرة السلة.

 

لكن بدلا من الكرة، كانت العبوة؛ وبدلا من السلة، كانت قمرة قيادة مدرعة إسرائيلية تعجّ بالجنود.

 

وكانت الجزيرة قد عرضت أمس الأربعاء، مشاهد لتفجير كتائب القسام ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين بخان يونس جنوبي قطاع غزة، وأعلن الاحتلال مقتل 7 جنود بداخلهما منهم ضابط.

 

ففي مشهد يفوق الخيال ويجسّد جرأة المقاومة الفلسطينية، تسلل أحد مقاتلي كتائب القسّام إلى قلب منطقة عسكرية إسرائيلية شديدة التحصين، وهو ينتعل "نعلا"، متحديا عتاد الاحتلال وجنوده.

 

المقاتل، الذي لم تحمه لا خوذة ولا درع، صعد فوق ناقلة جند مدرعة، وألقى عبوة "شواظ" الناسفة داخل قمرة القيادة، قبل أن ينسحب من الموقع بمهارة، تاركا خلفه مشهدا أشبه بلقطة من أفلام الأكشن، لكنه حقيقي تماما ويحمل توقيع غزة.

 

أسفرت العملية عن مقتل سبعة جنود إسرائيليين منهم ضابط، وإصابة 16، بينما وصف مغردون ونشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي هذا المشهد بـ"الرمية السباعية القاتلة"، في محاكاة ساخرة لقوانين كرة السلة.

 

وشبه مغردون عملية خان يونس بمهارة لاعب كرة سلة محترف "على أصولها"، بعد أن اخترق مقاتل القسّام منطقة عسكرية مكتظة بالجنود والآليات، واعتلى ناقلة جند، ثم ألقى عبوة "شواظ" داخل قمرة القيادة، قبل أن ينسحب بنجاح.

 

وأشار بعضهم إلى أنه في قوانين كرة السلة تحتسب الرمية البعيدة بثلاث نقاط، أما في غزة، فقد أعادت المقاومة تعريف المسافة والجدوى، وكانت النتيجة: هدف دقيق بسبعة جنود وناقلة محترقة "رمية سباعية" لا تتكرر.

 

وأوضح آخرون، أن في كرة السلة تحتسب الرمية من داخل المنطقة بنقطتين، ومن خارجها بثلاث نقاط، أما في غزة، فقد فرضت قانونا جديدا: "الرمية من المسافة صفر تسجل سبع نقاط.. وحفلة شواء".

 

ووصف نشطاء العملية بأنها أقوى "مباراة" شاهدوها في تاريخ كرة السلة، وتستحق الفوز ببطولة العالم، لكن ميدانها لم يكن صالة رياضية، بل أرض خان يونس، وسلاحها لم يكن كرة، بل عبوة ناسفة أُسقطت بدقة داخل ناقلة جند تعج بالجنود.

 

وكتب أحد النشطاء: "هذه التسديدة تحسب نقطتين في كرة السلة، لكن مجاهد القسام جعلها تحسب سبع نقاط".

 

ويرى مدونون أن هذا المشهد يعبر عن جوهر المقاوم الحقيقي وهو شاب يلبس "شبشب أبو إصبع"، بلا درع ولا طائرة، ولا قبة حديدية تحميه، جائع ومحاصر، وأهله نازحون في الخيام، لكنه يمضي بثبات إلى الميدان؛ يطارد دبابة تتبختر في شوارع خان يونس، يلقّمها عبوة "شواظ" محلية الصنع، فينقلب حديدها نارا، ويجندل سبعة من جنود الاحتلال بضربة واحدة.

 

وأضافوا: "هذا هو المقاوم حين يحوّل حفنة من الرمال إلى فخ للمستعمر، ويجعل من الحذاء الممزق أقوى من ترسانة الجيوش".

 

في ذات السياق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ضابط كبير في الجيش، أن المشاهد التي بثتها كتائب القسام، لاستهداف ناقلتي جند "مخزية ولا تضفي احتراما على الجيش"، وقالت إنها مخالفة لما أعلنه الجيش.

 

وأضافت أن التحقيق الذي جرى في هذه العملية أظهر فشلا أمنيا، مشيرة إلى أن 4 حوادث مماثلة وقعت ضد الفرقة 36 -التي تعرضت للهجوم الأخير- خلال الشهر الماضي.

 

وأشارت إلى أنه -وخلافا للتقييم الأولي- أظهرت المشاهد التي بثتها الجزيرة للكمين أن مقاتل القسام صعد على المدرعة وألقى فيها عبوة.

 

 


مقالات مشابهة

  • التخطيط بدأ قبل 10 سنوات .. تقرير أميركي يكشف تفاصيل عملية إسرائيل بقلب إيران
  • «البديوي» يدين استمرار الهجمات العدوانية التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني الأعزل
  • أمين مجلس التعاون يدين استمرار الهجمات العدوانية التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني
  • النقلة "Move 37": اللحظة التي تجاوزت فيها الذكاء الاصطناعي الحدود البشرية
  • أبرز الدول العربية التي تعتمد على النفط في توليد الكهرباء
  • إنهاء مهام المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد
  • تفعيل برنامج الدبلوم العام في كلية التربية جامعة جنوب الوادي بنظام الساعات المعتمدة
  • بحضور المدير الفني للاتحاد: القناة لألعاب القوى تُطلق مؤتمرها العام الأول بخطط طموحة للنهوض باللعبة
  • الأهلي يعلن رسميًا إنهاء العلاقة التعاقدية مع المدير الرياضي
  • رمية القسام "الثلاثية" قنبلة بقلب المدرعة الإسرائيلية