واشنطن بوست: قضية خليل تهديد لحقوق التعبير الدستورية
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
حذرت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها من أن قضية محمود خليل ليست مجرد حادثة ترحيل عادية، بل هي ضربة خطيرة لحرية التعبير والحقوق المضمونة بالتعديل الأول في الدستور الأميركي، إذ إن اعتقاله لم ينتج عن جريمة ارتكبها، بل بسبب كلمات قالها احتجاجا على الحرب في غزة.
وتساءلت الصحيفة عن عواقب نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ترحيل خليل كما تعهد في منصته تروث سوشيال، مشيرة إلى أن الإدارة الحالية ستجعل من قضية خليل نموذجا لملاحقة وترحيل غيره.
وأوضحت الافتتاحية أن خليل -وهو طالب فلسطيني ترعرع في سوريا- جاء إلى الولايات المتحدة عام 2022 بشكل قانوني لمتابعة دراسته في جامعة كولومبيا، لكنه سرعان ما أصبح هدفا لحملة سياسية بسبب آرائه ومشاركته في الحراك الجامعي المؤيد لفلسطين.
التعبير جريمةوأكدت أن اعتقاله لم يكن مفاجئا في ظل حكم إدارة ترامب التي جعلت من قمع الاحتجاجات الطلابية جزءا من حملتها الانتخابية وخطابها السياسي.
لكن المثير للقلق -برأي الصحيفة- هو كيف بررت الإدارة هذا الاعتقال، إذ لم تقدم أي تهم جنائية بحق خليل، ولم يُعرض أي دليل على تورطه في أعمال عنف.
ووفق الصحيفة، يعد خليل أحد قادة الحراك الجامعي المناهض للحرب في غزة، وأثارت نشاطاته حفيظة المؤيدين لإسرائيل، والذين دعوا إلى ترحيله الأسبوع الماضي.
إعلانواستنكرت الصحيفة استنتاج وزير الخارجية ماركو روبيو بأن وجود خليل في البلاد يشكل "عواقب خطيرة على سياسة الولايات المتحدة الخارجية"، خاصة أنه لم يفسر تصريحه هذا أو يقدم أي دلائل عليه، مما يعني أن الآراء باتت أساسا للاعتقال في الولايات المتحدة، وهو تطور مقلق يخالف الحماية الدستورية لحرية التعبير.
إستراتيجية قانونيةوأشارت "واشنطن بوست" بقلق إلى أنه تم نقل خليل من مركز احتجاز في ولاية نيوجيرسي إلى مركز احتجاز بولاية لويزيانا، في خطوة تبدو مصممة لإضعاف قدرته على الدفاع عن نفسه عبر تقييد وصوله إلى محاميه وعائلته، وأكد محاموه أنهم لم يتحدثوا إليه منذ أن تم نقله.
كما أكدت الافتتاحية أن اختيار الحكومة لويزيانا لاحتجاز خريج الماجستير تحرك مدروس، إذ إن محكمة الاستئناف المسؤولة عن الولاية هي محكمة الدائرة الخامسة الموالية لترامب، والمعروفة بمواقفها المتشددة ضد المهاجرين.
وفي جلسة الأربعاء قرر قاضٍ في نيويورك أن السلطات لها الحق بنقل خليل وسينظر في قضيته في لويزيانا، وهو عكس رغبة محامي خليل بأن ينظر في قضيته في نيويورك، إذ ترفع القضايا إلى محكمة الاستئناف في الدائرة الثانية المعروفة بكونها أكثر ليبرالية ومرونة، وفق افتتاحية الصحيفة.
وخلصت الافتتاحية إلى أن قضية خليل ليست مجرد قضية فردية، بل تمثل تهديدا خطيرا لحرية التعبير وحقوق التعديل الأول، مما يهدد كافة المقيمين في الولايات المتحدة، سواء كانوا مهاجرين أو مواطنين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خبراء: الضغوط الغربية على “الجنائية الدولية” تهديد خطير للعدالة
لاهاي – وصف خبراء قانونيون الضغوط والتهديدات الغربية الموجهة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، عقب التحقيق الذي فتحه بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفيه ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، ويعتبر هذا، تهديد خطير لمستقبل العدالة الدولية .
المحكمة والمدعي العام كلاهما أصبح في قائمة العقوبات الأمريكية جراء إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
ولتقييم الضغوط التي يتعرض لها خان، التقت الأناضول مع كل من كينيث روث، المدير السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش وأستاذ زائر في جامعة برينستون، ومارك كيرستن من جامعة فريزر فالي في كندا، وسوزان أكرم أستاذة حقوق الإنسان في جامعة بوسطن، وذلك بعد تحقيق نشره موقع “ميدل إيست آي” قبل نحو أسبوع سلط الضوء على حملة الترهيب التي تتعرض لها المحكمة ومدعيها العام.
وأكد الخبراء الذين تحدثوا للأناضول أن حملة الضغوط التي يتعرض لها خان من أخطر التهديدات التي تواجه نظام العدالة الدولية، مطالبين الدول باتخاذ خطوات عاجلة لحماية المحكمة الجنائية الدولية.
وقال المدير السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث في حديثه إن “الهجمات على المحكمة الجنائية الدولية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، من شانها أن تهزّ أُسس العدالة الدولية”.
وأضاف: “ما قام به كل من (الرئيس الأمريكي) دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية يمكن أن يُعتبر جريمة وفقًا لنظام روما الأساسي، ويُحاسب عليه المسؤولون جنائيًا أمام المحكمة”.
وأشار إلى أن “العقوبات التي فرضها ترامب على المحكمة منعت موظفيها من الوصول إلى النظام المصرفي”، داعيا “الاتحاد الأوروبي إلى حماية المحكمة وحسابات موظفيها المصرفية”.
وفيما يتعلق بالخطوة الأمريكية، قال روث، إن “ترامب تجاوز خطوطًا لم يتم تجاوزها من قبل، خاصة بعد توجيه المحكمة اتهامًا مباشرًا لنتنياهو”.
وأوضح أن “الأمر لا يتعلّق بالمبادئ، بل يتعلق بدعم تل أبيب في فترة ترتكب فيها الحكومة الإسرائيلية جرائم حرب وإبادة جماعية واسعة النطاق في غزة”.
ومنتصف فبراير/ شباط الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على خان، بعد أيام من توقيع ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بمعاقبة الجنائية الدولية لإصدارها مذكرة اعتقال نتنياهو.
ادعى ترامب في بيان حينها، أن المحكمة الجنائية الدولية “تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها المقربين مثل إسرائيل، بشكل لا أساس له وغير شرعي”.
من جانبه، قال الأكاديمي مارك كيرستن إن “العقوبات والضغوط الممنهجة ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية قد تُلحق أضرارًا لا يمكن إصلاحها بالعدالة الدولية”.
وأوضح أن “هذه الهجمات تضر بالمحكمة، ولها القدرة على التسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها”.
وتابعت: “أدت بعض هذه الأفعال إلى مغادرة أشخاص جيّدين المحكمة، وترك عملهم، وهم أشخاص كان من الممكن أن يلعبوا دورًا مهمًا في التحقيقات وملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية.”
وفي تقييمه للتأثيرات بعيدة المدى للتدخلات السياسية، قال كيرستن: “لطالما كانت هناك تدخلات سياسية من قبل دول (لم يسمها) في عمل المحكمة، لكنها لم تكن يومًا بهذا القدر من العلنية والشدة والتأثير.”
أما أستاذة حقوق الإنسان سوزان أكرم، فقالت إن “التهديدات الموجهة للعدالة الدولية بلغت مستويات غير مسبوقة، لكن نظام روما الأساسي يمنح المحكمة أدوات للتصدي لهذه التدخلات”.
ورغم تصاعد مستوى التهديدات، قالت أكرم، إن “محاولات الترهيب الممارسة ضد المدّعين والشهود كانت موجودة دائمًا، لكن مستوى التهديدات الحالية، خاصة من قبل حكومات مثل إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، غير مسبوق”.
وأكدت أن “المادة 70 من نظام روما الأساسي تمنح المحكمة سلطة التحرك في حال وجود تدخل”، مضيفة: “يحق للمحكمة مقاضاة كل من يهدد أو يمنع أحد موظفيها من أداء واجبه، وكذلك كل من ينتقم من موظف بسبب قيامه بمهامه الرسمية”.
وبشأن حالات مماثلة سابقة، قالت أكرم: “هناك عشرات القضايا التي فتحت فيها المحكمة تحقيقات وأصدرت مذكرات توقيف بحق من تدخّلوا في سير العدالة”.
وشددت على “ضرورة عقد جلسة خاصة لجمعي الدول الأطراف في المحكمة لمواجهة هذه التهديدات، واتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحماية المحكمة وموظفيها”.
واختتمت أكرم حديثها بالتأكيد على تغيّر السياق الدولي، قائلة: “لقد ولّت الأيام التي كانت فيها العديد من الدول على استعداد للاستجابة لمطالب الولايات المتحدة وإسرائيل، وأعتقد أن عددًا متزايدًا من الدول أصبح أكثر استعدادًا لمعارضة واشنطن وتل أبيب”.
وكشف تحقيق أجراه موقع “ميدل إيست آي”، أن خان تعرّض لضغوط مكثفة من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، بسبب نشاطه القضائي ضد تل أبيب.
وبحسب التحقيق، فإن الضغوط على خان تصاعدت بدءا من أبريل/ نيسان 2024، حين بدأ يستعد لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، على خلفية الإبادة الإسرائيلية في غزة والأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وأشار التحقيق إلى أن وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون هدّد بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية إذا ما صدرت مذكرات توقيف ضد المسؤولين الإسرائيليين، ونُقل عنه قوله في مكالمة هاتفية مع خان: “هذا القرار سيكون له تأثير يشبه القنبلة الهيدروجينية.”
وأفاد التحقيق أن خان تلقّى إحاطة أمنية بشأن نشاط جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” في لاهاي بهولندا، ما أثار مخاوف تتعلق بسلامته الجسدية، الأمر الذي أظهر حجم التهديدات المباشرة لاستقلاليته كمدع عام.
وأشار إلى أن الاتهامات الموجّهة إلى خان بخصوص التحرّش والاعتداء الجنسي تقف خلفها حملة تشويه منهجية، مشيرًا إلى أن المشتكية موظفة تعمل داخل المحكمة، وتعاونت خلال هذه العملية مع مكتب التفتيش التابع للأمم المتحدة.
التحقيق لفت إلى أن زميل خان المقرّب، توماس لينش، الذي لعب دورًا محوريًا في التحقيقات وكان على صلة مباشرة بالعملية المتعلقة بإسرائيل، تقدم لاحقا بطلب من إدارة المحكمة لإقصاء خان عن التحقيق.
الأناضول