واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي
تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال رئيسها الجمهوري دونالد ترامب مع قضايا العالم ـ خاصة الشائكة منها ـ يفرض على الدول نمطاً جديداً من العلاقات، يمكن اعتباره صيغة فريدة من التفاعل، حيث يرجّح الصراع بدل التعاون، ويبلغ في حده الأقصى" أمْركة" لصناعة القرارات، الأمر الذي يقلل من أهمية المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس الأمن والأمم المتحدة.
لا يقف التوصيف السّابق عند المواقف الآنية المتناقضة التي تُجَاهر بها الإدارة الأمريكية عند نظرتها لمجمل القضايا من زاوية المصالح الأمريكية ذات الطابع النفعي المُتوحّش فحسب، إنما يتابع، ويستشهد، من ناحية التحليل بالقرارات الأمريكية الأخيرة المهددة للسلم والأمن العالميّيْن.. تلك المواقف التي تكشف كل يوم عن تحالفات تلغي الثوابت لصالح المتغيرات، في ظل سباق محموم لأجل بلوغ أهداف تعَلِّي من الدور الأمريكي بعيداً عن أيِّ شراكة مع الآخرين، حتى لو كانوا حلفاء.
هذه الممارسة الأمريكية تأتي من عاملين، أولهما، مواقف الرئيس الأمريكي المتغيرة والمتناقضة من القضايا المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، بمنطق "غلبة العدو" في حال الرفض للقرار الأمريكي، وثانيهما، الهلع العام الذي أصاب معظم دول العالم، الأمر الذي دفعها نحو صيغ مختلفة للاستجابة للقرارات الأمريكية، في محاولة منها لتطويع نفسها بما يحقق نجاتها من التغول، حتى لو كانت في الحد الأدنى.
الاستجابة للقرارات "الترامبية" أو الرد عنها من خلال التحايل أو التأجيل هي التي تحدد اليوم مواقف الدول على المستوى الرسمي، حيث العجز البيّن لدى كثيرين منها، وأخرى تترقب ما ستفسر عنه تلك القرارات من رد فعل من قوى دولية أخرى، وخاصة التنظيمات والجماعات، الخارجة عن سلطة الدول، كونها هي القادرة على التمرد، بل إنها توضع اليوم في الصف الأول لمواجهة القرارات الأمريكية.
على خلفية ذلك، ستشكل التنظيمات والجماعات ـ كما يلوح في الأفق ـ قوى يعوّل عليها في تثبيت القرارات الأمريكية، وتطويع الأنظمة الرسمية لها، ليس فقط لما ستحظى به من اعتراف أمريكي يجعل منها ـ حقيقة أو وهماً ـ قوى منافسة، قد تحلُّ في المستقبل المنظور بدل الحكومات القائمة حالياً، وتُسْهم في إعادة تشكيل خرائط الدول، بل تُغيِّر من المفاهيم، ومنها مصطلح الإرهاب بوجه خاص، وإنما لما هو أهم من ذلك بالنسبة للإدارة الأمريكية، وهو تكريس خيارها السّاعي إلى تغيير سياسة العالم بما يحقق غلبة أمريكية مطلقة، والدخول في مرحلة "ما فوق القوة".
من هنا، فإنَّ الشعور العام لدى الدول، خاصة تلك التي تتواجد في مناطق صراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو أن واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي السائد، انطلاقا من ضغطها على الدول عبر تنظيمات وجماعات داخلية أو خارجية معادية لها، في محاولة منها لتكون الدولة الوحيدة الصانعة للقرارات العالمية، بما يحقق لها سيطرة كاملة من خلال الخوف والترهيب، مع عدم مبالاة لما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك من انهيار لقيم وأشكال الدولة المعاصرة.
إذاً الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تعميم سياسية التبديل في حال عدم قبول الدول بأطروحاتها المهددة لوجودها، وهذا من خلال تحريكها للتنظيمات والجماعات المختلفة بشكل ظاهر ومعلن، لدرجة أنها تحاور اليوم بعضاً ممن صنفتها تنظيمات إرهابية في وقت سابق، وتدعمها لتشكل "شبه دولة"، وهو ما نراه اليوم في عدد من مناطق العالم، خاصة في منطقتنا، حيث الحوار المباشر مع تنظيمات ليست منافسة للدول على مستوى العلاقة مع الولايات المتحدة فحسب، وإنما تمثل بديلاً لها ليس في مقدور الأنظمة الرسمية مواجهته، كونه يأتي محملاً بوعود أمريكية نافذة اليوم، وإن كانت مجهولة اليقين بعد ذلك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب ترامب من خلال
إقرأ أيضاً:
الخارجية الأمريكية: ندعم "مؤسسة إغاثة غزة"
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تدعم "مؤسسة غزة الإنسانية" المستقلة، التي أنشئت لتقديم مساعدات للفلسطينيين، لكنها امتنعت عن تقديم تفاصيل بشأن نطاق الدعم.
أفاد بذلك تومي بيغوت نائب متحدث الخارجية الأمريكية، مساء أمس، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، التي تقدم دعما مطلقا لإسرائيل في حرب الإبادة التي تواصل ارتكابها بحق الفلسطينيين في غزة.
إقرأ أيضاً: إسرائيل أمام مفترق طرق - يديعوت: لا تقدم حقيقي في المفاوضات إلا أنها مستمرة
وأشار بيغوت إلى أن الولايات المتحدة تدعم مؤسسة الإغاثة الإنسانية المستقلة في غزة التي أنشئت لتقديم مساعدات للفلسطينيين.
وأضاف: "كما قال وزير الخارجية (ماركو روبيو) نحن ندعم هذه الخطة لأننا نريد حلولا إبداعية. إذا كانت ثمة خيارات أفضل للحصول على مساعدات هناك، نود أن نعرف ما هي هذه الخيارات".
إقرأ أيضاً: صحيفة: آخر مستجدات هدنة غزة مع قرب انتهاء جولة ترامب
وبيّن نائب متحدث الخارجية الأمريكية أنهم عبروا بوضوح عن الحاجة إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع الحرص على عدم السماح بوقوعها في أيدي حماس ، وفق تعبيره.
وتجنب بيغوت، الذي أكد أنهم يدعمون المؤسسة المذكورة، إعطاء إجابة واضحة عن الأسئلة المستمرة للصحفيين بشأن ما إذا كان هذا الدعم ماليا أم سياسيا.
والأربعاء، أعلنت مؤسسة إغاثة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، أنها ستبدأ قبل نهاية مايو/ أيار الجاري توزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة.
وتثير "مؤسسة غزة الإنسانية" الجدل، إذ تعتزم هي، وليس مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، توزيع المساعدات بمناطق محددة يحميها الجيش الإسرائيلي.
وتعد هذه الخطوة أول محاولة لتفعيل جهة توزيع جديدة للمساعدات بعد أشهر من الجمود، ضمن حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على نحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة.
وتتكدس المساعدات الإنسانية على حدود قطاع غزة، دون أن تسمح إسرائيل بعبورها، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة، وفق مكتب الإعلام الحكومي بغزة.
وقالت "مؤسسة غزة الإنسانية"، في ورقة نشرتها بوقت سابق، إنها ستقيم 4 مراكز توزيع مساعدات بغزة، بحراسة شركات أمنية خاصة، بحيث يوزع كل مركز مساعدات على نحو 300 ألف شخص.
وهذه الخطة تتطابق مع ما رشح عن قرار صدر عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية "الكابينت" مطلع مايو الجاري، بشأن استئناف إدخال وتوزيع المساعدات.
إلا أن متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أعلن رفض المنظمة الدولية للخطة الإسرائيلية بشأن توزيع المساعدات في غزة.
وشدد دوجاريك، في بيان يوم 23 أبريل/ نيسان الماضي، على أن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 173 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الاحتلال يمنع المواطنين من أداء صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي اختناق عائلة بالغاز السام خلال اقتحام الاحتلال النبي صالح برام الله فتوح: مجازر الاحتلال شمال قطاع غزة تمثل جريمة إبادة جماعية الأكثر قراءة "مشروع عنصري خطير".. مسؤول فلسطيني ينتقد خطة توزيع المساعدات بغزة لحظة الحصاد المر مأزق حماس الوجودي ومأساة الشعب ...! سفير أميركا لدى إسرائيل: تل أبيب لن تكون طرفا في توزيع المساعدات بغزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025