أكدت سلطنة عمان مجددا موقفها الثابت تجاه التصعيد العسكري في اليمن، محذرة، في بيان صدر عن وزارة الخارجية، من تداعيات استمرار الخيار العسكري على استقرار المنطقة وأمنها، ومشددة على أن الحلول المستدامة لا تتحقق إلا بالحوار والتفاوض. وموقف سلطنة عُمان ليس وليد اللحظة الآنية إنما هو امتداد لنهج دبلوماسي عريق اختطته سلطنة عُمان مستندا إلى مبادئ سياسية راسخة وخبرة طويلة في إدارة الأزمات الإقليمية وبرؤية تقوم على تهدئة النزاعات بدلا من تأجيجها.

وعلى النقيض من هذا النهج المسؤول، جاء الهجوم الأمريكي على اليمن ليعكس مرة أخرى خطأ الرهان على القوة العسكرية كحل لمشكلات المنطقة؛ فالقصف الذي أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، بينهم نساء وأطفال، لا يحل المشكلة التي أراد حلها ولكنه يضاعف الكارثة الإنسانية في اليمن التي مضى عليها قرابة عقد من السنين حتى باتت واحدة من أسوأ الأزمات في العالم.

إن الضربة العسكرية التي تعرضت لها اليمن والتي تأتي في سياق ضربات سابقة شاركت فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي تزيد من تصعيد التوترات في البحر الأحمر، فيما كان الأولى من أمريكا التي تقدم نفسها وسيطا في قضية الشرق الأوسط أن تسعى لعلاج الأسباب الجذرية للصراع. فبدلا من توجيه الجهود نحو دعم عملية سياسية شاملة تنهي معاناة اليمنيين، اختارت الولايات المتحدة مرة أخرى نهج الضربات العسكرية، في تجاهل تام لما أثبتته التجارب السابقة من أن القوة وحدها لا تؤدي إلى حل دائم، بل تعمّق الأزمات وتعزز مناخات العداء والكراهية.

ومن الواضح جدا أكثر من أي وقت سابق أن النهج الأمريكي في التعامل مع أزمات المنطقة يتسم بازدواجية المعايير، وهو ما تجلّى في الموقف من الحرب على غزة. فالولايات المتحدة، التي تقدم دعما غير مشروط لإسرائيل رغم جرائمها في القطاع، ترى في أي تحرك مضاد لهذه الجرائم تهديدا يجب سحقه بالقوة. لكن كيف يمكن تبرير مثل هذه السياسة أمام الشعوب التي ترى في هذه الازدواجية دليلا إضافيا على الانحياز الأمريكي الذي لا يمكن أن يكون أساسا لحلول عادلة ومستدامة؟

أظهرت الأحداث الأخيرة أن استهداف الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر كان بمثابة رسالة يائسة إلى العالم، تعكس الإحباط من عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لانتهاكات إسرائيل في غزة. وبينما تتجه أمريكا نحو المزيد من التصعيد العسكري في اليمن، فإنها تتجاهل أن معالجة الأسباب الجذرية للأزمات هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار، لا القصف ولا فرض العقوبات.

البيان الذي أصدرته سلطنة عُمان يذكر العالم بالسياق التاريخي للأحداث الذي يؤكد أن سياسة الضربات العسكرية لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من التدهور في الوضع اليمني، دون تحقيق أي تقدم نحو الاستقرار؛ ولذلك فإن دعوة عُمان المتجددة للحوار هي أكبر بكثير من موقف سياسي تجاه عملية عسكرية ظالمة على اليمن ولكنها خلاصة تجربة سياسية أثبتت نجاحها في أزمات سابقة، وسبيل وحيد للخروج من دائرة العنف المتكرر.

وعلى العالم أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية ليتحرك من أجل وقف الهجمات على اليمن ومعالجة جذور الأزمة، بدلا من الاستمرار في السياسات التي تزيد من المعاناة وتفتح المجال لمزيد من الفوضى. وعلى القوى الدولية، إن كانت جادة في السعي إلى الاستقرار، أن تستمع إلى صوت الحكمة العمانية، وهو صوت العقل والسياسة معا، لأن الطريق إلى السلام لا ينطلق من القصف، بل عبر حل الجذور العميقة للمشكلة وفتح مساحات للحوار وصولا إلى حلول مستدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الیمن سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

بين اللهب والجثث.. طفلة تبحث عن حياة في جحيم غزة

"ولا شيء… تخيل هذه ابنتك أو أختك الصغيرة".. بهذه العبارة المؤثرة وثق الناشط حمزة المصري، عبر مقطع فيديو نشره في حسابه على إنستغرام، لحظة محاولة طفلة النجاة وسط ألسنة اللهب التي اندلعت نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة فهمي الجرجاوي في قطاع غزة.

View this post on Instagram

A post shared by الناشط حمزة المصري (@hamza1987.8.31)

ووفقا لرواد منصات التواصل الاجتماعي، فقد اعتُبر هذا المشهد من أكثر المشاهد ألما وقسوة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة قبل 19 شهرا.

الفيديو أثار موجة غضب عارمة بين الناشطين، إذ وصفوه بأنه "من دون وصف" نظرا لبشاعته، بينما علق آخرون بأن "صباح غزة كان أسود ومؤلما"، في إشارة إلى الطفلة التي كانت تحاول النجاة بين جثث عائلتها وأشقائها وسط النيران، في ظل صمت عربي وإسلامي مطبق تجاه ما يجري.

الطفله ورد جلال الشيخ خليل ، الناجية الوحيده لاسرتها . فقدت ستة من اخوتها وأخواتها في الجريمه ووالدها بحالة خطرة

— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) May 26, 2025

الصحفي الفلسطيني عبد القادر صباح قال في تعليقه: "مشهد واقعي يجسد جزءا مما نعيشه يوميا، قصف، قتل، حرق، تجويع، قهر وألم لا ينتهي".

إعلان

وتساءل مغردون قائلين متى تستفيق الدول العربية والإسلامية ومنظمات حقوق الإنسان وترى ما يجري لأهل غزة من حرب إبادة جماعية؟

مشهد واقعي يُجسّد جزءًا مما نعيشه يوميًا

قصف، قتل، حرق، تجويع، قهر، وألم لا ينتهي.

هذه الصورة التُقطت في مدرسة فهمي الجرجاوي، التي تعرّضت للقصف، ما أسفر عن استشهاد 25 شخصًا حرقًا

A real scene that reflects a fraction of what we endure every day — bombing, killing, burning,… pic.twitter.com/J1V7ItAkUH

— عبد القادر صباح (@AbdSabbah91) May 26, 2025

وصرح مدير الإسعاف والطوارئ في شمال غزة فارس عفانة بأن "أطفالا احترقوا ولم يتمكن أحد من إنقاذهم".

أطفال احترقوا ولم يتمكن أحد من إنقاذهم..

مدير الإسعاف والطوارئ في شمال غزة، فارس عفانة، يتحدث عن مجزرة الاحتلال المروّعة في مدرسة فهمي الجرجاوي التي تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة. pic.twitter.com/0kdkvuoyNV

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 26, 2025

وقد استشهد العشرات من الفلسطينيين اليوم الاثنين، جراء قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين، ومنزلا لعائلة فلسطينية في قطاع غزة. وأفاد مراسل الجزيرة بارتفاع عدد الشهداء إلى 30 نتيجة القصف الذي طال فجرا مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة.

أين مؤسسات النظام الدولي ؟ الأمم المتحدة، مجلس الأمن، محكمة العدل الدولية،… ؟ أين همة الشعوب العربية و الإسلامية ؟ الشعوب العربية والإسلامية تخشى القمع الأمني في دولها ! ???????? #محاصرة_السفارات_ليست_جريمة #عصيان_مدني_حتى_تتوقف_الإبادة https://t.co/CApXFXJWLc

— طارق المنضوج Mandhouj Tarek (@AlloLiberte) May 26, 2025

من جانبه، اعترف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بارتكاب المجزرة وتنفيذ الهجوم، زاعما أن "إرهابيين استخدموا المجمع لتخطيط وجمع معلومات بهدف تنفيذ اعتداءات ضد مواطني إسرائيل وقوات الجيش". وقال في منشور على منصة "إكس" إن الجيش والاستخبارات (الشاباك) استهدفا الليلة الماضية "إرهابيين مركزيين من حماس والجهاد الإسلامي كانوا يعملون داخل مجمع قيادة وسيطرة استخدم سابقا كمدرسة فهمي الجرجاوي في مدينة غزة".

#عاجل ????هاجم جيش الدفاع والشاباك الليلة الماضية ارهابيين مركزيين في حماس والجهاد الإسلامي عملوا داخل مجمع قيادة وسيطرة للمنظمتيْن في مكان استخدم في الماضي كمدرسة فهمي الجرجاوي في مدينة غزة.

⭕️لقد استخدم الارهابيون المجمع لتخطيط وجمع معلومات بهدف تنفيذ اعتداءات إرهابية ضد مواطني… pic.twitter.com/vcxSM7JeHO

— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) May 26, 2025

إعلان

مقالات مشابهة

  • معانٍ سامية لزيارة تاريخية غالية
  • ما سر الجسم المجنح الذي ظهر أعلى الشمس في صور ناسا؟
  • اسكتلندا: معاناة غزة تفوق الوصف وعلى العالم الضغط لوقف الحرب
  • مصر: نواصل الجهود لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة
  • الزنداني يؤكد حرص الحكومة على تحقيق السلام في اليمن
  • قبائل اليمن تحرج أمة المليارين مسلم..!
  • تقرير أممي يحذر من تفاقم الوضع الإنساني في اليمن إثر الغارات التي استهدفت موانئ الحديدة
  • بين اللهب والجثث.. طفلة تبحث عن حياة في جحيم غزة
  • البياضي لرئيس الحكومة الإسبانية: مصر تصنع الاستقرار.. وعلى العالم مساندتها
  • الإتحاد الأفريقي يؤكد وقوفه بجانب السودان لدعم السلام والاستقرار