“جوديت” و”ماريا ماغدالينا”.. كيف جسد فريدريش هيبل مأساة الإنسان؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
يصادف اليوم ذكرى ميلاد فريدريش هيبل وهو واحدًا من أبرز المسرحيين الألمان في القرن التاسع عشر، حيث استطاع من خلال أعماله تقديم رؤية فلسفية عميقة حول الإنسان وصراعاته الداخلية والاجتماعية.
وتعد مسرحيتا “جوديت” (1840) و”ماريا ماغدالينا” (1844) من أهم أعماله، إذ جسّد فيهما مفهوم المأساة الإنسانية من خلال شخصياته النسائية القوية التي تعاني بين متطلبات المجتمع ورغباتها الشخصية.
استوحى هيبل مسرحيته “جوديت” من القصة التوراتية المعروفة عن جوديت، المرأة التي قتلت الجنرال الآشوري هولوفرنيس لإنقاذ شعبها.
إلا أن معالجة هيبل لهذه القصة لم تكن مجرد تمجيد للبطلة، بل قدمها بصورة أكثر إنسانية وتعقيدًا.
في هذه المسرحية، تظهر جوديت ممزقة بين إيمانها العميق وشعورها بالخطيئة والرغبة.
فرغم أن قتلها لهولوفرنيس يعتبر عملًا بطوليًا، إلا أنها تدرك أنها تأثرت بجاذبيته كرجل، مما يثير في داخلها صراعًا نفسيًا مريرًا، من خلال هذه الشخصية، يعكس هيبل فكرة أن أفعال الإنسان ليست دائمًا مدفوعة بالقيم الأخلاقية المطلقة، بل تتداخل معها دوافع نفسية خفية تجعلنا نعيد النظر في مفاهيم الخير والشر.
“ماريا ماغدالينا”: مأساة المجتمع والمرأةعلى عكس “جوديت”، التي تنتمي إلى أجواء دينية وتاريخية، تأتي مسرحية “ماريا ماغدالينا” في سياق اجتماعي أكثر واقعية، حيث تتناول الضغوط الاجتماعية المفروضة على النساء في المجتمع البرجوازي.
تدور القصة حول كلارا، الفتاة التي تعيش في مجتمع متحفظ يقيد المرأة بمعايير صارمة من الفضيلة والشرف.
وعندما تقع في فضيحة بسبب علاقة عاطفية، تجد نفسها عالقة بين خيانة ثقة والدها والمجتمع القاسي الذي لا يرحم الأخطاء.
يبرز هيبل من خلال هذه المسرحية كيف أن المجتمع قد يحكم على المرأة بقسوة تفوق أي خطأ قد ترتكبه، ويجعل منها ضحية حتى لو لم تكن مذنبة تمامًا.
كما أن النهاية المأساوية لهذه القصة تعكس رؤيته القاتمة حول دور القدر والقيود الاجتماعية في تشكيل مصير الإنسان.
هيبل والدراما الواقعيةتتميز أعمال هيبل بأسلوب درامي واقعي، حيث يبتعد عن البطل المثالي الذي كان سائدًا في المسرح الكلاسيكي، ليقدم شخصيات تحمل تناقضات إنسانية حقيقية.
ففي “جوديت” و”ماريا ماغدالينا”، لا نجد أبطالًا خارقين، بل نساءً يعشن صراعات داخلية ومجتمعية تجعل منهن رموزًا للمأساة الإنسانية.
رغم مرور أكثر من قرن ونصف على تأليفهما، لا تزال مسرحيتا “جوديت” و”ماريا ماغدالينا” تحظيان بالاهتمام، حيث ينظر إليهما على أنهما من أوائل الأعمال التي سلطت الضوء على الصراع النفسي والضغوط الاجتماعية، مما جعلهما أساسًا لنشوء الدراما الحديثة التي تتناول الأزمات الإنسانية بواقعية أكثر عمقًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جوديت المسرحية المزيد من خلال
إقرأ أيضاً:
من هو المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس؟
انتخب البرلمان الألماني، الثلاثاء، السياسي المحافظ فريدريش ميرتس مستشارًا جديدًا لألمانيا، بعد جولة تصويت ثانية دراماتيكية أنهت حالة من الجدل السياسي، ليخلف المستشار السابق أولاف شولتز في قيادة أكبر اقتصاد أوروبي وسط تحديات داخلية وخارجية متفاقمة.
جاء انتخاب ميرتس (69 عامًا)، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بعد فشل مفاجئ في الحصول على الأصوات الكافية خلال الجولة الأولى، في واقعة غير مسبوقة بتاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، ليتمكن لاحقًا من حسم المنصب بدعم إضافي في جولة ثانية.
تحالف هش وخطط طموحةاضطر ميرتس لعقد تحالف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي سجل أسوأ نتيجة انتخابية له منذ عقود بحصوله على 16.4% فقط، بينما حصلت كتلة المحافظين على 28.5% من الأصوات في انتخابات فبراير الماضي، ما جعلها بحاجة إلى شريك لتشكيل الحكومة.
ونص اتفاق الائتلاف على حزمة إجراءات لتحفيز الاقتصاد، تضمنت خفض الضرائب على الشركات وأسعار الطاقة، وزيادة الإنفاق العسكري، بجانب التأكيد على دعم أوكرانيا، في وقت يشهد فيه التحالف الغربي تصدعات متزايدة.
سياسي صريح ومندفعيعرف ميرتس بأنه سياسي صريح وجريء اللهجة، يتمتع بحضور طاغٍ وثقة كبيرة بالنفس، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، التي اعتبرته خيارًا أفضل من شولتز في التعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خاصة في ظل الانتقادات المتبادلة بين برلين وواشنطن على خلفية الحرب في أوكرانيا.
ميرتس، الذي ينحدر من منطقة جبلية بغرب ألمانيا، خاض تجربة طويلة في القطاع الخاص، إذ شغل مناصب رفيعة في مجالس إدارة شركات كبرى بينها BlackRock، قبل أن يعود إلى السياسة عقب تقاعد دام 12 عامًا منذ انسحابه بعد صعود أنجيلا ميركل.
خلافات مع ميركل ومواقف مثيرة للجدلارتبط ميرتس منذ بداياته بمنافسة ميركل داخل الحزب، وكان مرشحًا محتملًا لمنصب المستشار في 2002 قبل أن يتم اختيار إدموند ستويبر، وهو ما دفعه تدريجيًا للخروج من المشهد السياسي.
عاد ميرتس إلى البرلمان عام 2021 بعد إعلان ميركل مغادرتها، وتم انتخابه زعيمًا للحزب في 2022 بعد محاولتين فاشلتين. يُعرف بتوجهاته الليبرالية، ومواقفه المتشددة تجاه الهجرة، إذ أثار جدلًا واسعًا بتصريحاته عن قلة اندماج المهاجرين ودعوته لترحيل غير المستحقين للبقاء في ألمانيا.
مقامرات سياسية وانتقاداتفي خطوة أثارت انتقادات واسعة، حاول ميرتس مطلع العام الجاري تمرير قانون لتشديد الهجرة معتمدًا على دعم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، متجاوزًا بذلك ما يعرف بـ "جدار الحماية الناري" الذي يمنع التعاون مع اليمين المتطرف في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
رغم ذلك، جدد ميرتس رفضه للتحالف مع الحزب اليميني المتطرف، مؤكدًا تمسكه بمبادئ حزبه رغم محاولاته كبح نفوذ اليمين الشعبوي عبر استقطاب ناخبيه.
مسار اقتصادي جديد وانفصال عن واشنطنيواجه ميرتس مهمة صعبة لإنعاش الاقتصاد الألماني الذي يعاني من تقلص النمو وارتفاع أسعار الطاقة ونقص العمالة الماهرة. وأقر البرلمان تحت قيادته تخفيف "كبح الدين" الدستوري، ما يسمح بزيادة الإنفاق الاستثماري بنحو 500 مليار يورو خلال 12 عامًا، مع التركيز على الدفاع والبنية التحتية.
على صعيد العلاقات الخارجية، تبنى ميرتس موقفًا أكثر واقعية تجاه الولايات المتحدة، خاصة بعد تحول مواقف ترمب من أوكرانيا، واصفًا تصريحات الرئيس الأميركي بأنها "انقلاب سردي خطير"، معتبرًا أن أوروبا بحاجة إلى مزيد من الوحدة لمواجهة التحديات.
شخصية مثيرة للجدليملك ميرتس طائرتين خاصتين، وعُرف بحبه للطيران، وتقول تقارير إن زوجته منعته من شراء طائرة ثالثة حتى تخرج أبناؤه الثلاثة من الجامعة. ويعتبره أنصاره "سياسيًا مقامرًا"، بينما يرى معارضوه أن اندفاعه قد يضع ألمانيا في مسارات محفوفة بالمخاطر داخليًا وخارجيًا.
وبينما يدخل ميرتس البوندستاج كمستشار أكبر سنًا منذ كونراد أديناور، يترقب الألمان والعالم كيف سيقود بلادهم وسط بيئة سياسية واقتصادية غير مستقرة، وانقسامات دولية تهدد النظام العالمي.