في عصر الذكاء الاصطناعي المتسارع، أصبحت روبوتات الزحف الإلكتروني بمثابة "الصراصير الرقمية" التي تجتاح الإنترنت، ما دفع مجتمع المطورين للبحث عن أساليب مبتكرة لحماية منصاتهم ومحتوياتهم من الاستنزاف غير المشروع.

الزحف العنيف

لا تقتصر تأثيرات روبوتات الذكاء الاصطناعي على المواقع التجارية فحسب، بل تمتد بشكل خاص إلى مطوري البرمجيات مفتوحة المصدر (FOSS)، حيث أن منصاتهم غالبًا ما تكون مكشوفة وأكثر عرضة للاستهداف بسبب طبيعتها الشفافة وقلة الموارد المخصصة لحمايتها.

وصف المطور نيكولو فينيراندي، صاحب مدونة LibreNews، المشكلة بأنها "أزمة" في مجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر، حيث تستهلك روبوتات الذكاء الاصطناعي موارد الخوادم بشكل مفرط وتتسبب في توقف بعض المواقع عن العمل.

كيفية إنشاء صور بأسلوب Ghibli باستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة سهلةبيل جيتس يكشف عن 3 وظائف لن يتم استبدالها بالذكاء الاصطناعيعلي بابا تطلق ذكاء اصطناعي يمكنه معالجة الفيديو والصوت على الهاتفجوجل تكشف عن Gemini 2.5.. نموذج الذكاء الاصطناعي الذي يفكر قبل الإجابةإنفيديا تطلق مساعد الذكاء الاصطناعي G-Assist لتحسين أداء أجهزة الألعابشركات الذكاء الاصطناعي الصينية تغير نماذج أعمالها بعد نجاح DeepSeekأداة قلبت الموازين

لمواجهة هذه التهديدات، قام المطور Xe Iaso بتطوير أداة مبتكرة أطلق عليها اسم "أنوبيس"، وهو نظام للتحقق من صحة طلبات الوصول قبل السماح لها بالمرور إلى الخادم. 

ويعتبر الهدف من هذه الأداة هو تصفية الطلبات الحقيقية من المستخدمين البشريين وحجب طلبات الروبوتات غير المرغوب فيها.

الطريف أن الاسم "أنوبيس" مستوحى من إله الموتى في الحضارة المصرية القديمة، الذي كان يزن قلوب الموتى للحكم على مصيرهم، وهو ما يعكس آلية عمل الأداة التي تختبر صلاحية كل طلب قبل السماح له بالمرور.

قصص من ساحة المعركة

يؤكد العديد من المطورين أن هذه المشكلة باتت تؤثر على مشاريعهم بشكل مباشر:

صرح درو ديفولت، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة SourceHut، بأنه يقضي ما بين 20% إلى 100% من وقته في التعامل مع هجمات زحف الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن موقعه يتعرض لعشرات الانقطاعات يوميًا بسبب هذه الروبوتات.

فيما أكد جوناثان كوربيت، المطور الشهير ومؤسس موقع LWN المتخصص في أخبار Linux، أن موقعه يعاني من بطء شديد بسبب الهجمات الشرسة من روبوتات الذكاء الاصطناعي.

بينما اضطر كيفن فينزي، المشرف على مشروع Linux Fedora، إلى حظر جميع عناوين IP القادمة من البرازيل بالكامل لمنع هجمات هذه الروبوتات.

الانتقام الرقمي

إلى جانب "أنوبيس"، بدأ بعض المطورين في تبني أساليب "انتقام رقمي" ضد روبوتات الزحف، مثل، Nepenthes، أداة تم تطويرها من قبل شخص مجهول وتقوم بحبس الروبوتات في دوامة من المحتوى المزيف حتى تتوقف عن العمل.

و أداة AI Labyrinth، أداة جديدة من Cloudflare تعمل على إرباك الروبوتات وإضاعة مواردها عن طريق تزويدها بمحتوى غير ذي قيمة.

هل يمكن وقف هذا الزحف؟

رغم الجهود المتزايدة لمكافحة روبوتات الذكاء الاصطناعي، لا تزال المشكلة قائمة، حيث إن هذه الروبوتات أصبحت أكثر تطورًا وقادرة على التحايل على أنظمة الحماية مثل robots.txt. 

يرى بعض المطورين، مثل درو ديفولت، أن الحل الجذري يكمن في وقف استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على هذه البيانات المسروقة.

لكن في ظل استمرار الشركات الكبرى في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، يبدو أن معركة المطورين ضد الزحف الرقمي لن تنتهي قريبًا، بل ستتخذ أشكالًا أكثر إبداعًا في المستقبل القريب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي روبوتات الذكاء الاصطناعي روبوتات المزيد روبوتات الذکاء الاصطناعی الاصطناعی ا

إقرأ أيضاً:

هل تنجو الديمقراطية من شرور الذكاء الاصطناعي؟

كان من المفترض أن تعمل التكنولوجيا الرقمية على توزيع السلطة ونشرها على نطاق واسع. كان الحالمون في زمن الإنترنت المبكر يأملون أن يتسنى للثورة التي كانوا يطلقون لها العنان تمكين الأفراد من تحرير أنفسهم من الجهل والفقر والاستبداد. ولفترة من الزمن، على الأقل، فعلت ذلك حقا. ولكن اليوم، تتنبأ الخوارزميات المتزايدة الذكاء بكل خياراتنا وتشكلها، مما يتيح أشكالا فَـعّالة غير مسبوقة من المراقبة والتحكم المركزيين دون إخضاعها لأي مساءلة.

هذا يعني أن ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة قد تجعل الأنظمة السياسية المنغلقة أكثر استقرارا من الأنظمة المفتوحة. في عصر يتسم بالتغيير السريع، قد تُـثـبِـت الشفافية، والتعددية، والضوابط والتوازنات، وغير ذلك من السمات الديمقراطية الرئيسية كونها تَـبِـعات ومعوقات. هل يصبح الانفتاح الذي منح الديمقراطيات ميزتها لفترة طويلة السبب وراء تراجعها؟ قبل عقدين من الزمن، رسمتُ "منحنى على هيئة الحرف J" لتوضيح العلاقة بين انفتاح أي بلد واستقراره. كانت حجتي باختصار أنه في حين تتمتع الأنظمة الناضجة بالاستقرار بسبب انفتاحها، وتستقر الأنظمة الأوتوقراطية الراسخة لأنها منغلقة، فإن البلدان العالقة في الوسط الفوضوي (الواقعة عند أسفل المنحنى "J") أكثر عرضة للانهيار تحت الضغوط.

لكن هذه العلاقة ليست ثابتة؛ فهي تتشكل بفعل التكنولوجيا. في ذلك الوقت، كان العالم يمتطي موجة من إبطال المركزية. كانت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) والإنترنت تربط الناس في كل مكان، وتسلحهم بمعلومات أكثر من تلك التي كان بوسعهم الوصول إليها في أي وقت مضى، وتقلب الموازين لمصلحة المواطنين والأنظمة السياسية المفتوحة. ومن سقوط سور برلين والاتحاد السوفييتي إلى الثورات الملونة في أوروبا الشرقية، بدا التحرر العالمي عنيدا لا يلين. منذ ذلك الحين، انقلب هذا التقدم في الاتجاه المعاكس. فقد أفسحت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اللامركزية المجال لثورة بيانات مركزية مبنية على تأثيرات الشبكة، والمراقبة الرقمية، والوكز الخوارزمي. وبدلا من نشر السلطة، عملت هذه التكنولوجيا على تَـرَكُّـز السلطة، ومنحت أولئك الذين يتحكمون في أكبر مجموعات البيانات ــ سواء كانوا من الحكومات أو شركات التكنولوجيا الكبرى ــ القدرة على تشكيل رؤية وأفعال ومعتقدات مليارات من البشر. مع تحوّل المواطنين من وكلاء رئيسيين إلى أدوات للتصفية التكنولوجية وجمع البيانات، اكتسبت الأنظمة المنغلقة الأرض. وانـتُـزِعَـت المكاسب التي حققتها الثورات الملونة. في المجر وتركيا جرى تكميم الصحافة الحرة وتسييس السلطة القضائية. وعمل الحزب الشيوعي الصيني، على تعزيز سلطته وعكس مسار عقدين من الانفتاح الاقتصادي. والأمر الأكثر دراماتيكية أن الولايات المتحدة تحولت من كونها الـمُـصَـدِّر الرئيسي للديمقراطية في العالم ــ وإن كان ذلك على نحو غير متسق ويتسم بالنفاق ــ إلى الـمُـصَـدِّر الرئيسي للأدوات التي تقوضها. سوف يؤدي انتشار قدرات الذكاء الاصطناعي إلى دفع عجلة هذه الاتجاهات. وقريبا، سوف "تَـعـرِفُـنا" النماذج المدرّبة على بياناتنا الخاصة على نحو أفضل مما نعرف أنفسنا، وتبرمجنا بسرعة أكبر مما نستطيع نحن برمجتها، وتنقل مزيدا من السلطة إلى القِـلة التي تتحكم في البيانات والخوارزميات. هنا، ينحرف المنحنى على هيئة حرف "J" ويصبح أشبه بحرف "U" ضحل. ومع انتشار الذكاء الاصطناعي، ستصبح كل من المجتمعات المنغلقة بإحكام والمجتمعات الشديدة الانفتاح أكثر هشاشة نسبيا مما كانت عليه. ولكن بمرور الوقت، ومع تحسن التكنولوجيا وتوطيد السيطرة على النماذج الأكثر تقدما، يصبح بوسع الذكاء الاصطناعي ترسيخ الأنظمة الاستبدادية وإضعاف الديمقراطيات، وهذا كفيل بقلب شكل المنحنى مرة أخرى ليصبح على هيئة حرف J مقلوب يحابي سَـفحُـه المستقر الآن الأنظمة المنغلقة. في هذا العالم، سيكون بمقدور الحزب الشيوعي الصيني تحويل مخزونه الهائل من البيانات، وسيطرة الدولة على الاقتصاد، وأجهزة المراقبة القائمة، إلى أداة أشد قوة. وسوف تنجرف الولايات المتحدة نحو نظام نَـهَّـاب يعمل من أعلى إلى أسفل، حيث يفرض نادٍ صغير من عمالقة التكنولوجيا قدرا متناميا من النفوذ على الحياة العامة سعيا إلى تحقيق مصالح خاصة. وسوف يصبح كل من النظامين مركزيا ــ ومهيمنا ــ على حساب المواطنين. وسوف تنحو دول أخرى ذات المنحى، بينما تواجه أوروبا واليابان انعدام الأهمية الجيوسياسية (أو ما هو أسوأ من ذلك، انعدام الاستقرار الداخلي) مع تخلفها في السباق نحو سيادة الذكاء الاصطناعي.

الواقع أن السيناريوهات البائسة كتلك الموضحة هنا من الممكن تجنبها، ولكن فقط إذا انتهت الحال بنماذج الذكاء الاصطناعي اللامركزية المفتوحة المصدر في نهاية المطاف إلى القمة. في تايوان، يعمل مهندسون ونشطاء في تايوان على حشد المصادر الجماعية لتمويل نموذج مفتوح المصدر مبني على منصة DeepSeek، على أمل إبقاء الذكاء الاصطناعي المتقدم في أيدي مدنيين وليس بين أيدي الشركات أو الدولة. (من عجيب المفارقة هنا أن حتى منصة DeepSeek جرى تطويرها في الصين). قد يؤدي نجاح هؤلاء المطورين التايوانيين إلى استعادة بعض من اللامركزية التي وعدت بها الإنترنت الـمُـبَـكِّرة ذات يوم (وإن كان من الممكن أيضا أن يخفض الحاجز الذي يحول دون تمكين قوى خبيثة من نشر قدرات ضارة). ولكن في الوقت الراهن، يكمن الزخم في نماذج منغلقة تعمل على تركيز السلطة. يقدم لنا التاريخ على الأقل بصيصا من الأمل. كانت كل ثورة تكنولوجية سابقة ــ من المطبعة والسكك الحديدية إلى وسائط الإعلام المرئية والمسموعة ــ تتسبب في زعزعة استقرار السياسة ثم الدفع قسرا بمعايير ومؤسسات جديدة أعادت في النهاية التوازن بين الانفتاح والاستقرار. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت الديمقراطيات قادرة على التكيف مرة أخرى، وفي الوقت المناسب، قبل أن يشطبها الذكاء الاصطناعي من النص.

إيان بريمير مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وشركة GZERO Media، وعضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • دراسة تحذر ..المراهقون يتجهون نحو روبوتات الدردشة الذكية
  • آبل تخطط لإطلاق أجهزة منزلية ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي بحلول 2027
  • نتائج مفاجئة لتصرفات روبوتات الذكاء الاصطناعي في محاكاة منصات التواصل
  • 96% من الرؤساء الماليين يعتبرون الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية للنمو
  • يدًا بيد لجعل الذكاء الاصطناعي أداة لنفع الإنسانية
  • الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأورام «خطر»
  • د. محمد بشاري يكتب: الإفتاء في زمن الذكاء الاصطناعي
  • هل تنجو الديمقراطية من شرور الذكاء الاصطناعي؟
  • أمين الفتوى: الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للمفتي ولا يغني عن اللمسة الإنسانية
  • الذكاء الاصطناعي يدعو لإبادة البشر عبر رسائل سرية