جلال المسري.. وتوثيق الذاكرة النوبية
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
سعيد ياسين (القاهرة)
احترف الفنان المصري، جلال المسري، التصوير الفوتوغرافي متأخراً، بعدما مارسه على سبيل الهواية، وأثبت من خلاله أن الإنسان يستطيع أن يبدع في أي مرحلة عمرية. وشارك المسري في 146 معرضاً بمختلف الدول، وفاز بأكثر من 50 جائزة عربية ودولية.
وأثناء عمله المهني بمجال هندسة الكمبيوتر وممارسته للتصوير كهواية تواصل مع كبار المصورين، والتحق بالجمعيات التي تقوم أو تهتم بالتصوير، وكان وجوده من خلالها بمثابة دافع قوي له، وخلال فترة وجيزة حصل على عدة جوائز، ثم حصل على عضوية الاتحاد الدولي للتصوير، وتم اختياره في لجان تحكيم مسابقات كبرى، كما أنه عضو الاتحاد الدولي للتصوير والأمانة العامة لاتحاد المصورين العرب.
وفي عام 2017، انضم للعمل كمصور في أحد المواقع الإخبارية الشهيرة، ما كان سبباً في تعمقه أكثر في التصوير وإدراكه أن المسألة ليست مجرد صور يلتقطها للشوارع والوجوه، ولكن في الأساس، ما القصص التي تستحق التوثيق؟
جوائز ومعارض
وفي حوار لـ«الاتحاد»، قال جلال المسري، إنه كان مهندساً على درجة عالية من الكفاءة، وحين ترك الهندسة واتجه للتصوير بداية من عام 2004، حصل على جوائز عدة، وشارك في معارض كثيرة، وبعد تعلقه بمنطقة النوبة بالذات والتقاطه مئات الصور لأهلها وبيوتها وجزرها وكل تفاصيلها، أراد تضمينها في كتاب، ولكنه وجد صعوبة في التمويل، إلى جانب قلقه من احتمال إظهار «الديجيتال» للصور بجودة أقل، إلى أن التقى صاحب منصة تدعى «كتبنا»، الذي تحمس لفكرة الكتاب وتم إصداره وجاءت ردود الفعل حوله طيبة بشكل عام، وأكد أنه ينوي تقديم أجزاء جديدة منه، وإصدار نسخ بالإنجليزية والفرنسية وغيرها، لإطلاع الأجانب على روعة وجمال بلاد النوبة، من خلال طرح الكتاب على المنصات الدولية.
دهشة وجمال
وعن كتابه «البلاد الجميلة.. حكايات مصورة من النوبة»، قال إنه زار منطقة النوبة للمرة الأولى عام 2007، حيث ذهب إلى جزيرتي غرب سهيل وهيسا، وشعر بالدهشة من جمال وطيبة وكرم أهل النوبة، ولفتت انتباهه كمصور بيوتهم الملونة، ولذلك كانت الكاميرا أداته ووسيلة تعبيره الفنية لتسجيل كل ما رآه، وتوثيق لحظات العشق والتعلق الوجداني بالأرض. ثم تكررت الزيارات خلال عمله بالصحافة وتغيرت نظرته وأسلوبه في التصوير، حيث اتجه أكثر إلى الغوص في أعماق الشخصية النوبية والبحث عن قصص نجاح ومحبة وكفاح تشكل التراث النوبي. وأشار إلى أن بعض صوره الملتقطة للنوبة أهلته للحصول على جائزة الأمير سلطان بن سلمان العالمية للتراث الحضاري عام 2018، وأنه حاول أيضاً التعرف بعمق على بعض الشخصيات المؤثرة في الحياة النوبية.
14 قصة
وقد تضمن الكتاب قصصاً وحكايات عن النوبة، وقال إنه استقر منها على 14 قصة في أربعة فصول مصورة، الأول بعنوان «محبة من نوع خاص» ورصد فيه قصة وثقها بالصور لـ«عبدالقادر شوقي» الذي عاد بعد 40 عاماً قضاها في دنيا التلفزيون في لاس فيجاس في أميركا ليستقر في النوبة، والهولندية جوزيه سلبيا التي تعيش مع زوجها «عبدالله» المراكبي النوبي في إحدى الجزر.
والفصل الثاني «أماكن لها حكايات» ووثق فيه قصص جزر السكر وتنقار وبربر، والثالث «أصحاب المقام الرفيع» عن قصص «عم غلاب» بوسطجي النوبة والسد العالي، ورمضان صبحي آخر عازف للطنبورة النوبية، وأم كلثوم أول مأذونة نوبية، وشريف محمود صاحب أول متحف نوبي، أما الفصل الرابع «مذاق النوبة» فرصد فيه ملامح البيوت والمراكب وغيرها.
كنز ثمين
وأعرب المسري عن أمنيته في أن يكمل رحلته في منطقة النوبة التي يراها كنزاً كبيراً لم يكتشف حتى الآن، لأنه منذ عام 2007 يذهب إليها مرات عدة في العام وفي كل مرة ينبهر أكثر بكنوزها المتمثلة في الأماكن وأهلها من مختلف الأعمار، وطبيعة الجزر وتاريخها، وقال إنه يحضّر لكتاب جديد يتناول فيه العمارة في التراث النوبي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التصوير الفوتوغرافي التصوير فن التصوير
إقرأ أيضاً:
في عيد ميلادها... نيرمين الفقي.. السيدة التي لم تهرم أبدًا
في كل عام، حين يحل يوم ميلادها، لا نحتفل فقط بتاريخ ولادتها، بل نحتفي أيضًا بامرأة اختارت أن تمشي بخفة عبر الزمن، دون أن يسرق منها العمر شيئًا. نيرمين الفقي، تلك التي ظهرت يومًا كحلم في إعلان، فكبر الحلم حتى صار وجوهًا وأدوارًا، وصارت هي رمزًا للأنوثة الهادئة، والحضور النبيل، والاختيارات الذكية.
امرأة تشبه الهدوء.. لكنها ليست ساكنة
نيرمين لم تكن أبدًا صاخبة. لم تدخل إلى الفن من باب الجدل أو الضجيج، بل عبرت من أضيق ممرات الذوق، حتى وصلت إلى أوسع قلوب المشاهدين. لم تضع نفسها في سباق على البطولة، بل كانت تعرف جيدًا أن البطولة الحقيقية ليست بحجم الدور، بل بعمق الأثر.
خطواتها مدروسة.. حتى في الغياب
حين غابت، لم ننسَها. وحين عادت، لم نندهش من جمالها، لأنه لم يغب أساسًا. غيابها كان يشبه صمت البحر: عميق، ولكنه مليء بالحياة. اختارت أن تختفي حين شعرت أن الساحة لا تشبهها، ثم عادت حين أدركت أن الجمهور لم يزل ينتظرها كما تركته.
لا زمن لها.. هي زمن مستقل
ربما هي من النجمات القلائل اللواتي لا يمكنك أن تُلصق بهن تاريخًا محددًا. فملامحها، وذوقها، وأسلوبها في الأداء، يتجاوز كل مرحلة عمرية. هي نجمة لا تنتمي لجيل بعينه، بل لكل من عرف الدفء في عينيها، أو صدق تعبيراتها، أو أناقة صمتها على الشاشة.
ليس لها نسخة أخرى
في عصر النسخ المتكررة، تظل نيرمين الفقي النسخة الأصلية التي لا يمكن تقليدها. لا ملامحها مستنسخة، ولا اختياراتها مكررة، ولا حضورها يشبه أحدًا. إنها النموذج الذي لا يشيخ، لا فنيًا، ولا إنسانيًا.
في عيد ميلادها.. لا نطفئ شموعًا، بل نضيء بها الذاكرة
نيرمين الفقي ليست فقط من نحب أن نشاهدها، بل من نحب أن نُذكّر بها. في كل مشهد أدته، هناك جملة لم تُقل، لكنها وصلت. في كل نظرة، هناك إحساس عبر دون أن يُشرح. وفي كل عيد ميلاد لها، هناك جمهور لا يقول فقط: "كل سنة وأنتِ طيبة"، بل يقول: "شكرًا لأنكِ هنا.. لأنكِ كما أنتِ".