إعادة إحياء الحلم المصري| صدى البلد في جولة داخل مجمع السويس للصلب.. رفيق ضو: وفرنا مليار دولار فاتورة استيراد سنوية بعد التوسعات الأخيرة
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
تمثل صناعة الحديد والصلب إحدى الصناعات الاستراتيجية بالاقتصاد القومي والتي تفي باحتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الخارجية، كما تسهم في توفير عدد كبير من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
وتمتلك مصر كافة الإمكانات والمقومات الصناعية للنهوض بصناعة الحديد والصلب وبما يؤهلها للمنافسة بالأسواق المحلية والإقليمية والعالمية والتي تشمل توافر المواد الخام والأيدي العاملة المؤهلة ومصادر الطاقة إلى جانب الخبرات والتكنولوجيات الحديثة المطبقة في هذه الصناعة الهامة.
وقد أولت القيادة السياسية الاهتمام البالغ بتطوير هذه الصناعة، ومن ضمنها شركة السويس للصلب التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، لتكون من أهم الشركات الوطنية في مجال التصنيع المتكامل للحديد والصلب، حيث يُعد إنتاج الحديد والصلب واحدة من أهم القضايا التي تتطلب تحرك مكثف لدعم هذه الصناعة باعتبارها العمود الفقري للتنمية.
وتعد شركة السويس للصلب مجمعاً متكاملاً لإنتاج الصلب من المواد الخام، حيث تضم الشركة مصنع الاختزال المباشر، ومصنعين لصهر الحديد، و3 مصانع للدرفلة، ومصنع لتشكيل الحديد، ومصنع لإنتاج مكورات الحديد والحديد الاسفنجي والبيلت وقضبان حديدية ولفائف الصلب المسطح المخصوص وثاني اكسيد التيتانيوم والحديد الزهر السائل، ومجموعة من المصانع المساعدة لإتمام العملية الإنتاجية.
صناعة إستراتيجية
وللحديث أكثر عن الطفرة التي شهدتها شركة السويس للحديد والصلب، كان لـ "صدى البلد" لقاء مع "رفيق ضو"، العضو المنتدب لشركة السويس للصلب ونائب رئيس مجلس الإدارة، الذي أكد أن صناعة الحديد والصلب تندرج ضمن الصناعات الاستراتيجية للدول، وأن أي بلد يقاس تطورها ونموها عبر الصناعات الثقيلة التي تمتلكها.
إعادة إحياء الحلم المصري
وأوضح في تصريحات خاصة له لـ "صدى البلد" على هامش جولة نظمتها إدارة الشئون المعنوية داخل شركة السويس للصلب لتفقد أحدث مصنعين لديها، وهما مصنع "مكورات الحديد" ومصنع "قضبان السكك الحديدية والستائر المعدنية"، بأنه كانت هناك توجيهات رئاسية واضحة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة إحياء صناعة الحديد والصلب مرة أخرى والتي كانت تشتهر بها مصر منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، ولكن باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة والتي تحافظ على البيئة والتنمية المستدامة.
تصدير الحديد والصلب المصري لأوروبا
وأشار "رفيق ضو" أن أولى هذه الخطوات كانت اعتماد مصر على الغاز الطبيعي بدلا من الفحم في عملية إنتاج الحديد والصلب، وهذا ما تم داخل شركة السويس للصلب، حيث استخدمت الشركة الغاز الطبيعي بدلا من الفحم منذ سنوات كثيرة هي وشركات وطنية أخرى، وذلك من أجل الحفاظ على البيئة ومواجهة التغير المناخي، في الوقت الذي كانت تستخدم فيه أوروبا الفحم في عملية الإنتاج، ولكن الآن، تحولت أوروبا إلى استخدام الغاز الطبيعي بدلا من الفحم بعد سنوات من الخطوة المصرية.
وكشف خلال حديثه لـ "صدى البلد" أن العديد من المصانع الكبرى والعملاقة المتخصصة في إنتاج الحديد والصلب في دول التكتل الأوروبي أغلقت مصانعها، وأن هذه فرصة كبيرة للصناعة المصرية بأن تقوم بسد هذا العجز، وأن الشركة تقوم بالفعل حاليا بالعديد من المفاوضات لتصدير الحديد والصلب المصري للعديد من الدول الأوروبية الكبرى.
الاعتماد على الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة
وعن التوجه العالمي في الاعتماد على الطاقة المتجددة أو ما يعرف باسم "الطاقة النظيفة"، أشار رفيق ضو العضو المنتدب لشركة السويس للصلب، أن هناك استراتيجية واضحة للشركة بالاعتماد على الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية في عملية إنتاج الحديد والصلب، كذلك استخدام "الهيدروجين الأخضر" ليندرج إنتاج الشركة من الحديد والصلب تحت مسمى "إنتاج أخضر" وستكون مصر سباقة في هذا المجال.
وشدد على أن الشركة تعمل بأحدث السبل العلمية المتبعة في صناعة الصلب، وتقوم بتوفير أفضل مستويات الجودة في صناعة الحديد وكفاءة عمليات الإنتاج، والتطوير المستمر والاهتمام بالعامل البشري لضمان الاستمرارية وتوافق امكانياتها مع المتطلبات المتنامية لاحتياجات السوق.
مصنع قضبان السكك الحديدة .. الوحيد في الشرق الأوسط وأفريقيا
من جهته، قال دكتور مهندس محمود فكري محمود رئيس مجلس ادارة شركة السويس للصلب، أن مصنع قضبان السكك الحديدة والستائر المعدنية هو المصنع الوحيد في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن التكنولوجيا المستخدمة فيه، هي أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية في مجال الحديد والصلب.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أن مصر كانت تستورد جميع قضبان السكك الحديدة ولم يكن لديها هذه الصناعة المهمة، ومع دخول المصنع الجديد الإنتاج الفعلي، توفر مصر فتورة استيراد سنوية تتجاوز 600 مليون دولار، في خطوة مهمة نحو توطين الصناعات الاستراتيجية في مصر.
وأشار "فكري" خلال حديثه لـ "صدى البلد"، أن مصنع قضبان السكك الحديدة والستائر المعدنية يقوم بإنتاج 740 منتج مختلف، كانت تستورد مصر أغلب هذه المنتجات، ولكن مع إنشاء المصنع العملاق ودخوله للخدمة الفعلية، فإن مصر بذلك لن تقوم باستيراد القضبان مرة أخرى من الخارج.
وأوضح رئيس الشركة أن الطاقة الإنتاجية لمصنع قضبان السكك الحديدة والستائر المعدنية تتجاوز 800 ألف طن من القضبان سنويا مستهدفة بذلك تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق العربية والأفريقية.
مصنع مكورات الحديد
وللحديث عن صراح عملاق آخر جديد داخل شركة السويس للصلب، وهو مصنع "مكورات الحديد"، قال دكتور مهندس محمود فكري محمود رئيس مجلس ادارة شركة السويس للصلب، أن المصنع ينتج مكورات الحديد، والحديد الإسفنجي، والبيلت، ولفائف الصلب المسطح المخصوص، بالإضافة إلى ثاني أكسيد التيتانيوم والحديد الزهر السائل.
وأضاف خلال حديثه لـ "صدى البلد" أن الطاقة الإنتاجية للمصنع تصل لـ 5 ملايين طن سنويا، وأن المصنع ساهم في تقليل عملية الاستيراد في المنتجات التي كانت تستوردها مصر بنحو 400 مليون دولار سنويا.
معجزة عالمية على أرض مصرية
وأثناء جولة "ًصدى البلد" داخل مصنعي "قضبان السكك الحديدية" و "مكورات الحديد"، تحدث العديد من المهندسين والفنيين والعمال عن المعجزة الوطنية التي تمت في قلب مدينة الصمود وهي مدينة السويس، تحديدا في منطقة عتاقة، والذي وصفوا إنشاء المصنعين العملاقين الجديدين بأنها "معجزة عالمية على أرض مصرية".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحديد والصلب الهيدروجين الأخضر السويس للصلب الطاقة المتجددة التنمية المستدامة إنتاج الحدید والصلب صناعة الحدید والصلب شرکة السویس للصلب هذه الصناعة صدى البلد
إقرأ أيضاً:
إعادة إعمار المناطق المتضررة من كارثة السيول في الحديدة.. جهود على مرحلتين
المرحلة الأولى: تم إعادة إعمار منازل 308 أسر في مديريتي زبيد والزيدية بمبادرات مجتمعية المرحلة الثانية: جارٍ العمل على إعادة إعمار 195 منزلًا بتكلفة إجمالية بما يقارب (63) مليون ريال يمني
في بضع ليالٍ من شهر أغسطس 2024 من العام الماضي، انقلبت حياة سكان مديريات محافظة الحديدة الساحلية رأساً على عقب. لم تكن الأمطار الغزيرة أمراً غريباً تماماً، لكن ما حدث كان يفوق كل تصور. انهمرت السماء بوابلٍ لم تشهده المنطقة منذ عقود، وتحولت الأودية الجافة منذ سنين إلى سيول جارفة لم تبقِ ولم تذر في طريقها. اجتاحت المياه العاتية مناطق واسعة من السهل الساحلي، من جنوب الحديدة وصولاً إلى حجة، لتغرق قرى بأكملها وتدمر كل شيء في طريقها.
الثورة / يحيى الربيعي
كانت الكارثة سريعة ومروعة. في مديريات مثل الزهرة، القناوص، اللحية، الزيدية، المراوعة، الدريهمي، حيس، الخوخة، وزبيد، استيقظ الناس على هدير المياه وهي تقتحم منازلهم. انهارت الجدران، وجُرفت الأسطح، وسحبت السيول معها الأثاث والمواشي والممتلكات. تحولت الشوارع إلى أنهار موحلة، وغرقت القرى في بحر من المياه والركام.
الخسائر البشرية كانت فادحة وموجعة. ارتفع عدد الضحايا بسرعة، حيث أشارت التقارير الأولية إلى وفاة حوالي 84شخصاً وفاة و25 إصابة في محافظة الحديدة وحدها بحلول نهاية أغسطس. فُقد الأبناء والآباء والأمهات والأشقاء في لحظات قاسية، تاركين وراءهم عائلات مفجوعة ومستقبلاً غامضاً.
لم تسلم البنية التحتية الحيوية من غضب السيول. غمرت المياه المستشفيات والمراكز الصحية في باجل والمراوعة والزيدية والزهرة، وتضرر مركز الدرن بشكل كبير، حيث دُمرت معداته وأدويته بالكامل. كما تضررت أقسام في مستشفى الثورة، أحد أهم المستشفيات المرجعية في المنطقة. أصبحت المياه الراكدة بعد انحسار السيول مرتعاً للأمراض، مما زاد من المخاوف بشأن تفشي الأوبئة مثل الملاريا وحمى الضنك في ظل نظام صحي منهك أصلاً.
تضرر المزارعون بشكل كارثي. جرفت السيول مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وقتلت مئات المواشي التي كانت مصدر رزقهم الوحيد. فقدت الأسر سبل عيشها، وزادت الكارثة من تفاقم الأزمة الإنسانية المعقدة التي تعيشها اليمن.
وسط الدمار واليأس، ومن خلال جهود الاستجابة والتكاتف. وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة بنيان التنموية بتاريخ السبت، 27 ذو القعدة، 1446 هجرية، الموافق، 23 مايو2025 ميلادية، حصلت الصحيفة على نسخته، أعلنت السلطات المحلية المناطق المتضررة مناطق منكوبة، وشُكلت لجان حكومية لمواجهة آثار السيول. انطلقت حملات الإغاثة الطارئة، حيث تم تدشين وتوزيع معدات شفط المياه، وتوفير الخيام والفُرش والمواد الإيوائية والسلال الغذائية للأسر المتضررة كخطوة أولى.
ولم تتوقف الجهود عند الإغاثة الفورية، بل انطلق “البرنامج الطارئ لإعادة الإعمار” في المديريات المتضررة، ومنها مديريات الحديدة (الدريهمي، اللحية، الزيدية، زبيد). لم يكن البرنامج مجرد مشروع بناء، بل نهجاً شاملاً يهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية وتحويل الأزمة إلى فرصة للتنمية المستدامة. اعتمد البرنامج على إشراك المجتمع في كافة المراحل، من التقييم إلى التنفيذ، بهدف كسر ثقافة الاتكالية وتعزيز الاعتماد على الذات.
واجهت فرق العمل تحديات كبيرة، أبرزها الحاجة إلى تغيير ثقافة الاتكالية لدى بعض المتضررين، ونقص الموارد المالية اللازمة لتغطية حجم الأضرار الهائل. لكن بالعزيمة والإصرار، تمكن البرنامج من تحقيق إنجازات ملموسة.
ففي المرحلة الأولى، تحركت مؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية والإشراف والقطاعات العامة والخاصة مباشرة منذ حدوث الأضرار التي حصلت بسبب السيول والأمطار الغزيرة في محافظة الحديدة وعملت على تحشيد الموارد والإمكانات المجتمعية والرسمية والمحسنين وساهمت في إعادة إعمار المنازل لبعض المتضررين التي كان لديهم منازل خرسانية، وتوفير خيم حديدية للأسر المتضررة التي كان لديها منازل قش (عشش. وقد تم إسناد 308 أسر متضررة منازلها في مديرية زبيد (شملت 71 بيتاً في القراشية السفلى، 174 بيتاً في بلاد الرقود، و16 بيتاً في الحبيل) حيث تم إسناد هذه الأسر بخيم حديدية عبر مبادرات مجتمعية، بالإضافة إلى 47 أسرة متضررة منازلها الخرسانية في الزيدية (المدينة) تم إسنادها عبر مبادرات مجتمعية بمادتي الإسمنت والبلك. وقد بلغ إجمالي عدد الأسر المستفيدة في هذه المرحلة 308 أسر. لعبت مؤسسة بنيان في هذه المرحلة دوراً في تنفيذ الدراسة عبر المتطوعين من فرسان التنمية وحشد المواد وتنفيذ المشروع.
وفي المرحلة الثانية، تم الانتهاء من بناء الجدران الخارجية والداخلية لـ 103 منازل، وحفر وبناء الأساسات لـ 91 منزلاً، ومرحلة التوعية والمتابعة وتحديث قاعدة البيانات لـ 21 منزلاً. ليبلغ الإجمالي ما تم إعادة إعماره في الحديدة 195 منزلاً. بلغت التكلفة الإجمالية في الحديدة 62,833,489 ريالاً يمنياً، منها 48,833,489 ريالاً من المؤسسة، 12,000,000 ريال من المجتمع وفاعلي الخير، و2,000,000 ريال من الشركاء.
لم تقتصر جهود البرنامج على البناء المباشر، بل شملت أنشطة مساندة ضرورية لدعم العملية وتعزيز المشاركة المجتمعية. تم تنفيذ أنشطة حصر المتضررين (دراسات مسح) لنحو 560 متضرراً، بهدف تحديد الأسر الأشد ضرراً وإنشاء قاعدة بيانات للمتضررين الفعليين. كما تم حصر فاقدي مصادر الدخل لنحو 560 متضرراً لتمكينهم بقروض بيضاء.
وفي مجال بناء القدرات وتحفيز العمل المجتمعي، تم تدريب 30 فارس تنمية، لتأهيل قادة مبادرات مجتمعية، ونُفذت 10 جلسات توعوية لرفع وعي المجتمع بأهمية التطوع وتفعيل المشاركة المجتمعية في إعادة الإعمار. كما عُقدت ورش عمل مع الشركاء لتوعيتهم بأدوارهم، و3 ورش عمل لتأهيل الجمعيات لتعزيز قدراتها وتفعيل دورها في المشاريع.
لا تزال آثار كارثة سيول الحديدة عميقة، والتحديات كبيرة. لكن قصص الصمود والتكاتف التي تجلت في وجه المحنة تبعث على الأمل. فالأهالي، وبدعم من البرنامج الطارئ لإعادة الإعمار والشركاء وفاعلي الخير، يواصلون رحلة التعافي، يخطون خطوات ثابتة نحو إعادة بناء حياتهم وقراهم التي ابتلعتها المياه. إنها حكاية معاناة ممزوجة بآيات من الصمود، والإصرار على تحويل الدمار إلى بناء، والأزمة إلى فرصة وبناء مستقبل أفضل.